انتقد حزب "النهج الديمقراطي العمالي" تفاقم أزمة العطش بشكل متزايد في العديد من الدواوير، وامتدادها خلال الأسابيع الأخيرة إلى العديد من القرى والمدن بسبب التراجع الكبير عن تزويدها بالماء الصالح للشرب. وأشار الحزب في بيان لمكتبه السياسي، أنه من مناطق الجنوب كمدينة زاكورة إلى المنطقة الشرقية، وجدة ونواحيها مرورا بمناطق الحوز والرحامنة والأطلس، ثم أخيرا أقاليم ودواوير جهة الوسط كإقليم الخميسات ونواحيه، تتوسع دائرة العطش وتدفع بالعديد من المتضررين إلى تنظيم الاحتجاجات أمام مصالح الدولة.
واعتبر أن الدولة تتعامل مع أزمة العطش وخطورتها، كتحصيل حاصل للتغيرات المناخية المتسمة بظاهرة الجفاف، فيما السبب الرئيسي يعود إلى الاختيارات السياسية المتبعة، المملاة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، التي صنفت المغرب كبلد فلاحي في قسمة العمل الدولي. وأضاف " أنه منذ الاستقلال الشكلي، ركز النظام على ما سمي ب "سياسة السدود"، حيث تم بناء حوالي 150 سدا كبيرا في مختلف المناطق الفلاحية، قصد تزويد الملاكين العقاريين الكبار بالتجهيزات الهيدروفلاحية الحديثة، ودعمهم لإنتاج الزراعات الموجهة للتصدير: الطماطم والحوامض وهي الزراعات الأكثر استهلاكا للماء، في حين يتم استيراد حوالي نصف احتياجات الشعب من الحبوب وهي الزراعات الأقل استهلاكا للماء". ولفت إلى أن نفس الاختيارات السياسية استمرت من خلال مخطط المغرب الأخضر، خلال العقدين الأخيرين، الذي ركز من جديد، على دعم الرأسماليين الأجانب والمحليين المستثمرين في القطاع الفلاحي، عبر تعزيز الزراعات الموجهة للتصدير والتوجه نحو حفر الآبار، مما أدى إلى استنزاف الفرشة المائية في العديد من المناطق. وأكد الحزب أن هذه الانعكاسات السلبية لهذا الاستنزاف، وتزامنها مع توالي سنوات الجفاف، أدى إلى إتلاف مساحات هامة من الخضروات الموجهة للسوق المحلي، مما نتج عنه ارتفاع مهول لأثمانها واكتواء جماهير المستهلكين بنيران هذا الغلاء. وانتقد تغلغل المستثمرين الصهاينة الذين منحت لهم ضيعات شاسعة لزراعة الافوكا والفراولة، في إطار اتفاقيته التطبيعية مع هذا الكيان الغاصب. وأوضح أن القطاع الفلاحي، يستهلك ما يناهز 84% من المخزون المائي، بينما يستهلك القطاع الصناعي حوالي 9%، في حين تمثل نسبة الاستهلاك للماء المشروب 7%. فمن خلال أهمية القطاع الفلاحي، وتوجهه الهيكلي، يتبين أن المغرب "يصدر الماء" عبر الزراعات التصديرية الأكثر استهلاكا لهذه المادة الحيوية، في الوقت الذي لا تتعدى فيه طاقة السدود نسبتها 28% حاليا، بسبب قلة التساقطات وأساسا بنسبة تراكم التوحل، منذ عدة سنوات. وشدد على أن معالجة إشكالية العطش لا يمكن فصلها عن إشكالية فك الارتباط بالدوائر المالية الإمبريالية، التي باتت تحكم قبضتها على مفاصل الاقتصاد المغربي لمصالحها، وإهمال مصالح السواد الأعظم من الشعب المغربي الذي يزداد تفقيره وتهميشه بشكل ممنهج. واعتبر الحزب أن الوضعية الخطيرة لندرة الماء الشروب تستلزم من الدولة التدخل العاجل قصد توفير الماء الكافي والجيد للمناطق المنكوبة، مع ضرورة وضع خطة محاربة تبذير الماء، وذلك بإغلاق المسابح الخاصة للطبقة البورجوازية وملاعب الكولف المتعددة والتي تستهلك ما لا يقل عن 5000 متر مكعب يوميا، وهو ما يعادل استهلاك تجمع بشري من 12000 نسمة. كما دعا إلى الكف عن الزراعات الموجهة للتصدير، وإقامة زراعات تستجيب للحاجيات الغذائية الأساسية للشعب المغربي، وطرد المستثمرين الصهاينة الذين يوسعون من الزراعات الحديثة المستهلكة للماء عبر بناء أحواض مفتوحة لجمع المياه وهو ما يضيف إتلاف كميات هائلة من الماء عبر التبخر، بسبب الارتفاع الحراري.