كوم - أماط امحمد بوستة النقاب عن أسباب فشل المفاوضات مع الملك الراحل الحسن الثاني لتشكيل حكومة تناوب في بداية تسعينات القرن الماضي في حوار نشر في العدد الأخير من مجلة "زمان" المتخصصة في التاريخ . وقال بوستة إن الحسن الثاني اقترح عليه قيادة حكومة تناوب مكونة من أحزاب "الكتلة الديمقراطية" وقتئد أثناء لقائهما بعد مضي بضعة أشهر على الانتخابات التشريعية لسنة 1993، التي كان بوستة قد هاجم التزوير الذي تعرضت له في تدخل بالبرلمان حمل فيه الوزير الأول آنذاك كريم العمراني ووزير الداخلية إدريس البصري بالسير بالبلاد نحو الكارثة. وأضاف بوستة، في الحوار الذي أجراه معه كل من حسن أوريد وعبد الله الترابي، أنه كان مترددا لأن شروط تكوين حكومة قوية ومسؤولة مدعومة من طرف أغلبية برلمانية قوية لم تكن متوفرة غير أن الحسن الثاني وعده بأغلبية برلمانية مريحة لمدة خمس سنوات وبعدم عرقلة عملها من طرف أي حزب . وفيما يتعلق بوزير الداخلية إدريس البصري ، فقد روى امحمد بوستة لمحاوريه ما دار بينه وبين الحسن الثاني بشأن تقسيم الداخلية إلى وزارتين: وزارة للجماعات المحلية يتولاها إدريس البصري ووزارة للإدارة الترابية يوضع على رأسها من يقترحه الوزير الأول، كما اقترح الحسن الثاني أن يستمر إدريس البصري في الحكومة لمدة ستة أشهر فقط وينظر في أمره بعد ذلك. وقال بوستة أنه اعترض على مشاركة البصري في الحكومة لأنه لايعقل أن يشرك في الحكومة التي يقودها الرجل الذي اتهمه أمام الملأ، تحت قبة البرلمان، بممارسة التزوير في الانتخابات وبإيصال البلاد إلى الباب المسدود والكارثة وطلب تعيينه في أي مسؤولية أخرى خارج الحكومة. وأكد امحمد بوستة أن هذا الرفض الصريح لإدريس البصري كان وراء صدور بلاغ الديوان الملكي الذي أعلن عن فشل الحوار مع الكتلة الديمقراطية وعن إنهاء تكليف بوستة بتكوين حكومة تناوب وأيضا ترقية إدريس البصري إلى وزير دولة . وحمل امحمد بوستة صديق الملك ومستشاره أحمد رضا اكديرة مسؤولية كبيرة في هذا الفشل، لأن الرجل كان ضد تولي الوطنيين، وبالأخص حزب الاستقلال لمسؤولية تشكيل حكومة للتناوب ومعه كل أولئك الدين كانوا ينظرون بتوجس لحدوث مثل هدا التطور بالمغرب . وفيما يتعلق بحالة الاستثناء التي فرضها الحسن الثاني في منتصف ستينات القرن الماضي وإلى بداية السبعينيات، قال بوستة إن هدا القرار يلفه غموض إلى الآن، فالسبب المعلن لفرضها هو التخوف على استقرار المؤسسات بعد ملتمس الرقابة الذي تقدم به حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية ضد الحكومة سنة 1964، لكن هذا التخوف لم يكن له ما يبرره في الواقع، حسب بوستة. بل إن الأمور كانت تسير في اتجاه يتجاوب مع تطلعات حزبي الحركة الوطنية، حيث كان في جدول الأعمال تعريب ومغربة القضاء وتأميم "مجموعة ماص" الصحفية الموروثة عن فترة الاستعمار (مجموعة ماروك سوار حاليا) والشروع في الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية. وهذا ما كان مزعجا لمصالح قائمة في المغرب في ذلك الوقت. وكان الحسن الثاني، حسب رأي بوستة، قد شرع كذلك في حوار مع الأحزاب السياسية، ومنها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحركة الشعبية بقيادة كل من عبد الكريم الخطيب والمحجوبي أحرضان، ولم يكن معروفا ما إذا كان بصدد التهيئ للعودة إلى ووضعية عادية أم كان هدفه آخر ؟ واستطرد بوستة قائلا إن اغتيال المهدي بنبركة جاء ليسمم العلاقات بين الملك والوطنيين . مما جعل حالة الاستثناء تستمر لمدة طويلة. وجعل ثقل بعض ضباط الجيش يكبر وعلى رأسهم محمد أوفقير . وكشف بوستة النقاب عن طلب الجنرال أوفقير، من الحسن الثاني الترخيص له باغتيال علال الفاسي مقترحا أن ينجز هذه المهمة شخصيا بعدما هاجم الزعيم، أثناء جنازة عبد الخالق الطريس، أولئك الدين يتحملون مسؤولية التخلي عن الأراضي المغربية وشعر أوفقير أنه مستهدف، وأضاف بوستة أن مجلسا وزاريا عقد وتداول في هذه النقطة بشكل حصري لكن الوزير الأول وقتئد أحمد بنهيمة ووزراء آخرين عملوا على ثني الجنرال عن فكرته . وقال بوستة إن المعطيات المتوفر اليوم تبين أن أوفقير كان يعد للانقلاب على الحسن الثاني منذ ذلك الوقت وأنه أجرى في هذا الإطار اتصالات سرية مع ضباط جزائريين هدفه القضاء على الوجود العربي والإسلامي في المغرب. واستشهد في الإطار بمذكرات الرئيس الجزائري الأسبق الشادلي بنجديد التي تحدثت عن اتصالات لأوفقير مع ضباط جزائريين وفرنسيين لإعادة تشكيل الشمال الإفريقي الحوار غطى قضايا أخرى مهمة تمتد من مفاوضات "إيكس ليبان" ، مرورا بانشقاق الاتحاد الوطني عن حزب الاستقلال والمسيرة الخضراء والعلاقات المغربية الجزائرية ..، وصولا إلى حكومة عبد الإله بنكيران.