عين الملك محمد السادس، أمس الخميس، شكيب بنموسى وزيرا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ويتسلم بنموسى قطاع التربية الوطنية الذي يعد من بين أهم القطاعات التي تطرق إليها النموذج التنموي الجديد، في ظل انتقادات كبيرة تطال تدبير هذا القطاع من طرف نساء ورجال التعليم إضافة إلى الأسر والنقابات. وسيجد بنموسى نفسه خلال تدبير هذا القطاع أمام تحدي تفعيل التوصيات التي جاء بها تقرير النموذج التنموي الجديد الذي ترأس لجنة إعداده، سواء فيما يتعلق بوضعية الأساتذة وتكوينهم، أو المناهج، او غيرها.
لا تنمية دون تحول تربوي عميق وتوقف تقرير النموذج التنموي، الذي يعرف الوزير الجديد خباياه على كون التعليم يشكل الموضوع الذي تتمحور حوله معظم انتظارات المواطنين المغاربة، حيث أكدوا على إعادة تأهيل المدرسة العمومية، من خلال تحسين جوهري لجودة التعلمات، و الرفع من الكفاءة البيداغوجية للمدرسين، وتشجيع الانفتاح على اللغات الأجنبية، وإرساء نظام توجيه ناجع للرفع من فرص النجاح المدرسي. وسيجد بنموسى نفسه وجها لوجه مع ما أسماه تقريره ب"الأزمة الثلاثية الأبعاد" التي يعيشها النظام التربوي المغربي؛ وهي أزمة جودة التعلمات، التي تتمثل في عدم إتقان أغلبية التلاميذ للمهارات الأساسية في القراءة والحساب واللغات، في نهاية مسارهم الدراسي، وثانيها أزمة ثقة المغاربة إزاء المؤسسة التربوية وهيئتها التعليمي، ثم أزمة مكانة المدرسة التي لم تعد تلعب دورها في الارتقاء الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص. وشدد تقرير النموذج التنموي الجديد على أنه وبدون تحول عميق للنظام التربوي، لا يمكن بلوغ أي هدف من الأهداف التنموية للمغرب، وبالتالي فإن هناك حاجة ملحة لنهضة تربوية حقيقية لتحسين جودة التعليم. تحسين وضع المدرسين ومن أهم المرتكزات التي ينهض عليها الارتقاء بجودة النظام التربوي والتكويني، حسب النموذج التنموي، يوجد الاستثمار في تكوين وتحفيز المدرسين قصد جعلهم الضامنين لنجاح التعلمات، فجودة أي نظام تعليمي يحددها مستوى المدرسين العاملين به، ويتعين على المغرب إيلاء الأهمية الكبرى لتثمين هيئة التدريس، وجعل مهنة ووضعية المدرس أكثر جاذبية قصد استقطاب الطلبة المتفوقين. ودعا التقرير إلى الشروع في إجراء تغيير عميق في مهن التدريس، عبر التحسين الجوهري لجودة تكوين المدرسين، ووضع تصور مسار مهني جديد للمدرس، بوضع نظام جديد لتقييم المدرسين يأخذ بعين الاعتبار أثرهم الملحوظ على تعلم التلاميذ وتطورهم المهني، بإشراك كافة الشركاء. كما توقف بنموس في تقريره الذي قدمه للملك على ضرورة إنشاء نظام أساسي موحد مخصص لمهن التدريس، على أن يشمل هذا النظام الجديد جميع المدرسين، بما في ذلك "المتعاقدون" (أطر الأكاديميات الجهوية). نجاح كل المتعلمين ويجد بنموسى في مهمته الجديدة، توصية تقرير النموذج التنموي، التي دعت إلى إعادة تنظيم المسار الدراسي ونظام التقييم لضمان نجاح كل متعلم، حيث على المدرسة ألا تتخلى عن أي تلميذ رغم الصعوبات التي قد تعترضه، وتؤدي للهدر المدرسي. وأوصت اللجنة وزير التربية الوطنية بإنشاء منظومة متكاملة للنجاح التربوي تتضمن خمسة مكونات؛ أولها تطوير تعليم أولي ذي جودة، ثم تنظيم مسار التلميذ في عدة مستويات للتعلم عبر تحديد المعارف والمهارات والسلوكيات التي يجب اكتسابها من طرف المتعلم في كل مرحلة من مساره الدراسي قبل المرور إلى المرحلة الموالية بشكل يحد من تراكم النواقص، إضافة إلى وضع آلية لمحاربة الهدر المدرسي، ثم تعزيز نظام التوجيه المدرسي. تجديد المناهج ومن أهم التوصيات التي سيجدها وزير التربية الوطنية أمامه في مهمته؛ تجديد المحتويات والمناهج البيداغوجية، وذلك من أجل تعليم فعال ومحفز. فحسب تقرير النموذج التنموي يتعين على المدرسة المغربية إجراء تحديث عميق لبرامجها ومقارباتها البيداغوجية للانخراط كليا في القرن الواحد والعشرين. ودعت اللجنة وزير التعليم الجديد إلى تطوير البحث والتجريب في ميدان التعليم لتجديد طرق التدريس على أسس علمية، ومراجعة البرامج قصد تنمية القدرات الأفقية، وتحسين إتقان اللغات، واستغلال الفرص التي تتيحها الرقميات لجعلها رافعة قوية لتحويل النظام التربوي وحاضنة لممارسات بيداغوجية جديدة. وسيجد بنموسى نفسه خلال عملية إصلاح المنظومة التربوية، مطوقا بتوصيته، التي أكد من خلالها أنه لا يمكن تحقيق تحول للمدرسة دون إشراك جميع الفاعلين في العملية التربوية، مؤكدا أيضا على ضرورة توفر إرادة سياسية قوية، بهدف ضمان شروط نجاح النهضة التربوية التي يدعو إليها النموذج التنموي الجديد.