القرار الأمريكي باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء؛ هو نقلة نوعية في مسار الملفالسياسي والقانوني. فامريكا هي صانعة التاريخ المعاصر والفاعل الأساسي فيه علىجميع الأصعدة، بدءا بالجغرافية عبر المساهمة في تحرير البلدان الأوروبية، ثم الاعمار،والاقتصاد والأمن والسياسة.ا وإن اقرار واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ليس رد جميل على سابق اعتراف المغرببها، وليس تغليب للمغرب ومناصرة له، وليس خدمة بثمن. فأمريكا تكشف فقط عن واقعالجغرافيا، التي تنطق بمغربيتها وحقيقة التاريخ الذي يزخر بشهادات على أنها جزءمن التراب المغربي، و مقتضيات القانون الذي حكم لها بأنها نطاق اقليمي مغربيخالص. أولا: الاعلان الأمريكي بمغربية الصحراء له حجية نهائية في القانون الأمريكي؛ نعم نجحت الديبلوماسية الملكية في استصدار شهادة واعلان أمريكي بمغربيةالصحراء، اعلان من رئيس أمريكي، فامريكا نظام رئاسي، وتحتل فيه الرئاسة الاتحاداعلى قمة في صناعة القرار السياسي واتخاذه. بحيث تخضع لها كل الأجهزة ولا تناقشه. فالقرار له حجية وصدقية نهائية. وبعد هذا الاعلان المرافق لخطوة عملية على الأرض بفتح القنصلية الأمريكية في الداخلة،فان السؤال الآن مركز على كيفية استثمار المغرب لهذا التحول والنقلة النوعية إلى حسمنهائي على مستوى الملف برمته، وبكافة جزئياته وتفاصيله. ثانيا: الإعلان الأمريكي بسيادته على الصحراء حصانة للحقوق المغربية داخل مجلس الأمن، وبداية تكوين اجماع دولي. فمغربية الصحراء تعززت باعلان من طرف دولة عظمى تتمتع بحق النقض من داخلمجلس الأمن، وهو ما يوفر حماية للحقوق المغربية في هذا الإطار على مستوى هذاالجهاز الدولي الآلية التقريرية والتنفيذية الأممية بمثابة حكومة عالمية. ثالثا: الاعلان الأمريكي بداية النهاية لتكوين قناعة واجماع دولي بمغربية الصحراء: فالقرار والاعلان الأمريكي يعتبر بداية لتكوين قناعة واجماع دولي كما في مجلس الأمنبهذه الحقيقة، ووضع نهاية للملف بالأمم المتحدة، عبر اصدار قرار نهائي من مجلسالأمن بتسمية نعوته بالحل السياسي الواقعي والعملي الذي يضمن التنمية والأمنوالاستقرار، والتصريح أن الصحراء مغربية، ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الاقليممحدد وضعه النهائي من ذي قبل في اطار مغربيته. رابعا: الاعلان الأمريكي اعطى صدقية لفهم المغرب لقرار محكمة العدل الدولية، وصحح مغالطات سوء التأويل. رافق صدور قرار محكمة العدل الدولية بوجود روابط قانونية مع المغرب سوء تأويل كبيرساهم فيه قضاة نفس المحكمة الذي خاضوا خروجا عن أركان وشروط الحفاظ على مبدأ الحياد بخوضهم في امور السيادة التي لم تطلب منها من طرف الأطراف موريتانياوالمغرب والجمعية العامة للأمم المتحدة. وان القرار والاعلان الأمريكي يعطي صدقية للموقف المغربي بكون حكم المحكمة لصالحه،ويضع حدا للتفسير الخاطئ من طرف خصوم المغرب، ولأي استعمال مشبوه بهذاالخصوص. خامسا: الاعلان الأمريكي يجعل الاعتداء على سيادته عدوان ويمنح الشرعية للمغرب لرده بالقوة؛ ويضع القرار ايضا حدا لتبرير اي اعتداء على سيادة المغرب بحيث سيكون ذلك عدوانا،يجعل المغرب حر في مواجهته بالأسلوب الذي يقدره يفي بغرض الدفاع عن نفسه، سواءباللجوء الى