الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أخبار الساحة    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرح مغربي بأبيض وأسود....
نشر في لكم يوم 26 - 03 - 2022

ترميم مسار وهوية وقْعٍ وايقاع وحِفظ شاهدٍ ومشهدٍ حتى لا يطويه جدل زمن ومجتمع وما قد يحصل من طمس ونسيان وشرخ، هو هاجس ما ترومه سِيَر ذَّاتٍ عموما سِير فنانين مسرحيين سينمائيين خاصة، والتي ليست سوى صرخة سفر وبوح وتأمل ونداء. ولعل بقدر ما سِيَر الذات تأسيس لعالم ما وحلم وأفق ما، بقدر ما هي نبش وبسط عبر ما يتم عرضه حول محطات تجارب حياة. وغير خاف عن مهتمين كون السِيَر بمعنى من المعاني هي فضاء رحلات وجود وقراءات على وقع مجهر، ومن ثمة نصوص بدرجة أهمية وأثر صوب ما ينبغي من تلاقح طبائع وهوية مسارات ورؤى، يسجل أنها لا تزال بخجل تعبيراً وإلتفاتا وإنصاتا. ذلك أنه بقدر ما يحكم حال وأحوال وسياقات هذه السِّير على تباين نهجها، بقدر ما من شأن كائنها على ندرته أن يكون بدور رافع بين ما هو ميكرو وماكرو في علاقة بين سلف وخلف. ما قد يحصل معه من فهم أهَم لتحولات جمع ومجتمع وايقاع سيرورة دهنيات وعقليات وظواهر انسانية، عبر تقاطع مؤشر زمن فرد مع مؤشر زمن محيط. ولا شك أن ذاكرة أعلام الفن من مسرحين وسينمائيين، مداخل هامة لإغناء أثاث علاقة مسرح بسينما، فقد استفادت واستعانت هذه الأخيرة في نشأتها بتجارب ممثلين مسرحيين كبار كما يذكر"ادغار موران" السسيولوجي الفرنسي، الذي أطر يوما افتتاح مهرجان طنجة الوطني للسينما المغربية، وترأس لجنة تحكيم دورة 2012 فكان بما كان عليه من إثارة وردود فعل ونظر وجدل.
اشارات ارتأينا أنها ذات أهمية، من اجل ورقة بمختصر اشارات فقط حول قيمة سِيَر اعلام ثقافة عموما وذاكرة فن وابداع ومبدعين هنا وهناك ومنهم مسرحيين وسينمائيين، تجاه ما ينبغي من تلاقح نهج ووعي وتجارب فضلا عن السؤال عما ينبغي أن يطبع نقاش وانشغال هؤلاء على تباين مساراتهم وقناعاتهم، كذا ما ينبغي أن يشغل بال نقاد ومخرجين وممثلين ومصورين وتقنيين ومهتمين، في شأن قضايا المجال الكبرى من قبيل واقعية تيماتٍ ودرجة طرح وطروحات وطبيعة كتابة ونصوص وتخصصات ونجاعة وفرجة وتشارك وتجويد، ومن ثمة قيمة انتاج وفعل وتفاعل ومقامات ملتقيات. ناهيك عن سؤال بداياتٍ وحالٍ وانتظارات ومجازفات واثارات وردود. دون قفز طبعا عن سؤال وعاء خزانة فنية حول سِير مسرحيين وسينمائيين مغاربة، يسجل أنه رغم ما هو عليه من اضافات تخص المجال، هناك بياضات لا تزال بحاجة لمزيد من بادرة وشجاعة أدبية في أفق جمع شتات إرث جمعي رمزي وايقاع تجارب فاعلين، من شأنها ابراز وفرز خطوط تحرير وطبيعة مسارات ومن ثمة ما ينبغي من تنوير وحفز على أساس ماض واسهامات أعلام ماض.
والى حين ما ينبغي من أفق وسير ذاتٍ مغربية أوسع مع إقبال معبر على قراءة تجارب فاعلين سينمائيين مغاربة هنا وهناك، وفق ما ينبغي من وعي وتوثيق وجسور وصْل بين وقع ماض مسرحي وسينمائي مغربي وطبيعة حاضر ورهان مستقبل. الى حين هذا وذاك ارتأت تازة من خلال علامة رصينة عن فعلها الجمعوي"نادي المسرح والسينما"، ذلك الذي ارتبط اسمه منذ سنوات بتقليد سينمائي وطني سنوي موسوم ب: "سينما الهواء الطلق". ارتأت تازة المثقف والثقافة والمسرح والسينما احتفاء ربيعيا تثمينا وحضنا وانصاتا لسيرة ذاتٍ ابداعية سينمائية متميزة، موسومة ب "بالأبيض والأسود" لمؤلفها الفنان الممثل القدير نور الدين بنكيران. احتفاء وحفل جاء إعلانا من نادي المسرح والسينما بتازة عن افتتاح موسمه الثقافي لهذه السنة إعداداً منه واستعداداً للاحتفاء بذاته وكيانه وأحلامه كذا بمرور عقدٍ من زمن فعله وتفاعله وعطاءه وتميز اشعاعه.
ولعل ضيف احتفاء تازة هذا ليس بغريب وَقْع، فهو نص شامخ يجمع صفحات نصف قرن من جذب وتجاذب في شعاب الدراما المغربية، وهو نص شامخ أيضا يعكس زمن ومسار مبدعٍ ممثل مقتدر زاوج بين أب فنون وفن سابع منذ مطلع سبعينات القرن الماضي ولا يزال، ما جعله بهيبة تجربة وطبع تعبير وأداء ومن ثمة هوية. ذلك أنه عايش كل الطيف ودروب المجال هنا وهناك، وعليه ما طبعه من تأثر وتأثير وأخذ وعطاء ونماء وعي وقدرة وكفاية تمرس، فضلا عن حس درامي جمع بين فعل وممارسة لعقود من الزمن وبين تأليف مسرحي واخراج وكتابةِ قصة وسناريو وبادرة أدبية مؤثثة. كل هذا وذاك ضمن تشارك وتدافع معاً هنا وهناك، لا شك أنهما سُبلاً كانا بأثر في تجربة وخبرة ومن ثمة ما هو عليه من رمزية ومهنية وصنعة.
هكذا بنفَسِ نشأة وتنشئة قل نظيرها هو مسار الفنان نور الدين بنكيران، وهكذا بإرادة ذاتٍ وروح قل نظيرها أبان هذا الأخير عن قوة شخصية فنية بلغت ما بلغت من تميز وهيبة وتفرد وبصمة في حقل مسرح وسينما معاً محليا وطنيا وعربيا. وهكذا بقيم أدبٍ درامي ابداعي قل نظيره كانت تجربة الرجل قدوة جيلٍ بل مرجعا بقدر هام من الأثر والفضل لفائدة ناشئة درب، وهكذا ايضا ما طبع مساره من عقيدة انتماء وعمل وحلم وورش، كذا من اخلاص أولا لأثاث مسقط رأس ظل دوما عنوان تعبيره وحنينه اينما حل وارتحل، وثانيا لصورة ماض ورفقة وفسيفساء تنشئة فضلاً عن صدق خيار وقناعة ابداع من اجل ابداع لا غير.
