بعد استنزاف زراعة البطيخ للفرشة المائية بعدد من الأقاليم المغربية، وصدور قرارات متأخرة تقضي بمنع هذه الزراعات كما هو الشأن بإقليمي طاطا وزاكورة، شرع كبار الفلاحين في الزحف نحو مجالات ترابية جديدة للقيام باستثماراتهم وإنهاك الفرشة المائية بهذه المجالات. ويأتي توسع هذه الزراعة في تخوم المناطق الممنوعة وفي مجالات أخرى، في سياق أزمة مائية يعيشها المغرب، وتزايد التنبيهات من طرف تقارير وطنية ودولية تؤكد على خطورة هذا النوع من الزراعة في البلد الذي يعيش وضعية إجهاد مائي حاد. فبعدما وضعت هذه الزراعة سكان مناطق مثل زاكورة في مواجهة مباشرة مع شبح العطش، وتسببت في خروج احتجاجات متكررة، تسير زراعة البطيخ نحو "تعطيش" سكان مناطق أخرى، خاصة وأن هذه الزراعة تتركز في واحات تتميز بمشكل بنيوي في المياه. هذه الوضعية دفعت نشطاء وسياسيين إلى دق ناقوس الخطر، وتنبيه كل من وزير الداخلية ووزير التجهيز والماء إلى العواقب الوخيمة المنتظرة من استمرار هذه الزراعة بالواحات. فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، وجه سؤالا كتابيا لوزير التجهيز والماء، أبرز فيه أن واحات الجنوب المغربي استبشرت خيرًا بعد اتخاذ الحكومة قرارًا باستثناء دعم الزراعات المُستنزِفة للمياه من الدعم المخصص لمشاريع الري الموضعي، وكذا بعد إصدار عمالتيْ إقليميْ طاطا وزاكورة لقرارات تمنع زراعة البطيخ الأحمر والأصفر وتقنينها بنفوذهما الترابي، لضمان مستلزماتها من مياه الشرب وتأمين المزروعات المعيشية ضد العطش. لكن القرارات السالفة الذكر، يضيف السؤال، خلقت مجالات جديدة لهذه الزراعة، إذ غدت الواحاتُ المتاخمة للحدود الترابية لطاطا مرتعا جديدا للمستثمرين المتخصصين في تلك الزراعة، والذين قاموا بكراء مساحات شاسعة من الأراضي، مع الشروع في تهيئتها وإعدادها قصد زراعة البطيخ الأحمر في كل من جماعات أفلا إغير وتاسريرت وتغجيجت وأداي وغيرها. ونبه السؤال الذي وقعه النائب حسن أومربيط إلى أن هذا التمدد في زراعة البطيخ يأتي في سياق متسم بمعاناة هذه المناطق من الجفاف الحاد وندرة الموارد المائية، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على الأمن المائي والاقتصاد المحلي المعيشي والوضعية الاجتماعية لساكنة الواحات. وأكد البرلماني أن استمرار هذه الزراعة في هذه المناطق سيحد من بلوغ النتائج المرجوة من الإجراءات المتخذة لوقف استنزاف مياه الفرشة المائية، وسيكبح صمود الواحات أمام الظروف المائية الحرجة التي تمر منها، على اعتبار أن العديد من هذه الواحات تشترك الفرشة المائية نفسها في مجالات ترابية تنتمي إداريا لأقاليم متجاورة. وبناء على المخاطر التي تنطوي عليها هذه الوضعية المستجدة، دعا البرلماني وزير التجهيز والنقل إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمنع الزراعات المستنزِفة للمياه في كل المناطق الجافة والشبه الجافة. وإلى جانب فريق التقدم والاشتراكية، دعا فريق "الأصالة والمعاصرة" قبل أيام وزير الداخلية إلى ضبط التجاوزات في استغلال الثروة المائية بإقليمكلميم الناتجة عن زراعة فاكهة البطيخ بنوعيه الأحمر والأصفر. وأبرز الفريق في سؤال كتابي أن العديد من واحات إقليمكلميم تشهد عجزا كبيرا في المياه، وانخفاضا حادا في مستوى المياه الجوفية، فضلا عن نضوب وانخفاض الصبيب بالعديد من العيون المتواجدة بالإقليم، وذلك بسبب توالي سنوات الجفاف وندرة التساقطات المطرية، غير أن أكثر العوامل التي فاقمت هذا الوضع المائي المقلق هو الاستغلال المفرط للفرشة المائية بالمنطقة بفعل انتشار زراعة البطيخ بنوعيه الأحمر والصفر. ومن جملة جماعات الإقليم التي تعاني من هذا الوضع؛ تغجيجت، امتضي، اداي، فاصك، أسرير، تكانت وغيرها وهو ما دفع المجتمع المدني المحلي والساكنة لأن تدق ناقوس الخطر بخصوص فداحة ما تشكله هذه الزراعة على الواحات ومنابع المياه والفرشة المائية بصفة عامة.