لقد لاحظ العالم خلال الشهور القليلة الماضية كيف أن قادة دول عربية وغربية تمكنوا تحت رعاية ال"ماما " أمريكا من إبداع مفهوم جديد للصداقة ، يحمي مصالح الغرب عموما وإسرائيل خصوصا من أي نية سيئة عربية أو مسلمة مستقبلية في تنظيم " ملتقى أصدقاء" ضد إي نظام غربي أو ضد النظام الإسرائيلي تحديدا ، و جعلوا هذا المفهوم يقتصر طبعا على تكوين تحالف يسمى تجاوزا " ملتقى أصدقاء" مستعد لمواجهة الأنظمة العربية التي قد تينع رؤوسها ، وتقرر في يوم ما ، وإن كان هذا من سابع المستحيلات ، توجيه ضربة إلى الكيان الإسرائيلي الغاشم انطلاقا من دولة عربية أومسلمة بسلاح وجيش عربيين أو مسلمين ،خاصة إذا علمنا أن للحكام الغربيين توابث سياسية يستحيل أن يتنصلوا منها، من أبرزها التضامن المطلق مع العدو الإسرائيلي الصهيوني الغاشم ضد كل من سولت له نفسه الهجوم على هذا الأخير، ولعل قولبة مفهوم الصداقة بهذا الشكل الذي بسطناه أعلاه في البنى الذهنية للحكام العرب المنضوين تحت لواء "أصدقاء الشعب السوري " هو الذي حال دون سماع جعجعة أو رؤية طحين " طاحونة " أصدقاء الشعب السوري الوافدين من 70 بلدا من ضمنها بلدان عربية إضافة إلى تركيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى الجامعة العربية ومنظمات دولية أخرى ، جعجعة وطحين يستمد منهما الشعب الفلسطيني الأعزل قوته للصمود في وجه الهجمة الشرسة التي نفذها جيش الكيان الإسرائيلي الصهيوني الغاشم على أهلنا في قطاع غزة والذي سقط جراءها إلى حدود كتابة هذه السطور أكثر من سبعة عشر شهيدا فلسطينيا .الجعجعة يمكن أن تتمثل في حث المنتظم الدولي لإدانة هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم المتكرر على قطاع غزة الذي يستهدف المواطنين الفلسطينيين وقادتهم في حماس ، والطحين يمكن أن يكون على شكل إمداد المقاومة في قطاع غزة بالمال والسلاح والغذاء تماما كما فعل ويفعل هؤلاء الأصدقاء للشعب السوري مع ما يسمى بالجيش "الحر" . إن ما يهمنا كعرب ومسلمين من ملتقى أصدقاء الشعب السوري تعامل الحكام العرب ومعهم حكام تركيا مع ما حدث لإخواننا في قطاع غزة أخيرا ، حيث توضح وانكشف الوجهان المختلفان لعملة واحدة والمتمثلة في الحكام العرب ؛الوجه الأول لهذه العملة عكسه الحماس المنقطع النظير للحكام العرب خاصة حكام قطر والسعودية حينما تعلق الأمر بما يجري ويدور في ساحة المعركة الدائرة في سوريا بين الجيش النظامي وبين ما درج على تسميته ب الجيش "الحر" والحرية منه براء ، والوجه الثاني لهذه العملة تجلى في خذلان وصمت مطبق لهؤلاء الحكام حينما تعرض أهلنا في قطاع غزة لهجوم شرس وحشي نفذه جيش الكيان الإسرائيلي المحتل ؛ فهؤلاء الأصدقاء العرب ومعهم القادة الأتراك الأوفياء للشعب السوري ، جعلوا هذا الأخير يكتشف ولأول مرة أن له أصدقاء من الوزن الثقيل سياسيا وعسكريا وماليا يمكن أن يُعول عليهم في محنته مع النظام الديكتاتوري السوري ،أصدقاء لم يذخروا جهدا في بحثهم المتواصل والمضني عن دعم مالي ولوجستيكي للجيش "الحر " ، من أجل وضع حد لنظام سوري ارتكب من الجرائم ما لا يعد ولا يحصى ، بل اكتشف الشعب السوري أن له صديقا وفيا جدا آخر هو المغرب الذي أبدى ، غير ما مرة ، استعداده لاستقبال أصدقاء سوريا بالمملكة المغربية وبمراكش تحديدا ، حسب ما تسرب من مصادر وُصفت بالموثوقة .وبالمقابل اكتشف الفلسطينيون أن هؤلاء الحكام العرب والقادة الأتراك هم أصدقاء للشعب السوري ويدعمون انتفاضته ضد نظام بشار الأسد ، الذي يقتل ويشرد السوريين فقط ، ولا يفكر في إلحاق الأذى بالكيان الإسرائيلي والدليل على ذلك تخليه عن جولان سوريا دون شعور بأدنى حرج أو خجل ، أما أهلنا في قطاع غزة وفي فلسطين كلها لا يمكن أن يحظوا بصداقة هؤلاء الحكام من أصدقاء الشعب السوري لسبب بسيط جدا هو أنهم ،ولسوء أو لحسن حظهم لست أدري ، يواجهون العدو الإسرائيلي الغاشم ، ولو بصواريخ بدائية من صنع فدائيي القسام، ويحرجون قادة البيت الأبيض الذين تعلموا في مدارسهم منذ نعومة أظافرهم أن إسرائيل هي الابن الوحيد المدلل لل"ماما " أمريكا . لم يمر وقت طويل جدا على زيارة أمير قطر لقطاع غزة ، حتى سارعت إسرائيل إلى قصف هذا الأخير بوحشية باتت معهودة ومعتادة في كل غزو إسرائيلي لهذا القطاع العزيز علينا نحن العرب والمسلمين ، سقط على إثره أكثر من سبعة عشر شهيدا فلسطينيا ، وبذلك تكون إسرائيل قد وجهت رسالة إلى حاكم قطر ومن خلاله إلى كل الحكام العرب ومعهم الحكام الأتراك مفادها أن لا أحد في العالم أجمع يمكنه أن يهدد إسرائيل حتى ولو تحول كل العالم إلى أصدقاء للشعب الفلسطيني ، على اعتبار أن إسرائيل ليست سوريا ونتنياهو ليس هو بشار الأسد ، والشعب الفلسطيني ليس هو " الجيش الحر" ، وبالتالي لكم أن سخروا كل أموالكم أيها العرب ومعكم الأتراك لمساندة ودعم الجيش " الحر" ضد نظام بشار الأسد ، أما أن تفكروا في تأسيس جمعية أصدقاء ضد إسرائيل فهذا يعد انتحارا واندحارا ، ونحن لكم بالمرصاد ما دامت ال"الماما " أمريكا راعية وفية لنا ولمصالحنا ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط برمتها .