تجدد النقاش بطنجة، حول الوضع الثقافي بالمدينة، بعد أن تحدثت مصادر إعلامية محلية عن تعيين المسرحي رشيد أمحجور الذي سبق وأن تقلد مهمة المندوب الإقليمي لوزارة الثقافة بطنجة، مديرا لقصر الثقافة والفنون بطنجة، وهو ما يعني قرب تدشين أكبر مركب ثقافي من نوعه على المستوى الوطني. وفي الوقت الذي اعتبر فيه مسؤول بالمديرية الجهوية لوزارة الاتصال والثقافة قطاع الثقافة، خلال مشاركته في ندوة نظمها مركز محلي، أن طنجة ستحظى خلال الفترة القادمة بمجموعة من المشاريع الثقافية الكبرى، ومنها "قصر الثقافة والفنون"، مبرزا أنها بنيات ثقافية مهمة ذات وزن ثقيل ستجلب أنشطة ثقافية كبرى وستكون أيضا ملاذا للفنانين والمبدعين ، تساءل الأديب والمترجم عثمان بن شقرون، هل فعلا تحتاج طنجة إلى هذا البناء المسرحي الشامخ؟ في الوقت الذي ليس لنا مشاتل مسرحية وحركة مسرحية البتة، مضيفا، ألم يكن من الأجدر وضع الحصان أمام العربة، بتوزيع هذا الهيكل الثقافي العملاق إلى هياكل ومركبات ثقافية بمختلف أحياء المدينة؟
ومن المنتظر حسب ما علمه موقع "لكم" أن يتم تدشين "قصر الثقافة والفنون"، قبل نهاية سنة 2020، وكانت الأشغال قد انطلقت سنة 2017 لإنجاز هذا المركب العملاق، والذي يوجد بمنطقة مالاباطا بعيدا عن وسط المدينة، وقد تم إنجازه على مساحة تبلغ 24000 متر مربع، وبميزانية بلغت حوالي 210 مليون درهم ويضم عدة مرافق منها مسرح كبير تبلغ سعته 1400 مقعد، وقاعتي عروض سعة كل منهما 200 مقعد، وقاعات للتكوين وأخرى للرقص وورشات تكوينية في الحلاقة والخياطة واستوديو تسجيل، إضافة إلى مرافق أخرى، حسب معطيات قدمها محمد بوراح مسؤول بالمديرية الجهوية لوزارة الاتصال والثقافة قطاع الثقافة. مشاريع ثقافية ضخمة محمد بوراح المسؤول بالمديرية الجهوية لوزارة الاتصال والثقافة قطاع الثقافة، فقد قال خلال الندوة المشار إليها، "إن إمكانات وزارة الثقافة متواضعة، ومع ذلك فهناك مؤشرات تدل وتعطينا أمل في التفاؤل"، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من المشاريع الثقافية ستحظى بها مدينة طنجة، وهي بنيات ثقافية مهمة ذات وزن ثقيل ستجلب أنشطة ثقافية كبرى وستكون أيضا ملاذا للفنانين والمبدعين . وأبرز المتحدث، أن طنجة ستكون على موعد مع ثلاث مشاريع ثقافية ملكية يحق لسكان المدينة أن يفتخروا بها، منها "قصر الثقافة والفنون" الذي هو عبارة عن مسرح كبير يضم قاعة تسع ل حوالي 1400 مقعد، وقاعتين تضم حوالي 200 مقعد لكل منها بالإضافة إلى ورشات متعددة، وهناك أيضا "المركز الثقافي ظهر القنفود" التابع لتراب مقاطعة بني مكادة الذي يضم قاعة كبرى للمسرح وقاعات للورشات ومكتبة، ثم هناك أيضا "المكتبة الوسائطية الكبرى بالزياتن" التي تضم رصيد وثائقي مهم ورقي وإلكتروني، وتضم قاعات للمسرح والعروض الفنية. وأضاف المتحدث، أنه بهذه المعطيات أراد أن يقدم انطباع تفاؤلي لما هي مقدمة عليه طنجة الثقافة، داعيا المثقفين والمهتمين إلى التفاؤل بخصوص مستقبل الثقافة بطنجة، مؤكدا على أن هناك إرادة حقيقة للدولة للمضي في هذا الاتجاه. تساؤلات بشأن هذه المشاريع الثقافية هذا التفاؤل الذي قدمه المسؤول بوزارة الثقافة بطنجة، لم نجده عند الأديب والمترجم عثمان بن شقرون، الذي قال في تدوينة على صفحته الشخصية، "لا شك أن ذلك المسرح الكبير الشاهق معلمة عمرانية ستُجمل واجهة المدينة، وتدفعنا إلى الافتخار بكوننا نملك أكبر بنية مسرحية في المغرب وشمال إفريقيا ولربما في إفريقيا كافة، وسيعم كثير من التطبيل والتزمير من هذا القبيل، مستدركا لكن الوضع سيستمر على ما هو عليه. وأضاف، دعونا نتوقف قليلا عند الوضع الثقافي في هذه المدينة بطرح السؤال الآتي: هل فعلا تحتاج طنجة إلى هذا البناء المسرحي الشامخ؟ في الوقت الذي ليس لنا مشاتل مسرحية وحركة مسرحية بالبتة، معتبرا أن كل ما لدينا فرق مسرحية سكنها المسرح تصارع من أجل البقاء لغرس نبتة مسرحية في غياب أي دعم سواء من الدولة أو الجماعة للجمعيات الجادة العاملة في مجال الثقافة والفن بشكل عام، وحتى إذا وعدت به تبقى تحت رحمة الانتظار الأبدي وحتى إذا صرفت تصرف فقط للمحظوظين والمقربين، ليضيف متسائلا: كيف سيتم استيعاب هذه النقلة النوعية من خشبة دار شباب يتيمة في مدينة مليونية إلى خشبة لم يحلم بها سفوكليس وشيلر وشكسبير؟ وزاد بن شقرون، بل كيف سيستقبل الفنانون والفنانات خبر انتهاء الأشغال بهذه المعلمة الثقافية والفنية وجلهم يعيشون تحت عتبة الفقر، خصوصا في ظل هذه الجائحة التي عرت الواجهة لتكشف عن هشاشة عظمى تنخر أوصال المجتمع المغربي، متسائلا، ألم يكن من الأجدر وضع الحصان أمام العربة، بتوزيع هذا الهيكل الثقافي العملاق إلى هياكل ومركبات ثقافية واحد في بني مكادة وآخر في العوامة وآخر في مغوغة والدرادب ومسنانة، لجعل الفعل الثقافي فعل بناء متجذر في حياة الناشئة والنَّاس على العموم؟ وجعل المسرح وثقافة الفرجة المسرحية فعلا ينمو من الأسفل وليس قالبا فارغا من المحتوى تستفيد منه نخبة محصورة في المجال وطريطورات الثقافة بالدرجة الأولى. ليختم موقفه، بعد كل هذا وذاك، يهمنا أن نعرف كيف سيشتغل هذا الهيكل العظيم وما المشروع الثقافي المزمع بسطه على خشبته وهل سيفتح في وجه كل أصحاب الخشبة من طنجة والجهة أم سيتحول إلى متحف مسرحي وفضاء لعرض الأزياء؟