ريبورتاج - ردد جدران "البوطوار" القديم للدار البيضاء، عصر يوم الجمعة 29 مارس، صدى حكاية سنة حبسا نافذا قضاها معاذ بلغوات مغني الراب الملقب ب"الحاقد"، في سجن عكاشة بالدارالبيضاء. واختار مغني حركة "20 فبراير" الفضاء الثقافي، المنبعث من أنقاض المجازر القديمة في الحي المحمدي، لسرد خلاصة 365 يوما قضاها في السجن بسبب الحقد الذي يناصبه ل"المخزن". حينما حل "الحاقد" بالبوطورا كان يتأبط دفترا ويضع نظارات طبية ويعتمر قبعة لم تستطيعا إخفاء علامات العياء البادية عليه، فهو بالكاد عانق الحرية والنوم لم يزر عينيه منذ انزاح مزلاج باب السجن لفتح باب الحرية أمامه في ساعة متأخرة من ليلة الخميس الجمعة. وبينما تلقفت أذرع بعض الحاضرين "الحاقد" نحو الأحضان، انبرى أمنيون سريون يتفرسون في وجوه الحاضرين الذين كان من بينهم رجل الأعمال كريم التازي، وحقوقيين وممثلي بعض وسائل الإعلام المغربية والاجنبية.. وتردد عبر الممر المفتوح على سماء "البوطوار" إلا من سقيفتي قرميد، حيث انعقدت الندوة الصحفية، بعض مما عاشه معاذ بلغوات، وراء أسوار السجن، معلنا قراره الخلود إلى الراحة حتى حين، فالشاب العشريني المتحدر من حي الألفة بالدارالبيضاء، وبعد سنة قضاها محبوسا وضع نصب عينيه هدفا أولا هو الحصول على شهادة "الباكالوريا" وبعدها تكون العودة إلى "الراب". وتم اعتقال معاذ بلغوات فى 29 مارس 2012 ووجهت اليه تهمة "اهانة موظف بسبب عمله (شرطي) وتحقير هيئة منظمة (الادارة العامة للامن الوطنى فى المغرب)"، وذلك استنادا لاغنية بثت على يوتيوب عنوانها "كلاب الدولة"، يظهر فيها شرطى برأس حمار، وهو يجر مواطنا مغربيا. وحكم على مغني الراب الشاب في 11 مايو بالسجن سنة مع النفاذ وغرامة قدرها الف درهم. السجن ينال من الكثيرين كما قد يكون مناسبة لنقد ذاتي كما حدث مع "الحاقد" الذي قال إنه وجد في حبسه فرصة للإدمان على القراءة، وهذا ما جعله يفصح "عرفت بأنه خاصني نقرا مزيان باش نسد بعض الأفواه"..، بعد إشارته إلى أنه عاش داخل السجن ظروفا "زوينة وخايبة"، قبل أن يستطرد و"الثانية هي اللي بزاف"، غير أن هكذا أمور لم تنل من فرحة تحققت ل"الحاقد" وهو يقبع في السجن حينما اتصل به ذات مرة اخوه وأسمعه أغنية "كلاب الدولة" مدبلجة إلى الأمريكية من قبل طالبين يتحدران من بلاد العام سام و كان موضوع بحث لهما في الجامعة يتمحور حول مغنو "الراب" العرب بعد هبوب نسائم الربيع العربي.. وقال معاذ خلال ندوة صحافية عقدها عشية الجمعة في الدارالبيضاء ان "مبادئي ومواقفي لم تتغير وما زلت ثابتا عليها, وتجربة السجن جعلتني أنضج أكثر، لنني تحاورت وتناقشت مع عدة فئات إسلاميين ومجرمين ومناضلين..". وأضافانه امضى وقته داخل السجن "في الدراسة والتحصيل (...) لانني كنت ارغب في الحصول على شهادة الباكالوريا، وساركز اليوم اكثر على دراستي, كما انني كتبت اغان جديدة, وعملت على تحسين أدائي ومعرفتي بالموسيقى من اجل تقديم الافضل". وقال الحاقد مجيبا عن سؤال ل"لكم. كوم" إنه وجد داخل السجن متعاطفين معه وبعض سجناء الحق العام كانوا يسمعونه مقاطعا من أغنياته مسجلة على أجهزة "آيبود"..، قبل أن يلمح إلى مضايقات طالته من قبل المشرفين على المؤسسة السجنية عكاشة. وارتباطا بحركة "20 فبراير" الاحتجاجية أفاد معاذ بلغوات، بأنها ملك للشعب وستظل حية، غير أن الظرفية تستلزم بعضا من الراحة والاستئناس بحضن الأسرة واجتياز الباكالوريا في شهر يونيو المقبل، محيلا على أن مذكرات كتابات له خطها داخل السجن لم يحن بعد أوانها. وكان معاذ، البالغ عمره 24 سنة، قضى قبل ذلك أربعة أشهر فى سجن عكاشة بمدينة الدارالبيضاء بتهمة "ممارسة العنف" ضد مناضل فى جمعية مقربة من القصر الملكى, حسبما اكد احد محاميه، قبل ان يتم اطلاق سراحه فى 12 يناير 2012. ويقبع في السجون المغربية، حسب تقارير جمعيات حقوقية مغربية، ما يقرب من 70 من نشطاء حركة 20 فبراير الاحتجاجاية, بتهم تتراوح بين إهانة الشرطة والتظاهر غير المرخص والاتجار في المخدرات.