في دولة الإيالة الشريفة السعيدة والمفتخرة بإستثنائيتها بين الأمم، والمعتقة لرقاب البيدوفيليين والمكرمة لصدرو المخنثين الفكريين والعاهرين السياسيين، يحدث كل شيء غريب في بلد إستمد نظامه وشرعيته من الغرابة والخرافة، فإصلاح حقل الفساد الذي ينخر مؤسسة القضاء الغير العادل بدأ يعطي ثماره، فها هو مثلا السيد أنوزلا الذي أطل علينا دوما بتحليلاته وكتاباته المحايدة التي يغلب فيها دوما العقل على العاطفة جُعل منه قربانا للإصلاح الموؤود في أحضان عاصفة الفساد المكرس في هذا البلد الخرافي، لأنه حاول المساس بالوحدة الترابية زعزعة النظام، وحاول حلحلة الهدف الاستراتيجي للأمة الذي أسس لبناته دانيال كالفن الذي كان العفو عنه مصلحة استراتيجية كما قال الوزير الرميد. نشر فيديو لتنظيم القاعدة موجه للرياضي والفنان والسياسي الأول، كان كفيلا بإثبات التهمة على أنوزلا الذي حاولت الدولة في أكثر من مرة أن توقع به وتوصد نور قلمه وتغتال صراحته ومهنيته ونزاهته، يبدو القضاء على الفساد يا سادة ساري المفعول بعد تنزيه المفسدين و توفير الدعم لهم والرمي بمن يفضحهم وراء قضبان الزنازن. عباس الفاسي بطل فضيحة النجاة ليس مفسدا، ومزوار ليس كذلك والعماري والهمة والماجدي و كافة الشاربين من حوض المخزن ليسوا كذلك والمتعاقبين على كراسي المصالح و القطاعات منذ 1956 كانوا مخلصين ووطنيين على ما يبدو، لأن المفسد يجازى بلاكريما ورخصة للصيد و تريص باستغلال المقالع وبوسام أيضا وتضمن الدولة له كافة الحقوق الجاري بها العمل في بلدان الفساد. كم هو رائع بلد الاستثناء هذا الذي استطاع القضاء على مد فكر القاعدة من خلال مصادرة أملاك شخصية لرجل إعلامي (لأن الإعلاميين ليسوا رجالا كما قال رئيس فرقة الطبالين والنشالين قبل أسبوع)، وتعتبر تجربة المخزن في مطاردته للإرهاب استثنائية كاستثناء نظامه السياسي فهي لم تحاربه كما فعلت أمريكا لأنه ليس للمخزن بوارج ولا حاملات طائرات ولا أقمار تجسس، حاربه على نهج الخطة التقليدية للشيوخ والمقدمين، لقد قنص الإرهاب متلبسا في بيت أنوزلا الذي حاول إسقاط نظام سياسي عبر استخدام خدمة بارطاجي لفيديو نشر على اليوتوب. دولة ما بعد دستور يوليوز المنمقة فصوله بتقديس حرية التعبير وضمان الحريات الفردية والجماعية، بدأت ورش إصلاح القضاء من خلال التعجيل باعتقال أنوزلا، وشرعت في مطاردة الإرهابيين عبر استصدار حواسيب الصحافيين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، فهؤلاء يشكون خطرا ويحاولون تنوير الرأي العام والعياذ بالله. إن في اعتقال أنوزلا رسالة واضحة من طرف الدولة إلى كل الاصوات الحرة المطالبة بإسقاط الفساد، ومفاد الرسالة أن الفساد شرط سياسي للدمقرطة والانفراج السياسي من أجل مغرب يتسع لكل أنماط الفساد الذي دعمت أواصره التماسيح والعفاريت، و إن استقرار هذا البلد المنكب على ألمه مستهدف من أكبر تنظيم إرهابي دولي الذي يحاول إشاعة الفوضى ن لذلك فالقضاء على تطرف وإرهاب تنظيم القاعدة مترابط مع القضاء على الأصوات والأقلام الحرة التي تحاول ما أمكن تفكيك عنكبوت القهر والظلم والفساد المكرس بقرارات سياسية، وإن الدولة ها هنا تقول لكل من يفكر أو يحاول التفكير في البوح بشيء من الحقيقة " دخل سوق راسك و إلا غادي تكون محسوب على القاعدة ". المغزى الصريح والبين أن عجلة السير بالقهقرى بحرية التعبير والفكرة سائرة على سرعة خيالية، و اختارت أن تسير للوراء تحصينا للمكتسبات السابقة المراكمة من عقود الإذلال وتحكم الدولة في الإعلام ومعاقبة المتمردين بطرق خسيسة ومفضوحة من أجل جعل الوضع الكارثي سرا داخليا لا يجب تسويقه للرأي العام الدولي، و إن اعتقال أنوزلا و مصادرة ممتلكات الموقع الذي يشتغل مديرا له، هو جريمة سياسية في حق حرية التعبير و ضرب بعرض الحائط لكل المواثيق والعهود الدولية التي أمضى عليها المغرب حبرا وتركها حبرا على ورق وهو اعتقال لحرية التعبير واغتصاب لها، لذلك فالإشكالية العميقة هي بنيوية بالأساس مرتبطة بالنظام السياسي بأكمله وما حدث هو مجرد إشارة للصوت الحر بكون الدولة ستقف بالمرصاد في وجه كل من سولت له نفسه أن يخرج عن الخريطة المرسومة من طرف الدولة ليبقى الإعلام بوقا مطبلا يسبح بحمد الطرح المخزني ويقدس له، و يبقى الخيار المطروح الآن هو إما الاعتكاف في محراب الصمت للأحرار، و إما أن نصفق بحرارة لخطوات الدولة و نهتف ل " العام زين " كيفما كانت شدة إهانتها لذواتنا المخلصة التي قطعت العهد والوعد أن لا تصمت عن البوح بالحق. لنفترض جدلا أن القاعدة تهدد هذا المغرب وتخطط لشيء ما لتجعل الدماء تسيل، فهل من الواجب نشر مخططات ما يرمي له هذا التنظيم الإرهابي ووضع الرأي العام في الصورة الحقيقية والتفكير سويا كلا حسب استطاعته لتوحيد الجهود للقضاء على هذا الفكر المتطرف، و إيجاد حلول ناجعة لوقف زحفه إن كان هنالك زحف أصلا، أم الواجب هو التعتيم على الخبر والاستعانة بسياسة الإخفاء حتى تقع فاجعة لا قدر الله و يخرج علينا كبار الساسة ليقولوا مجددا " ما فراسيش و ما فخباريش " ؟؟ بين هذا وذاك تضامني الكامل و اللا مشروط مع السيد علي أنوزلا في محنته مع طوابير إبادة القلم النير والصوت الحر، فإرهاب القاعدة الآني هو سياسة تكميم الأفواه وتعتيم المشهد الإعلامي بترهات إنشاد أنشودة المخزن الرائع بقهره وتماديه، و لن نقول أبدا وسع الله الإعلام بواسع رحمته و تغمده بعفوه الشامل، لن نقولها أبدا ولو قطعت أيدينا وأرجلنا من خلاف، مادام هنالك قلوبا في صدورنا تنبض حرية وتتوق للقطع مع الاستبداد بكل أنماطه و تجلياته وتمظهراته. للحديث بقية، فمادام السيد أنوزلا وراء القضبان، فكلنا أنوزلاويون فدربنا واحد وسبيلنا تخليص هذا الشعب المغلوب على أمره من أغلال الظلم والحيف المحيطة به من كل صوب.