المتقاعدون يستهلون سنة 2025 بالاحتجاج للمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية    مالي تتهم الجزائر ب"دعم مجموعات إرهابية" وتندد ب"التدخل" في شؤونها الداخلية    صن داونز يصل إلى المغرب لمواجهة الرجاء    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بحي راقي في أكادير    استئنافية الدار البيضاء تؤجل محاكمة الوزير الأسبق محمد مبديع إلى الخميس المقبل    صيدليات الانترنيت… مامدى خطورتها على صحة المواطن المغربي    المدير العام للأمن الوطني ينوه بنجاح بروتوكولات الأمن المواكبة لاحتفالات دخول السنة الجديدة 2025    محاولة اغتيال بشار الأسد في روسيا    ضحايا زلزال الحوز .. لفتيت يكشف تفاصيل عمليات النصب    تقرير يصنف المغرب ضمن أكثر الدول استهلاكًا للبن    صفرو: ثلاث مجموعات شركات رائدة عالميا في إنجاز محطات نقل الطاقة بواسطة الضخ تتنافس لنيل مشروع "محطة المنزل" للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    للمرة السادسة.. تأجيل محاكمة الوزير السابق محمد مبديع    المنظمة الديمقراطية للشغل تقيم الحصيلة السنوية لحكومة أخنوش    السلطة الفلسطينية توقف عمل قناة الجزيرة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الإرتفاع    السلطات تمنع جماهير الوداد البيضاوي من التنقل إلى تطوان لمساندته أمام المغرب التطواني    الرجاء يتحدى صن داونز … ليحي آماله … !    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: 2024 الأكثر دفئا على الإطلاق    مجموعة من التعديلات الضريبية تدخل حيز التنفيذ مع حلول السنة الجديدة    اعتقال مقاول ومتابعة آخرين بتهمة النصب على متضررين من زلزال الحوز    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أفلام الصحراء    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    مواجهة قوية بين إنتر ميلان وأتلانتا في نصف نهائي كأس السوبر الإيطالي    الولايات المتحدة.. ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم نيو أورليانز إلى 15 قتيلا    هروب مسافرين مغاربة بعد هبوط اضطراري لطائرة تركية في مالطا    مسار استقلال السلطة القضائية في السياسات العمومية كتاب جديد للقاضي عبد الله كرجي    تتويج رحيمي بجائزة أفضل لاعب عربي محلي    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    مليلية المحتلة تسجل انخفاضًا غير مسبوق في الهجرة السرية منذ التسعينات    أصوات تطالب بفرض ضرائب مالية في السنوات الأولى من الزواج    دولي مغربي على رادار برشلونة    وفد سوري برئاسة وزير الخارجية يحل بالرياض في أول زيارة رسمية خارج البلاد    العلاقات الصينية – الافريقية حققت نتائج مثمرة في 2024 (متحدثة)    مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال.. نموذج للتعاون الإقليمي    كوريا: السلطات تحدد هويات جميع الضحايا ال 179 في حادث تحطم طائرة جيجو إير    "هجوم النيل الأزرق" .. موظفو الإغاثة يدفعون ثمن النزاع السوداني الدامي    زياش يلتقي بمعجبين مغاربة في دبي    صدمة جديدة .. الليغا تزيد أوجاع برشلونة    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بطنجة (صور)    الاتحاد المغربي للشغل يرفض مشروع قانون الإضراب ويطالب بتجريم العراقيل أمام حقوق العمال    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    10393 عدد موظفات وموظفي الشرطة الذين استفادوا من الترقية برسم السنة المالية 2024    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    تنبيه من خطورة عودة انتشار "بوحمرون" بالمغرب ودعوة إلى ضرورة التلقيح للقضاء عليه    دراسة: هذه المشروبات قد تحد من مخاطر الإصابة بالسرطان    فنانون مغاربة غادرونا إلى دار البقاء في سنة 2024    الدكتور فؤاد بوعلي ضيفا في حلقة اليوم من "مدارات" بالإذاعة الوطنية    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    









لطفي: نظام التقصي الوبائي في المغرب كلاسيكي ومتقادم.. وينبغي اعتبار الإصابة ب “كوفيد-19” مرضا مهنيا
نشر في لكم يوم 01 - 06 - 2020

يؤكد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أن نظام التقصي الوبائي في المغرب “كلاسيكي متقادم لا يتلائم مع المعايير الدولية، بشان الأمراض المعدية والسارية وغير قادر على الاستجابة الفورية للتعاطي مع كافة التحديات الصحية بما فيها كورونا رغم أن المغرب عرف تجارب سابقة في مجال مكافحة فاشيات كأنفلونزا H1N1 ولم نستفد منها، وكان لصناع القرار الصحي مواقف متقلبة ومتناقضة”.
