خلص البروفسور الإسباني خوصي بلياث من جامعة خوان بإسبانيا، إلى أنه استنادا إلى المعرفة بالهياكل التكتونية النشطة والنشاط الزلزالي السابق – سواء كان هذا النشاط تاريخيًا أو بوسائل القياس. مشيرة إلى أنه كلما زادت معرفتنا بهذين الموضوعين، زادت المعلومات التي نملكها حول زلازل المستقبل في المنطقة وحول مدى عدم التيقن المصاحب لها. وأوضح الباحث المتخصص في الجيوفيزيا وعلم الزلازل، في دراسة نشرت على منصة "ترومبلر"، وراجعها كل من الباحثة الأمريكية آلكا تريباثي-لانج الحاصلة على الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة أريزونا، وروس إس. ستاين، دكتوراه في الجيولوجيا، ويندي بوهون، دكتوراه في الجيولوجيا، أن الزلزال المدمر في المغرب نجم عن التصادم بين قارتي أفريقيا وأوروبا. مشيرة إلى أنه لم يكن حدثا غير مسبوق، على الرغم من أنه وقع في منطقة أقل نشاطًا زلزاليًا من زلازل أخرى في المغرب. وكشف الباحث أن الزلزال حدث، وفقًا للمسح الجيولوجيا الأمريكي على عمق 26 كيلومترا في جبال الأطلس الكبير، مضيفة إلى أن حل الآلية البؤرية لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية تشير إلى أن الحدث وقع إما على طول صدع عكسي منحدر بشدة يواجه الجنوب الغربي، أو على طول صدع عكسي منحدر منخفض نحو الشرق. الكسر الانعكاسي المائل يعني أنه عندما يتحرك جانب من الكسر نحو الأعلى بالمقارنة مع الجانب الآخر، يتحرك الجانبان أيضًا جانبيًا. وأوضح الباحث أن الزلازل في هذه المنطقة هي حوادث داخل لوحات القشرة الأرضية، مما يعني أنها تحدث بعيدًا عن الحدود بين الصفائح الأرضية. مستدلة على ذلك بأن مركز زلزال يوم الجمعة كان على بعد حوالي 500 كيلومتر من الحدود بين الصفيحة الأوراسية في الشمال والصفيحة الأفريقية، وبالتحديد الصفيحة النوبية، في الجنوب. تُظهر هذه الخريطة التكتونية والتضاريس في المنطقة الأيبيرية المغاربية. وأضاف الباحث أن آثار تقارب الصفائح الأوراسية والنوبية لا تقتصر فعلى المنطقة الواقعة بين شبه الجزيرة الأيبيرية وغرب أفريقيا، والمعروفة باسم المنطقة الإيبيرو-مغربية ، بشكل صارم على منطقة تحول جزر الأزور وجبل طارق والساحل الشمالي للمغرب. ينتشر هذا التقارب أيضًا جنوبًا، مما يؤثر على ميسيتا المغربية المكونة من صخور الحياة القديمة. وتمتد منطقة التأثير هذه إلى حزام الأطلس، وهذا يعني وجود اختصار ضحل في جبال الأطلس، بما في ذلك جبال الأطلس الكبير، حيث حدثت صدمة بقوة 6.8 درجة في 8 سبتمبر 2023. تشير بيانات GPS إلى معدل تقصير يبلغ حوالي 1 مم سنويًا في الأطلس الكبير. وذكر الباحث أنه على مدى الألف سنة الماضية، تميل الزلازل التي تؤثر في المغرب إلى الحدوث في منطقتين، وهما المنطقة الزلزالية الأولى تقع قبالة الساحل الشمالي للمغرب، على طول منطقة تحول الأكوريس-جبل طارق وامتدادها شرقاً في بحر الألبوران، في حين تقع الثانية على اليابسة، على طول جبال الريف في شمال المغرب وجبال الطور في شمال غرب الجزائر. بينما تعتبر الزلازل على طول سلسلة جبال الأطلس، مثل تلك التي وقعت في 8 شتنبر، نادرة جدًا. وأشار الباحث إلى أنه في الفترة التاريخية المعروفة قبل تركيب محطات الزلازل، تم تسجيل العديد من الأحداث الهامة في المغرب. من بينها زلزال فاس في عام 1624، بتقدير قوة زلزالية تبلغ حوالي 6.7. وأوضح الباحث أنه من المستحيل التنبؤ بحدوث الزلازل كما يعلم علماء الزلازل. بينما يعتقد العديد من الباحثين أنه قد لا يكون من الممكن القيام بذلك في المستقبل أيضًا. مستدركة أن ما يمكننا القيام به هو تحديد المناطق التي من المرجح أن تحدث فيها الزلازل بشكل أكثر احتمالًا وفي أفضل الحالات، عرض احتمالية حدوثها والتوتر المصاحب لها. تُظهر هذه الخريطة الزلازل التي تزيد قوتها عن 3.0 . وفي المغرب، تحدث معظم الزلازل في منطقة الريف، أقصى شمال البلاد. ومع ذلك، تحدث الزلازل على طول جبال الأطلس. وخلص الباحث إلى أن أفضل أداة لدينا للحد من تأثير الزلازل هي تنفيذ استنتاجات دراسات تقييم مخاطر الزلازل في اللوائح الوطنية لبناء الأبنية. هكذا يمكن للمهندسين دمج مستوى مناسب من الأمان الزلزالي في تصميم المباني أو البنية التحتية. المباني التي تم بناؤها دون احترام اللوائح وبدون الدعم الهيكلي اللازم هي قاتلة محتملة. وهذا هو السبب في أن يجب أن تكون لوائح البناء إلزامية، ويجب فحص المباني، ويجب تحديث اللوائح بشكل دوري. هذه هي أفضل – وربما الوسيلة الوحيدة – لحماية أنفسنا من هذه. أخيرًا، يقول الباحث إن أفضل أداة لدينا للتخفيف من تأثير الزلازل هي تنفيذ نتائج دراسات تقييم المخاطر الزلزالية في قوانين التعمير الوطنية، معتبرا أن هذه هي الطريقة التي يمكن للمهندسين دمج المستوى المناسب من السلامة الزلزالية في تصميم المباني أو البنية التحتية. مضيفة أن المباني التي تم بناؤها دون مراعاة اللوائح وبدون الدعم الهيكلي اللازم هي قاتلة محتملون. لهذا السبب يجب أن تكون قوانين التعمير إلزامية، ويجب فحص المباني ويجب تحديث الرموز بشكل دوري. إنها أفضل – وربما الطريقة الوحيدة – للحماية من هذه الكوارث الهائلة. وأوصي الباحث أنه في المغرب، "يحتاج مسؤولو الأمن – الحكومة والمخططون – إلى فهم هذا الأمر وأن يأخذوا ذلك في اعتباره للمستقبل والنظر فيه في المستقبل. خلاف ذلك، لا يمكن فعل أي شيء لتجنب ما قد يحدث".