تلوح بوادر ازمة بين السعودية وبريطانيا عقب تهديد الرياض بإعادة تقييم علاقاتها مع بريطانيا جراء ما اعتبرتها "إهانة" من قبل تحقيق برلماني حول تعامل بريطانيا معها ومع البحرين، واتهامات للرياض بارسال قوات الى المنامة للمساعدة في قمع الثورة في البحرين. ونسبت "بي بي سي" في تقرير اعده فرانك غاردنر إلى مسؤولين سعوديين قولهم إنهم "يعيدون الآن تقييم علاقات بلادهم التاريخية مع بريطانيا وسينظرون في جميع الخيارات". واشارت إلى أن المسؤولين السعوديين لم يصلوا إلى حد التهديد بإلغاء الصفقات التجارية الجارية، لكن هذه الخطوة تعكس الاستياء السعودي المتزايد من رد فعل الغرب على الربيع العربي، مع أن وزارة الخارجية البريطانية اعتبرت أن الرياض "تظل صديقاً مقرباً وحليفاً". وقالت "بي بي سي" إن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني كانت اعلنت الشهر الماضي أنها ستفتح تحقيقاً واسع النطاق في علاقات المملكة المتحدة مع السعودية والبحرين، بعد اصدارها تقريراً عن حركة الربيع العربي الديمقراطية خلص إلى أن الحكومة البريطانية "كانت على حق حين دعمت جهود الإصلاح السلمي حيثما أمكن في البحرين، لكنها يجب أن تكون واضحة أيضاً في انتقاداتها العلنية لانتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد إذا ارادت تجنب اتهامات بالنفاق". وأضافت أن لجنة الشؤون الخارجية اكدت أن تحقيقها سينظر عن كثب في كيفية موازنة المملكة المتحدة لمصالحها المختلفة في السعودية والبحرين في مجالات الدفاع والتجارة والأمن ومكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان". وابلغ السفير السعودي في لندن محمد بن نواف آل سعود "بي بي سي" ان بلاده "لن تتسامح أو تقبل أي تدخل أجنبي في عمل مجلس تعاون الخليج الفارسي . وعلاقات السعودية مع المجلس مسألة داخلية بين الدول ال 6 (السعودية والكويت وقطر والبحرين والامارات وسلطنة عمان) ونحن لن نحتمل أو نقبل أي تدخل خارجي في عمله" حسب قوله. وزعم محمد إن السعودية لم ترسل قوات من حرسها الوطني إلى البحرين لقمع الاحتجاجات المطالبة بالاصلاح "لكنها، كعضو في مجلس التعاون، ارسلت وحدات متخصصة بتأمين وحماية المنشآت الحيوية والبنية التحتية في البحرين، ولم تشارك في أية عمليات أمنية ضد المواطنين البحرينيين". وفي ذروة الاضطرابات في البحرين في العام الماضي، وصل آلاف من جنود الحرس الوطني السعودي الى البحرين، وشاركوا في عمليات قمع الاحتجاجات السلمية هناك. وفي نفس السياق تحدثت صحيفة "الغارديان" البريطانية، يوم الأربعاء 17 أكتوبر، عن العلاقات بين المملكة المتحدة من جهة والسعودية وغيرها من دول الخليج الغنية من جهة أخرى، وقالت إنها تشهد توترا قد يهدد مستقبل آلاف الوظائف وتجارة بمليارات الدولارات بين الجانبيين بسبب تحقيق برلماني بريطاني بخصوص التغييرات التي أحدثها الربيع العربي في الشرق الأوسط ودور الإسلاميين في ساحته السياسية المتغيرة. وقالت الصحيفة: "إن الرياض وأبو ظبي غاضبتان من تحقيق برلماني بريطاني يتهم حكومة الرئيس ديفيد كاميرون بمحاباة السعودية في مجال حقوق الإنسان والبحرين بخصوص سباق الفورملا 1." ونقلت الصحيفة عن مسئولين سعوديين وصفوا التحقيق البريطاني بأنه "شتيمة لبلادهم وتدخل في شئونها الداخلية". وقالت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس العموم إنه كان ينبغي على بريطانيا أن تدرج البحرين في "قائمتها للدول المثيرة للقلق" إثر قمعها "الوحشي" لاحتجاجات العام الماضي. وأعربت اللجنة عن قلقها إزاء ما أسمته عدم اتخاذ موقف ثابت إزاء رفض الحكومة الدعوة إلى مقاطعة الجائزة الكبرى لسباق الفورميولا1 المقام في البحرين بخلاف موقفها من غيره من الأحداث الرياضية. وقالت اللجنة "وجدنا صعوبة في تمييز أي تناسق منطقي وراء سياسة الحكومة في عدم اتخاذ موقف تجاه سباق جائزة البحرين الكبرى في حين نفذت مقاطعة ولو جزئية لبطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2012 في أوكرانيا" بحسب الصحيفة. أما الإمارات فتقول الصحيفة أنها تتهم لندن بمساعدة مجموعات معارضة على صلة بالإخوان المسلمين، حيث بدأت حملة لمقاطعة التبادل التجاري مع لندن على هذا الأساس. ورأت الصحيفة أن انتصارات جماعة الاخوان المسلمين في مصر وتونس ونفوذها في أماكن أخرى مثير للتوتر في جميع أنحاء الخليج. بينما خففت بريطانيا عدائها للأحزاب الإسلامية، ورحبت بالحكومات الجديدة في القاهرة وتونس بحسب الصحيفة. وتقول الصحيفة إن قيمة الصادرات البريطانية إلى كل من السعودية والإمارات العام الماضي بلغت 8 مليارات جنيه إسترليني، و17 مليار إلى دول الخليج مجتمعة. ورجحت الصحيفة أن يزداد التوتر بين بريطانيا ودول الخليج، خاصة السعودية خلال الفترة المقبلة. وكانت حكومة حزب العمال البريطانية السابقة برئاسة طوني بلير أوقفت فيديسمبر 2006 تحقيقاً فتحه مكتب جرائم الاحتيالات الخطيرة حول مزاعم دفع شركة الأسلحة البريطانية العملاقة (بي إيه إي) رشاوى لمسؤولين سعوديين لتأمين حصولها على عقود تسلحية ضخمة من الرياض، بعد تهديد السعودية بوقف تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب مع بريطانيا.