قال العلامة السمنودي الأزهري المعروف بالمنير رحمه الله تعالى في كتابه تحفة السالكين ودلالة السائرين لمنهج المقربين في بيان الطريق المطبوع عام 1487 م في الباب الخامس في آداب الشيخ والمريد ص104 : إعلم إنه لم يبلغ أحد حالة شريفة ودرجة منيفة إلا بصحبة الأشياخ والإجتماع بهم والأخذ عنهم وملاحظتهم وملازمة الأدب معهم ودوام خدمتهم ومن صحبهم على غير ذلك من الاحترام حرم بركات نظرهم ,قال الجنيد رحمه الله تعالى : من حرم احترام المشايخ أبتلاه الله بالمقت بين العباد نسأل الله العافية .وقال بعضهم : ما حرم المريدون الوصول إلا بتركهم الأصول وعدم الاقتداء بالمشايخ والسلوك بالهوى فطالت عليهم الطريق وربما مات أحدهم في أثنائها ولم يحصل له حاصل .وقال بعضهم من جالس هذه الطائفة ثم لم يتأدب معهم سلب الله نور الإيمان منه.وقال :من أدب المريد أن لا يدخل على شيخه إلا مطهرا ولا يطرق عليه باب خلوته إذا كان فيها بل يذكر الله جهراً، فإذا سمعه وأراده أن يدخل عليه أمره بالدخول وإلا إنصرف . وقال : وأن يجلس في مكان حيث يراه وإذا دعاه سمعه , وإذا جلس عنده أطرق رأسه وصمت بلسانه وقلبه فلا يتكلم بحضرته إلا جواباً وإذا تكلّم خفض صوته ولا يكتم شيئاً مما خطر له من محمود أو مذموم ولكن لا يذكر من الخواطر إلا ما دام وتكرر عليه ولا يذكره بحضرة الناس وأن يسلم لشيخه جميع ما يقوله فلا يعترض عليه قطعاً ولو بالقلب فإن الشيخ ربما رأى بالمريد شيئاً لا حقيقة له مكراً به لسوء الأدب وقع منه وهو لا يشعر وأن لا يأكل مع شيخه حتى يدعيه ولا يمشي أمامه إلا ليلاً أو لضرورة ولا يكتم عنه شيئاً من أحواله ولا يفعل مهماً إلا بمعرفته ويقوم لقيامه ويقبل عليه إذا جاء وإذا أراد أن يذهب إستشاره ولا ينام بحضرته ولا يتثائب ولا يتّكىء ولا يستند على شيء ولا يتربع إلا أن يأمره ولا يأكل وهو ينظر إليه وإذا أمره بأمر إمتثله ولا يتأول كلام شيخه في أمر له أو نهي بل يحمله على ظاهره ويسعى فيما ندبه إليه وإن كان مخالفا لظاهر النقل فإن الشيخ أوسع إطلاعا منه لأنه مأخوذ على الشيخ النصح لكل مسلم وقال أيضاً : ومن آدابه مع شيخه أن لا يلبس له ثوباً ولا يطأ له سجادةً ولا ينام على سجادته أو _ وسادته _ ولا يسبح بسبحته لا في غيبته ولا في حضوره وإذا وهب له شيخه قميصاً أو نعلاً أو رداءاً فليظهر توقير ذلك الشيء وليجتهد في نفسه وأن يكون على أخلاقه في الأحوال والدين والنظافة الظاهرة والباطنة لئلاّ يسيء الأدب مع ذلك الشيء الذي كان ملبوس شيخه ولا يفعل معصية وهو لابسه ولا يعطيه لأحد غيره ولو أعطاه فربما يكون شيخه طوى له فيه سراً من أسرار الفقراء مما يغنيه في الدارين ويقرّبه إلى الله عز وجل وربما جمع له فيه جملة من أخلاق الرجال كما طوى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ثوباً وضمه إليه فما نسي بعد ذلك شيئاً , والأشياخ ليس فعلهم سداً لأن مقامهم يعلو عن اللعب ولا يمشي بنعل أعطاه له إلا في مواطن الفرح ). وقال سيدي أبو السعود أبو العشاير للشيخ السّيد داوود الأعزب : يقول المريد الصادق هو الذي لا يتعب شيخه فيه وكان يقول : ليس المريد من يتشرف بشيخه، إنما المريد هو الذي لا يُتعب شيخه ,وكان يقول : ليس المريد من يتشرف بشيخه، إنما المريد من شرف شيخه. انتهى مناسبة الحديث إذن ،ظهور سلوكات غير مشرفة من بعض المريدين غفرالله لهم أو من المحسوبين على أكبر طريقة صوفية سنية بالمغرب وذات