هناك من يسميها حرباً عالمية ثالثة، وهناك من يعتبرها الصراع الحضاري التاريخي للشرق "المحافظ" ضد الغرب "الليبرالي"، وأخرون ينعتونها ب "الحرب الروسية الأطلسية"، كناية عن حلف شمال الأطلسي "الناتو" وهلم جراً من النعوت … في هذا التقرير الإخباري نحاول نٌقدم إحاطة شاملة لعام كامل لما كان يجري على الأرض بين (روسياوأوكرانيا)، وقراءة عامة في خلفيات الحرب بعد عام على اندلاعها يوم 24 فبراير 2022 ودخولها العام الثاني في ظل تصعيد عسكري من الجانبين وغياب أي انفراج قريب. قبل ساعة الحسم .. لمحة عن مراحل الانزلاق إلى الحرب بعد شهور متواصلة من التوترات والاتصالات الدبلوماسية، شنت روسيا عمليتها العسكرية على الأراضي الأوكرانية صبيحة 24 فبراير 2022. ودوت أصوات الانفجارات في أنحاء البلاد. وأعلنت كييف حالة الطوارئ. لكن هذه الحرب لم تبدأ كما ورد في 24 فبراير 2022، فقد سبقتها توترات ونزاعات مسلحة وسياسات متصادمة وانزلاقات عدة منذ العام 2010. بعد الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2010 تسلّم فكتور يانكوفيتش رئاسة البلاد لغاية العام 2014، وكان معظم مؤيديه من الأقاليم الشرقية على الحدود مع روسيا. ناور يانكوفيتش في حركته السياسية الخارجية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا سعياً وراء مكاسب محتملة من الجانبين. لم يحصل على ضمانات من الاتحاد الأوروبي تعوّض عن الخسائر المحتملة للصناعة الأوكرانية التي سوف تتضرر حتماً بعد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وكان يانكوفيتش يتعرّض لضغط من جانب الكرملين كي يفضّل علاقاته مع روسيا على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. وأصبحت مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والابتعاد عن محور روسيا قضية اهتمام وجدل في الرأي العام الأوكراني. وفي نوفمبر 2013 أوقف يانكوفيتش المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي فأصيب الناس بخيبة أمل بعدما كانوا يعوّلون على عضوية أوكرانيا في هذا الاتحاد لرفع مستوى الاقتصاد والمعيشة. وهذا ما دفع الأوكرانيين إلى تظاهرات حاشدة في ميدان الساحة الرئيسية في العاصمة كييف. وفي فبراير 2014 تصاعد النزاع في الميدان بين المتظاهرين وقوات الأمن ما دفع يانكوفيتش إلى إجراء مفاوضات مع المتظاهرين. ومع تدخل تنظيم القطاع الأيمن (تنظيم مدعوم من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأوليغارشية الأوكرانية) أصرّ المتظاهرون على استقالة يانكوفيتش الذي اضطر تحت تهديد ميليشيا هذا التنظيم للفرار إلى روسيا. رفضت روسيا الاعتراف بالواقع الجديد وكانت ردة الفعل تجاه هذا التغيير قرار بوتين السيطرة بقوة السلاح على شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة آنذاك لأوكرانيا. عزلت القوات الروسية شبه جزيرة القرم ونظّمت استفتاء تقرّر بنتيجته الانضمام إلى الاتحاد الروسي. لم تعترف الولاياتالمتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ودول الناتو بسيطرة روسيا على القرم. وتعّرضت روسيا لعقوبات سياسية أبرزها إقالتها من مجموعة الثماني والتصويت ضد ضم القرم في الأممالمتحدة حيث تتحكّم الولاياتالمتحدة بأكثرية الأعضاء. لكن روسيا حافظت على أسطولها البحري في البحر الأسود الذي يتمركز معظمه في "قاعدة سيباستول" البحرية على شاطئ القرم. وبعد ذلك أعلنت مقاطعتا '"دانيستك ولوغانسك" استقلالاً ذاتياً وسط رفض الحكومة الأوكرانية خشية تحوّل ذلك إلى انفصال عن الدولة الأوكرانية. وحيث أن المقاطعتين تضمّان خليطاً من الروس والأوكرانيين و إثنيات أخرى. سرعان