مع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب، والشبهات التي تحوم حول الشركات بسبب التواطؤ في تحديد الأسعار وعدم احترام قواعد المنافسة الشريفة، تتعالى الأصوات المنتقدة للتحرير دون وضع ضوابط لمنع أي تجاوزات في السوق، وسط تخوفات من أن يتكرر سيناريو المحروقات مع الدقيق والغاز والسكر والمواد المدعمة من صندوق المقاصة، بعد إلغائه. وقال الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز إن استمرار غلاء المحروقات وتداعيات ذلك على المعيش اليومي للمغاربة، يقتضي التقييم الموضوعي لقرار تحرير أسعار المحروقات. كما شدد اليماني في تصريح صحافي على ضرورة التريث في المرور لتحرير أسعار الغاز والسكر والدقيق والكهرباء، والانتباه للواقع المتدني لمدخول المغاربة، وانتشار البطالة والاقتصاد الأسود. ودعا اليماني إلى العمل على الحد من الضغط الذي تشكله المحروقات على القوت اليومي للمغاربة، من خلال تسقيف أرباح الفاعلين أو رفع الضريبة المطبقة عليهم، وإلغاء أو تخفيف الضريبة المطبقة على المحروقات. ومقابل ذلك، دعا إلى البحث عن موارد أخرى لخزينة الدولة، ومنها التضريب على الثروة والكسب السهل، والعودة لتكرير البترول في المغرب لاسترجاع مكاسب هذه الصناعة، وتدمير معاقل التوافقات حول السوق المغربية للبترول. واعتبر الفاعل النقابي أن الدفاع عن تحرير أسعار المحروقات، بدعوى توجيه مصاريف المقاصة في دعم المحروقات إلى تنمية قطاعات الصحة والتعليم للمغاربة، يكذبه الواقع المريض والبئيس لهذه القطاعات، حيث إن الصحة العمومية والتعليم العمومي تمت تصفيتهما، وعلى المغاربة وضع يدهم في جيوبهم لتمويل صحة وتعليم ذويهم، والمساهمة قسرا في إغناء اللوبيات المتحكمة في ذلك، وهو ما يفسر التنامي الصاروخي للاستثمارات الخاصة في التعليم والصحة. ونبه اليماني إلى أن زهاء نصف ثمن الغازوال يعود لحسابات الدولة بالضرائب والموزعين بالأرباح، مؤكدا أنه وبسبب تحرير الأسعار فقط، يؤدي المغاربة أكثر من 1.24 درهم (8.6 مليار درهم سنويا) كزيادة على أرباح الموزعين التي تصل إلى 1.80 درهم للتر الواحد، ما يتطلب اليوم وقفة حقيقية لتقييم هذا التحرير وانعكاساته.