الإشعاع الدولي والعربي والإسلامي المشهود له إعلاميا في جل قنوات الدنيا ،إذ أضحى التهافت على متاع الدنيا بشتى الطرق الشرعية وغير الشرعية هو ديدنهم وكأنهم انتسبوا إلى الطريقة من أجل قضاء مصالحهم الشخصية والانتفاع الذاتي من سمعة الطريقة بأساليب مقيتة أشبه بالميكيافيلية،بعيدا عن كل تعلق برب القلوب الذي هو مسعى الطريقة وديدنها ،وربما تراجعت أنفاسهم قليلا وقل طمعهم وضعفت شراهتهم ورطبت قلوبهم لو امتثلوا لتوجيهات شيخهم الفاضل وعملوا بنصائحه التي تأتي كالدرر والجواهر المفقودة (رحيل الشيخ كرحيل حليب الرضاع،فلا يرضع الرضيع سوى "الغيال"،لكن الشيخ الحي يدوم الانتفاع به ومنه كدوام حليب الأم).الحياة مع الشيخ الحي مليئة بالأسرار الربانية وبالبركات الحسية والمعنوية،لكن الشيخ الذي رحل إلى دار البقاء يظل ذلك الكنز الثمين الذي لا يفنى والمرجع الروحي الذي يستعان به في حياة المريد عملا بأقواله المأثورة والتأسي بسيرته العطرة على منهاج النبوة فمن أبسط الأمور لدى المريد أن يعمل على الامتثال لتوجيهات شيخه وللبلاغات التي تصدر باسمه كلما حدث حادث وأن يتجنب الشبهات التي يمكن أن تسقطه في الهوى وفي ملذات الحرام..عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ،ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وأن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم .صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .ولنا عودة لذات الموضوع في مناسبات قادمة بحول الله لقد رأينا فضل هذه الطريقة على مريديها في الحس كما في المعنى ويتوافد عليها علماء فقه وشريعة ورجال فكر وأطباء وصيادلة ومهندسون ومحامون وأساتذة جامعيون ورجال أعمال وإعلام وكتاب وأدباء ومدراء وطيارون وشخصيات بارزة من المغرب ومن المشرق ،ومن أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا بل من كل أصقاع العالم ،ومن كل الشرائح العمرية والاقتصادية والاجتماعية ،من الذكور والإناث ،لا عجب أن نراهم مناقدين بفطرتهم السلبمة التي خلقوا عليها مستجيبين لنداء الميثاق الأول ألست بربكم ، قالوا بلى ، فيأتون من كل بقاع الأرض بحثا عن الشيخ الحي الدال على الله في بلاد المغرب والتي جاء فبها الحديث الصحيح ، ولله الحمد والمنة :"لايزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة". أولا يزال أهل المغرب في رواية أخرى لمسلم ، ويقول المفسرون خاصة المالكية أنهم أهل المغرب والأندلس ولأن الشيء بالشيء يذكر، أود أن أذكر هنا، والذكرى تنفع المؤمنين ، بأن شباب اليوم هم أحوج أكثر من أي وقت مضى إلى اتباع طريق التصوف لمحاربة التطرف الذي أضحى يأكل الأخضر واليابس في ثنايا خلايا نائمة ، يقظة ومتحركة تعشق الدماء المسفوكة ،لا تبقي ولاتذر وتكاد لا تخطئ بلدا دون آخر. وقد حافظت بحمد الله بلادنا على سنيتها في التصوف على طريقة الإمام الجنيد وأشعريتها في العقيدة ومالكيتها في المذهب الفقهي ،مما جعلها في مأمن من الفتن الطائفية والمذهبية ، ولست متخصصا في منهج هذه الطريقة الصوفية السنية المغربية العريقة التي غدت كونية ، ولا بلغت معشار ذرة ما بلغه المنتسبون إليها من ذكروأحوال ربانية ، لكن في أمهات كتب المتقدمين والمتأخرين من علماء السنة والطريقة وفي البوابة الرسمية لهذه الطريقة المباركة. ما يغني عن السؤال – وبشكل مسهب مع الإحالة على المراجع – حول بعض الإشكالات المعرفية أوالشبهات