وصف محمد السكتاوي، الكاتب العام لمنظمة أمنستي، فرع المغرب، قرار فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والخاص بحالة الصحفي المعتقل سليمان الريسوني، بأنه حاسم، أنهى الجدل حول معتقلي الرأي عموما في المغرب وحالة الريسوني خاصة. وكان السكتاوي يتحدث في مائدة مستديرة، الثلاثاء، نظمتها "الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير" بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط، لتقديم قراءة حول الرأي الصادر عن فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والخاص بحالة الصحفي المعتقل سليمان الريسوني. وخلال معرض تدخله، قال السكتاوي ، إن هذا القرار حاسم لأنه "لم يبق للسلطات المغربية ما تقول اللهم تحريف النقاش عن طريق التصريح بما مفاده أن خبراء هذه الهيئة هم أيضا جانبوا الصواب أو اشتغلوا تحت ضغط لوبيات أو جهات معينة كما نسمع ذالك مرارا". وفي ذات السياق من النقاش وضح السؤول بمنظمة أمنستي قائلا "لا مكان للجدل حول طبيعة اعتقال سليمان الريسوني لأن الأمر حسم على أعلى هيئة أممية ضمن فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي، واليوم وجب النضال من أجل مغرب خالي من معتقلي الرأي والضمير ومن كل من حمل صوته دفاعا عن كرامة هذا الشعب". كلنا في حالة سراح مؤقت وقال السكتاوي إن وجود الصحفيين سليمان الريسوني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين ومعتقلي حراك الريف، والمدونين سعيدة العلمي ورضى بن عثمان وغيرهم الكثير رهن الاعتقال من مدونين وصحفيين، يعني "أننا جميعا في حالة سراح مؤقت، ومن المؤسف أن نقول ذلك ونحن نعيش في مناخ عالمي يعطي، على الأقل، من الناحية النظرية مسألة حقوق الإنسان أولوية. ومن المؤسف كذلك أن نقول أننا نعيش حالة سراح مؤقت في فترة قيل فيها إن المغرب عَبَرَ سنوات الرصاص وخرج من التيه الكبير وصارت له منظومة لحماية حقوق الإنسان"، متسائلا "إذا كنا جميعا في حالة سراح مؤقت، فما هو موقع جمعيتنا ومنظماتنا الحقوقية؟"، ليجيب عن تساؤله قائلا: "إن جمعياتنا ومنظماتنا الحقوقية تحت رحمة سيف دموقليس (في إشارة للأسطورة اليونانية) مربوط بشعرة، ويمكن أن يسقط في أية لحظة على رأس هذه الجمعية أو تلك، وهذا سبق أن حصل ليس فقط بنسبة لبعض المنظمات بل بالنسبة لصحافة المستقلة، أين أخبار اليوم؟ أين نيشان؟ أين دومان؟ أين الجريدة الأولى؟ وغيرهم الكثير من الصحف التي كان ضوئها ينير ظلمة هذا البلد". وفي ذات النهج أكد السكتاوي "نحن نعيش وضعا استثنائيا على مستوى حرية الرأي والتعبير وتنظيم التجمعات وتأسيس الجمعيات والاحتجاج السلمي، ومنظمة أمنستي وضعت هذا الأمر ضمن أولويات نشاطها في السنوات المقبلة بالنسبة للمغرب وكذا شمال إفريقيا والشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن "حق التعبير والرأي هو الحق الأكثر استهدافا في سياسات حكومات المنطقة". وفي ذات السياق قال السكتاوي إن "المغرب يملك أكبر لوجستيك في مجال حقوق الإنسان (من خلال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مندوبية حقوق الإنسان، وزارة حقوق الإنسان التي تظهر أحيانا وتختفي أحيانا، وزارة العدل … ومؤسسات أخرى) ولكن لا نملك من يدافع عن حقوق الإنسان، كل هذه المؤسسات معمولة لتبييض السياسة القمعية للسلطات ولمواجهة المدافعين عن قيم حقوق الإنسان في المغرب وليس الدفاع عنهم وإعطائهم الحيز اللازم لتحرك والنضال". وتساءل السكتاوي "ماذا ستقول هذه المؤسسات وأتباعها من مؤسسات إعلامية الناطقة باسم من يريدون أن لا نرى لحقوق الإنسان مكانة قي المغرب عقب صدور هذا القرار؟"، وأكد بعد ذلك أن "الريسوني اعتقل بسبب أرائه التي كان يعبر عنها في افتتاحيات جريدة أخبار اليوم وغيرها"، مضيفا بأنه لا يعقل أن نرى معتقلين في بعض الصفحات الأولى لبعض المواقع الإعلامية المخدومة وهم عراة، في إشارة كما قال للريسوني، الذي قدم في صورة عارية وهو يغتسل في حمام السجن، وأضاف أن "هذا ليس من باب تحقيره ولكن تحقيرنا جميعا نحن المغاربة". وتوقف المتحدث، من موقعه ككاتب عام لمنظمة أمنستي (فرع المغرب)، عند معايير توصيف اعتقال الريسوني كونه "اعتقالا تعسفيا"، "أولها، سقوط أي أساس قانوني لحرمان شخص من حريته عند انتهاء مدة اعتقاله الإحتياطي يصبح في وضع الاحتجاز التعسفي، وثانيهما، الحرمان من الحرية الناجمة عن ممارسة حرية التعبير أو أي حق أخر من الحقوق المكفولة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وثالثها، عدم الاحترام التام أو الجزئي لمعايير المحاكمة العادلة، ورابعا، إذ كان الحرمان من الحرية قائما على التمييز سواء كان ديني أو توجه سياسي أو عرقي ….". وأكد السكتاوي أن كل هذا المعايير تنطبق على حالة الريسوني كما تنطبق على معتقلي الرأي الأخرين، مشيرا إلى أن "محامو الريسوني في تعليقهم للمحاكمة صرحوا بأنها كانت مذبحة بناء على هذه المعايير". وختم السكتاوي مداخلته قائلا "نحن نعيش ضمن سياق الإجهاز على حرية الرأي والتعبير وتكميم الأفواه، هذه هي السياسة الحقوقية في المغرب، دون الحديث عن باقي الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية"، مشيرا إلى أنهم "كمنظمة أمنستي مع التوصيات التي خرج بها هذا القرار وأهمها إطلاق صراح الريسوني فورا دون قيد أو شرط، وتعويضه، وفتح تحقيق نزيه حول قضيته، وتطبيبه لأنه تم ضربه في عمق سلامته الجسدية والعقلية". بنشمسي: اعتقال الريسوني "انتقام" من صوت مزعج وفي ذات الشأن المتعلق وإرتباطا بموضوع الندوة الصحفية أكد أحمد بنشمسي، مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن تقرير مجموعة العمل الأممية يؤكد فعلا أن اعتقال الريسوني جاء في إطار انتقام الدولة من الأصوات التي تزعجها"، وأضاف بنشمسي أن الاعتقال الاحتياطي في حالة الريسوني دام سنة تحت مبرر جملة واحدة واردة في المحضر "نظرا لخطورة الأفعال وانعدام الضمانات". وأضاف بنشمسي "ننتظر من محكمة النقض أثناء تناولها لملف الصحفي سليمان الريسوني أن تفحص شروط محاكمة هذا الأخير، وتتوصل إلى أن محاكمته كانت محاكمة غير عادلة بالمطلق". وتوقف المتحدث عند التقرير الأخير الذي أصدرته "هيومن رايتس ووتش" بعوان (فيك فيك – دليل أدوات قمع المعارضة في المغرب-)، الذي توصل إلى أننا أمام بيئة قمعية شاملة تستغل أدوات مختلفة لقمع الأصوات المعارضة والحرة. وخلص المتحدث في ذات السياق إلى أن "المحاكمة الغير العادلة شكل من أشكال قمع الأصوات المعارضة، إضافة إلى صحافة التشهير التي تستقي المعطيات بطرق بوليسية وليست صحفية، الكاميرات التي تزرع في بيوت ومكاتب الناس، الاعتداء المباشر، تخويف الأقارب وترهيبهم، استهداف الحياة الخاصة، استهداف الموارد المالية … وغير ذلك الكثير". قنديل: اعتقال الريسوني اعتقال تعسفي من الدرجة الأولى والثانية والثالثة وخلال القراءة المتأنية للرأي الصادر عن فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والخاص بحالة الصحفي المعتقل سليمان الريسوني الذي صدر بتاريخ 10 أكتوبر من هذه السنة، عبر المحامي ميلود قنديل، في تصريح لموقع "لكم"، أن "القرار الأممي هو تتويج لمجهود هيئة دفاع الصحفي سليمان الريسوني". وأكد قنديل، بوصفه عضو هيئة الدفاع عن الريسوني مضيفا أن "ما جاء به القرار الأممي كنا نشرحه أمام المحكمة وضمن كافة أطوار التقاضي سواء أمام قاضي التحقيق أمام المحكمة ابتدائيا واستئنافيا، ولكن لا نتلقى أي رد فعل مع الأسف، والنتيجة أننا الآن نقرأ تقريرا دوليا يصف اعتقال الريسوني بأنه اعتقال تعسفي من الدرجة الأولى والثانية والثالثة"، قائلا "أصبحنا ننتظر من الأجانب أن (يقطروا الشمع علينا)". وأضاف نفس المتحدث "على القضاء أن يرفع حالة الاعتقال الاحتياطي على سليمان الريسوني، ويمتعه بالصراح المؤقت في وضعه الحالي إلى أن يصدر قرار نهائي في الموضوع مع تحفظنا كدفاع بخصوص المتابعة بمجملها". رضى: ملف الريسوني أحيل على لمقرر الأممي الخاص بالتعذيب وفي ذات السياق المرتبط بالموضوع ذاته أكد المدافع عن حقوق الإنسان والخبير القانوني محمد رضى، على أن "هذا القرار هو نصر للحركة الحقوقية المغربية"، مشيرا إلى أن المقرر الأممي قال بأن سليمان الريسوني معتقل اعتقالا تعسفيا من الدرجة الاولى (بدون سند قانوني) والثانية (لأنه مارس حقه الوضعي في حرية التعبير) في إشارة للافتتاحية التي نشرها يومين قبل اعتقاله منتقدا فيها مسؤولين كبار حول تدبير جائحة كورونا، ومن الدرجة الثالثة (انعدام شروط المحاكمة العادلة). وختم عضو هيئة دفاع الصحفي سليمان الريسوني، تصريحه بالقول "إن هذا التقرير الأممي خلص إلى إحالة ملف الريسوني للمقرر الأممي الخاص بالتعذيب نظرا لما تعرض له من تصوير مهين وحاط من الكرامة الإنسانية من داخل المؤسسة السجنية". * صحفي متدرب