الوثيقة الحالية هي المداخلة التي ساهم بها السيد عبد الرحمان النوضة، في إطار نشاط حقوقي نظّمه ''منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب'' (FDH_NorMa)، خلال يومي الجمعة 21، والسبت 22 دجنبر 2012، في مدينة الحسيمة. وكان الموضوع العام خلال اللقاء الحقوقي هو : ''أي دور للحركة الحقوقية في الترافع عن قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المصاحبة للحراك الاجتماعي السلمي / جهة الشمال نموذجا''. وفضّل الكاتب إبراز العناصر التالية المعروضة في هذه الوثيقة : 1) كيف سيكون مستقبل الحراك الاجتماعي بالمغرب ؟ قبل تناول موضوع ''أي دور للحركة الحقوقية'' (في مجال الترافع عن قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المصاحبة للحراك الاجتماعي السّلمي)، لنتساءل : كيف سيكون المستقبل بالمغرب، خلال الشهور، أو ربّما السنوات المقبلة ؟ هل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان سوف تتقلّص ؟ أم أنها سوف تتكاثر، وتتصاعد، وتتفاقم ؟ من خلال تحليل تسلسل الأحداث الرّاهنة بالمغرب، نلاحظ التوجّهات الجديدة التالية لدى الدولة : 1.1- الأزمة المُجتمعية (بأبعادها الاقتصادية، والمالية، والسياسية، وغيرها) ستستمر، بل تتفاقم. وأبرز عناصرها، ما يلي : تكاثر البطالة المزمنة خاصّة وسط الشبان وحاملي الشهادات، وانتفاخ التّضخّم، واستمرار تفاقم غلاء المعيشة، وتزايد عجز الميزان التجاري، وتعمّق عجز ميزان الأداءات، وتناقص عوائد السياحة، وتضاءل االتّحْوِيلاَت النقدية للمغاربة العاملين بالخارج، وانخفاض الصادرات، وتفاقم نفقات صندوق المقاصة، وتقلّص الاستثمارات المباشرة، وانخفاض الثقة في استقرار البلاد، إلى آخره. 1.2- السّلطة السياسية تخاف من استمرار تأثيرات ''حراك الربيع الديمقراطي أو العربي''. وتخشى احتداد ديناميكية الحركات الاحتجاجية أو الثورية داخل المغرب. وتخاف من أن تتجاوز هذه الاحتجاجات نقطة اللاّعودة، أو أن تدخل في طور يستحيل التّحكّم فيه. 1.3- أصبح المسئولون الكبار في الدولة يتبنّون أكثر فأكثر النهج القديم الملك الحسن الثاني في الحُكم. أي أنهم يفضّلون المُقاربة الأمنية على المُقاربة السياسية الإصلاحية. حيث يميلون إلى تفضيل القمع الشرس لبُذُور الاحتجاجات والانتفاضات في مهدها، قبل أن تنضج، وقبل أن تتحول إلى حركة جماهيرية عارمة. ويعتبرون أنه، ولو كان قمع هذه الحركات شرسا، أو مُثيرا لإشمئزاز الرأي العام، فإنه أحسن وأخفّ من القمع الأكبر الذي سوف تَسْتَوْجِبه هذه الاحتجاجات في حالة إذا ما تحوّلت إلى انتفاضة جماهيرية، شعبية، أو عامّة. 1.4- يظهر من خلال الأحداث أن الدولة قرّرت تشديد أساليبها القمعية. حيث قرّرت وقف التساهل السّابق مع ''حركة 20 فبراير''، ومع حركة المُعطّلين، ومع غيرها من الحركات الاحتجاجية (بما فيها الحركات الحقوقية). وقرّرت الدولة كذلك منع أي تظاهر في الشارع العمومي، وقمعه بأي ثمن كان. 1.5- راجعت الدولة أجهزتها القمعية، وزادت في مُعدّاتها، ورفعت مستوى جَاهِزِيّة قواها القمعية، وحسّنت قدراتها على التدخّل السريع، وحسنّت مستوى فعاليتها. كما حسّنت وسائلها في التواصل والتنسيق. 