التي يطلقها أدعياء من أعداء التصوف السني وغني عن الذكر ما قامت وتقوم به (وقوع تغييرات كبيرة في برامج الطريقة بسبب التقيد بالإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد) هذه الطريقة الفضلى على ضوء الكتاب والسنة من أعمال جليلة يومية وأسبوعية ودورية وسنوية في كل أرجاء المغرب وأنحاء المعمور لتزكية الفرد والجماعة وحفظ الأمة وأبنائها وسائر مخلوقات الله ،بتوجيهات من شيخها المأذون العارف بالله وارث السر المحمدي الدكتور سيدي جمال القادري بن المرحوم الشيخ حمزة بن المرحوم الشيخ العباس البودشيشي ، من خلال الاعتصام في باب الله تعالى بإخراج سلك القرآن وقراءة اللطيف وختم كتاب البخاري والشفا للقاضي عياض، إضافة إلى أورادها الفردية والجماعية وحلق الذكر وتلاوة المنفرجة والدعاء الناصري وقصيدة البردة للإمام البوصيري بإيقاعات تشد الألباب ودلائل الخيرات والصلاة على المصطفى الحبيب بصيغها المختلفة وإحياء ليالي للذكر والسماع والدعاء إلى الله أن يجمع كلمة المسلمين ويوفقهم لما يرضاه لهم، كما تضطلع زواياها العامرة بالمغرب وفي كل بلدان العالم بأنشطة تربوية وتثقيفية واجتماعية وترفيهية لفائدة كل الفئات العمرية ،وينشط مريدوها بشكل قوي ومفيد على مستوى النشرالرقمي وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث لكل فرع منها في مدينة أوجهة تقريبا موقع فايسبوكي نشيط.وقد بلغت شهرة هذه الطريقة الصوفية المغربية آفاق الدنيا بتوفيق الله ثم بما يسهرعليه العارفون بالله من أبناء وحفدة شيخها حفظهم الله جميعا ، وعلى رأسهم الإبن البكر الكريم اللطيف الرؤوف بالناس الدكتور سيدي منيرالقادري البودشيشي رئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام.ونائب شيخ الطريقة القادرية البودشيشية ونائب رئيس الاتحاد العالمي للصوفية ورئيس الملتقى العالمي للتصوف الذي ينعقد بمداغ ناحية بركان شرق المغرب كل عيد مولد نبوي بحضور علماء ومريدين من كل بقاع العالم ، وبفضل جهود كل أبناء الشيخ سيدي جمال حفظه الله وحفدة القطب الرباني الشيخ الراحل سيدي حمزة رحمه الله، هم الكرام البررة السادة الأحبة والدرر المتلألئة مراد وفؤاد ومحمد ومعاذ وهو رئيس المجموعة الوطنية الرسمية للسماع والمديح بالطريقة القادرية البودشيشية وبما يبذله من جهود حثيثة أيضا كل مريدي ومحبي الطريقة داخل الوطن وخارجه. آخر ما صرح به المرحوم سي بلامين السائق الخاص للمشمول برحمة الله القطب الرباني سيدي حمزة القادري روى عن المرحوم الشيخ العارف بالله مولاي العربي الدرقاوي أنه كان ذات نهار بالسوق ، وقد حلق رأسه، فإذا برجل سفيه جاء وأمسك برأسه أمام جمع من الناس، وأخذ يردد ودلاحة واش من دلاحة هذي ، ولم يمر وقت طويل على هذه الواقعة حتى مر فوقه بغل بالسوق فقضى عليه ، وجاء الناس يستفسرون ولي الله مولاي العربي الدرقاوي عما جرى ، فأجابهم رحمه الله : ما درت لو والو ، راه مول الدلاحة لي غار على دلاحتو أولياء الله هم أحباؤه في كل زمان ومكان ، ويغار عليهم ويعادي من يعاديهم كما جاء في حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : إن الله قال ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) عادى: آذى وأبغض وأغضب بالقول أو الفعل وفيما رواه مسلم ، عن حارثة بن وهب أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ألا أخبركم بأهل الجنة؟ " قالوا: بلى. قال – صلى الله عليه وسلم : كلُّ ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره"، ثم قال: "ألا أخبركم بأهل النار؟ " قالوا: بلى. قال: كل عتلٍّ جواظ مستكبر وعن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ربَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره وولي الله لا يغرنك شبحه أو مظهره أو زينته أو غناه أو فقره ، بل انظر إلى حاله ومقامه على ضوء الكتاب والسنة ، فقد قيل أن وليا لله أنعم الله عليه بنعم الدنيا وكان يعيش في قصر جميل و ينفق ماله على المحتاجين ، فأرسل منه إلى رجل صالح محتاج لينفق به على نفسه وذويه ،ومعه خطاب ينصحه فيه بأن لا يتعلق قلبه بالدنيا بل برب الدنيا والآخرة ، يبدو هذا غريبا في زماننا هذا ، لأن المادة طغت على التعلق برب المادة ، ألم يكن إذن سيدنا سليمان مثلا نبيا ووليا لله ومالكا لأنعم الله في الأرض بإذنه ، والولي يبقى وليا لله فقيرا كان أو غنيا ، مثل حال الأنبياء كان منهم الأغنياء والفقراء ، وذكر في أثر الأولياء أن رجلا صالحا مد مالا لولي لله ، وقال له: هذه له، أي لله ، فرد عليه الولي مازحا بذكاء: منه لا منك وبيت القصيد هنا أن العارف بالله المشمول باللطف والحلم والمحبة لسائر الخلق، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية سيدي جمال القادري البودشيشي حفظه الله لن يعرف قدره ومقامه إلا من صحبه وجالسه وأخذ عنه وكذلك والده المرحوم الشيخ سيدي حمزة، فكلهم على قلب واحد،قلب عامر بمحبة الله ورسوله وبمحبة الخير لجميع المخلوقات ،فقد كنت حضرت له ومعه في مجالس تكاد لا تعد ولا تحصى ورأيت منه ومن أبنائه وحفدته الكرام البررة بقدر منزلتي كل خير وصلاح وفراسة وفضل ولطف ورفق ورحمة ومحبة لجميع الخلق ،وما فتئ يتردد دوما على مسامعنا دعاؤهم النافذ للقلب : الله يبلغ المقصود .ولا ينبغي أن نعتبر المريدين إذن ملائكة ،فهم كسائر الخلق يخطئون ويستغفرون ،لكن رأيت منهم- وأشهد الله على ذلك – من أخلاقه كأخلاق الملائكة ، طيبة ورأفة بالعباد وحسن خلق ، و تلكم الفضائل وغيرها من جملة ما جنوه من ثمارالصحبة والامتثال للشيخ ولا شهادة قد تكون أقوى من شهادة المرحوم الإمام العلامة والحافظ المحدث المرحوم سيدي عبدالعزيز بن الصديق سنة 1996، وكنت من بين الحاضرين في تلك الليلة المباركة بالزاوية العامرة بمداغ ،والتي قال فيها -رحمه الله- وكان الأستاذ أحمد التوفيق (وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الحالي) هو من يمسك بالمايكروفون ليدلي العلامة بن الصديق بشهادته يومها ،أنه صار من الداعين إلى تصوف الطريقة ، وأنه رأى من الشيخ سيدي حمزة الفناء في الله تعالى والتضحية في سبيله ، ومن أراد طهارة نفسه والعظة ،فليلزم الشيخ في طريقته وفي صحبته وليخلص في معاملته وأن الشيخ يجمع قلوب الصغير والكبير والشبان والشابات على ذكر الله ويذكرهم بحكايات الصالحين في وقت تجمع فيه المجامع للهو وللعب وللخرافات والأساطير وأن الله تعالى جل علاه، قال في منزل كتابه وذكرهم بأيام الله شهادة الإمام العلامة الحافظ المحدث الصوفي سيدي عبد العزيز بن الصديق رحمه الله رؤية الشهادة كاملة https://www.youtube.com/watch?v=_NzDZWmzdkI ولأن بحر التصوف السني (شريعة وطريقة وحقيقة ، وأخلاق وأشواق أذواق ) الذي تنهجه الطريقة لا ساحل له ، فإن المريدين يجتهدون ، كل على قدر مقامه وجهده ، في إحياء أيام رمضان وأمسياته ولياليه كما