ما نشب قتال بين القوات الانفصالية والجيش الأوكراني تركّز حول مدينة ماريوبول على بحر أزوف ومطار دونيستك. تدخّلت منظّمة الأمن والتعاون في أوروبا وعقدت اجتماعاً لروسياوأوكرانيا في بيلاروسيا وتوصّلت إلى اتفاقية سمّيت "اتفاقية مينسك" تتضمن وقفاً لإطلاق النار والإفراج عن الأسرى والأهم هو إجراء استفتاء حول شكل نظام الحكم الذاتي في المقاطعتين. وفي يونيو 2014 وأثناء احتفالات "إنزال النورماندي" عقدت قمة بين ألمانياوفرنساوروسياوأوكرانيا في منطقة النورماندي بفرنسا، لبحث الوضع في أوكرانيا من دون التوصّل إلى وقف القتال بين القوات الأوكرانية والانفصاليين. وفي سنة 2019 عقدت قمة رباعية أخرى في باريس وبحثت أزمة أوكرانيا من دون التوصل إلى نتائج حاسمة. أسفرت المعارك والاشتباكات بين القوات الأوكرانية والانفصاليين منذ عام 2014 حتى بداية عام 2023 عن سقوط نحو 13 ألف قتيل وعدد كبير من الجرحى وإصابة مدن وقرى بأضرار بالغة. بدأ الجيش الروسي بحشد قوات على الحدود مع أوكرانيا في أكتوبر 2021، رافق ذلك إرسال قوات إلى بيلاروسيا لإجراء مناورات تدريبية وإلى شريط ترنسنيستريا الروسي على حدود أوكرانيا مع مولدوفا وشبه جزيرة القرم، كما حشدت البحرية الروسية مراكبها في البحر الأسود. جرت مباحثات بين روسياوالولاياتالمتحدة وبعض القادة الأوروبيين حيث حدّد بوتين شروط موسكو لوقف التوتر بتعهّد واضح من أوكرانيا بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، لأن ذلك يمس الأمن القومي الروسي. كما اشترط على أوكرانيا عدم بناء سلاح نووي قادر على قلب التوازنات في شرق أوروبا وروسيا. لكنّ دول الناتو اعتبرت أن الشروط الروسية تؤدي إلى هيمنة روسيا على أوكرانيا وعلى دول البلطيق ولذلك لم توافق أوكرانيا على هذه الشروط مدعومة من الناتو. فأعلنت كل من مقاطعة لوغانسك ودونتيسك استقلالهما وسرعان ما اعترف بوتين بهذا الاستقلال، وكانت ردة فعل الولاياتالمتحدة ودول الناتو فرض عقوبات على روسيا طالت الاقتصاد والتحويلات المالية وحركة الطيران وتجميد أصول الحكومة الروسية والبنك المركزي الروسي ومعظم الأثرياء الروس ومصادرة ممتلكاتهم في أوروبا وأميركا. إنطلاق العملية العسكرية الروسية يوم 24 فبراير 2022 تحرّكت القوات الروسية في "إقليم دونباس" المؤلف من مقاطعتي "لوغانسك ودونتيسك" في شرق أوكرانيا وفي مقاطعتي "زاباروجيا وخيرسون" في جنوبها. كما تحرّك رتل عسكري روسي من "تشيرنوبيل" في الشمال ووصل إلى غرب العاصمة الأوكرانية كييف. وقامت القوات الجوية والصاروخية الروسية بقصف مركّز على البنى التحتية العسكرية من مطارات وثكنات ومخازن وقواعد بحرية ودمّرت قسماً كبيراً منها. تبيّن فيما بعد أن هناك بعض القوات الجوية التي لا تزال تعمل وبشكل محدود. أصيبت القوات الروسية على طول الرتل الممتد من غرب كييف إلى تشيرنوبيل شمالاً بخسائر من جرّاء تعرّضها لقصف من طائرات من دون طيار معظمها "سويتش بليد" و "بيرقدار". وتعرّضت قوات المظليين في الشمال في مطار هوستوميل للحصار، كما هاجمت القوات الأوكرانية مدينتي ايربين وبوشا شمال غرب كييف. وبما أن خطوة إظهار القوة ومحاصرة كييف لم تنجح في إرغام الأوكرانيين على التراجع، وبما أنهم قرّروا المقاومة العسكرية مدعومين من دول حلف شمال الأطلسي، لهذا لم تعد القيادة الروسية ترى جدوى من حشد هذا الرتل فاتخذت قراراً بسحب قواتها إلى الجانب الشرقي. تقدّمت القوات الروسية من مقاطعة دانتيسك إلى ميناء ماريوبول على بحر أزوف، وقادت معا القوات الروسية مدعومة من كتائب من جمهورية الشيشان معارك عنيفة في هذه المناطق في مواجهة كتيبة الأزوف