1.6- تلجأ الأجهزة القمعية إلى الزيادة في أعداد عناصرها السرية المتسرّبة داخل الحركات الاحتجاجية لمعرفة تفاصيلها. وتمنع تظاهرهم. وتعمل على تحييد المناضلين البارزين، أو النّشيطين، أو المُحرّضين. وتُحاصرهم، وتهجُم عليهم، وتضربهم، وتُرهِبهم، أو تعتقلهم خلال بضع ساعات، فإن لم يكف ذلك، تعتقلهم وتسجنهم بتهم مُلفّقة (غير سياسية)، بهدف تغييبهم عن الحركات الاحتجاجية. 1.7- تمنع الأجهزة القمعية الصحافيين من حضور المُظاهرة، أو المُشاركة فيها (وذلك مناف للقانون). بل أصبح البوليس السّري يُحاصر كل شخص يصوّر الحركات الاحتجاجية، أو يُصوّر تدخّل قوى القمع. ثم يهجمون عليه بشكل عنيف، وبالضّرب، ويحجزون بالقوّة آلته المصوّرة، وبدون سابق إنذار، ولا مُحاكمة. فيصبح المناضلون الذين يريدون تصوير المظاهرات، أو تصوير قمعها، مضطرّون إلى استعمال كاميرات خَفيّة. 1.8- وظهر (مثلا من خلال المسيرة المساندة لفلسطينيي غزة، في 25 نونبر 2012، بالدارالبيضاء والرباط)، ظهر أن الدولة أصبحت تُعبّئ المواطنين الفقراء الذين يستفيدون من إعانات الدولة، أو مِن ما يُسمّى ب ''المبادرة الوطنية للتنمية البشرية''، تُعبّئهم على شكل أنصار مُوالين للسلطة، وتحرّكهم ك ''بلطجية''، أو ك ''مُرتزقة''، مُهيّئين لمحاربة المناضلين المُعارضين للنظام السياسي القائم. الشيء الذي يزيد من احتمال حدوث صدامات عنيفة وواسعة في المستقبل. ويمكن أن تكون لهذه الصدامات عواقب وخيمة على مجمل المُجتمع. اعتبارًا لمجل العناصر المُقدّمة أعلاه، فإن الاحتمال الأكبر بالمغرب، خلال الشهور أو السنوات المقبلة، هو حُدُوث تصاعد في النّضالات المطلبية، أو الاحتجاجية، وتزايد القمع، وتكاثر خروقات حقوق الإنسان. وبالتّالي، فإن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان سوف تتكاثر، وتتصاعد، وتتفاقم. و يتوقّف فضح هذه الخُروقات على وجود، وعلى حيويّة، شبكات متعدّدة، ومُتنوّعة، من أنصار حقوق الإنسان. ولا يستطيع التّعريف بهذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أو بالترافع عنها بفعالية، إلاّ شبكة من المناضلين المُتخصّصين، أو المحترفين. 2) هل مستقبل المغرب سَيُشْبه نموذج تونس ومصر، أم نموذج سوريا وليبيا ؟ بما أن تأثيرات ''الربيع الديمقراطي أو العربي'' على المغرب سوف تستمر في المستقبل، سواءً على شكل ''حركة 20 فبراير''، أم على شكل حركات احتجاجية من نوع آخرى، فكيف سيكون نوع الحسم في الثورة المُحتملة المقبلة في المغرب ؟ هل سيكون من نوع الحسم الذي وقع في تونس، التي هرب فيها الرئيس زين العابدين نن علي حينما أحس أن الحراك الشعبي تجاوز نقطة اللاّعودة (point de non retour) ؟ أم هل سيكون من نوع الحسم الذي وقع في مصر، والتي أقدم فيها الرئيس حسني مُبارك على إعلان تنحيه، وتخلّيه عن مهامه الرئاسية ؟ أم هل سيكون من نوع الحسم الذي وقع في ليبيا وسوريا، واللتان دخل فيهما رئيس الدولة في التحدّي، وفي استعمال الجيش لقمع المعارضين، ولتقتيل الثوار ؟ لا أحد يستطيع التّنبّؤ بمستقبل المُجتمع على مدى السنوات المُقبلة. كما لا يمكنه أن يُثبت أن الثورة ستحدث، أو أن يَجْزِم أنها لن تحدث. (وفي تونس مثلاً، خلال سنة 2010، كان مجمل ملاحظي العالم وخُبراءه يؤكّدون بثقة كبيرة أن النّظام السياسي لزين العابدين بن علي هو نموذجي، ومُستقر، وقوي جدّا. ثمّ جاءت المُفاجأة في يناير 2011، وكذّبت الثورة تنبّؤات جميع الخبراء). وفي مغرب اليوم، ومن خلال استقراء التطورات، قد يظهر لبعض المُحلّلين، أن أحد الإحتمالات المُمكنة في المغرب، هو حدوث صيرورة ثورية مُشابهة لما حدث في تونس أو مصر. وقد يظهر لمُحلّلين آخرين أن حظوظ تكرار ثورة مُشابهة لما جرى في تونس أو مصر تبقى ضعيفة في المغرب. وقد يعتبر هؤلاء المُحلّلين أن الاحتمال الأكبر هو أن تلجأ الفئة الحاكمة في المغرب إلى نهج يشبه، إلى هذا الحدّ أو ذاك، ما حدث في ليبيا أو سوريا. وقد يُفسّرُ هؤلاء المُحلّلون ذلك التّوجّه بكون النظام السياسي في المغرب عنيد جدّا. وأنه يُفضل التّحدي على التّوافق. وقد يُذَكّر بعض المُحلّلين بما سبق أن عبّر عنه الملك الحسن الثاني، حيث نسب إلى المذهب السّني المالكي، كلامًا يعني القبول ب ''تقتيل الثلث الفاسد من الشعب، لإنقاذ الثلثين الباقيّين''. وقد يعتبر بعض المُحلّلين أن الفئة الحاكمة في المغرب سوف تُفضّل شن حرب أهلية على القبول بالتوافق أو بالتنازل. وقد يعرض بعض المُحلّلين بعض المظاهر التي تُدعّم رأيهم، ومنها مثلا أن الدولة لا تكتفي بمختلف الأجهزة القمعية المتوفّرة حاليا لديها، والتي هي جيوش جرارة، بل بدأت هذه الدولة منذ الآن تهيئ جماعات إضافية من ''البلطجية''، ومن ''المرتزقة''. وقد يعتبر بعض المُحلّلين أن الإحتمال الأكبر هو أن مستقبل المغرب لن يكون مشابها لما حدث في تونس أو مصر، وإنما سيكون مُشابها لما حدث في ليبيا أو سوريا (خلال سنتي 2011 و2012). وقد يعتبر مراقبون آخرون أنه من الممكن أن يتطوّر المغرب في إتجاه حرب أهلية، مثلما حدث في ليبيا، أو سوريا. 3) كيف ستكون العلاقة بين ''الإسلاميين'' والتَّقدُّمِيّين ؟ وفي المغرب، وفي ما يخص العلاقة المُحتملة في المستقبل بين التيارات ''الإسلامية'' والتيارات التّقدمية (أي العلمانية، والليبرالية، والاشتراكية)، لا ندري هل ستكون من نوع التعايش السّلمي، أم من نوع التحالف ضد الاستبداد السياسي، أم من نوع الصّدام والتناحر. وما تستوجبه مصالح الشعب العُليا هو أن تتعايش هذه التيارات بشكل سلمي، أو أن تناضل بشكل مُشترك ضد الاستبداد السياسي، وضد الفساد. أما إذا انحرفت هذه التيارات نحو التّصادم والتناحر فيما بينها، فإن مُعانات الشعب سوف تكون كارثة. وأخطر احتمال على الشعب، هو حدوث تحالف بين أنصار ''الشريعة الإسلامية'' مع النظام السياسي الاستبدادي، ضِدّ التيارات التقدّمية (أي العلمانية، أو الليبرالية، أو الاشتراكية). وفي حالة نُشوب صدام طويل بين التيارات ''الإسلامية'' من جهة، ومن جهة أخرى التيارات التقدّمية، فإن خُرُوقات حقوق الإنسان قد تُصبح كثيرة وفظيعة. وحدوث هذا الاحتمال أو ذاك، يتوقّف في المستقبل على درجة النّضج السياسي المتوفّرة لدى هذه التيارات. ومهما تفاوتت التّنبُّؤات، وهي كلّها قابلة للصّواب، وكذلك للخطأ، فإن نسبة هامّة من المُحلّلين يُرجّحون أن يكون الاحتمال الأكبر هو أن الصدامات العنيفة، والخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان، سوف تكون في المستقبل كثيرة، وربّما فظيعة. ويلزم بالتّالي أن تستعدّ الحركة الحقوقية لتبعات هذا السيناريو السيّئ. 4) ما هي مهام الحركة الحقوقية، وكيف تُلائم تنظيماتها، وأساليب عملها ؟ اعتبارًا للمعطيات التي سبق ذكرها، تُصبح الحركة الحقوقية مدعوّة إلى تطوير تنظيماتها، وإلى تحسين أساليب عملها، عبر مراعاة العناصر أو المقترحات التالية : 2.1- يُستحسن أن لا تُراهن الحركة الحقوقية على تقيّد الدولة، أو قوى القمع، باحترام القانون، أو باحترام حقوق الإنسان. (حيث أن الدولة لا تتردد في تجاوز حتى بنود الدستور، فبالأحرى أن تحترم القانون العام). 2.3- يُستحسن أن تحتاط الحركة الحقوقية من القمع الشرس الذي يُحتمل أن تُسلّطه قوى القمع على أعضاء هذه الحركة الحقوقية، وذلك عبر إخفاء أو تمويه بعض أعمالها. ويُستحسن أن تعمل شبكة الحركة الحقوقية، ليس في العلنية التّامة، ولكن في سِرّية جزئية، وذلك عبر ستر كل ما هو حسّاس في نشاطها. 2.4- ونظرا لكثرة مهام الحركة الحقوقية، ونظرا لكون هذه المهام تتطلّب مستوى مُتقدّم من الخِبرة، والدّقة، والسّرعة، يُستحسن أن تُعيد الحركة الحقوقية تكوين أعضائها. ويُفضّل أن تُشجّع الحركة الحقوقية كل عضو من بين أعضائها على التّخصص في نوع واحد من المهام، أو في إِثْنَيْن فقط من هذه المهام، وليس في عدد أكبر منها، وذلك بهدف تعميق تكوينهم في هذه المهام، وبُغية رفع مستوى أدائهم. أي أنه يُستحسن الإنتقال بِمُناضلي الحركة الحقوقية من الهِوَايَة، إلى التّخَصّص أو الإِحْتِرَاف. 2.5- ويُسْتحسن أن تُراجع الحركة الحقوقية هيكلتها أو تنظيمها، وذلك بهدف تحيينهما، أو بهدف مُلاءمتهما مع التطوّرات الجديدة الحَاصِلة، أو التي سوف تحصل، خلال الظّرْفِيّة الحالية، أو المُقبلة. والمبادئ التنظيمية التي