ويدعو لطفي، في حوار مع موقع “لكم”، أن التعايش مستقبلا يجب أن ينبني على عالم أكثر عدلا وإنسانية، وأنه يتعين إدراج هذا الوباء ضمن قائمة الأمراض المهنية لذلك ينبغي اعتبار مرض كوفيد-19 مرضا مهنيا كما فعلت دول أوروبية”.

ولم يفت لطفي التأكيد على أنه ” هناك قلق من لدن الحركات السياسية والحقوقية الديمقراطية للإجهاز على الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين من خلال ممارسات سلطوية واستفرادها بالقرارات دون احترام المقتضيات الدستورية والمعايير الديمقراطية”.
وفي ما يلي نص الحوار:
ماذا يعني لك الحجر الصحي؟
طبيا يعرف الحجر الصحي ب ( la quarantaine) وهو إجراء وقائي يفصل ويقيد حركة الأشخاص الدين تعرضوا لمرض معد، لمعرفة ما إذا كانوا مرضى آم لا؟ ووفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية ، و يمكن أن يتم اللجوء للحجر الصحي للأفراد الدين يعتقد أنهم تعرضوا لأمراض معدية ولم تظهر عليهم أعراض، وغالبا ما يكون الحجر الصحي عبر البقاء في المنازل . وهذا ما تم تنفيذه بالضبط بالمغرب كسائر عدد كبير من دول العالم ولو بشكل متفاوت، وخاصة بعد ان أعلنت منظمة الصحة العالمية أن وباء فيروس كورونا التاجي المستجد ،تحول إلى جائحة.
اختار المغرب اللجوء إلى الحجر الصحي للحد من انتشار المرض فضلا عن حزمة إجراءات احترازية استباقية مهمة أخرى. وبحكم تتبعي للموضوع منذ بدايته، واطلاعي على خطورته وسرعة انتشاره، كنا في الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة سباقين إلى مطالبة الحكومة بالمراقبة الصارمة للمطارات والموانئ لتفادي استيراد ودخول الفيروس إلى بلدنا ودعمنا لكل الإجراءات الاستباقية الوقائية التي أتت إتباعا من بعد.
لذلك كان الحجر الصحي بالنسبة لي يمثل الخلاص والحماية من تفشي الجائحة وإجراء وقائي ضروري للحفاظ على أرواح الناس؛ خاصة ونحن ملزمون بتتبع ما يجري من حولنا؛ بدول لديها إمكانيات طبية ضخمة ولم تستطع تفادي ارتفاع الوفيات علما أن قدراتنا الصحية ضعيفة جدا.
