هذا العيد ها قد عاد إنه "سان فالينتاين" الذي أصبح الغرب يحتفي به بشكلً مبالغ فيه والذي نسِمه ونسمّيه ب : "عيد الحبّ" تتبنىّ المراجع والمواقع الكاثوليكية بشأنه رواية مفادها أن جريمة " سان فالينتاين" كانت إقدامه على تزويج العشاق المسيحييّن، مخالفاً بذلك تعليمات الامبراطور الروماني ماركوس أوريليوس فاليريوس كلوديوس الثاني، الذي منع الزواج لاعتقاده أنه كان السّبب وراء عزوف الشباب وهروبهم من أداء الخدمة العسكرية. كما جاء في رواية أخرى أن"سان فالينتاين" نقل سرّاً رسائل العشّاق بين المسيحيين في السّجن. ويقال إنه قبيل إعدامه، ترك رسالة لامرأة شابة ذيَّلها بعبارة "من فالنتاين"، وهي اللفتة أو السّمة التي يُشار إليها فى العالم المعاصر الذي استوحى منها هذا التقليد عادة إهداء البطاقات والهدايا للمحبّين من كلّ نوع في هذه المناسبة بالذات التي حُصرت فى الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام . في النّسيب والتشبيب نعود مع هذا العيد السعيد إلى ماضينا الغابر،وزمننا الزاهر،لننبش فى دهاليز وخلاليا أذهاننا ونسترجع نصب أعيننا، وحيال نظرنا أقاصيص العاشقين، وحكايات الوالهين، وأشعار المتيّمين، هوىً وجوىً و حبّاً وصبابة ، وفى لمحٍ من البصر أو فى رمشة عين تطوف بخيالاتنا وتصول وتجول وتدور في خلدنا أسماء عالقة وباسقة لاصقة بذاكراتنا الوَهنة ضربت شهرتها الأطناب في نعيم العِشق، ودروب والتيم والهُيام ، ممّا قاد بعضهم إلى مزالق الجنون ، ومهالك التيه والظنون، و رمى بهم فى أتون متاهات الجنون، وعوالم المجون والفنون، فمنذ معلقاتنا الشعرية العصماء البعيدة عنّا اليوم زماناً ومكاناً التي كانت تُكتب بماء الذهب الإبريز، وتُعلّق على جدران الكعبة،حيث نجد شعراءنا النوابغ يبكون، وينوحون، ويتألمون، وينتحبون، ويصدحون، ويتغزّلون فيها نسيباً رقيقاً ، وتشبيباً رشيقاً ، إعجاباً بمحبوباتهم، ومعشوقاتهم، ويتغنّون بأطلالهم الدارسة،البالية، المتهالكة .!. فهذا فارس بني عبس عنترة بن شدّاد يسائل خليلته عبلة متباهياً بشجاعته،وجرأته، ونخوته، وشهامته، وإقدامه : هلاّ سَألتِ الخيلَ يا ابنة مالكٍ، إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلم، يُخبرْكِ مَن شهد الوقيعة أنني أغشى الوغىَ وأعفّ عند المَغنم..، إنه يخبرها كيف يغشي ساحة الوغىَ، ويعفّ عند المغانم،إنه يحدّثها بتذكيره لها والرّماح نواهل عليه، وبيضُ القنا يقطر من دمه، وكيف ودد تقبيلَ السيّوف لأنّها لمعت كبارقِ ثغرها المُتسّم.! وهذا عمرو بن كلثوم التغلبي يناشدُ خليلته بأنْ: هبّيِ بصحنكِ واصبحينا، ولا تبقي خمورَ الأندرينا. وهذا طرفة بن العبد، الشاعر المأسوف على شبابه، المنكود الطالع الذي يذكّرنا بأطلال خليلته خولة ببرقة ثمهد، والتي أصبحت تلوح له كباقي الوَشم في ظاهر اليدِ. وهذا امرؤ القيس الكِندي يذكّرنا بليله السّديم الذي أرخىَ عليه سدوله كأمواج البحر ليبتليه بأنواع الهموم، ويعاتب خليلته: أفاطمَ مهلاً بعضَ هذا التدلل، وإن كنتِ قد أزمعتِ صرمي فَأَجْمِلِي.. أغَرَّكِ مِنِّي أن حُبَّكِ قَاتِلِي، وأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ؟ فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَة، عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي. وهذا جميل بثينة الذي يحلف لخليلته بربّ الرّاقصات إلى مِنىً.. هُوِيَ القطا يجتزنَ بطنَ دفين، لقد ظنّ هذا القلبُ أن ليس لاقياً.. سليمىَ ولا أمّ الحسين لحين، وهو يعدها أن لو أرسلت في طلب يمينه لأعطاها ما جاء يبغي رسولها، ويقول لها بعد اليمين: سليني، سليني مالي يا سليمىَ فإنما يُبيّنُ عند المال كلّ ضَنين ،وهذا قيس بن الملوّح المجنون حبّاً يتذكّر خليلته ليلى وهو يخبرنا عن عشقه لها منذ نعومة أظفاره فيقول : تعَلَّقتُ لَيْلَى وهْيَ غِرٌّ صَغِيرَةٌ , ولم يَبْدُ لِلأترابِ من ثَدْيها حَجْمُ. صَغِيرَيْنِ نَرْعَى البَهْمَ يا لَيْتَ أنَّنَا, إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمُ..ويبكي بكاءً مريراً عن سرب القطا إذ مررن به فيقول : بكيت على سرب القطا اذ مررن بي...فقلت ومثلي بالبكاء جديرُ ...أسرب القطا هل من مُعيرٍ جناحهُ...لعلّي إلى منقد هويتُ أطيرُ ..! وهذا عمر بن أبي ربيعة في جولاته، وصولاته، خلسةً في جُنح الليالي الحالكات عند حبيبته ولم يعرف الواشون ما كان بينهما، والهوىَ يتكلّم عن..، ووو... بعد ذلك، جاء العديد من الشّعراء المحبّون المتيّمون، فنجد شاعراً عاشقاً ولهاناً يقول: أشارتْ بطرفِ العيْنِ خيفةَ أهلها / إشارةَ مَحزونٍ ولم تتكلّمِ فأيقنتُ أن الطرفَ قد قال مَرْحبَا / وأهلاً وسهلاً بالحبيبِ المتيّمِ. وجاء بعد ذلك آخرون ممّا يُعدّ ولا يُحصىَ من الشّعراء، نذكر منهم أبا تمّام الطائي الذي يقول في بيتيْه الشّهيرين: نقّلْ فؤادَك حيث شئتَ من الهوىَ / ما الحبُّ إلاّ للحبيبِ الأوّل كمْ منزلٍ في الأرض يألفهُ الفتىَ / وحنينُه أبداً لأوّلِ منزل. وهناك العديد من القصص، والحكايات، والروايات، والأشعار والآهات التي يحفل بها أدبنا العربي التليد منذ فجر التاريخ، وهي حكايات تنخلع لها الأنفس، وتخفق لها القلوب، وتحمرّ بها الوجنتان، وتتغيّر معها الطباع، وتطول بسببها الليالي، وتحتدّ لها نوبات الأرق، وتزيد بها نبضات القلوب، ويتفاقم التنهيد والتسهيد، ويحلو ويروق بها ولها السّمر والسّهر. الحبّ جُرحٌ في الرّوح.. الأديبة الأردنية الصديقة الدكتورة رزان إبراهيم، أستاذة النقد الأدبي بجامعة البتراء الأردنية، قد كانت قد كتبت في هذا الصّدد فقرات عميقة تدعو للتأمّل وإعمال النظر جاء فيها: "أنا أكره الحبّ.. إنه جرح في الرّوح.. خلافاً للفيلسوف الفرنسي المعروف آلان باديو في كتابه مديح الحب، نجد فقرة مطولة للرّوائي نايل غايمان، أقتطع منها ما يدلل على رأي جدير بالتأمل فيما عدّه كثيرون المحّرك الأقوى للأدب شعره ونثره. يقول نايل غايمان: (هل سبق لك أن وقعتَ في الحبّ؟ إنه أمر مُرعب، أليس كذلك؟ إنه يجعلك بالغ الهشاشة. يفتح صدرَك ثم يشقّ قلبَك، وهو يعني أن أحداً يستطيع أن يخترقك ويقلبك رأساً على عقب). ويتابع: (الحبّ يأخذ رهائن. إنه يتوغّل فيك. هو يلتهمك ويتركك باكياً في الظلام... إنه جُرحٌ في الرّوح، إنه ألم حقيقي يخترقك ويمزّقك أشلاء. أنا أكره الحب)". الحبّ إحساس عارم .. وكتب الأديب الصديق مصطفى بودغية تعليقاً طريفاً حول هذا الموضوع، يقول فيه: "رغم أن شِعرَنا يكاد يختنق بقصائد الحبّ والغزل، والمناجاة، والوصل، والهجر منذ أوّل شاعر جاهلي إلى آخر قصيدة نثرية، إلاّ أن حياتنا الجماعية تفتقر كثيراً للحبّ، لا نعبّر عن "حب"نا في الغالب الأعمّ، بل نعتبر التعبير عن الحبّ ضعفاً، كما أننا لا نسعى إلى توسيع مداركنا حول هذا الشّعور الإنساني النبيل، وكثيراً ما نستهزئ بالحبّ والمحبين، أو نشكّ في نواياهم، وكثيرون يفهمون "الحبّ" على أنه "امتلاك" للمحبوب وسيطرة مطلقة عليه، وتشكيك مستمر في مدى إخلاصه".
ويضيف الكاتب: "الحبّ إحساس كوني إنساني ونبيل، لا يهمّ باسم مَنْ يتمّ إحياء يوم عالمي للحبّ احتفاءً به، سواء كان القدّيس فالانتين أو الوليّ الصّالح ع.الرحمن. الذي يهمّ هو أن اهتمامنا بالحبّ وتنمية هذا الاهتمام وإشاعته هو تقليص لمنسوب "العدوانية" و"الكراهية" فينا، وليس عيباً أن نحتفل به مع شعوب أخرى مختلفة، لأننا خُلقنا لنتعارف، والحبّ هو عنوان التعارف. قد يتبادر إلى ذهن البعض أن الحبّ يعني ذلك "اللقاء" السرّي بين يافع ويافعة أو بين شاب وشابة، والحقيقة أن الحبّ أشمل، وأعمق من ذلك، فمن لا يفتح قلبه حبّاً لكلّ الناس، ولا يحبّ الخيرَ للناس، ولا يحبّ الوطن، والقضايا العادلة للإنسان، لن يستطيع أن يحبّ شريكة حياته، لن يستطيع أن يحبّ المرأة، ولن يستطيع أن ينمّي حبّه لها ويغذّيه بمشاعر لا تفترّ، الحب مفهوم شامل لا يقبل التجزئة والتقسيط، إما يكون أو لا يكون. إن الذين يستهزؤون ب"الحبّ" وبعيد الحبّ، إنّما يعبّرون عن جهلهم بالتكوين النفسي للإنسان، وأن الدعوة لسيادة الحبّ في العالم بين الشعوب، هي دعوة لسدّ الطريق على "دعاة" الحروب، وإراقة الدماء، "دعاة" الكراهية والعدوانية، إن الحبّ دعوة لانفتاح ثقافات الشعوب على بعضها البعض لكسر الانغلاق المريب للهويّات العمياء المتوحشة القاتلة". في الألفة والتّيم والمتيّمين هذه المواضيع التي تدخل في صلب الإحساس العاطفي العارم الذي كان الأقدمون ينعتونه بمسميّاتٍ جميلة مثل الغزل، أو النسيب، أو التشبيب، ومنه العذري والإباحي، إنها مواضيع على الرّغم من مرور الزمن، وانسياب السنين ما فتئت على أيامنا الغارقة في الماديات الصمّاء، والتكنولوجيات المتطوِّرة والمُحيّرة تُحيي الرُّوحَ، وتجذل القلبَ، وتُنعش الوجدانَ، وتشدّ الكيان، والتي كان لها حضور قويّ في تراثنا العربي بشكلٍ عام، والأندلسي القديم على وجه الخصوص.