في"بالأبيض والأسود" عنوان سيرة فنان صدرت مؤخرا عن دار النشر"سوماكرام" بالدار البيضاء في طبعة أولى، في "بالأبيض والأسود" هذا النص الذاتي الذي جاء بحوالي ثلاثمائة صفحة، كان بوح استُهل بقول حول جدل متاهات وكائن ايام ودوران زمن، معرجا عما يطبع مفهوم زمن من ذكاء يجعله الأقوى والآخر الأضعف، فضلا عما أثار قول الرجل في مستهل جذبة سيرته الذاتية من تهافت وتخبط وخيال واستقواء لا يغدو مجرد وهم، ارتآه هيهات فحسب وليس الا هيهات بين أمس ويوم مآلها أصل لا غير. صرخات وخرجات وخطوات وبيوتات وبدايات وحال وأحوال ورحلات وفصول ومساحة حنين وغربة، كذا تيه وزقاقات وجرح وخيبات ضن ومضْيِ زمن ولون ورقص على شوك، كل هذا وذاك مشاهد ذكرى هائمٍ هي سيرة ذات فنان مسرحي سينمائي مغربي تازي شامخ، سيرة بنبض هوية ارتآى الهائم لسفريتها وعودها ودليل مقامها لغز غربةٍ وشوق رحمة. هكذا تبسط سيرة ذاتِ الفنان نور الدين بنكيران، لذاكرة ولتشعب تجربة ولشجون وتماسات وبدايات ومسافات على امتداد نصف قرن من الزمن ، وفي بسطه يحضر القمر وتحضر قصة خيوط دخان وموج بحر ومولد حلم ونشأة وفعل ومنعطفات وشدو ونَزْل فصول.
ولعل الفنان نور الدين بنكيران الذي ارتأى نادي المسرح والسينما بتازة، إلا أن يؤثث له احتفاء يليق بمقامه الفني وعظمة مساره، تثمينا منه واعتبارا لمقام مبدع فنان أنيق شامخ وحضنا منه أيضا لإسم من أسماء دراما المغرب، يستحق ما ينبغي من إلتفات وانصات ووقفة تأمل. ولعل نور الدين بنكيران مَعْلمَة وعلامة فنية في سماء مسرح وسينما المغرب، بل واحدا من أعلام هاذين المجالين التي تبلورت على ايقاع نصف قرن من التفاعل. إسم فسيفسائي وفنان بكل ما في القصة وللكلمة من معنى، لِما يتملكه من طاقة فعلٍ درامي وارادة وعزيمة قل نظيرها وقد ظهرت جلية فيما أسندت له من مهمات وأدوار ضمن أعمال تلفزيونية وسينمائية عدة مغربية وعربية رفيعة، لعلها وغيرها سُبلا وتدافعات شكلت مجتمعة روافد مدرسة فنية حقيقية قائمة، جعلته بما هو عليه من تجربة وخبرة وموقع فني وكاريزما مشهود له بها.
يذكر أن آخر أعمال هذا الممثل والمخرج والكاتب والفنان السينمائية، عنوان موسوم ب "الهايم"، وهو عمل درامي كان مخرجه ومؤلف نصه الذي جمع بين جدل نسيان وانسانية انسان. عمل درامي رفيع توزعت مشاهده على مواقع أطلس تازة حيث ما هو أدغال وعلو وجبل وثلج وشلال وأودية، ناهيك عن عمران بيئة محيط أصيل كما قصبة امسون. "الهايم" الذي كان بأثاث طاقات سينمائية ادهشت ما ادهشت في عرض افتتاحي أول له ذات يوم في احدى دورات مهرجان سينما الهواء الطلق الأخيرة بتازة، ذلك التقليد الذي ينظمه نادي المسرح والسينما ودأب عليه جمهور المدينة ربيع كل سنة منذ عدة سنوات. دورة مهرجان وعرض أول افتتاحي لشريط "الهايم"، كانت قد حضرته وأشادت به أسماء سينمائية مغربية رفيعة من قبيل فاطمة بوبكًدي مخرجة سلسلة"رمانة وبرطال"، المبدعة المغربية التي نجحت في جعل تراث البلاد الرمزي بمساحة وقوة فرجة غير مسبوقة في تاريخ دراما المغرب وبلاد المغارب والعالم العربي، ناهيك عن نقاد سينمائيين ممن يُشهد لهم بتكوينهم ورصانتهم وتملكهم وتتبعهم للمجال.