الأوكرانية اليمينية. بعد نحو ثلاثة أشهر دخلت القوات الروسية المدينة وسيطرت على مينائها ولجأ مسلحو كتائب الأزوف إلى مصنع أزوفستال وتحصّنوا داخله. في مايو 2022 استسلم هؤلاء المقاتلون للجيش الروسي، وبذلك حقّقت القوات الروسية السيطرة التامة على بحر أزوف وزادت مساحة إطلالتها على البحر الأسود. ترافق سقوط ماريوبول مع قيام الدفاعات الساحلية الأوكرانية بقصف الطرّاد الروسي الشهير "موسكوفا" وإغراقه وهو ما شكّل نكسة معنوية وخسارة عسكرية للقوات البحرية الروسية. أوكرانيا.. والدعم الغربي السخي فور بداية الهجوم الروسي بدأت المساعدات العسكرية الغربية تصل إلى أوكرانيا ومعظمها عن طريق بولونيا، الولاياتالمتحدة أرسلت طائرات من دون طيار من نوع "سويتش بلايد" وصواريخ "ستينغر" المحمولة على الكتف المضادة للطائرات وصواريخ "جافلين" المضادة للدروع، كما أرسلت بريطانيا مدافع مضادة للطائرات وعشرات من أجهزة الرادار وتكنولوجيا لمواجهة الطائرات من دون طيار وصواريخ من نوع "بريمستون 2". فرنسا هي الأخرى أرسلت راجمات صواريخ وصواريخ "كروتال" ومدافع "سيزار"' وصواريخ مضادة للدروع وناقلات جند، تردّدت ألمانيا في البداية في إرسال المساعدات العسكرية لكنها ما لبثت أن رضخت للضغوط الأميركية وأرسلت أسلحة خفيفة ولا سيما مدافع مضادة للطائرات. كما قدّمت العديد من الدول الأوروبية والأفريقية مساعدات مختلفة. ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن "معهد كيل" للاقتصاد العالمي، قدمت 32 دولة على الأقل مساعدات عسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة والمعدات أو المساعدات المالية للجيش. وتشمل المساعدات العسكرية المرسلة إلى أوكرانيا : أسلحة تقليدية وأسلحة حديثة ومعدات أكثر تطورا، من بينها الأسلحة المدفعية ومضادات الطائرات والدبابات والمدرعات وطائرات الاستطلاع والهجوم بدون طيار والمروحيات والأسلحة الصغيرة والذخيرة والدروع الواقية للجسم. وحسب بيانات "معهد كيل" باعتباره مركز أبحاث ألماني، التزمت 40 دولة بما لا يقل عن 108 مليارات يورو (115 مليار دولار) في شكل مساعدات مالية وإنسانية وعسكرية لأوكرانيا بين 24 يناير/ و20 نوفمبر 2022. ومع التزامات بقيمة 47.8 مليار يورو (51.2 مليار دولار)، تعد الولاياتالمتحدة أكبر داعم لأوكرانيا، حيث خصصت مبلغ 22.9 مليار يورو على الأقل (24.5 مليار دولار) للتعهدات العسكرية، و15.05 مليار يورو (16.1 مليار دولار) في شكل مساعدات مالية، و9.9 مليارات يورو (10.6 مليارات دولار) مساعدات إنسانية. وتغطي الإغاثة الإنسانية المواد الطبية والغذائية وغيرها للمدنيين، بينما تأتي المساعدات المالية في شكل منح وقروض وضمانات. وتعد مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مفوضية الاتحاد ومجلس الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي، ثاني أكبر المساهمين، إذ تعهدت بتقديم 34.9 مليار يورو (37.3 مليار دولار) لأوكرانيا، بينما جاءت المملكة المتحدة في المركز الثالث من حيث الالتزامات المالية بقيمة 7.1 مليارات يورو (7.6 مليارات دولار)، وحلت كندا في المرتبة الرابعة بمبلغ 3.78 مليارات يورو (4.04 مليارات دولار). تراجع ميداني وتغيير شامل للنخب العسكرية من قبل الكرملين بدأت القوات الروسية الحرب في أوكرانيا من دون أن تستدعي قوات من الاحتياط وواجهت العملية مقاومة أوكرانية عنيفة مدعومة من دول الناتو وعموم الغرب، لكنها تمكّنت من السيطرة على معظم مقاطعة لوغانسك وقسم كبير من مقاطعة دونتيسك، وعلى ساحل بحر أزوف بكامله ولا سيما مدينة ماريوبول ومعظم مقاطعتي خيرسون وزاباروجيا، ولا