هو معمول به في سائر الشهور في رحاب الطريقة ، بختم السلك وبالذكر والاعتصام بباب الله وقراءة اللطيف ودلائل الخيرات والصلاة على المصطفى والتغني بالبردة والسماع الصوفي – دون استعمال الآلات الموسيقية امتثالا لتوجيهات الشيخ ومنهج الطريقة الشرعي – والقراءة الجماعية للدعاء الناصري وقصيدة المنفرجة و المداومة على الأوراد الفردية وحلقات التكوين والتربية للبراعم ولليافعين وللشباب وللكبار بالإضافة إلى أنشطتها الثقافية والترفيهية و الاجتماعية كالتمريض والتطبيب للأسر المعوزة وإقامة دورات تنشيطية وخرجات وأنشطة تخييم للأطفال وندوات معرفية ونحو ذلك وفي ليلة القدر المباركة وبذكرى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تحضر أعداد تكاد لا تحصى من مريدي ومحبي الطريقة من شتى أنحاء البلاد ومن كل بلدان العالم إلى مداغ ناحية بركان شرق المغرب من أجل تجديد الوصال برب العزة على مقربة من الدال عليه ، فاللهم زد في المدد والعدد ، تزكية للنفوس وتربية للقلوب ووقاية لبلادنا من كل مكروه من قريب أو من بعيد ، واحفظ اللهم أمنها واستقرارها من كيد الكائدين وأسأل الله أجر المجتهد ، أخطأت أو أصبت في الحديث عن موضوع ليس سهلا أن تخوض فيه ، لأنه من معاني القلوب السائرة إلى الله وبالله وله محققوه وعلماؤه ممن بحثوا فيه حتى بلغوا فيه مبلغ المشيب ومسك الختام، أورد للإفادة بعض شهادات كبار العلماء والفقهاء الصادحة بالحق في حق الصوفية الكرام منشورة بموقع الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة على شبكة الويب http://www.aljounaid.ma/Article.aspx?C=5603 هذه نبذ من الأقوال والشهادات عن التصوف والصوفية لبعض أكابر علماء الأمة الإسلامية، تسفر اللثام عن أصالة التصوف وامتداده وتجدره في الممارسة الإسلامية منذ نزول الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه علم من العلوم الإسلامية الهامة الإمام مالك: ت179ه يقول الإمام مالك: "من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق" الإمام الشافعي :ت204ه ويقول الإمام الشافعي فقيها وصوفيا فكن ليس واحد++ فإنّي وحق الله إيّاك أنصح فذلك قاس لم يذق قلبه تُقى ++وهذا جهول، كيف ذو الجهل يصلحُ؟ فهذا الإمام الشافعي يحرص على الاقتداء بالصوفية ويستفيد منهم ويغترف من معينهم، وكان يقول رحمه الله: "حُبب إليّ من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف" يتأكد تعظيم واحترام الإمام الشافعي للصوفية من خلال القصة التالية: "مر طائفة من المتصوفة على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه في صحن المسجد، فقال الشافعي رضي الله عنه: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما على وجه الأرض في هذه الساعة قوم أكرم على الله عز وجل منهم" كما أنه – رحمه الله – استفاد كثيرا من الصوفية، وكان يقول: "صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين، وفي رواية سوى ثلاث كلمات قولهم: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك، وقولهم: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وقولهم: العدم عصمة" الإمام أحمد بن حنبل :ت241ه وأما الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله – فكان يُعظم الصوفية ويرفع من قدرهم؛ لأنهم أئمة هدى وصلاح وخير لهذه الأمة. فقد نقل العلامة محمد السفاريني الحنبلي، رحمه الله، عن إبراهيم