تحكم التنظيم هي التالية : (أ) أن نَنْطلق أولاً من تحديد نوعية المهام المطروحة على الحركة الحقوقية، وأن نُسجل لائحة مختلف أنواع هذه المهام التي يجب على الحركة الحقوقية أن تنجزها. (ب) أن نخلق لكل نوع من المهام إطارا تنظيميا، أو لجنة، أو لُجَيْنَة مُخْتصّة. [ويمكن أن تتضمّن الهيكلة التنظيمية للحركة الحقوقية جزءًا علنيّا، وجزءا سِرّيًا لتلافي ضربات الأجهزة القمعية]. (ت) في كل لجنة، نحدّد مسئولا رئيسيا، ونائبه الأوّل، ونائبة الثاني، ونائبه الثالث، ونائبه الرابع، وهكذا. وكلّما تَعَطّل أو تَغَيّب عضو، يُعوّضه فورًا نائبه. (ث) نعمل بمبدأ القيادة الجماعية، والتّشاور، والتعاون، والتكامل. [فلا بُدّ من التنسيق، والتعاون، والتكامل، فيما بين مناضلين مُحَزّبين وغير مُحَزّبين. ومن الضروري أن يتعاون مناضلون ينتمون إلى مجمل تيارات اليسار بالمغرب. لأنه يستحيل على أي تيار، أو أي حزب، مهما كان، أن يضطلع بِوحده بهذه المهام كلّها]. (ج) كل الأعضاء يخضعون للمراقبة وللمحاسبة، وللنقد. (ح) منع تَراكم المسؤوليات لدى شخص واحد. (خ) تغيير توزيع المسؤوليات بعد كل بعد كل سنة تقريبًا. (د) تُنزع المسئوليات من كل عضو يَثْبُتُ في حقه أنه لا ينجز المهام المُوكلة إليه في الحين المُحدّد لها، وبالجودة المطلوبة فيها. (ذ) طرد العناصر التي يثبت في حقها أنها بوليسية مُندسّة. إلى آخره. 2.6- يجب التمييز بين مختلف ''أنواع المهام'' المطروحة على أعضاء الحركة الحقوقية. ومنها مثلا : أ) تغطية الاحتجاجات، وجمع المعلومات، وضبط صِحّتها، والتّأكد من دِقّتِها، عبر الاتصال المباشر بالضحايا، أو بِدَوِيهم، أو بالشهود العِيّان. (وعلى عكس المظاهر، فإن هذه المهمّة ليست سهلة، بل تتطلب تجربة، ودِقّة، وحِنكة، ودراية، وحكمة في التعامل مع المواطنين). ولتقليص حظوظ تعرّض المناضلين الحقوقيين للقمع، يتوجّب عليهم أن لا يشاركوا مباشرة في الحركة النضالية، بل عليهم أن يكتفوا بعملهم المحترف (مثل تغطية الاحتجاجات، وجمع الأخبار، والمعطيات، ومراقبتها، وتصويرها، إلى آخره)، بهدف النّجاح في مهمّتهم الحرفية. والمُكلّفون بهذه المُهمّة يقومون عادة بدراسة احتمالات كل حركة احتجاجية قبل حدوثها. ويدرسون الأماكن المواتية للمراقبة والتصوير (أسطح العمارات، أو نوافذ الشُّقق المطلّة على مكان التظاهر، أو على مَسَار المُظاهرة). ب) تصوير الاحتجاجات والأحداث (أثناء حدوثها)، إمّا بشكل علني، وإن تَعذّر ذلك، فبشكل سِرّي (عبر استعمال كَمِرَات فِيدِيُو خَفِيّة [Caméra cachée]، وذلك بهدف تلافي احتجازها من طرف البوليس). والتصوير من أسْطُح العمارات، أو من شُقَق سكنية مدروسة سَلَفًا. [وخلال كل حركة احتجاجية، لا يكفي الاعتماد على صحفي واحد، أو على مُصوّر واحد، حيث يمكن أن يقمع، أو أن يعتقل، أو أن تحجز آلة تصويره. بل نحتاط، ونستعمل