سيما محطة توليد كهرباء تعمل بالطاقة النووية وهي الأكبر في القارة العجوز. وفي منتصف شهر سبتمبر 2022 بدأت أوكرانيا هجوماً معاكساً مفاجئاً وتمكّنت في فترة وجيزة من السيطرة على مناطق واسعة جنوب مدينة خاركيف القريبة من الحدود مع روسيا. وشكّلت هذه الخسارة صدمة للقيادة الروسية فهي انسحبت سابقاً من غرب كييف بعدما ثبت قرار أوكرانيا المدعوم من الناتو بالمواجهة، لكنها الآن تخسر مساحة نحو أربعة آلاف كلم مربعا في أعمال قتالية. أجرت القيادة العسكرية الروسية إعادة نظر شاملة واتخذت بعد أيام قرارات مهمة، أبرزها قرار بوتين استدعاء الاحتياط وتحديد العدد ب300 ألف. وفي مطلع أكتوبر، عيّن وزير الدفاع الجنرال سيرغيه سوروفيكين قائداً للقوات الروسية في أوكرانيا. وفي خطوة سياسية دعا الرئيس بوتين إلى استفتاء في مقاطعات لوغانسك ودونتيسك وزاباروجيا وخيرسون للانضمام إلى الاتحاد الروسي. وفي منتصف نوفمبر الفائت، أعلن قائد القوات الروسية سوروفيكين سحب قواته من مدينة خيرسون. فاجأ هذا التراجع المراقبين لكنه كان مبنياً على واقع عدم توازن القوى في خيرسون إذ إن أوكرانيا كانت تحشد قوات كبيرة ومتفوّقة بالعدد وكان القتال سينتهي لصالحها فتراجعت القوات الروسية إلى مواقع في المقاطعة يمكن الدفاع عنها. وهنا نذكر أنه منذ بداية العمليات العسكرية استدعت أوكرانيا الاحتياط ومنعت كل من تجاوز الثامنة عشرة ولم يتجاوز الستين من مغادرة البلاد وأحالت الجميع إلى الوحدات العسكرية، مما وفّر لها موارد بشرية ضخمة في الجيش والدفاع الوطني بشكل عام من دون اعتبار تكلفة هذه التعبئة الاستثنائية، كون المساعدات المالية والعسكرية تتدفّق بشكل وفير على أوكرانيا. بانتظار جاهزية الاحتياط الروسي بعد التدريب والتنظيم في وحدات قتالية شنت روسيا هجوماً صاروخياً على مصادر الطاقة في أوكرانيا وتسبّبت بتدمير أكثر من نصف المحطات الكهربائية لكنها لم تقصف محطات توليد الكهرباء العاملة بالطاقة النووية خشية تسرّب إشعاعات نووية. كما استخدمت طائرات مسيّرة في قصف الأهداف الدقيقة وخصوصاً في كييف والمدن الكبيرة، وهنا برز استخدام المسيرة الإيرانية "شاهد" لتوجّه بعد ذلك اتهامات لإيران بمساعدة روسيا في الحرب. في 11 يناير 2023 وضعت القيادة العليا للجيش الروسي يدها على قيادة العمليات في أوكرانيا وعيّن رئيس الأركان الجنرال غيراسيموف قائداً للقوات في أوكرانيا، والقائد السابق الجنرال سوروفيكين نائباً له. بذلك استقرت القيادة والسيطرة في الجيش الروسي وانتقلت روسيا إلى عمليات هجومية. حيث بدأت روسيا في منتصف يناير 2023 هجوماً في مقاطعة دونتيسك وسيطرت على مدينة سوليدار ودخلت مدينة باخموت وهي تقاتل الآن في داخلها وتضغطت بشدة على القوات الأوكرانية التي أقرت بصعوبة الوضع. وفي المقابل ، بدا أن الجيش الروسي يحضّر لهجوم عام خلال الربيع أو قبله وهذا ما دفع الرئيس الأوكراني إلى الاستغاثة بدول الناتو وعموم الغرب، وطلب دبابات للقوات البرية الأوكرانية لصد الهجوم الروسي ولما لا أيضاً شن هجوم أوكراني بري. الاقتصاد الروسي .. وسلاح العقوبات الغربية حتى انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كانت إيران الدولة الأكثر تعرضاً للعقوبات في العالم، وفقاً لموقع "كاستيلوم دوت إيه آي"، باعتباره قاعدة بيانات عالمية لتتبع العقوبات. اليوم، مع دخول العملية عامها الأول تحتفظ روسيا الآن برقمٍ قياسيٍ من العقوبات إذ وصلت إلى 11.327 عقوبة، استهدفت غالبيتها بشكلٍ أساسي الاقتصاد الروسي لإلحاق الضرر به وبنشاطاته المالية. أعلنت الولاياتالمتحدة وحلفاؤه مع بداية الحرب أنها ستمنع ما يزيد