تحت شعار :" اللاعودة إلى غاية تحقيق المطالب"، يواصل الجسم الإداري التربوي حراكه النوعي(1) بمختلف الأكاديميات والمديريات، في إصرار غير مسبوق للمضي الحثيث، وغير المتردد، في الاستمرار في تنزيل البرنامج النضالي الذي سطرته الأجهزة الوطنية، ممثلة في التنسيق الثلاثي للجمعيات الإدارية الثلاث (الجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب، والجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية بالمغرب، والجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة)، إلى حين انتزاع كافة مطالب الهيئة الإدارية، والممثلة، خصوصا، في إصدار المرسوميْن بالجريدة الرسمية وفق آخر التعديلات المتوافَق عليها. بالإضافة إلى تمكين إداريات وإداريي الإسناد من إطار متصرف تربوي بدون قيد أو شرط، مع دمج كافة الإسناديين والمسلكيين المرتبين في الدرجة الثانية بالدرجة الأولى. وهي المطالب الرئيسة التي يناضل اليوم من أجلها الجسم الإداري. والتي التزم السيد وزير التربية الوطنية بالاستجابة لها أمام الرأي العام الوطني من داخل قبة البرلمان، وفي كل الخرجات الصحفية، والندوات التي ما فتئ يحرص على عقدها لتنوير الرأي العام التعليمي حول آخر المستجدات في مجال التربية والتكوين، ومن بينها هذا الملف الذي عمَّر طويلا، ولم يستطع وزير سابق أن يحسم فيه، رغم أنه من الملفات التربوية التي تحتاج، فقط ، إلى إرادة سياسية مسؤولة !. فباستثناء مبادرات السيد الوفا لحلحلة هذا الملف، حينما كان مسؤولا على القطاع؛ لم يَنْبَرِ وزير بعده لحل هذا الملف، حتى جاء السيد أمزازي، ليفتحه من جديد، بعد ربيع إداري عاصف خاضته الهيئة لما يزيد عن ثلاثة أشهر متواصلة، تعطلت بسببه الكثير من المشاريع الوزارية، وضاق فيها الخناق على جزء مهم من التدبير الإداري الجهوي والإقليمي للمصالح الخارجية للوزارة؛ قبل أن ينبري هذا الوزير ويفتح حوارا شبه رسمي مع بعض من يمثل هذه الهيئة ليقدم وعده الشرفي بحل هذا الملف بشكل نهائي، ومُرْضٍ للجميع !. وكتعبير منها عن حسن نيتها، قابلت الهيئة الإدارية هذا "العرض" بسلم اجتماعي مع الوزارة، في انتظار وفاء السيد الوزير بوعده الذي ظل يؤثث به كل خرجاته الإعلامية، ولقاءاته الرسمية، وتحت قبة البرلمان. مما طمأن الجسم الإداري إلى هذا الوعد، وزاد من منسوب الارتياح لدى غالبية المنتمين لهذا الجسم، بما فيهم الأجهزة الوطنية الممثلة له؛ قبل أن يتأكد للجميع، مع مستهل هذا العام الجديد 2021، خصوصا مع لجوء الوزارة إلى ترقية مجموعة من الزملاء المسلكيين إلى خارج السلم، دون أصحاب الإقرار، أن ذلك الضجيج الإعلامي الذي واكب خرجات الوزير حول هذا الملف لم يكن سوى وعودا للاستهلاك الإعلامي بهدف طمأنة هذه الفئة المحورية والوازنة في التدبير اليومي للعمل الإداري والتربوي داخل هذا القطاع الاستراتيجي. وكذلك بهدف ربح المزيد من الوقت في انتظار الاستنزاف الموضوعي لفئة المزاولين من إداريات وإداريي الإسناد من خلال ما تقْدُم عليه هذه الفئة، الغير المتجددة، من الإقبال، سنويا، على التقاعد النسبي، أو الإحالة على التقاعد حدَّ السن. مما سيقلل من وجودها الطبيعي داخل المنظومة، ومن ثَمَّ يخفف من التكلفة المالية المرصودة لهذا الملف !. ومع هذا المستجد، قررت الهيئة، بمختلف فئاتها، إسنادا ومسلكا ومتدربين، أن تنزل في هذه الهبة الجديدة لتقلب الطاولة على كل الوعود، والتطمينات التي ما فتئ السيد الوزير يزفها إليها بين الفينة والأخرى، وتعلنها صرخة مدوية: لا عودة حتى انتزاع كافة المطالب، ولا رجعة اليوم، حتى نزول المرسوميْن بالجريدة الرسمية؛ غير ذلك، لا تراجع ولا عودة ولا استسلام !. فكانت البداية مع الشطر الأول(2) من البرنامج النضالي، والذي عرف تنزيله نجاحا منقطع