دعا مثقفون مغاربة وإسبان في بيان مشترك إلى العمل على استرجاع العلاقات بين المغرب وإسبانيا القائمة على الثقة المتبادلة والاحترام، للدفع نحو مستقبل يسود فيه السلم والتعاون والازدهار، محذرين من خطاب مسموم يسعى لإحياء النزعات المعادية للأجانب. وحذر البيان الذي وقعته شخصيات منها الطاهر بنجلون وعبد اللطيف اللعبي، إضافة إلى المؤرخ فيكتور موراليس، والكاتب سيرخيو بارصي، وخوسي غارسيا، -حذرت- من الخطاب الذي تستعمله بعض الجماعات الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي، القائم على الأخبار الزائفة والتلاعبات الكيدية. وأشار البيان إلى أن الأزمة الحالية أدت إلى تصعيد كلامي مقلق سمته العتاب والاختلافات، مما عاد بنا إلى حقب غابرة، حيث انتشرت في الضفتين خطابات وإحالات وأفكار مسبقة قديمة، لم يكن يُعتقد أن بإمكانها البروز مجددا على الساحة العامة. ونبه الموقعون إلى أن هذه الخطابات جعلت التعايش بين شعبين شقيقين وصديقين في مهب الريح وعرضة للمخاطر، بما يتجاوز حتى الطبيعة الدبلوماسية للنزاع الحالي، وصولا إلى مواجهة وطنية لا مبرر لها تماما ولا محل لها من الإعراب. واعتبر الموقعون على البيان أن استحضار فترات الحروب في تاريخنا المشترك وإبراز أوجه العداء فقط طريق خطير يتعارض مع المنطق الإنساني ومع موروث التعايش الديني والتبادل الثقافي التي بنيناها، نحن شعبا الضفتين، طوال الحقب الماضية. وأضاف البيان "إننا أمام خطاب راديكالي وغير ضروري يرمي إلى القضاء على جهود الحوار والبحث والفهم المتبادل التي يبذلها المجتمع المدني والطبقة المثقفة في إسبانيا والمغرب". وشدد على أن الوضعية الحالية لا تنسجم مطلقا، من منظور علمي، مع نتائج سنوات من الأبحاث في مجال العلوم الإنسانية في الجامعات المغربية والإسبانية، والتي منحتنا تصورا جديدا لهذه العالقة المشتركة القائمة على التداخلات والتفاعلات الخصبة بين الحضارتين الإيبيرية والمغربية. ولفت الموقعون إلى أن التعاون الثقافي والفني والإبداعي بين المغاربة والإسبان تقوى خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق، وقد تأتت روح الإخاء بفضل العلاقات الشخصية المتينة بين المكونات المدنية، لذلك فإن السياسة لا يمكن أن تتحول إلى عقبة تعرقل استمرار هذه الدينامية، بل ينبغي أن تكون أداة من أجل تطويرها أكثر فأكثر. وشدد البيان على أنه ينبغي أن تسود روح التوافق والتعايش دائما بين البلدين، ويتعين أن تكون في صلب أي حوار سياسي من أجل ضمان سيادة واستقرار المغرب وإسبانيا على حد سواء. ودعا البيان المجتمع المدني في ضفتي مضيق جبل طارق إلى تسخير قدراته الفكرية وحسه الإبداعي من أجل بناء بدائل تعايش جديدة وتقديم إسهامات بناءة من أجل موروث خصب فيه الخير العميم للمجتمعين معا.