على نصف الواردات الروسية من السلع ذات التقنية العالية، التي تستخدم في الصناعات العسكرية. وقرر الحلف الأطلسي بقيادة واشنطن، فرض عقوبات متنوعة ما بين حظر الصادرات النفطية، وتكبيل القطاع المصرفي، ومنع شركات عالمية من التعامل مع السوق الروسية. وفيما كانت كل حزمة عقوبات تأخذ نقاشات وجدالات بين الدول ولا سيما الأوروبية منها من أجل إقرارها، وذلك خوفاً على مصالحها، فرض الغرب عقوباتٍ اقتصادية مباشرة على رجال الأعمال والسياسيين والنواب والدائرة المحيطة بالكرملين، مستهدفاً عدداً من الأشخاص البارزين في روسيا، على رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، الذي تم تجميد أصوله في الولاياتالمتحدةوكندا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، علاوة على حظر سفرهما إلى الولاياتالمتحدة. وخفضت العقوبات واردات الدول الأوروبية من النفط الروسي بنسبة 90 في المئة بحلول نهاية العام 2022، وكذلك جمّدت أصول مملوكة للبنك المركزي الروسي، وجمّدت أصول بنوك روسية، و استبعدتها من النظام المالي. وطالت العقوبات منع المصارف من استخدام نظام التحويل البنكي "سويفت" بهدف حرمانها من التحويلات المالية الدولية. واتخذت شركات "فيزا" و"ماستركارد" الأميركية لإصدار بطاقات الائتمان إجراءات لمنع المصارف الروسية من استخدام شبكاتها، تطبيقاً للعقوبات، مع وضع حد أقصى للمبالغ التي يمكن للروس إيداعها في البنوك الدولية. واستهدفت العقوبات 70 في المئة من الأسواق المالية الروسية والشركات الكبرى المملوكة للدولة، وسنّت الدول الغربية قوانين لمنع الشركات والحكومة الروسية من الحصول على أموال من الأسواق الدولية، وتمّ تعليق تراخيص التصدير للسلع التي يمكن استخدامها في أغراض مدنية وعسكرية. وأوقفت العقوبات تصدير السلع ذات التقنية العالية، ومنها معدات تكرير النفط، ومنعت الشركات والأفراد من إجراء أي تحويلات مالية مع البنك المركزي الروسي أو وزارة المالية الروسية. وأسس الغرب قوة تابعة للاتحاد الأوروبي تعمل عبر المحيط الأطلسي للبحث عن الأصول الروسية والعمل على تجميدها. ومنع بيع قطع غيار الطائرات للشركات الروسية، وكذلك منع بيع السلع ذات التقنية العالية لروسيا. إضافة إلى عقوبات على شركات الطيران الروسية، إذ أعلنت الدول الغربية، إغلاق مجالها الجوي، وحظر السفن الروسية، مع تعليق عمليات الشحن البحري من روسيا وإليها. ومع بداية العملية العسكرية، جمّدت ألمانيا منح تصاريح لخط "نورد ستريم 2" الروسي المخصص لتصدير الغاز إلى أوروبا، وأقر الاتحاد الأوروبي الحد من بيع الجنسية أو المواطنة باستخدام قانون جواز السفر الذهبي، الذي يسمح لرجال الأعمال الروس بالحصول على جنسية دول أوروبية. وفي الجانب الإعلامي، تم منع قناتي "آر تي" و"سبوتنيك" الروسيتين الحكوميتين من البث على أراضي دول أوروبا، مهما كانت وسيلة البث، وقررت شبكة "فيسبوك" التابعة ل"ميتا" وشبكة "يوتيوب" التابعة ل"غوغل" حرمان القناتين من نشر محتويات روسية في أوروبا، وأعلنت شركة "غوغل" أنّ وسائل الإعلام الممولة من الدولة الروسية لن تكون قادرة بعد اليوم على استثمار أموال على منصاتها. كما أنّ الفرق الرياضية لم تسلم من العقوبات إذ حرمت المنتخبات الوطنية الروسية من المشاركة في البطولات الأوروبية والدولية. وفي يونيو من سنة الماضية، فرض الاتحاد الأوروبي التخلص التدريجي من استيراد النفط الروسي خلال 6 أشهر والمنتجات النفطية خلال 8 أشهر، كذلك، نصّت على فصل نظام "سويفت" عن ثلاث مؤسسات ائتمانية روسية أخرى. وتبعه حظر استيراد أو نقل الذهب والمجوهرات من روسيا إلى دول الاتحاد الأوروبي.