في البداية تجب الإشارة إلى أن الشيء الوحيد الذي نجح النظام الأساسي الجديد في توحيده هو احتجاجات الأساتذة التي اتخذت شكلا تصاعديا منذ الخميس الماضي 5 أكتوبر، فالوقفات الاحتجاجية من داخل المؤسسات التعليمية أصبحت واجبا يوميا عبر تجسيد أشكال نضالية تمتد لساعة زمن خلال الفترة الصباحية وساعة أخرى خلال الفترة المسائية تماشيا مع ما دعت له التنسيقية الوطنية الموحدة لأساتذة التعليم الابتدائي، الإعدادي والتأهيلي. وهي التنسيقية التي جاءت كرد فعل رافض للنقابات التي فقدت ما تبقى لها من مصداقية بتوقيعها لاتفاق 14 يناير الذي أنتج لنا نظاما أساسيا لا هو موحد ولا هو محفز كما تدعي الوزارة المسؤولة. لا يجب أن تكون مختصا في القطاع التربوي لتدرك أن هذا النظام الأساسي الجديد لم يستطع، ولو شكليا، توحيد الوضعية الإدارية ولا المالية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد مع أساتذة انظام القديم، فهذا النظام جاء ليؤكد التفرقة بتضمينه لثلاث فئات: فئة أساتذة النظام القديم وصنفت ضمن: أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي، وأساتذة الثانوي التأهيلي. في حين صنف الأساتذة المفروض عليهم التعاقد ضمن فئة ثالثة هي أساتذة التعليم الثانوي. وهو ما يعني أن الأساتذة المفروض عليهم التعاقد ملزمين بأن يكونوا رهن إشارة الوزارة الوصية عندما يتعلق الأمر بالثانوي التأهيلي أو الثانوي الإعدادي وهو ما لا ينطبق على أساتذة النظام القديم. هو أيضا نظام أساسي غير موحد لأنه جاء مثقلا لكاهل هيئة التدريس بمهام إضافية وعقوبات مضاعفة وقاسية دون أن يقابل ذلك أي تحفيز مادي على عكس التحفيزات المادية التي سيحظى بها مدراء المؤسسات، الإدارة التربوية وهيئة التفتيش… هذا يعني أننا نتحدث عن نظام أساسي يميز بين أطر هيئة التدريس أنفسهم عبر تصنيفهم لفئتين: النظام القديم وأطر الأكاديميات. وأيضا يميز بين مكونات المنظومة التربوية عبر تقزيم الأستاذ وتحفيز باقي المكونات. هذا الواقع غير المتوازن سيقودنا قطعا نحو سنة دراسية تسودها الكثير من القلاقل والتخبطات، فليس من المنطقي في شيء أن يترك الأستاذ هذا النظام يمر مرور الكرام، ما يعني الكثير من الإضرابات والاحتجاجات التي يجب على الوزارة أن تتعامل معها عبر رد فعل وحيد وأوحد: مراجعة هذا النظام الأساسي وتأجيل عرضه على البرلمان، أما التعنت فلن يقودنا إلا نحو سنة بيضاء.