يكاد المتتبع للشأن الوطني هذه الآيام و على مدى الثلاثة أشهر الآخيرة، أن يصاب بالغثيان جراء اندهاشه من الوضع العام الذي أصبح يوما بعد يوم يفند أطروحة الاستثناء المغربي ضمن الحراك العربي، و الازمة العالمية الغربية، فالازمة على جميع الاصعدة سياسية و اقتصادية و اجتماعية بامتياز، تلك هي منجزات حكومة تتشدق بشعار الاصلاحات و الاوراش الكبرى، حكومة جنت من الكره ما لم تجنه سابقاتها، وهم تم تسويقه للمغاربة سرعان ما بدأ يختفي، لما لا و فطاحلة ساستنا الهاهم ما ألهاهم من لغط و صخب الكراسي، في وقت تجد فيه اعداء الوطن متربصون باستقراره، يوجهون الصفعة تلوى الاخرى، و يحتلون المواقع تلو الآخرى. هناك ازمة ليس هناك ازمة، تلك الحقيقة الضائعة على صفحات تقارير البنك الدولي، و ما ادراك ما البنك الدولي، هو وحده من يعرف حقيقة الوضع التي تفوح رائحتها من رزمة املائاته التي عانى منها المغرب لسنوات عجاف تم فيها استنزاف خيرات بلدنا، و الكلام هنا عن سنوات التقويم الهيكلي التي بدأت تطل علينا من شرفة مدير البنك. و حتى يتسنى لنا استجلاء الغيض من الفيض نبدأ بما صرح به السيد رئيس الحكومة غداة التصريح الحكومي "اعطوني ارقاما مغلوطة .." اسئلة عديدة تطرح، محورها هل هناك رئيس حكومة عاقل و متزن يصرح مثل ما صرح به رئيس حكومتنا؟ رغم ذلك قلنا لربما هي قفشة من قفشات رجل يعشق النكات "الحامضة" فلكل حصان كبوة، و كثيرة هي كبوات رئيس الحكومة، من زيادة صاروخية للمحروقات بمبررات غير معقولة، و تعليق ل15 مليار من ميزانية الاستثمار تعهد رئيسنا بعدم لمسها، و شكلت احد مبررات الزيادة في المحروقات، و غيرها كان آخرها ازمة حكومية خانقة للتوليفة العجائبية، التي خرجت من رحم انتخابات اشاد لها القاصي و الداني بالنزاهة، جمعت من المفارقات ما لم تجمعه سابقاتها، اختلطت فيها الاغلبية بالمعارضة، في وقت اشتد فيه الخناق او شكت ان تلتف الساق بالساق فننعي استقرار البلاد في مأتم ياخد فيه التعازي ساستنا الأبرار، ديناصورات تأثث مشهد سياسي سمته الغالبة الميوعة و الشعبوية لدرجة انشغال قادة أحزابنا بالتلاسن و تقاذف التهم و الصفات المستوردة من معجم الحمامات الشعبية المغربية، و الأضرحة و السادات، فطبعا لم يكن ينقصنا سوى نقل ساحة جامع الفنا و بوجلود و الهديم إلى ديوان رئيس الحكومة و المكاتب الفارهة لزعماء الأحزاب، اغلبية كانت أم معارضة، من خلال تصرحات السيد الرئيس و شركائه في الحزب و الحكومة، لما لا و مصطلح اللعبة السياسية أصبح العنوان البارز لكل متحدث في تبخيس صريح و تسفيه للعمل السياسي ما يفقده جديته و أهميته. إن ما نحن عليه الآن يعمق انعدام الثقة إن فرضنا جدلا انها كانت موجودة بين الشعب و ساستنا الافاضل و رئيسهم بنكيران إلى أدنى مستوياتها، فالوضع ليس ظرفيا أو مناسباتيا بل هو جرح غائر و هوة سحيقة تتسع يوما بعد يوم ، بين مواطني هذا البلد و شانهم العام، الذي لم نعد نتلمس له سمات أو صفات أو رائحة عدا النتانة أو حتى تسميات فآخر ما يمكن ان يمسى به كونه شأن عام. فلا احد كلف نفسه عناء شرح ما يجري و يدور في دهاليز الاغلبية، و كاننا لا نملك هوية و لا تمت الاغلبية المسحوقة لهذا الوطن بصلة، فالوطن لهم وحدهم و الازمة لنا فنحن المسؤولين عنها. نعم نحن من يتآمر على هذا الوطن، نحن من لا يحسن الظن بساسته، و لا نقدر تعبهم من أجل راحتهم (عفوا راحتنا) و رفاهية الوطن، نحن شعب ناكر للجميل ببساطة شددية نحن شعب لم يفهم قادته السياسيين فالعيب فينا لا فيهم. لقد استبشرنا خيرا بتعاقد دستوري جديد و بديمقراطية افرزت اناس لطالما اقاموا الدنيا و لم يقعدوها و هم يتغنون بماضيهم النضالي، و عصاميتهم و تفانيهم في خدمة وطنهم الذي لا نعلم اين هو؟ و ما هي حدوده الجغرافية؟ (و نحن هنا لا نتهم احد بالخيانة ما عاد الله)، ديمقراطية زائفة يعكسها ما يهدد اليوم استقرار البلاد المرهون في يد أناس مجانين لا شغل لهم سوى مصلحتهم من خلال بناء امجاد زائفة و تعاقدات سياسية مشبوهة تنآى بعيدا عن المصلحة العليا للبلاد، و على حساب وطن ومواطن مغربي انهكته الازمات، و بات بين سندان الحكومة و مطرقة من يدعون الدفاع عن مصالحه، فلصالح من تتازم الأمور أم هو وهم الاستثناء بدأ يتلاشلى و يختفي ؟ ام هو منطق المآمرة و الخيانة فلما خانوك ياوطن ؟