وكنا نتسائل حينها حول مدى قدرة الحكومة على إلزام المواطنين بالحجر الصحي ومدى قناعة المجتمع بخطورة الوباء للقبول بأول تجربة للحجر الصحي الجماعي في تاريخ المغرب والعصر الحديث . لكن تبين للرأي العام أن الوضعية اتخذت حجما سياسيا أكبر بعد تدخل جلالة الملك واعطائه لتوجيهات للحكومة تتعلق بقرارات خطة الطوارئ والحجر الصحي وكيفية مواجهة تداعياتها وخلق صندوق خاص تضامني لتدبير جائحة كوفيد -19 لتغطية النفقات متطلبات هده المرحلة الاستتنائية. ومنها دعم القطاع الصحيى ودعم الفئة الاجتماعية الهشة والفقيرة وعمال المقاولات التي أوقفت انشطتها فضلا عن الدعم المخصص لهدا المقاولات وهي قرارات محفزة للانخراط في الحجر الصحي واحترام توجيهات السلطات
ونعتبر أن القرارات الملكية الإستباقية والسريعة بما فيها اشراط الطب العسكري وامكانياته اللوجستيكية ؛ ساهمت في بناء الثقة وضمان الالتزام بالاجراءات الضرورية للسيطرة على كوفيد -19 . فرغم بعض المنزلقات كان وعي المجتمع والتزامه عامل أساسي في تحقيق أهداف الحجر الصحي والحد من انتشار المرض والوفيات .
ما الذي تنشغل يه في الحجر الصحي؟
في الحقيقة، كنت أقضي فترة مهمة من الوقت في متابعة تطورات الجائحة عبر العالم، من خلال ما تنشره بعض الصحف الإلكترونية الدولية وتقارير منظمة الصحة العالمية، فضلا عن متابعة بعض البرامج في القنوات الفرنسية، التي تتضمن نقاشا سياسيا وطبيا حول إخفاق الأنظمة الصحية وعجزها عن تلبية الاحتياجات الصحية او تطورات الفيروس أو ما يجري من صراع بين الشركات العالمية لصناعة الأدوية حول التجارب السريرية الاستباقية في إنتاج لقاح ضد الفيروس وخاصة النقاش الحاد حول نجاعة دواء الكلوروكين والمضاد الحيوي “أزيتروميسين” أو أعراضه الجانبية وهو برتكول علاجي يستعمله المغرب حاليا.
وقد علقت مؤخرا منظمة الصحة العالمية تجربتها السريرية حول هذا الدواء بعد صدور نتائج دراسة أكدت عدم فعاليته وأنه ممكن أن يتسبب في أضرار. فبالمقارنة مع عدد من المعطيات الدولية ولمنظمة الصحة العالمية ومعطيات مفيدة من واقعنا والإستراتيجية التي يتبعها المغرب نصدر تقارير ننبه فيها وزارة الصحة حول الاختلالات والنواقص. وتأكدنا أن الوزارة نفدت ما يقارب 80 في المائة من اقتراحاتنا خاصة حول الكشف المبكر وإعادة النظر في البرتكول العلاجي وعزل الأطقم الطبية في الفنادق والاعتناء بهم. بالموازاة مع عمل الشبكة أتابع مع إخوتي في المنظمة الديمقراطية للشغل التدبير اليومي للملفات ذات الصبغة النقابية ومواقف النقابة اتجاه بعض القرارات الحكومية ونصدر بلاغات في الموضوع وتنظيم ندوات فكرية وعلمية عبر وسائط التواصل تهم أزمة كورونا وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية خاصة مسألة التعليم عن بعد. كما أنني خصصت في برنامجي اليومي فترة للتمارين الرياضية الخفيفة في المنزل.
ما قراءتك لما يقع اليوم وما الذي كشفته هاته الأزمة؟
مما لاشك فيه أن فيروس كورونا التاجي المستجد أو كوفيد-19، كشف عن هشاشة النظام الاقتصادي الليبرالي والاعتماد على اقتصاد السوق وتحرير الاسعار بالمغرب مقابل تراجع دور الدولة وتملصها من مسؤوليتها اتجاه القطاعات الاجتماعية في الصحة والتعليم والسكن . واعتمادها على الخوصصة والتفويت والقطاع الخاص كأنه المنقد والمنفد الحقيقي والمثالي للتنمية لتظهر حقيقة ساطعة كأنه نمر من ورق تلاشى بسرعة ونحن في بداية الأزمة وعدم قدرة الاقتصاد الحر على مواجهة تداعيات الأزمة مما جعل اهم القطاعات الاجتماعية تعيش على إيقاع أزمة كورونا، فضلا عن ضعف النسيج الاقتصادي الوطني والمقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا التي أغلقت أبوابها وسرحت عمالها ليلتحقوا بجيش العاطلين. كلها عوامل ساهمت في اتساع دوائر الفقر المدقع والفوارق الطبقية وارتفاع معدل البطالة والسكن غير للائق و وسوء التغدية والشغل غير اللائق بما فيه ملايين الأسر التي تعيش من الاقتصاد غير المهيكل، وهو ما جعل الحكومة عاجزة عن الاستجابة لكل طلبات وتلبية الحاجيات التي التزمت بها في صرف إعانات مادية لعدة فئات مجتمعية ولازال إلى يومنا عشرات الآلاف من المتضررين من غير المستفيدين من إعانات الدولة؛ ناهيك عن ان فئة واسعة في مجتمعنا معزولة عن في البوادي والمناطق النائية لم تستفد من شيء ومازالت في حالة انتظار.