إننا واجدون في هذا التراث الزاخر كتاباً شهيراً فريداً في بابه، يُعتبر من أروع ما وُضع في هذا الموضوع للعلاّمة الكبير، والفقيه الجهبذ، والشّاعر الفذّ أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، ممثّلاً في مؤلّفه ذائع الصّيت "طوق الحمامة في الألفة والألاّف"، وهو كتاب حول تباريح الحبّ والهوىَ، وعذابات التّيم، والعِشق، والجوىَ في الأندلس الفيحاء، ولقد أصبح هذا المؤلَّف بدون منازع من بين أشهر كتب التراث التي وُضعت في الأصقاع الأندلسية خلال عهودها الزاهرة، وقد تناول فيه واضعُه موضوع الحبّ وما تعتري صاحبَه من ظواهر الانفعال، والتغيير الذي تغشاه، وتأخذ بمجامع أصحاب التّيم، وأرباب الهيام، ومعروف لدى القاصي والداني مدى التأثير البليغ، والأثر العميق اللذيْن أحدثهما هذا الكتاب في آداب القرون الوسطى، سواء عند العرب أو في العالم الغربي على حدّ سواء، كما يُعتبر هذا الكتاب من أطرف المواضيع الأدبية في عالم الخلق، والعطاء، والإبداع في الأدب شعراً ونثراً، ولقد تُرجم إلى العديد من اللغات الحيّة. إقرأوا طوقَ الحَمَامَة! ومن أطرف وأوفىَ القراءات المتأنّية الهادئة لكتاب طوق الحمامة لابن حزم الاندلسي ما كتبته الأديبة الأردنية ديانا نصار التي تقول عنه وعن مؤلفه: هذا الكتاب ألَّفه واضعُه نزولاً عند رغبة صديقٍ مُحبّ طلب منه أن يصنف له (رسالةً في صفة الحبّ ومعانيه وأسبابه وأعراضه، وما يقع فيه وله على سبيل الحقيقة). وهذا يدفع إلى أذهاننا التساؤل الأوّل: هل من الممكن فعلاً أن يُعرَّف الحبّ وتُقسَّم معانيه وأعراضُه وأنواعه والمشاعر المتعلقة به وأن يُصنّف في كتابٍ أو رسالة؟".وسرعان ما يأتينا الجواب الشّافي والكافي في أسلوب أنيق، وعرض رشيق من الكاتبة فتقول:"بالرغم من غرابة الفكرة فقد انتهج ابن حزم منهجاً علمياً بحثياً في تقسيم الرسالة، حيث عمد إلى تقسيمها إلى ثلاثين باباً: عشرةٍ في أصول الحبّ، واثني عشر باباً في أعراض الحبّ وصفاته المحمودة والمذمومة، وستةٍ في الآفات الداخلة على الحبّ، واختتمها ببابين تحدث فيهما عن قبح المعصية وفضل التعفف".وتشير الباحثة في أصل تسمية كتاب طوق الحمامة: "هناك آراءٌ واجتهادات، أبرزها أن يكون الاسم مبنياً على فكرة الديمومة والثبات كقول العرب: "أبقى من طوق الحمام"، أو أنه يحمل دليلاً على معاني الزّينة والحلية واستلهام الجمال الذي هو مثار الحبّ، أو–بكلِّ بساطةٍ ممكنة–أن الحمامة هي رسول الحبّ والهوى، والطوق حليتها وزينتها، أو الأمانة المعقودة في عنقها لحملها من العاشق إلى المحبوب". الحبُّ أوّله هزلٌ يستهلّ بن حزم رسالة "طوق الحمامة" بوصف الحبّ وتعريفه فيقول:"الحبُّ–أعزّك الله–أوّله هزلٌ وآخره جدّ، دقّت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تُدرَك حقيقتها إلاّ بالمعاناة. وليس بمنكرٍ في الديانة ولا بمحظورٍ في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عزَّ وجل". وتقول الباحثة: "يكفينا هذا الاقتباس لملاحظة النزعة الدينية والقالب العقلاني الذي طغى على غير موضعٍ في هذه الرسالة". وهي تتساءل: "إن كان ذلك نابعاً من خلفية ابن حزم وفكره الديني، أو من حقيقة أنه كتب الرسالة رداً على طلبٍ من صديق؛ وبالتالي فقد كانت أشبه بالتوثيق والتوصيف العلمي، وأنها لو كُتبت في فترة أطول وفي وقتٍ مختلف من حياة ابن حزم لكان محتواها أو طريقة عرضها اختلفت عن المضمون الحالي". وتضيف: "أصل الحبّ عند ابن حزم اتصالٌ بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع؛ ويرى ابن حزم أن المحبّة ضروب: محبة المتحابين في الله عز وجل، ومحبّة القرابة، ومحبّة الألفة، ومحبّة التصاحب والمعرفة، ومحبّة البر، ومحبّة الطمع في جاه المحبوب، ومحبّة المتحابين لسرٍّ يلزمهما ستره، ومحبّة بلوغ اللذة، ومحبّة العشق التي لا علّة لها إلاّ اتصال النفوس، هي المحبة في رأيه هي الوحيدة التي لا تفنى ولا تزيد ولا تنقص كأنواع المحبة الأخرى". وتختم الباحثة عرضها قائلةً: "يعتمد كتاب طوق الحمامة على قصصٍ وأخبارٍ شهدها ابن حزم أو نُقلت إليه. ذلك أنه قد تربىّ في بيئةٍ تزخر بالنساء والجواري، وهنَّ من علّمنه وأدّبنه فكان أن اطلع على الكثير من أسرارهنَّ والخبايا المتعلقة بهنّ. وهو إلى ذلك يزخر بالكثير من الأبيات الشعرية التي صاغها ابن حزم شواهد على فكرةٍ أو معنىً أو قصةٍ ذكرها. والأخبار في الرسالة تجمع بين المتعة والتعرف على المجتمع الأندلسي في عصره، والدهشة كذلك؛ كقصة فتىً أحب جاريةً في منامه، وذهب قلبه ولبّه وهام بها! وأصبح في حياته مغموماً مهموماً من حبّه الذي عرض له في المنام!. ويشير شيخُ المُستشرقين الإسبان الكبير الرّاحل الدكتور"إميليو غارسيا غوميس" عند تقديمه لكتاب "طوق الحمامة" لابن حزم في ترجمته إلى اللغة الإسبانية إلى أن "الحبّ العذري دخل الأندلس حوالي 890م. وكان لابن حزم نفسه تأثير واضح وبليغ في هذا القبيل، خاصّة في البلاطات الأوروبية الرّاقية". ومعروف أن هذا العالم الأندلسي الجهبذ قد سبق وبذّ بقرون العديدَ من علماء النفس الأوروبيّين المعروفين أمثال كارل كوستاف يُونغ، وألفريد أدلر، وسيغموند فرويد، وسواهم ممّن على شاكلتهم، بملاحظاته العلمية الدقيقة، وتفسيراته العميقة، وتحليلاته النفسية للأمارات، والعلامات، والانفعالات، والتغييرات التي تطرأ وتعتري الحالة النفسية للعاشق المتيّم، والمحبّ الولهان في كتابه الآنف الذكر الذي تُرجم إلى العديد من اللغات الحيّة – كما هو معروف-ولقي فيها نجاحاً وانتشاراً منقطعيْ النظير.وكلُّ عامِ أيّها العاشقون المتيّمون الهائمون والوالهون وأنتم بألف حبّ.! ************************************ (*) كاتب من المغرب عضو الأكاديمية الاسبانية الأمريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا.