من المنتظر أن يدخل دستور تونسي جديد يوسع بشكل كبير السلطات الرئاسية حيز التنفيذ بعد استفتاء أجري يوم الاثنين أشار استطلاع للرأي إلى أنه قد نال الموافقة بسهولة ولكن مع نسبة مشاركة منخفضة للغاية. وأطاح الرئيس قيس سعيد بالبرلمان في العام الماضي وانتقل للحكم بمراسيم قائلا إن البلاد بحاجة إلى الإنقاذ بعد سنوات من الشلل. وأعاد كتابة الدستور الشهر الماضي. وقاطعت أحزاب المعارضة الاستفتاء، قائلة إنه يفكك الديمقراطية التي تبنتها تونس بعد ثورة 2011 ويمكن أن يبدأ الانزلاق مجددا نحو الاستبداد. وفي غضون ذلك، تواجه تونس أزمة اقتصادية تلوح في الأفق وتسعى للحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي – وهي قضايا شغلت المواطنين العاديين خلال العام الماضي أكثر بكثير من الأزمة السياسية. وأظهر استطلاع لآراء المشاركين في الاستفتاء أجرته مؤسسة سيجما كونساي أن 92.3 بالمئة من ربع الناخبين المؤهلين الذين شاركوا في الاستفتاء يؤيدون دستور سعيد الجديد. ولا يوجد حد أدنى للمشاركة. وقدرت الهيئة العليا للانتخابات نسبة المشاركة الأولية عند 27.5 بالمئة. وبعد قليل من نشر استطلاع الرأي، توافد المئات من أنصار سعيد على شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة للاحتفال. وهتفوا بشعارات منها "الشعب يريد تطهير البلاد" و"انتهت اللعبة..السيادة للشعب". وقالت نورة بن عياد (46 عاما) والتي كانت مع ابنها وتحمل العلم التونسي "خرجنا لنحتفل. نحن لسنا خايفين من شي…من سيخاف فقط هم الفاسدون والمسؤولون الذين نهبوا الدولة". وقال رجل آخر "الآن وقد أعطيناه تفويضا سياسيا جديدا للتصدي للوبيات السياسية، نطلب من سعيد أن يهتم بوضعنا الاقتصادي والأسعار وتوفير الغذاء بشكل كاف". وقال ائتلاف معارض يضم حزب النهضة الإسلامي، وهو أكبر حزب في البرلمان المنحل، إن سعيد فشل فشلا ذريعا في حشد التأييد الشعبي لما وصفه بالانقلاب وحثه على الاستقالة. ويمنح الدستور الجديد الرئيس سلطة على كل من الحكومة والقضاء كما يزيل القيود على سلطته ويضعف البرلمان. ويقول خصومه إن تحركاته في العام الماضي تشكل انقلابا ورفضوا تحركاته أحادية الجانب لإعادة كتابة الدستور وطرحه للاستفتاء باعتبار ذلك غير قانوني. ومع ذلك، فقد كانت تحركاته الأولية ضد البرلمان تحظى بشعبية كبيرة لدى التونسيين على ما يبدو، حيث تدفق الآلاف إلى الشوارع لدعمه. ولكن في ظل عدم تحقق تقدم يذكر في معالجة المشاكل الاقتصادية، ربما يكون هذا الدعم قد تضاءل. وبلغت أقل نسبة مشاركة في أي انتخابات وطنية منذ ثورة 2011، التي أطلقت شرارة الربيع العربي، 41 بالمئة في عام 2019 للبرلمان الذي حله سعيد. كما شكك معارضو الرئيس في نزاهة التصويت الذي أجرته لجنة انتخابية غَيَّر سعيد مجلس إدارتها هذا العام، وفي وجود عدد أقل من المراقبين المستقلين مقارنة بالانتخابات التونسية السابقة. "أشعر بالإحباط" أشاد سعيد، لدى الإدلاء بصوته يوم الاثنين، بالاستفتاء باعتباره أساس جمهورية جديدة. ولم تعلق الديمقراطيات الغربية، التي كانت تعتبر تونس قصة النجاح الوحيدة للربيع العربي، بعد على الدستور الجديد المقترح، على الرغم من أنها حثت تونس خلال العام الماضي على العودة إلى المسار الديمقراطي. وقالت سامية، بينما كانت جالسة مع زوجها وابنها الصبي على شاطئ في منطقة المرسى بالقرب من العاصمة التونسية، "أشعر بالإحباط منهم جميعا. أفضل الاستمتاع بهذا اليوم الحار (على الشاطئ) على الذهاب للتصويت". وعبر آخرون عن دعمهم لسعيد. وفي مركز الاقتراع الموجود في شارع مرسيليا بوسط تونس العاصمة، كان إلياس مجاهد واقفا في أول الطابور، قائلا إن سعيد هو الأمل الوحيد. وأضاف "أنا هنا في ساعة باكرة للتصويت بنعم وإنقاذ تونس من سنوات الفشل والفساد". ولم تظهر دلائل على حماس قوي في الفترة التي سبقت الاستفتاء، إذ لم تشهد التجمعات التي نظمها أنصار سعيد أو معارضوه سوى حضور متواضع. وقال تونسي يدعى سمير سليمان بينما كان جالسا في مقهى بوسط العاصمة إنه غير مهتم بالتصويت. وأضاف "لن أصوت، أنا غير مهتم ولا أمل لي.. سعيد سيحاول فقط تعزيز صلاحياته ونفوذه". وجعل التراجع الاقتصادي منذ عام 2011 كثيرين يشعرون بالغضب من الأحزاب التي تحكم البلاد منذ الثورة، وبخيبة أمل من النظام السياسي. وتأمل الحكومة في الحصول على قرض قيمته أربعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لكنها تواجه معارضة الاتحادات العمالية للإصلاحات المطلوبة ومنها خفض دعم الوقود والغذاء.