شدة وغلظة وقدر غير يسير من الفظاظة في تفريق حفنة من النشطاء ممن أخذتهم الغيرة على أعراض بني جلدتهم من الاطفال جاؤوا لينتصروا لكرامة امتهنت وشرف داسته الاقدام . لم يخرج رد فعل القوات العمومية المبالغ فيه عن دائرة التوقعات ولا كان مفاجئا، فعلى هذا جُبل النظام وزبانيتُه ومن يدور في في التعاطي مع كل ما له صلة بالمؤسسة الملكية من قريب أو من بعيد. وكأني بمن نزلت عصيهم الغليظة على رؤوس المتظاهرين يدفعون عن الملك شبهة الخطأ أو رذيلة الوقوع في المحظور والانزلاق الى الخطيئة. إنها مرة أخرى، عقدة المقدس المسلط على رقاب الناس. واقعة عفو الملك عن مغتصب أطفال مغاربة رفعت الغطاء عن أمور كثيرة معلومة. فهي كشفت عقدة الأجنبي والسعي الى خطب وده واسترضائه ، وازدواجية خطاب بعض المنظمات الأهلية المتاجرة بقضايا الطفولة، وعرت طبيعة النظام المستبدة ودساتيره الممنوحة، وفضحت بؤس الحكومة ، وأكدت ، إن كان الأمر بحاجة الى التأكيد، أن الملك ما زال يجمع بين يديه السلط كافة يتصرف فيها وفق ما تمليه الأهواء من دون حسيب أو رقيب أو مساءلة. المؤسسة الملكية ، الخرساءُ والصماءُ كدأبها، لم تجد ، حتى الآن على الأقل، ما يدفعها الى تعليل قرار جعل المغاربة يبتلعون الإهانة ويتجرعون المرارة. بينما قالت وزارة العدل إن قرار العفو جاء خدمة للمصلحة الوطنية . ذاك عذر أقبحُ من زلة. وأسوءُ من قرار العفو ، المكابرةُ والتنطعُ وعدمُ الإعتذار لمن يهمه الأمر. لم تقدر السلطات على الأرجح رد فعل الشارع، لظنها أن الحراك الذي شهده المغرب تلاشى وتوارى ،، ولاعتقادها أن أسبابه انتفت وزالت ، لذلك تصرفت وهي مطمئنة الى أنه لن يحرك أحد ساكنا فاذا بالحمية تأخذ الناس فانتفضوا مثلما لم ينتفضوا من قبل. على أن الصحوة والهبة الشعبية التي أعقبت قرار العفو وتعبئة القوى الحية في المجتمع، التي استمات النظام في كبت أنفاسها بالعنف والترهيب، زخم يجب أن يستمر وأن لا تخبو جذوتها أو يصيبها وهن أو يتسرب اليها يأس ، ليس فقط لاستنكار مثل هذه القرارات التعسفية التي تسيىء الى كرامة المغاربة بل للاحتجاج على كل ما يقيد حريتهم في التعبير عن رأيهم ويحجرَ على حقهم في العيش تحت سقف الديموقراطية. لا مناصَ إذن من التعجيل بمسلسل الاصلاحات السياسية والسعي حثيثا الى تفعيل فصل السلط وتكريس مبدأ استقلالية القضاء تحت مظلة نظام سياسي يجعل من الارادة الشعبية المصدر الوحيد للسلطة.