النظير؛ حيث حقق الانخراط في فعالياته نسبا غير مسبوقة بكل ربوع البلاد. وشمل هذا الشطر الأول تسجيل اعتصامات بمختلف المديريات الإقليمية، ومقاطعة كل العمليات الإدارية والتربوية، والاتصال والتواصل مع المصالح الخارجية بما في ذلك الخروج الجماعي من مجموعات الواتساب التي أنشاتها الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، والتي كانت تلعب دورا هاما في تصريف العمل الإداري وتسريعه على مستوى هذه المديريات والأكاديميات، خصوصا المستعجل منه،.. مما عطل جزءا مهما من العمل الإداري والتربوي بالمؤسسات التعليمية، وعطل معه تنزيل المشاريع المُلْتَزَم بها من طرف هذه المصالح مع الوزارة (القانون الإطار على سبيل المثال). وأمام استمرار صم الوزارة للآذان، وتعاملها بنوع من اللامبالاة المقصودة إزاء هذه الهبة النوعية، في استدعاء عبثي لمحاولاتها السابقة في تعاملها مع حراك الهيئة، والذي نجحت في تهدئته خلال المحطات السابقة باستعمال أساليب وطرق مناوِرة تبدأ باللامبالاة، وتنتهي بتوزيع الوعود، والتطمينات، وفتح حوارات مؤسسة (حالة الوفا)، أو غير مؤسسة، مع اعتماد تصريحات رسمية تحدد آجالا لحل الملف بعبارات من قبيل : "في القريب العاجل"، و "مع متم السنة الجارية"، ومؤخرا، "في الوقت المناسب"(3)… تعاهد الجسم الإداري، هذه المرة، على المضي بلا عودة ولا هوادة في المطالبة بالحقوق، وعدم الالتفات لمحاولات التشويش القاصدة إلى الفَتِّ من عضد الجسم الإداري المتراص؛ قاعدة وأجهزة، إلى حين ظهور الوعود الوزارية المؤجلة واقعا يُرَى رَأْيَ العيْن، أو الهلاك دونها !. ولا شك أن هذا الحراك الجديد الذي رُفع فيه شعار "اللاعودة" لأول مرة في تاريخ الحراكات التي خاضتها الهيئة من أجل انتزاع مطالبها المشروعة، سيستنفذ جهدا نضاليا معتبرا. وهو ما وَعَتْه الحناجر الصادعة بالاحتجاج، والرفض، عبر ربوع الوطن، فعبرت عن استعدادها الشرفي لاستنفاذه حتى تحقيق كافة المطالب التي هبت من أجل انتزاعها. وهو ما سيضع، بلا شك، الأجهزة الوطنية المسؤولة أمام مسؤوليتها التاريخية في الاستجابة لصرخة القواعد الداعية لرفع سقف الاحتجاج والتصعيد إلى أقصاه خلال الشطر الثاني من البرنامج، كما سيحملها مسؤولية الحفاظ على هذه "اللاعودة"، وعدم التراجع عنها مهما كلف ذلك من ثمن، حتى تحقيق المطالب. وهي كذلك رسالة واضحة لهذه الأجهزة حتى لا تَنْجَرَّ، مرة أخرى، إلى لعبة الحوارات المغشوشة القاصدة إلى توزيع وعود جديدة من أجل الطمأنة، وربح مزيد من الوقت. وهو ما لا يرضاه أي إداري أو إدارية رأسمالهما الوحيد زملاؤهما القابضون على جمر النضال، وثقتهما التامة في أجهزتهما الوطنية التي أسْلَسَا لها قِيَاد حراكهما المبارك من أجل الكرامة والإطار!. دمتم على وطن.. !! ————- * راجع مقالنا: " رَبِيعُ الإِدَارَةِ التَّرْبَوِيَّةِ: غَضَبُ اللَّاعَوْدَةِ!" المنشور بهذا الموقع. * حدد التنسيق الثلاثي الفترة الممتدة بين 2 مارس و25 مارس للشطر الأول من البرنامج، على أن يشرع في تنزيل محطات الشطر الثاني ابتداء من يوم 26 مارس، والتي ستُحدَّد أشكالها الاحتجاجية في بيان سيصدر عن التنسيق الثلاثي قريبا. * في جوابه على تدخلات نواب الأمة في لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالبرلمان حول هذا الملف، حدد السيد الوزير أجلا جديدا لتسوية الملف بقوله:" سيتم تسويته في الوقت المناسب"، مما أثار عاصفة من التساؤلات والتعليقات حول المقصود بالوقت المناسب. هل هو المناسب للوزارة، أم المناسب للشركاء الحكوميين الذين وعد السيد الوزير بإقناعهم بالملف، أم المناسب للهيئة،.. أماذا؟ !!. لكن، هذه المرة، لم ينطل هذا الوعد على أحد، وكان الجواب الجماعي عليه: " نحن كذلك سنعلق الحراك في الوقت المناسب" !!