في الاستجواب الذي أجرته يومية (أخبار اليوم) مع السيدة سميرة سيطايل، قالت مسؤولة القناة الثانية : "ليست هناك أي علاقة بين مهنتي الصحافية، التي أمارسها منذ 26 عامًا، ووظيفتي في إدارة الأخبار في القناة الثانية العمومية، وبين أي حكومة كانت، أو بأي أغلبية داخل هذه الحكومة أو تلك؛ لأنه، بكل بساطة، يُفترض ألا يكون هناك أي رابط بين الوظيفة في القناة العمومية وأي حكومة أو حزب. لماذا؟ لأنني أعمل في قناة عمومية لا يصبغها أي لون سياسي، وأمامنا دفاتر تحملات دقيقة تضبط قواعد الممارسة، وهي نفسها دفاتر التحملات التي تفترض وجود مسافة محترمة جدًا بين العمل في القناة العمومية، والشأن السياسي والحكومي". كما أكدت السيدة سيطايل أنه "لا يمكن للإعلامي أن يكون رهن إشارة السياسي وأن يتحول إلى أداة يستعملها لتنفيذ برنامجه السياسي وأهدافه السياسية وتصفية حساباته السياسية" وأنه "في الوقت الذي تتحدثون فيه عن انتقادات السيد رئيس الحكومة لطريقة تعاملنا مع أنشطته، لم يسبق لنا أن تلقينا أية شكاية أو اتصال أو أي تعليمات حينما نقوم ببث ملخص من خطاب جلالة الملك؛ وأكرر، قطعًا لم يسبق أن تلقينا اتصالاً من الديوان الملكي بهذا الشأن" وخلصت إلى أنه "يمكن أن نؤكد لقرائكم أننا نحترم كل التزاماتنا المضبوطة بحكم دفاتر التحملات وأخلاقيات المهنة، وربما بشكل أكثر دقة مما هو منتظر". وبعد، هل يكفي أن تقول السيدة سميرة سيطايل أنها لا تخضع لحسابات بنكيران وأهوائه أو لحسابات الأغلبية أو المعارضة، وأنها ليست لعبة بين أيدي السياسيين، وأنها لا تتلقى تعليمات من الديوان الملكي، لكي تثبت لنا أنها، من الناحية السياسية، تحترم كافة قواعد المهنية المعروفة، بل تمارس ذلك ب"دقة أكثر مما هو منتظر"؟ القضية أعقد من ذلك بكثير، وسيطايل تعرف ذلك حق المعرفة، فالإعلام العمومي السمعي البصري أبعد ما يكون عن قواعد المهنية المتعارف عليها عالميًا، والقناة الثانية لا تشذ عن هذه القاعدة رغم مجهودات الصحفيين. إننا لا نتوفر إلى حد الساعة على إعلام عمومي ملتزم بالحياد والانفتاح والاستقلالية والتعددية والمتابعة الشاملة للأحداث والموضوعية في التناول. وإذا كانت السيدة سيطايل تشعر بأن القناة حرة في آدائها ولا تتلقى توجيهاً سياسيًا من هذا الطرف أو ذاك وأنها تتحكم في اختيار المواضيع والأشخاص وأسلوب المعالجة وتعتمد في ذلك على حس مهني واحترام تام لأخلاقيات المهنة وتقيد بالتقاليد المتأصلة في إعلام المجتمعات الديمقراطية، فإننا نتساءل عن السر في تجاهل الكثير من الأسماء والأحداث والقضايا الحيوية في المجتمع وعن الدافع إلى اعتماد مقاربات تتماهى مع حسابات وأولويات ونظرة أصحاب القرار الحقيقيين؟ وفي هذا الإطار، نود أن ندعو السيدة سيطايل، بكل احترام وتقدير لشخصها، إلى أن تخوض معنا اختبارًا للمهنية، من خلال التساؤل عن إمكان عرض بعض المواد والبرامج التي نقترحها عليها والتي لا نرى أنها ستكون ممنوعة في إعلام بلد يقول عن نفسه إنه بلغ مرفأ الديمقراطية، وانفتح على الحداثة، وقطع صلته بالسلطوية وبعقلية الحزب الوحيد، وتحرَّرَ من منطق الوصاية على الإنسان ومعاداة الحرية : - هل يمكن أن يُستدعي بوبكر الجامعي لحضور برنامج يُخصص للتداول حول الأسباب الذي أدت إلى إقبار مشروع (لوجورنال) وعرض مختلف وجهات النظر، بما فيها تلك التي تتهم جهات في الدولة باتخاذ قرار سياسي بإعدام الجريدة وبعقد اجتماع مع مسؤولي مؤسسات اقتصادية لحثها على وقف تنفيذ عقود الإشهار، والتي تتحدث أيضًا عن محاولة شراء الجريدة من طرف جهاز استخباراتي؟ هل يمكن أن يُستدعى علي أنوزلا لشرح الأسباب التي يعتبر أنها كانت وراء الوفاة المبكرة ل "الجريدة الأولى"؟ - هل يمكن إنجاز تحقيق يبحث في ما إذا كان بعض رجال الأعمال قد تعرضوا لضغط أو تَمَّ "إقناعهم" بالتخلي عن إصدار مشروع إعلامي كبير، بعد أن قطعوا خطوات هامة في الإعداد، وذلك خشية أن يركب خطاب المشروع لغة نقدية إزاء "المخزن الاقتصادي"؟ - هل يمكن إعداد تحقيق صحفي موضوعي يتعرض لملابسات ومجريات مسلسل المحاكمات التي عرفها المغرب، منذ أحداث 16 ماي الإرهابية إلى اعتقال ومتابعة بليرج، ومحاولة الجواب عن بعض الأسئلة من قبيل : هل تعرض المعتقلون للتعذيب أم لا؟ هل الأجهزة الأمنية تجاوزت أدوارها أم لا؟ هل هناك روايات أخرى "مضادة" للروايات الرسمية ومدى صدقيتها؟ هل اسْتُغِلَّّّتْ أحداث الإرهاب لتقييد حريات عدد من المواطنين بدون مسوغ؟ كيف هي أحوال ضحايا التجاوزات؟ - هل يمكن أن تُستدعى نادية ياسين إلى برنامج سياسي حواري، وهي بالمناسبة كانت من تلاميذ ثانوية البعثة الفرنسية بالرباط "ديكارت"، ليَعرف المشاهدون، مثلاً، ما إذا كانت القرابة العائلية وحدها هي التي دفعت امرأة مثلها إلى تبني أفكار جماعة العدل والإحسان، ولماذا تضم الجماعة عددًا من النساء يفوق ما تحتضنه التيارات السياسية الأخرى من نساء؟ - هل يمكن أن يُعدَّ تحقيق تلفزي مهني عن الأسباب الثاوية وراء عدم إصدار جماعة (العدل والإحسان) لجريدة (رسالة الفتوة) حاليًا، وعما إذا كانت بعض المطابع قد تعرضت للضغط والتحذير من مغبة طبع الجريدة المذكورة، وموقف المسؤولين الرسميين وممثلي المنظمات المهنية للإعلام من هذا النوع من خرق حرية التعبير، إذا ثبت وجوده؟ - هل يمكن إيراد شهادات معتقلين سابقين يقدمون رواية مخالفة للرواية الرسمية المتعلقة ب"مركز تمارة"، والسماح لهم بالحديث عن تعرضهم للتعذيب في المركز المذكور، خلال السنوات الأخيرة؟ - هل يمكن إعداد تحقيق إعلامي نزيه عن قضية اتهام جهات إعلامية أجنبية للمغرب باستقبال بعض معتقلي (غوانتنامو) بغاية تعذيبهم فوق أراضيه؟ - هل يمكن إعداد مادة إعلامية تتابع المعاناة الطويلة للفنان أحمد السنوسي (بزيز) مع المنع، وتحديد من هم أصحاب قرار هذا المنع، وهل يمكن بث بعض الأغاني التي يرددها شباب حركة 20 فبراير أو التي تُنشد بين الطلبة، دونما اكتراث للمواقف السياسية المعبر عنها في هذه الأغاني، إذا كانت تحترم مقاييس البث في قناة عمومية لبلد ديمقراطي، وإعداد برنامج عن حياة ومسار الفنان معاذ بلغوات (الحاقد) وزيارته في السجن والاستماع إلى وجهة نظره واستدعاء حقوقيين لتلقي تكييفهم القانوني لحالة اعتقال هذا المغني؟ - هل يمكن إنجاز تحقيق عن مدى وجود إهدار للمال العام في صندوق الإيداع والتدبير، مثلاً، وعن المستفيدين من رخص الصيد في أعالي البحار، وظروف استفادتهم منها، وإفساح مجال عرض كل أشكال اقتصاد الريع، وإطلاع المواطنين على الحقائق كاملة، بدون اعتبار لأية حيثيات أخرى باستثناء الحيثيات المهنية؟ - هل يمكن إنجاز مادة إعلامية تسترجع ظروف مصرع كل من الجنرالين محمد أوفقير وأحمد الدليمي؟ وهل المحو الإعلامي لصورتي الرجلين ينسجم مع قواعد الأمانة التاريخية؟ - هل يمكن دعوة السيد ميلود الشعبي للإدلاء بشهادته حول ما يعتبره امتيازات تحظى بها شركة (الضحى)، وحول عرضه شراء عقارات من الدولة بثمن أعلى من الثمن الذي فُوِّتَتْ به تلك العقارات إلى الشركة المذكورة، وتحديد من المسؤول عن ضياع حق الدولة في استخلاص مداخيل إضافية؟ - هل يمكن إفساح المجال الإعلامي للسيد كريم التازي ليشرح للنظارة المغاربة لماذا يعتبر أن الكنفدرالية العامة لرجال الأعمال غير مستقلة، وهل يمكن إنجاز تحرٍ إعلامي لبحث الملابسات التي أدت ببعض الشخصيات العاملة في مجال المال والأعمال إلى التواري إلى الخلف أو عدم الاستمرار في تحمل المسؤولية داخل الكنفدرالية وحول ما إذا كانت لذلك علاقة بتصريحات أدلت بها؟ - هل يمكن تغطية نشاط وطني أو دولي للأمير مولاي هشام، وإذا كانت القاعدة المعمول بها هي تغطية الأنشطة الأميرية التي تخضع لبرمجة عامة في الديوان الملكي والتي تتم بإذن منه، هل ينسحب ذلك أيضًا على الأحداث الإنسانية الخارجة عن إرادة المعنيين كالمرض أو إجراء عملية جراحية مثلاً، وخاصة إذا كان الملك قد قام بواجب الاتصال والاستفسار عن حالة المعني بالأمر ومتابعتها؟ - هل يمكن أن تسمح التلفزة للمغاربة الذين تُوبعوا على أنهم شيعة ليبسطوا وجهة نظرهم، وليذكروا بأن طقوسًا ومفاهيم عديدة مستعملة من طرف الدولة والمجتمع هي شيعية المرجع وليدافعوا عن فكرة تحمل المغرب لمسؤولية التقريب بين المذاهب، وهو مؤهل لذلك، ألا يخدم هذا التقريب، في النهاية، ديننا الإسلامي الحنيف؟ - هل من الممكن أن تُتاح الفرصة للحركة المناهضة لمشروع القطار فائق السرعة لتفصيل الدواعي التي تجعلها تشكك في الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشروع؟ - وهل يمكن فتح ملف العلاقات المغربية-الإسرائيلية في القناة التلفزية العمومية ونقل التفاصيل التي يستند إليها موقف الذين يعتبرون أن هناك عدة مجالات، ولاسيما المجال الاقتصادي، تعرف اختراقاً إسرائيليا متعدد الأوجه؟