يبدو أن وزير العدل الحالي السيد عبد اللطيف وهبي يسير على منوال سلفه محمد بنعبد القادر ، إذ عمد كل من الوزيرين الى شحذ السكاكين لاغتيال حرية التعبير والرأي، و ابتداع كمامات قانونية تستهدف خنق الحريات والمكتسبات. كانت البداية من خلال مشروع القانون السيء الذكر 22-20 لتكتمل الحلقة مع التصريح الغريب في مجلس المستشارين لوزير العدل الحالي السيد عبد اللطيف وهبي ، الذي توعّد المجتمع المدني بإقرار مشروع يمنع منظمات المجتمع المدني من تقديم شكاوى ضد منتخبين من أجل هذر واختلاس المال العام وإعطاء الصلاحية فقط لوزير الداخلية. تصريح يثير اكثر من تساؤل سواء على مستوى الهدف من وراءه ، أو على مستوى تقويضه لمفهوم المال العام والدور الذي أناطه الدستور لمنظمات المجتمع المدني ، وكذا مسؤوليتها في التصدي للعابثين والمتربصين بالمال العام ، ولا يعير أي اعتبار لنتائجه السياسية وطنيا ودوليا باعتبار الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تنص وبشكل صريح على دور المجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد. السيد الوزير وهو يُرغي ويُزبد ، متوعّدا منظمات المجتمع بمنعها من التبليغ عن الفساد بتقديم شكاوى ضد ناهبي المال العام ، يكون قد كشف عن وجهه الحقيقي بشكل أسرع من المتوقع بإذكائه لبوادر التقهقر التي بدأت تظهر على ملامح المشهد السياسي ببلادناّ على مستوى التصدي للفساد ، بعد أن بادرت الحكومة إلي سحب مشروع القانون المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب والمُتضمّن لمقتضيات تجريم الإثراء غير المشروع ، وذلك في سياق يتسم باستشراء الفساد وتجميد الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة. كان من المفروض على السيد عبد اللطيف وهبي باعتباره وزيرا للعدل أن يجنّد طاقاته لتفعيل أحد بنود ألاستراتيجيه الوطنية لمحاربة الفساد التي تنصّ في الجزء الخاص بتقوية المتابعة والزجر على توسيع وتجويد آليات الإبلاغ والنشر في مجال مكافحة الفساد ، والتي تتحمل وزارته المسؤولية عن تفعيله كمنسقة لهذا المحور، عوض تطويق إمكانيات المساهمة في الحد من هذر المال العام خاصة في بلد مثل المغرب الذي يعرف تفشيا للفساد بشكل نسقي ومزمن يتطلب تعبئة كل الفاعلين ومن ضمنهم بالتأكيد منظمات المجتمع المدني التي تضعها كل المواثيق الدولية كفاعل اساسي في هذا المجال. لقد اعتقد وزير العدل ، ولوحده، إنه بهذا التصريح قد القى بحجر في ماء راكد ، وكشف مستورا بقوله أن هناك من الجمعيات من لا تلتزم بمقتضيات الديمقراطية الداخلية ، واتخذ ذلك ذريعة ومدخلا لخرق كل المقتضيات والتشريعات الوطنية والدولية التي تؤكد على الدور الفعال لمنظمات المجتمع في مكافحة الفساد ، وتجاهل بالإصرار السابق المُصمّم على أن نجاح الحكومة الحالية رهين بمكافحة الفساد ووقف هدر المال العام والحد من اقتصاد الريع ومحاربة التهرب الضريبي وربط المسؤولية بالمحاسبة.