جدير بالاشارة الى أن مخرج"الهايم" المحتفى بسيرته الذاتية ضمن فعاليات ربيع نادي المسرح والسينما بتازة لهذا المرسم، عضو في الفدرالية الدولية للممثلين وفي النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، كان قد انفتح على عالم التمثيل منذ سبعينات القرن الماضي عبر عشرات الأعمال الدرامية مع مساحة واسعة من مخرجين مغاربة واجانب كبار، فضلا عن اسهامات دولية درامية بكل من تونس والأردن ومصر والعراق وغيرها. ونور الدين بن كيران قامة فنية بتفرد وزخم وسمو وطافة فعل وتفاعل على امتداد عقود، جَمعٍ عبرها بين ممارسة وتأليف واخراج وكتابةِ وسناريو…، ما اسعفه في بلورة ورش واعد منذ بضع سنوات. وعليه، ما بلغه من اسهامات واضافات اغنت نصوصها حقل الأدب المسرحي والسينمائي ، منها ما شكل جسرا لحضور مغربي في مواعيد عدة وطنية ودولية.
يذكر أن في كيان هذا الفنان عشق حتى النخاع للفن والثقافة عموما وللمسرح خاصة منذ سبعينات القرن الماضي، ما ارتبط به في مسقط رأسه تازة كواحدة من قلاع مسرح مغربي مكافح. وفي رصيده وجعبته أيضا أزيد من خمسين عملا مسرحيا، وهو من اعضاء فرقة اللواء المسرحي بالمدينة نفسها باعتبارها فرقته الأم، أسس نهاية ثمانينات القرن الماضي جمعية الكوميديا وفي أواسط تسعيناته أسس رفقة دربه فرقة المسرح البلدي التي ترأسها لحوالي عقدين من الزمن، وهي اطار جمعوي درامي تازي سمح له من خلال جملة اعمال مسرحية بتقديم عروض عبر عدة مدن مغربية ودول عربية، فحصل على ما حصل ونال ما نال من جوائز وتقديرات وطنية ودولية في المجال، تلك التي شملت ما هو تأليف وتمثيل واخراج وسينوغرافيا…
وكان الفنان نور الدين بن كيران قد اختير كأحسن ممثل لعمل مشترك مغربي تونسي أواخر ثمانينات القرن الماضي، كما شارك في عديد أعمال ونصوص الدكتور عبد الكريم برشيد المسرحية بعدة محطات عربية، حاز فيها على جوائز عدة تخص ما هو تشخيص وتأليف واخراج. له فيلمين قصيرين متميزين فيلم "الهايم" الذي تم تصويرة كما سبقت الاشارة في مدينة تازة وجرسيف مع نخبة فنانين وفنانات، وقد حازت التجربة على جوائز وطنية ودولية عدة، وأما الثاني فهو "رقص على الأشواك" وقد تم تصويره بجماعة عين الشعير اقليم فكًيكً نواحي مدينة بوعرفة، وهو من انتاج المرحوم عبد الله بعزيز اخراج نورالدين بن كيران تشخيص نخبة مبدعين ومبدعات. وقد حضر عددا من الملتقيات والمهرجانات كعضو لجنة تحكيم وكمدير فني وكعضو منظم، له جملة اصدارات أدبية فنية درامية منها ما تم توقيعها في تظاهرات وطنية ودولية. ومن نصيب كتاباته عددا من المسرحات منها مسرحية:"المنسية" التي رأت النور على خشبة المسرح المغربي مؤخرا، وهي من اخراج الفنان عبد الرحيم النسناسي وتشخيص الفنانة امنة البطاش، كذا مسرحية "عيشة كونتيسا" اخراج الفنان المتميز سعيد غزالة ومسرحية "دار الرضواني" اخراج الفنان يوسف الساسي وتشخيص فرقة الفضاء المسرحي بمدينة القنيطرة.
والفنان نور الدين بنكران يرتبط بأعمال مسرحية عدة كممثل، منها على سبيل الذكر مسرحية"مونامي" تأليف الأستاذ ادريس طيطي واخراج المبدع سعيد غزالة، مسرحية "ضجر" من تأليف واخراج المبدع عبد الرحمن بن دحو، مسرحية "الحكرة" من تأليف الأستاذة بديعة الراضي واخراج المبدع محمد الزيات. وغير خاف عن مهتم متتبع أن للفنان حضور في عدد من المسلسلات التلفزية المغربية على امتداد سنوات، آخرها مسلسل "دار السلعة" من اخرج المبدع محمد مونة، ومسلسل "الغريبة" من اخراج المبدعة جميلة البرجي، ومسلسل "باب البحر" من اخراج المبدع شوقي العوفير، ومسلسل "سلمات ابو البنات" من اخراج المبدع هشام الجباري، فضلا عن فيلم وثائقي بعنوان "عبق من تراث" من انتاج القناة الأولى المغربية.