وقد ساهم الاعلام الرسمي بضعفه في التواصل مع كافة المواطنين لنشر الوعي الصحي وخطورة الجائحة من خلال برامج خاصة وفتح نقاشات سياسية واقتصادية حول أزمة كورونا بإشراك المجتمع المدني والخبراء والكفاءات الوطنية السياسية والاقتصادية والنقابية، بل ظل الاعلام حبيس نفس الأطروحات التقليدية إلا بعض الاستتناءات والمحدودة جدا.
إن أزمة كورونا كشفت عن حقائق صادمة اجتماعية واقتصادية ذات أهمية للتفكير الجدي في مستقبل المغرب والتحديات الجديدة المطروحة عليه برؤية ومنظور أكثر إنسانية وأكثر عدالة وتكافؤ الفرص.
بصفتكم رئيسا للشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة. كيف تقيمون تدبير الحكومة لأزمة “كوفيد-19″؟. وما التعثرات التي رصدتموها؟
يمكن القول أن الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية الاستباقية والسريعة التي اتخذتها المملكة المغربية وبتوجيهات حكيمة من جلالة الملك حصنت المجتمع من كورونا وجنبت بلادنا الأسوأ وكان الهدف حماية أرواح الناس، رغم ما لذلك من انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة. ولم يكن بدا من اختيار حياة الناس كأولوية؛ لأن الثغرات الاقتصادية والاجتماعية يمكن إصلاحه بارادة سياسية و بقرارات أخرى جريئة تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والتقليص من الفوارق الطبقية والاعتماد على العنصر البشري وحماية الثروات الوطنية وتوزيعها العادل وتأهيل حقيقي للمقاولات الوطنية والاستثمار العمومي وبعودة الدولة لتتحمل مسؤولياتها كاملة غير منقوصة في بناء القطاع العمومي وتحسين حكامته وجودة خدماته ومجانيته وحماية اجتماعية شاملة والقطع مع الخوصصة والتفويت والحرية المفرطة للأسعار.
وأكبر دليل على فشل السياسات العمومية المتبعة كشفت عنها أزمة كورونا تتعلق بنظام صحي يعيش حالة انهيار وقطاع صحي عمومي مريض يعاني من الضعف والهشاشة وتردي جودة خدمات مستشفياته؛ ومن عدم القدرة على الاستجابة لمتطلبات أزمة كورونا في تقديم الرعاية الصحية المطلوبة للمصابين بفعل غياب الوسائل والتجهيزات والمستلزمات الطبية والأدوية وقلة الموارد البشرية ونظام التقصي الوبائي كلاسيكي متقادم لا يتلائم مع المعايير الدولية، بشان الأمراض المعدية والسارية وغير قادر على الاستجابة الفورية للتعاطي مع كافة التحديات الصحية بما فيها كورونا ؛ رغم أن المغرب عرف تجارب سابقة في مجال مكافحة فاشيات كأنفلونزا H1N1 ولم نستفد منها.