عادة ثلاثة مُصوّرين. حيث أنه إذا لم يُسعف الحظ مصوّرا مُعيّنا، يكون مُصوّر ثان، أو ثالث، قد انتهز الفرصة، وحصل على الصّور الدقيقة، في اللحظة الحاسمة، التي تُصوّر الضربة، أو الاعتداء، أو خرق حقوق الإنسان. وقد يحتاج العضو المُكلّف بهذه المهمّة إلى معرفة فن تركيب أو تشكيل الفِيدِيُوهَات على الحاسوب]. ت) تحرير التقارير، والأخبار، والمقالات، حول خروقات حقوق الإنسان، طبقا للمعايير المتفق عليها. [وهي مهمة غير سهلة، حيث تتطلب حدّا أدنى في مجال معرفة القانون، وتتطلب إتقان اللغة، أو فن الكتابة، وربّما أيضا التحكم في الحاسوب، وفي الأنترنيت. وتحتاج إلى السرعة في تغطية الحركات الاحتجاجية، والدّقة في الأخبار، والحرفية في الشكل، وتحتاج كذلك إلى تدعيم هذه الأخبار ب ''فيديوهات'' (video)]. ث) بعث هذه التقارير، أو المقالات، بالسّرعة وبالجودة اللازمتين، إلى الجهات المعنية، أو المُختصّة، في داخل البلاد، وفي خارجها. ومنها مثلا : الوزارات، المنظمات غير الحكومية، الجمعيات الحقوقية، القوى السياسية، التّلفزات، الجرائد، إلى آخره. وكل واحد منها يحتاج إلى أسلوب خاص في التواصل معه. [وبهذا الصدد، نلاحظ أن الحركة الحقوقية بالمغرب لا زالت لا تستغل كلّ الإمكانيات التقنية الهائلة التي يسمح ''الأنترنيت'' (Internet) بإنجازها. فلا بُدّ إذن من الاستعانة بخبراء في هذا الميدان لرفع مستوى تواصل الحركة الحقوقية]. ج) مساعدة ضحايا خرق حقوق الإنسان، و مؤازرة المعتقلين، ودعم عائلاتهم، معنويا أو ماديا. (وهي مهمة صعبة، ومضنية، وتتطلب التنسيق فيما بين جهود عدد لا بأس به من المناضلين). ح) جمع الأخبار، وترتيب المعطيات، في ''أرشيف'' مُمَنْهَج، ومضمون، وحِفْظ هذا الأرشيف من الضياع، أو من القمع، أو من الإهمال، وإتاحة استغلاله من طرف كل باحث يهمّه الأمر. (وهي مهمة تتطلب المنهجية في العمل، والدقة، والمثابرة، والتحكم في الحاسوب). ويجب على كلّ عضو من بين أعضاء الحركة الحقوقية أن يتخصّص في نوع واحد من هذه المهام المذكورة سابقا، أو على الأكثر في اثنين فقط، وليس في عدد أكبر من هذه المهام. ومن غير السّليم أن يظن أي عضو في الحركة الحقوقية أنه بمستطاعه أن ينجز هو وحده، وفي نفس الوقت، كلّ هذه الأنواع من المهام، أو أن يَتَكَلّف بعدد كبير من هذه الأنواع من المهام. لماذا ؟ لأن الاضطلاع بعدد كبير من هذه المهام من طرف شخص واحد هو أمر مستحيل. ولأن كل نوع من بين تلك المهام السالفة الذكر يتطلب من المناضل في الحركة الحقوقية جهدا كبيرا، ومُثَابَرة عبر الزمان، كما يتطلّب منه معرفة فنّية، أو خبرة عملية، ويستهلك جزءا كبيرا من وقته الشخصي. وختامًا، أتمنى أن تكون هذه الأفكار المُقترحة قد ساهمت في إفادة مناضلي الحركة الحقوقية بالمغرب. والسلام عليكم. وحرر في الدارالبيضاء، في يوم الخميس 20 دجنبر 2012.