1/ في البدء المُلزم: إن التجربة " القومية" والشيوعية في استلهامهما التجارب الفاشية أو الشيوعية، ونقل نموذج حكم الحزب الواحد، وفرض قيادته على المجتمع، وإبعاد القوى البورجوازبة "العربية "، ساهمت بدون سابق فهم( بالوعي أو بدونه) في إشاعة مناخ شمولي، وألغت بالتالي الجوانب الليبرالية والديموقراطية التي تحققت نسبيا في الحياة العربية. لقد تحوّلت(للأسف) النقابات والجمعيات إلى أدوات للحزب الواحد، بدلا من أن تخدم طبقاتها وفئاتها وتنمي تطورها الطبيعي. في سبيل تحقيق هيمنتها تصارعت الاتجاهات القومية والشيوعية بضراوة في الواقع العربي، من أجل الوصول أو البقاء في الحكم(=تجربتي الحزبين الشيوعيين في كل من سوريا والعراق مع حزب البعث في كلا البلدين؟؟) .وفي سبيل ذلك (وهذا أساسي) ألغت أسس الدولة العصرية. إن الإستخدام النفعي الإنتقائي للشعارات القومية والدينية والشيوعية في عجينة شمولية، قد حافظ على البُنى التقليدية الأساسية. سيطرة الدولة المطلقة، سيطرة الدين التقليدي على الوعي والحياة، سيطرة الأغنياء المتحكمين في أجهزة الدولة وذهاب الفائض الإقتصادي إليهم، سيطرة القبلية والعشائرية والطائفية الخ.. لماذا؟ وكيف؟ إن استمرار بقايا المرحلة الإقطاعية في تجارب الأحزاب القومية والماركسية( ومنها بقاياها بالمغرب أيضا) بعدم كفاحها من أجل الدمقرطة الشاملة، وترسيخ التطور الرأسمالي بكافة جوانبه، قد جعلها موضوعيا وفعليا تواصل إبقاء مجتمع الإستبداد الشرقي مُشكّلة قشرة " تقدمية" فوقية متآكلة هي الأخرى. 2/ أثر الحركية الدينية الإقطاعية: بدءا من الخمسينات من القرن العشرين، بدأت إصلاحات مُحتشمة ضد الإقطاع في مجال الملكية الزراعية(على غرار الإصلاح الزراعي الذي فرضه عبد الناصر بمصر؟) بعدد من الدول العربية وحتى الإسلامية ؟) .ورغم أنها إصلاحات لتحديد حجم الملكية الكبيرة، ومن أجل إدخال تطور رأسمالي بالأرياف، إلا أن هذه الإجراءات أثارت الحركات الدينية المدافعة عن الإقطاع، وبدأت(=هذه الأخيرة ) تعيد تنظيم صفوفها وبرامجها، منتقلة إلى الرد الإستراتيجي الشامل ضد الإصلاحات الرأسمالية على صعيد الملكية وبعض الجوانب الإجتماعية. وكذلك، فإن بعض دول الخليج لعبت، بجانب السعودية، دورا كبيرا في الدفاع عن النظام الإقطاعي، للوقوف بوجه التطورات التّحولية الإصلاحية(= مبادرات محمد بن سلمان؟). إن سيطرة الدولة على القطاع البترولي أعطى للأسر الحاكمة بالخليج إمكانيات مالية كبيرة وامتدادات واسعة في قطاع العقار والتجارة ورأس المال المالي،لكن هذا النمو الغير تصنيعي،لم يُخلخل التركيبة الإقطاعية على مستوى البناء الإجتماعي والأيديولوجي والسياسي. وطبعا ، يلعب " الدين" المُفصل على مقاس هذه السيطرة، دورا محوريا في إخفاء التناقضات وتوحيد الشعب بالقوة.