"شر البلية ما يضحك"... فقد تحول الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يقمع الانتفاضة الشعبية في بلاده حيث سقط حتى الآن آلاف القتلى والجرحى، إلى محور التعليقات الساخرة وأشرطة الفيديو المركبة على شبكة الانترنت. وتنتشر على الشبكة العنكبوتية أشرطة فيديو فيها مقتطفات مضحكة وأحيانا غير مفهومة من خطابات العقيد الأخيرة تتراوح بين المرعب والهزلي، بالإضافة إلى رسوم كاريكاتورية ونكات وصور ونعوت للرجل الذي يحكم ليبيا منذ 42 سنة بينها "المريض" أو "المجنون"، أو حتى "الغبي". ومن التعليقات التي يتم تناقلها عبر البريد الالكتروني "التلفزيون الليبي يهدد بإعادة عرض خطاب القذافي مرة أخرى إذا لم يستسلم الثوار"، في إشارة إلى الخطابات التي أدلى بها القذافي منذ بدء الانتفاضة ضده في 17 فبراير والتي وصف فيها المحتجين ب"الجرذان"، و"الجراثيم"، و"متعاطي حبوب الهلوسة". وقد شن القذافي حملة شعواء على المحتجين، متهما إياهم بأنهم "إرهابيون"، ومؤكدا أن الشعب الليبي "يحبني (...) ومستعد للموت من اجلي"، وهو كلام مثير للضحك والمرارة في آن في ظل ما يشهده عدد كبير من المدن الليبية من خروج على سلطة القذافي ومن احتجاجات يستخدم فيها السلاح وبلغ عدد ضحاياها حتى الآن، بحسب منظمة ليبية لحقوق الإنسان، ستة آلاف. على صفحة في موقع التواصل الاجتماعي الالكتروني "فيسبوك"، كتب احدهم "قناة الجزيرة تعتذر عن بث خطاب القذافي حيث أن حقوق الملكية للخطاب مخصصة لقناة "موجة كوميدي"، في إشارة إلى محطة تلفزيونية للبرامج الكوميدية في مصر. وجاء على الصفحة ذاتها أيضا "بعد خطاب القذافي، الجماهير الليبية تهتف: الشعب يريد علاج العبيط"، و"بعد إذاعة خطاب القذافي، الكل يهتف: الشعب يريد تفسير الخطاب"، في استعادة كاريكاتورية لشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي انطلق من مصر ووصل إلى ليبيا وغيرها من الدول العربية التي تشهد احتجاجات شعبية. وفي صفحة بعنوان "الرئيس الليبي معمر القذافي"، حيث التعليقات معظمها موضوعة على لسان العقيد، وبينها "سوف نبدأ الحوار مع الشباب الثائر حالما يزول مفعول حبوب الهلوسة"، و"لا تلوموني على جنوني، فإني لا أتقن شيئا سواه"، و"أنا من صنعت ليبيا وأنا من سأبيدها". ومن تعليقات الصفحة أيضا "من كان منكم يحب القذافي فليرقص، ومن لا يحب القذافي، فهو لا يحب الحياة، وحتما لا يستحقها". وتقدم صفحة أخرى على "فيسبوك"، "جائزة لا تقدر لكل من يعثر على كائن حي أغبى من القذافي". في الوقت ذاته، تعج الشبكة بأشرطة الفيديو المركبة التي شاهدها حتى الآن مئات آلاف الأشخاص. وفي أحد هذه الأشرطة، يظهر القذافي على خلفية موسيقى تصويرية لسلسلة من الرسوم المتحركة مع عنوان "الدكتاتور المجنون"، وينتهي الشريط بسيل من الكلام الحماسي غير المفهوم مع صور حقيقية للقذافي وصوت البطة "دافي داك" أو "ق... دافي". في شريط آخر، يقلد شاب مصري القذافي، مع كوفية على رأسه وعباءة بيضاء ووشاح بنفسجي ونظارتين، ويدلي من داخل مكان يشبه المغارة بخطاب يهاجم فيه العرب، ويضرب على طاولة، ويرفع صوته ويهدد "قد تندمون في يوم لا ينفع فيه الندم... الذي بيته من زجاج لا يرشق غيره بالحجارة...". ولا يوجد معه في المكان إلا دجاجة. وينهي الرجل خطابه بالدعوة إلى "الزحف" و"الثورة"، ويطرق بمطرقته بقوة على طاولة تطير من مكانها ومعها الدجاجة المذعورة. وأعد الممثل الكوميدي الفرنسي جمال دبوز شريط فيديو باللغة الفرنسية بعنوان "الأميرال الإمبراطور الجنرال العقيد صدافي"، في مزج بين اسمي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والقذافي. ويقول صدافي لعشيقته في الفيلم القصير الذي يمكن مشاهدته على موقع "يوتيوب"، ردا على لومها له لأنه لا يحتل العناوين الرئيسية في الصحف، "فعلت كل شيء من أجلك يا حبيبتي: هددت الأممالمتحدة، أرهبت الكومنولث، خططت لإبادتين أو ثلاث تم تنفيذها بشكل جيد، ماذا يمكنني أن افعل أكثر من ذلك؟". ولا يتردد بطل الفيلم في قتل ضباطه خلال اجتماع معهم، احدهم لأنه أبدى ملاحظة على قرار "مهاجمة روسيا"، وثان لأنه نسي تاريخ عيد ميلاد الامبراطور!، وثالث لأنه أنبأه بفشل الهجوم على روسيا. وألهمت الأحداث الجارية في ليبيا المغني الجزائري الشاب رشدي الذي يعد أغنية انتقادية بعنوان "هتلر العرب". على ارض الواقع، يبقى الوضع في ليبيا ابعد ما يكون عن الكوميديا، فيما بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في "جرائم ضد الانسانية" يطال الزعيم الليبي المتحصن في "باب العزيزية" والمصر على القتال "حتى آخر رجل وامرأة". *أ ف ب