بن عبد الله القلانسي، رحمه الله تعالى؛ أن الإمام أحمد، قال عن الصوفية: "لا أعلم أقواما أفضل منهم. قيل إنهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة" وقد كان الإمام أحمد قبل ذلك يحذر ابنه عبد الله من صحبتهم فلما سبر مذهبهم، وعرف أحوالهم، ومنزلتهم أمره بملازمتهم والاقتداء بهم، وفيما يلي قصته مع ابنه: "كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله رحمه الله تعالى: "يا ولدي عليك بالحديث، وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فإنهم ربما كان أحدهم جاهلا بأحكام دينه، فلما صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي، وعرف أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة"،بل أكثر من هذا فالإمام أحمد يُعد في نظر الكثيرين، من كبار الصوفية، لأنه رحمه الله يعتبر من الأوائل الذين تكلموا بعلوم الصوفية كما صرح بذلك ابن تيمية في مجموع فتاويه بقوله: "وقد نُقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما" الإمام العز بن عبد السلام:ت660ه قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: "قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، وقعد غيرهم على الرسوم، ومما يدلك على ذلك، ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فإِنه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، فلو كان العلم من غير عمل، يُرضي الحق تعالى كل الرضا، لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولو لم يعملوا بعلمهم، هيهات هيهات" الإمام ابن تيمية: 728ه تحدث أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى عن التصوف في مجموع فتاويه فقال: "وقد نُقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما" وقال: "فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر [الجيلاني]، والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إِلى أن يموت، وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإِجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم" الإمام الشاطبي: 790ه حيث عقد العزم على التأليف في التصوف ثم أعجلته المنية قبل تحقيق المراد، يقول رحمه الله: "وفي غرضي إن فسح الله في المدة وأعانني بفضله ويسر لي الأسباب أن ألخص في طريقة القوم أنموذجا يستدل به على صحتها وجريانها على الطريقة المثلى، وأنه إنما داخلتها المفاسد وتطرقت إليها البدع من جهة قوم تأخرت أزمانهم عن عهد ذلك السلف الصالح، وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي ولا فهم لمقاصد أهلها، وتقوَّلوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت في هذا الزمان الأخير كأنها شريعة أخرى غير ما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم، وأعظم من ذلك أنهم يتساهلون في اتباع السنة، ويرون اختراع العبادات طريقا للتعبد صحيحا، وطريقة القوم بريئة من هذا الخباط بحمد الله" ويشيد رحمه الله بمذهب الصوفية بقوله: "وقد بنوا نحلتهم على اتباع السنة، وهم باتفاق أهل السنة،صفوة الله من الخليقة فما أحوجنا إذن إلى تقوية القلوب بحب الله تعالى وبحب رسوله العظيم والسعي الحثيث إلى بواب الحضرة الإلهية عسى أن يرفعنا من نجس هذه الدنيا الفانية إلى مبتغانا بالأخرى الباقية وينقذنا من هوى النفس الأمارة بالسوء ومن مكايد الشيطان الرجيم .والله ولي التوفيق والسداد