أظهرت التجربة النضالية للشباب الأمازيغي المنضوي في إطار تنسيقيات "تاوادا ن إمازيغن" تطورا ملحوظا وحركية هامة راكمت العديد من المكتسبات، والتي من أهمها إبراز الطاقة النضالية الشبابية الكامنة وقدرتها على التنظيم عبر العديد من مدن المغرب، مع ما رافق ذلك من تطوير للأفكار وتوضيح لأساليب العمل النضالي، وتأثير في الرأي العام عبر شعارات واضحة ومنسجمة مع الخيار الديمقراطي العام . ورغم أن شباب توادا عند انطلاقتهم في تنفيذ فكرة الخروج إلى الشارع، مشبعين بروح انتفاضة الربيع الديمقراطي، لم يكونوا مرتبطين بأية جهة تنظيمية جمعوية أو سياسية، إلا أنهم رغم ذلك ظلوا في تنسيق مع مختلف القوى الديمقراطية الأمازيغية، هذا التنسيق الذي لم يكن قط وصاية أو تبعية، بل تنسيقا عقلانيا وميدانيا جعل الكثير من المناضلين من كل الاعمار ينزلون إلى الشارع بدون قبعاتهم الجمعوية أو الحزبية ، بل فقط بقبعة تاوادا، وكان هذا إنجازا كبيرا، حيث اكتشف الجميع بأن من أسباب جمود النضال الميداني والحركي لدى الأمازيغيين الصراعات بين التنظيمات والأشخاص داخل الحركة، والتي شلت تحركات المناضلين وجعلتهم مرتبطين بحزازات وحسابات سابقة. وكان من المنتظر ان جهات كثيرة ستحاول استقطاب تاوادا لصالحها، وظهر ذلك في الشارع في أول تاوادا عندما قام أحد المناضلين بتبني تاودا لنفسه ومحاولة إيهام الصحافة بأنه هو المنظم، مما أثار سخط شباب الحركة آنذاك، لكن المسيرات الموالية جعلت كل واحد يلتزم بمكانه ويساهم من موقعه في الشارع دون مناورات احتوائية. من جانب آخر ظلت السلطة تحاول اختراق تاوادا باستعمال بعض الوجوه المشبوهة التي بذلت جهدا كبيرا في محاولة تشويه شباب تاوادا ونعتهم بأوصاف تنقيصية، وزرع التفرقة بينهم باستعمال الإشاعات والأكاذيب المصطنعة، إلا أن هذا خلق مزيدا من الحذر لدى الشباب وجعلهم يحتوون الوضع دائما بنوع من الحكمة، ولم يزدهم ذلك إلا تماسكا وتضامنا فيما بينهم. هذا يجعلنا نستخلص أمورا كثيرة نسجلها فيما يلي ونؤكد عليها: أن تاوادا ن إمازيغن مكسب نضالي كبير يحافظ على صلة الوصل بين مناضلي الحركة والسكان والفئات الشعبية العريضة وخاصة النساء وفئة التجار والحرفيين، بعدما كانت الحركة الأمازيغية تقوم أساسا على فئات رجال التعليم والطلبة والمحامين، مما سيسمح بتوسيع نسيج المشاركين في أنشطة تاوادا. أن تاوادا يمكن إذا ما تم تطويرها أن تعطي أساليب جديدة في النضال الأمازيغي مستقبلا. أن التوحد والتماسك والتضامن والنقد والنقاش البناء روابط مهمة ضد محاولات الاختراق والتمييع والتفرقة سواء التي تنهجها السلطة أو بعض المناضلين الذين لا يعترفون بنضال ما ولا يرتاحون له إلا إذا كان تحت مضلتهم. أن على شباب تاوادا الحفاظ على علاقة متينة وإيجابية مع كل مكونات الحركة الأمازيغية دون تمييز، وهو ما يحقق الاستقلالية مع التفاعل والتكامل أيضا. أن التكوين الداخلي أمر مهمّ بالنسبة لشباب تاوادا الذين عليهم أن يفكروا لقطع الطريق على المندسين والعدميين الذين يعطون الأولوية للنزاعات الشخصية والصراعات الهامشية أن يفكروا في تنظيم النقاشات المعمقة في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحضور خبراء مختصين، وكذا في مواضيع التخطيط والتقييم ووضع الاستراتيجيات إلخ.. حتى يكون عملهم الميداني والحركي أكثر تأثيرا. أن التشبث بالعلم الأمازيغي في الظروف الراهنة وإبرازه أمر مهم جدا بعد الهجمة الشرسة لرجال الأمن على هذا الرمز الهوياتي الغني بأبعاده ودلالاته.