ولعل من المفيد الاشارة الى أن مسرحية"المنسية" للفنان نور الدين بن كيران، تمثل المغرب رسميا في سماء المهرجان الدولي للمنودراما قرطاج بتونس خلال ربيع هذه السنة. علما أن ادارة المهرجان الدولي للمنودراما بقرطاج توصلت بحوالي مائة عمل مسرحي من كافة دول العالم، ليتم انتقاء واحد وثلاثين عملا فقط منها للمشاركة في المسابقة الشرفية، كذا أربعة عشرة عملا فقط للمسابقة الرسمية منها المسرحية المغربية الموسومة ب"المنسية". وهي عمل درامي من تأليف الأستاذ نورالدين بن كيران سينوغرافيا واخراج الأستاذ عبد الرحيم النسناسي تشخيص الفنانة أمينة بطاش تقديم وعرض وتشخيص فرقة القناع الأزرق للمسرح والثقافة بالجديدة، وهي من قلاع الدراما المغربية التي يعود تأسسها لنهاية ثمانينات القرن الماضي والتي توجد على ايقاع هام من اسهامات وتراكمات رفيعة، بقيادة وإدارة عبد الرحيم النسناسي أحد رواد ومخرجي المسرح الفردي والجماعي المتميزين. مع اهمية الاشارة هنا لما يطبع هذه الفرقة التي يرتبط بها الفنان نور الدين بنكيران من اشعاع وتفاعل، لِما قدمته من عروض سواء داخل المغرب أو خارجه كما في الجزائر وتونس ولبنان وفرنسا والمانيا واليابان وبلجيكا واسبانيا وغيرها..
يبقى أنه يسجل ختاما لنادي المسرح والسينما بتازة ولربيع موسمه الثقافي لهذه السنة، أنه كان في الموعد مع بصمة فنية مسرحية سينمائية مغربية وعربية رفيعة مقاما ومسارا وخطوة وموهبة. اسم بقدر كبير من غنى نفس وانسانية انسان عن زمن نبوغ ومدارس دراما، كانت بما كانت عليه من أثاث وتأثيث وفرجة ونبل. ولا شك أن الاحتفاء بسيرة الفنان نور الدين بنكيران في مسقط رأسه تازة هو بوقع وجداني خاص، كذا بعميق دلالة واعتبار وحضن وجميل اعتراف وحفز، لِما للمدينة في كيان الرجل وبخاصة منها العتيقة كدروب وأزقة ومشور وأبواب ومعالم وأعلام وأحبة ومخيال، من وقع ملأ تدفقات سيرته الذاتية، التي بقدر ما تستحق تنويها ووقفة اجلال لشجاعتها الأدبية، بقدر ما تعد قيمة مضافة بقدر عال من الأهمية لخزانة تازة والمغرب المسرحية معاً. ونعتقد أن سيرة الفنان نور الدين بنكيران ومن خلالها سِيَر ذاتِ فنانين مسرحيين وسينمائيين، هي مكامن تجارب وهويات زاخرة بمخزون تمثلات واحالات وتجليات رافعة، من أجل جسور تلاقح بين سلف وخلف صوب ما ينبغي من نماء ومعان وتخصيب على أساس ما هناك من ارث. ولعل سيَرُ السَّلف بقدر هام من الأهمية كموارد زمن جمعي رمزي، ذلك أن ما تحتويه من اشارات ومشهد فيه من نبض ما هو داعم لنفَس استمرارية وابداع واشعاع وموقع ونوع في دراما المغرب، تلك التي كانت دوما بأزمنة ونبل رسالة ونهج وسبل تعبير وعلامات.
مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.