لذلك كان لصناع القرار الصحي مواقف متقلبة ومتناقضة ؛ استصغرت في البداية خطورة الجائحة من خلال تصريحات رسمية مطمئنة للرأي العام الوطني، واعتمدت فقط على مختبرين في الكشف عن الوباء وعطلت بالتالي عملية الكشف المبكر مما ساهم في انتشار الفيروس في عدد من المدن ولدى مواطنين لا يحملون أعراض المرض ويشكلون خطورة انتشاره في صفوف الأسر ووسط الوحدات الصناعية النشطة بشكل واسع لذلك كان إلحاحنا منذ البداية على نهج التشخيص المبكر والجماعي والإبلاغ الفوري عن جميع الحالات المشتبه بها لعزلها بإشراك كل المختبرات الجامعية ومختبرات القطاع الخاص الحديثة لفحص واكتشاف الفيروس إلى جانب التقصي الوبائي النشط للمخالطين المحتملين للمصابين وفق معايير منظمة الصحة العالمية للقيام بإجراء التقصي الوبائي عن المخالطين وعزل جميع الحالات وتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى. وظلت الوزارة تستغل في غرف مظلمة معزولة مما أدى إلى ضعف نشر الوعي العام بخصوص خطورة الجائحة وسرعة انتشار الفيروس بإشراك خبراء من الجامعات والمعاهد المغربية في اللجنة العلمية والتقنية .
هناك من يعتبر أن سلوك التضامن والتآزر التي تنامى خلال الأزمة، سيدفع لتمرير قرارات أو مواقف والإجهاز على الحقوق والحريات كما نبهت إلى ذلك الأمم المتحدة. هل لديك هذا التخوف؟
بالفعل هناك قلق من لدن الحركات السياسية والحقوقية الديمقراطية للإجهاز على الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين من خلال ممارسات سلطوية للحكومة واستفرادها بالقرارات دون احترام المقتضيات الدستورية والمعايير الديمقراطية فهو تخوف مشروع خاصة بعد فضيحة مشروع القانون 22-20، واعتماد السلطات الحكومية على الظرفية الاستتنائية لفرض قرارات تستهدف هضم حقوق الإنسان وما يفسر هدا القلق هو استباحة الحكومة لعدة قرارات دون اللجوء إلى المساطر القانونية أولها القيام بتعديلات على القانون المالي دون اللجوء إلى المؤسسة التشريعية بتقديم قانون مالي تعديلي وعرضه على البرلمان لأن أغلب القرارات المالية مست في العمق المالية العمومية ولا يحق للحكومة اتخاذ قرارات مالية من هذا الحجم كالمديونية دون اللجوء إلى موافقة المؤسسة التشريعية.
وكنا سباقين في المطالبة به منذ بداية شهر أبريل في رسالة موجه لرئيس الحكومة، كما رفضنا القرار الاستبدادي لرئيس الحكومة المتمثل في الاقتطاع من أجور الموظفين ومستخدمي المؤسسات العمومية والجماعات الترابية لفائدة صندوق تدبير جائحمة كوفيد-19 ، وهو إجراء تضامني تطوعي وغير ملزم، بالإضافة إلى تهميش وعدم إشراك خبراء وفعاليات جامعية في اللجنة العلمية والتقنية لوزارة الصحة وعدم إشراك المركزيات النقابية في اللجنة الاقتصادية التي استدعت لها فقط الكونفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب، وبالتالي أصبحت صناعة القرار وتنفيذه بيد جهة واحدة ؛ وهي الحكومة وهو ما يتعارض مع المبادئ الديمقراطية والدستورية.
وجهتم نداء لوزارتي الصحة والشغل والإدماج المهني باعتبار فيروس “كوفيد-19” مرضا مهنيا. ما هي دفوعاتكم؟
بالفعل وجهنا كمركزية نقابية عمالية إلى وزارتي التشغيل والإدماج المهني والصحة نداء نطالب فيه بإدراج المرض الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد كوفيد -19 ضمن الأمراض المعدية في شان الاحتياطات الصحية الوقائية للمنظمة العالمية للصح ، و ضمن لائحة الأمراض المهنية المتضمنة في قرار وزير الشغل والشؤون الاجتماعية رقم 160.14 الصادر في 21 يناير 2014. بناء على الفصل 2 من ظهير 31 ماي 1943 والتعويض عنها، وبناء على المادة 11 من قانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية باعتبار أن فيروس كورونا مرض معد إذا تعرض له العمال والعاملات أثناء مزاولة عملهم في غياب الاحتياطات الضرورية، فإن المسؤولية الأولى تقع على المشغل في القطاع العام او الخاص توفي اطباء وأصيب ممرضون وممرضات وعدد كبير العمال والعاملات في الوحدات الصناعية بسبب عدم إلتزام المشغل بقانون الصحة والسلامة المهنية.