مجلس الأمن، او في اطار شرعيته في الدفاع عن النفس. سادسا: الاعتراف الأمريكي يحمل الحزائر مسؤولية اعتداءات البوليساريو على المغرب؛ وسيغير هذا الاعلان التاريخي من طبيعة أي اعتداء من طرف ميليشيات البوليساريو ،بخيثدسينتج عنه الدعوة الى اعتبارها منظمة ارهابية، او ادانة الجزائر في اطارالاتفاقية الدولية باستعمال المرتزقة للاعتداء على سيادة الدولة المغربية. سابعاً: الاعلان الأمريكي يحصر الحل مركزا فقط على عودة سكان مخيمات في اطارحلول اللجوء. وبعد هذا الاعلان، ينحصر الحل في نزاع الصحراء على مسألة عودة سكان المخيماتالمغاربة الى المغرب في اطار صيغ الحل الحصرية التي تقرها اتفاقية جنيف 1951،بالعودة في اطار اختصاص حصري لمفوضية غوث اللاجئين الأممية من داهل برنامجأممي محض يتناول الترتيبات الزمنية والمساعدة المادية للمغرب لاستقبالهم. ثامنا: الاعلان الأمريكي بمغربية الصحراء يفرض التزام قانوني وسياسي على الأممالمتحدة في مواجهة الجزائر؛ و يفرض القرار الأمريكي ضرورة للتدخل الأممي في اطار مجلس الأمن لفرض ضمانتنفيذ الجزائر باقي الحلول لمن اختار منهم أن يستمر جزائريا مادام الجميع قد اكتسبهذا الحق في اطار مبدأ الاقامة لمدة سبع سنوات التي يطلبها القانون الوطنيالجزائري، او بالولادة انسجاما مع التزاماتها القانونية في اطار القانون الدولي،والسياسية باعتبارها معنية بالنزاع باعترافها الأخير. تاسعاً: اغلاق المغرب لمنفذ الكركرات يفرض على الحزائر المبادرة بالحل في اطار تفاهما تحصرية مع المغرب. أما على مستوى علاقات المغرب بجواره، فانني اتكهن استمرار الجزائر في تعنتها لميسرةمن الزمن، فالمغرب باغلاقة لمنفذ الكركرات على الأطلسي وضع حدا ونهاية لكل أمل وطمعجزائري من باب البوليساريو، وحكم عليها المغرب بحتمية المرور عبره في اطار تفاهماتسياسية واقتصادية. ويزيد كنا يفاقم القرار الأمريكي من شدة الضغوط على الجزائر الى اعلى مستوياته،ويفرض عليها حلا واحدا؛ هو التفاوض المباشر مع المغرب والتعاون لتسوية نهائيةتحفظ ماء وجهها بعد ان خسرت كل الأوراق، ولا حرج لها في ذلك، فقد سبق لها ان اقرتبعدم ادعائها اي حقوق في الصحراء، وانها مغربية. عاشراً: القرار الأمريكي بمغربية الصحراء يرفع الحرج على موريتانيا وتحتاج وقتا لاستيعاب داخلي ويختلف الأمر كثيرا مع موريتانيا التي اعلنت الحياد وتحملت عناء الحفاظ عليها،وشقاء بحثها المستمر عن نقطة وحدود التوازن مع جيرانها المغرب والجزائر. وان القرارالأمريكي سيحررها من الحرج لكن ذلك لن يكون آليا وبسرعة، فالأمور على المستوىالداخلي الاجتماعي مركبة ومتداخلة ومعقدة، وتحتاج مهلة لتيسير السيطرة عليهاوفكها. على سبيل الختم: القرار الأمريكي بشرعية سيادة المغرب على اقليم الصحراء يكشف على شرعية حقوقالمغرب ، ويكشف في نفس الوقت ان المغرب قوة جذب وتنافس دولي، وان سياسة حزمالمغرب، وانفتاحه على تنوع شركاء المغرب وخطته الجديدة في افريقيا اعطت عائداسياسيا سريعا و هائلا، يجعل ثقلا وتحديا أكبر على المغرب من اجل الاستمرار والحفاظعليه، وبذل مزيد من الحيطة والحذر تفاديا للوقوع في شراك المؤامرات جعله مجال صراعدولي، وتفاديا للوقوع في فخاخ تربصات الخصوم. محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء.