أثارت سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لاحتواء جائحة كوفيد-19 غضب الإسرائيليين الذين خرجوا في تظاهرات مطالبين برحيله ومرددين هتافات "لن نغادر حتى يغادر بيبي". وتظاهر الآلاف بعد انتهاء عطلة السبت أمام مقر إقامة نتانياهو في القدس، وهو أحد المواقع الرئيسية للاحتجاجات التي خرجت في عدة مدن.
ووصف بعض المتظاهرين رئيس الوزراء الذي يواجه اتهامات تتعلق بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا منفصلة، بالفساد، بينما أشار آخرون إلى نقص المنطق في تعامل الحكومة مع الجائحة. يسافر تمير جاي-تساباري وزوجته تامي من جنوب إسرائيل إلى القدس، ويعتبر الرجل فيروس كورونا "محفزا" أعاد الأنظار إلى أخطاء نتانياهو في قيادته للبلاد. ويقول مدير المبيعات (56 عاما) لوكالة فرانس برس إن الوباء جعل الناس "يفهمون أنه لا يهتم بإسرائيل بل يهتم بنفسه". وكان نتانياهو قد نال الثناء في رده الأول على انتشار الفيروس، لكن إعادة فتح البلاد وهو قرار اعترف رئيس الوزراء بأنه تسرع في اتخاذه، أعادت أرقام الإصابات للصعود. وسجلت بعض الأيام مؤخرا ارتفاعا بالإصابات راوح ما بين ألف وألفي إصابة يومية. وأحصت إسرائيل البالغ تعداد سكانها نحو تسعة ملايين نسمة، أكثر من 61 ألف إصابة بينها 464 وفاة. وبينما يشارك الآلاف في تظاهرات القدس ضد نتانياهو، يخرج بضع مئات من الإسرائيليين للتظاهر في تل أبيب. وفي حديثه عن الحراك في إسرائيل، يقول الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت إيناف شيف، إن الحراك بدأ ردا على "احتفال النصر المبكر لمكافحة الفيروس". ووصف شيف الانتصار بأنه "زائف"، وما لبث أن "تحول إلى رعاية صحية وفشل اقتصادي، تاركا في أعقاب ذلك أزمة ثقة شديدة بين الشعب والحكومة". غياب "خطة" وردا على تزايد أعداد الإصابات، أعادت حكومة تحالف يمين الوسط فرض قيود مضرة بالاقتصاد تستهدف المتاجر والأسواق. وفي الوقت ذاته، وافقت الحكومة على تقديم معونات مالية لجميع المواطنين. لكن المتظاهرة أميت فينكرستين ترى أن التحركات الأخيرة للحكومة تكشف أن "ليس لديها أي خطة"، ما يجعل من المستحيل للناس التخطيط لمستقبلهم على الصعيد الشخصي. وتقول النادلة التي تبغ من العمر (27 عاما) والتي أصبحت عاطلة عن العمل بسبب الفيروس، أن إغلاق المطاعم دليل على فوضى السياسة. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في 17 يوليو أن عمل المطاعم سيقتصر بشكل رئيسي على التوصيل وإعداد الوجبات السريعة. لكن بعد أربعة أيام، ألغى البرلمان هذا القرار. ولاحقا أقرت الحكومة قانونا يسمح لها بتجاوز البرلمان في ما يتعلق بقضايا مكافحة الفيروس، الأمر الذي فاقم حالة الريبة والتخبط في هذا القطاع. وتشير فينكرستين إلى هذا التخبط بالقول "يوم نعم ويوم لا"، مضيفة "لا يمكن للناس كسب أي أموال". ولاقت خطة الحكومة تقديم معونات مالية للأفراد بقيمة 750 شيكل (220 دولارا) لكل مواطن انتقاد بعض الاقتصاديين. ورأى هؤلاء أن هذه المعونة بمثابة رد هزيل على المعاناة الاقتصادية المتفاقمة، بدلا من المساعدة الذكية الموجهة. وتتهم الشابة الإسرائيلية الحكومة بأنها تعطي المال للجميع "لإسكاتنا". "السر" وكان رئيس الوزراء قد تحمل مسؤولية تخفيف القيود في وقت مبكر، لكنه قال إنه يسعى إلى تحقيق توازن صعب بين حماية سبل العيش والحد من تفشي الفيروس، وهو تحد يتشاركه مع العديد من القادة. واعترف نتانياهو أيضا بالضائقة المالية التي يشعر بها كثيرون، في بلد تجاوزت معدلات البطالة فيها حاليا ال 20 في المئة، مقارنة ب 3,4 في المئة في فبراير وهو الشهر الذي سجلت فيه إسرائيل أول إصابة بالفيروس المستجد. وسعى نتانياهو في سلسلة من التغريدات إلى التلميح بأن الاحتجاجات يقوم بها "اليسار الفوضوي" متهما وسائل الإعلام بالمبالغة في تصوير حجمها. ووصف رئيس الوزراء الاحتجاجات في تغريدة نشرها في 19 يوليو بأنها "مخجلة وعار"، وركز نتانياهو على وجود علم فلسطيني في تجمع حاشد، وقال "عُرف السر". ويصر الكاتب شيف على أن "شيئا ما يحدث" في حركة الاحتجاج التي عرفت باسم "العلم الأسود". وكتب الأحد "يمكننا جميعا أن نسمع ونرى ونشعر". وأضاف "ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا زلزالا كاملا أم مجرد هزة سوف تمر في نهاية المطاف، لكنها في كل مكان". وأخفقت حركة الاحتجاج التي شهدتها إسرائيل في العام 2011 ضد ارتفاع تكاليف المعيشة، في إحداث تأثير كبير.