وقد عملت عدة دول أوروبية على إدراج هذا الوباء ضمن قائمة الأمراض المهنية لذلك ينبغي اعتبار مرض كوفيد-19 مرضا مهنيا، وبغية ضمان التغطية بالتأمين عن الأمراض الجديدة من خلال مراجعة ظهير 31 ماي1943 ، وتحديد قائمة جديدة شاملة للأمراض المهنية تشمل المعايير المحددة للاعتراف ونظام إضافي مفتوح للاعتراف بالأمراض غير المسجلة في اللائحة ومراجعة نظام التعويضات وقيمتها وطرق الاستفادة منها سواء بالنسبة للأجير أو ذوي حقوقه والتأمينات الإجبارية على حوادث الشغل والأمراض المهنية، وكذا مراجعة ظهير 1972 للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وملائمته مع قائمة منظمة العمل الدولية، إضافة إلى إجبارية احترام الصحة والسلامة المهنية داخل الشركات والمقاولات والاحتياطات الصحية الوقائية اللازمة ضد كوفيد- 19 من إجراءات التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات الواقية والنظافة وتهوية قاعات العمل وتوعية العاملات والعاملين بخطورة انتشار العدوى
قبل أيام، دعوتم لإعادة النظر في النظام المعلوماتي والمعطيات والمؤشرات الإحصائية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، التي أصبحت محل استفهام عن مدى مصداقيتها مقارنة بالأرقام المصرح بها من طرف وزارة المالية في إطار عمليات الدعم.. ما هي ملاحظاتكم على هذه الأرقام؟
صحيح لأننا نعيش ازدواجية المعايير والأرقام بالمغرب في مجال المعلومات والمعطيات الإحصائية “كل يغني على ليلاه”. فمنذ سنوات ونحن أمام معطيات متناقضة متضاربة صادرة عن مؤسسة دستورية أو قطاعات وزارية ومكاتب دراسات والبنك الدولي ومنظمات دولية مختلفة، وأحيانا نجد الفوارق كبيرة وغير مقبولة حيث لاتسمح بالحذيث عن هامش الخطأ وهو ما يفيد أن نظامنا المعلوماتي والإحصائي الوطني يعاني من اختلالات كبرى وغياب التجانس بين المؤسسات والاستمرار في اعتماد المقاربة الكلاسيكية الأمنية أو “سياسة العام زين” من خلال الترويج لأرقام ومعطيات تتناقض مع الواقع كانتقال نسبة الفقر بالمغرب من 14 في المائة إلى 4 في المائة لنزكي بذلك أن بالمبادرة الوطنية للتنمية التنمية البشرية قد أعطت أكله وكانت ناجحة!
فمنظومتنا المعلوماتية مازالت تعاني من ضعف إنتاج معطيات مقبولة علميا وصعوبة الحصول على المعلومات ونقلها وﺗبادلها بأكثر دقة ومصداقية فغالبا. ما تكون بعيدة كل البعد عن المتغيرات والتحولات الديمغرافية والمجتمعية والاقتصادية التي يترجمها الواقع وفي كل المجالات.
فالمقاربة الأمنية بمفهومها الضيق تظل هي الهاجس كما المقاربة الماكرو اقتصادية في بناء الميزانية السنوية. نفتقد إلى إنتاج معطيات ذات مصداقية ونظام معلوماتي يعبر عن الواقع المعيش ويشكل مرآة لرؤية الواقع الذي نريد العمل من خلاله ويسمح لنا بفهم الواقع بتعقيداته والعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة، وبالتالي وجب على الحكومة أن تتوفر على نظام معلوماتي يوفر لها معلومات دقيقية دات مصداقية وشفافة لتحليل دقيق لكل العوامل المؤترة على صنع القرار السياسي والاقتصادي والاستراتيجي ولرسم سياسات الخطط في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستراتيجية وخطط التنمية الوطنية، و”ما بني على باطل فهو باطل”.
أزمة كورونا كشفت عن واقع مرير وعلى حقيقة واقعنا المأساوي في المجال الاجتماعي والاقتصادي والصحي بامتياز .
في ظل هاته الأزمة، كيف تنظر لمستقبل عيشنا المشترك؟
قد لايجادل أحد في أن عالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا على عدة مستويات. فكما لاشك فيه أن أزمة كورونا ستلحق خسائر كبيرة بالاقتصاد العالمي ككل وليس فقط بالمغرب، بالتالي فالأزمة ستكون أزمة عالمية ومن المتوقع أن تتجاوز تأثيراتها ما خلفته أزمة 1929 حسب تصريح البنك الدولي، ومن المعلوم أن الأزمات الاقتصادية تلقي بضلالها مباشرة على وضعية سوق الشغل ومعدلات الفقر والبطالة مما قد يؤدي الى اهتزازات اجتماعية في عدد من الدول .
وأعتقد أن المغرب لن يخرج عن هذه القاعدة بحكم انفتاحه على العالم الخارجي والتأثيرات والانعكاسات على اقتصاده الهش الذي عرف كسادا في السنوات الأخيرة بفعل عوامل متعددة، منها الجفاف وضعف الاستتمارالعمومي والخارجي وثقل المديونية التي تجاوزت الخط الأحمر. وبالتالي ستظهر تحديات كثيرة اقتصادية واجتماعية معقدة وصعبة، ولا يمكن أن التعاطي معها بنفس المقاربات الكلاسيكية للنظام الاقتصادي النيوليبرالي وإملاءات البنك الدولي في الخوصصة وتحرير الاقتصاد والقضاء على القطاع العام المفلس.
وبالتالي أعتقد أن الجائحة ستشكل فرصة تاريخية ونادرة لإعادة النظر في عدة مجالات بما فيها مشروع النمودج التنموي تتحمل فيه الدولة مسؤوليتها التاريخية الأخلاقية في دعم القطاع العام وضمان حكماته وجودته ومجانيته في التعليم الصحة والسكان وخلق مناصب الشغل للشباب خريجي الجامعات والمعاهد العليا وخلق تعويضعن البطالة للشباب في انتظار حصوله على شغل لائق وتحقيق الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين عبر شباك أمان اجتماعي يستفيد فيه الفقراء بحماية اجتماعية ومعيشية ضمانا لكرامتهم. وبالتالي لا بد من مراجعة الدستور لإعادة النظر في الاقتصاد الليبرالي واعتماد اقتصاد موجه تضامني يستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والعدالة الضريبية وتوزيع عادل للثروات من أجل ضمان التماسك الاجتماعي والاستقرار والتعايش و المساعدة على استقرار سكان البوادي و تطوير الفلاحة الوطنية وجعلهم مصدرا يساعد على توفير الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل الوطني من خلال حماية المنتوج الوطني من المنافسة غير الشريفة وتشجيع الإستهلاك الانتاج المحلي وضع قيود أمام البضائع الخارجية المنافسة لتاهيل مقاولاتنا الوطنية والمحافظة على استقرار الشغل وفرضاحترام قانون الشغل الوطني واتفاقيات منظمة العمل الدولية و اعطاء اهمية كبيرة للمغاربة المقيمين بالخارج في الاستثمار في وطنهم وتشجيع البحث العلمي والصناعة الوطنية والمحافظة على البيئة من التلوث والحفاظ على الثروات الوطنية الطبيعية من التدمير والاستنزاف.فالتعايش مستقبلا يجب ان ينبني على عالم أكثر عدلا وإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.