شكل موضوع مشروع “طنجة الكبرى” وأدوار المؤسسات المنتخبة في زمن الطوارئ الصحية، محور ندوة تفاعلية، نظمتها مؤسسة بطنجة ليلة أمس الثلاثاء 12 ماي 2020، وشارك فيها كل من محمد أمحجور النائب الأول لعمدة طنجة عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وجمال العسري عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، إلى جانب عدنان معز رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات وأبحاث التنمية المحلية، وهشام ابن السالك عضو المكتب المركزي لجمعية مؤسسة طنجة الكبرى للشباب والديمقراطية. المنتخب رهين الفاعل الإداري قال عدنان معز رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات وأبحاث التنمية المحلية، إنه تمنى لو أن المشاريع التي عرفتها مدينة طنجة وفي مقدمتها مشروع طنجة الكبرى، دور للمؤسسات المنتخبة، وتأسف معز عن بقائه رهين الفاعل الإداري.
وأشار المتحدث، إلى جماعة طنجة كانت فقط عنصر من العناصر رغم مشاركتها في هذا المشروع بحوالي 1.3 مليار درهم بشكل مباشر، ورغم أنها لا زالت تؤدي الديون المترتبة عن هذا المشروع خاصة على مستوى الوعاء العقاري، ومع ذلك أعطيت للوالي مهمة التنسيق بين مختلف المصالح والإشراف على هذا المشروع الضخم، الذي أسال المداد منذ أن تم إطلاقه شتنبر 2013. بخصوص حالة طنجة قبل سنة 2005، قال المتحدث إنها كانت في حالة يرثى لها وكانت تعاني منذ انتقالها من العهد الدولي إلى السيادة الوطنية، خاصة على مستوى البنيات التحتية، مبرزا أن مساهمة الدولة المغربية و المؤسسات المنتخبة كانت جد محدودة، ومع بداية تولي الملك محمد السادس العرش عرفت طنجة نقلة نوعية، من خلال مشروع استعجالي دام 8 أشهر بمبلغ حوالي 228 درهم، ثم انطلقت سلسلة من المشاريع المهيكلة، بدأ بمشروع التأهيل الحضري 2006 2009، ثم 2009 2012، بقيمة على التوالي 700 مليون درهم و 2.4 مليار درهم، ومع سنة 2013 عرفت طنجة مشروع طنجة الكبرى بقيمة ضخمة لم يسبق أن عرفتها المدينة تقدر بحوالي 7.6 مليار درهم، قبل أن يرتفع مع مرور الوقت إلى 9 مليار درهم، همت مشاريع من مختلف المجالات. وسجل رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات، أن 4 مليار درهم من ميزانية طنجة الكبرى صرفت على التأهيل الحضري، وهذا يعني حسب عدنان معز أن جانب الصحة وجانب التعليم لم يحظى بالإهتمام، معتبرا أن جميع المشاريع التي مرت تعيد نفسها، نفس الطرق يعاد تأهيلها، نفس طريق كورنيش طنجة تمت إعادة تأهيله، نفس المناطق الخضراء تمت إعادة تأهيلها، مؤكدا أنه على مستوى الحكامة كان بالإمكان الاستفادة من المشاريع، ضاربا المثل بسوق الجملة الذي بني واعطيت انطلاقة اشتغاله ثم أعيد بناؤه في مكان آخر وهو ما رآى فيه المتحدث سوء تدبير وحكامة . واستغرب معز من تخصيص مثلا للمجال الصحي مبلغ 132 مليون درهم فقط واصفا إياه بالمبلغ الهزيل جدا ، بمعنى ليس هناك مشاريع التي ستسد الخصاص على مستوى البنيات الصحية للمدينة التي تحتاج إلى اهتمام خاص نفس الأمر عندما يتعلق الأمر بالبنية التعليمية، مضيفا أن مشروع طنجة اهتم بغرب المدينة وفي مقدمته الكورنيش لكنه أغفل الجانب الشرقي، كمقاطعة بني مكادة أكبر مقاطعة في المغرب التي توجد في حالة خصاص مهول على مستوى البنية التحتية ومنها الصحة والتعليم . وأضاف، من خلال تتبعي للشأن المحلي يتضح أن ما أعطته القوانين باليمين أخذه الواقع باليسار، مشيرا إلى أن الإشكال يكمن في السلطة المتغلغلة داخل الإدارة، بحيث أن الوالي لا زال يمسك بجميع زمام الأمور، ومشروع طنجة الكبرى هو جزء من كل هذا. وأبرز عدنان معز، أن المشروع لم يكن على مستوى الشفافية والإشراك، متسائلا من خطط لبناء سوق الجملة الجديد ونحن بالكاد انتهينا من سوق الجملة القديم وخسرنا الملايير؟ من خطط لبناء محطة المسافرين؟ كيف يتم هدم أسوار المؤسسات التعليمية لإنشاء سوق ؟ ليخلص إلى أنه لم تكن هناك أي شفافية ولا أي إشراك في اتخاذ مثل هذه القرارات، معتبرا أن هناك ديمقراطية تؤثث المجال، لكن على مستوى القرار يكون الفاعل الإداري هو الماسك في حين المنتخب من أي حزب كان لا يستطيع فعل أي شيء. منهجية تنزيل المشروع خاطئة من جانبه، اعتبر هشام ابن السالك عضو المكتب المركزي لمؤسسة طنجة الكبرى أن المعطيات حول مشروع طنجة الكبرى شحيحة وغير متاحة للجميع، معتبرا أن الصيغة أو المنهجية التي أعد ويتم بها تنزيل مشروع طنجة الكبرى، هي منهجية غير صحيحة. وأوضح ابن السالك، أنها حرمتنا من حق دستوري أصيل وهو حق الحصول على المعلومة وليست أية معلومة بل المعلومة تتعلق بمشروع حول شؤوننا القريبة، مضيفا أن هناك غياب للمقاربة التشاركية وهذا لب اللامركزية التي أعلن عنها المغرب، والغريب أن هذا المشروع يقول المتحدث انطلق سنة 2013 أي بعد دستور 2011 الذي نص على مضامين مهمة في ما يخص الديمقراطية التشاركية. وفي ما يخص تأثير مشروع طنجة الكبرى على قطاعات الصحة والتعليم والقطاعات الاجتماعية عموما، قال ابن السالك أن المشروع خصص لقطاع الصحة فقط 132 مليون درهم، وهو مبلغ قال عنه محدود وغير كاف حتى في الظروف العادية وهذا يعكس الاختلالات التي عرفها مشروع طنجة الكبرى على مستوى الأولويات والجدوى. مجلس جماعي تنازل عن صلاحياته أما جمال العسري عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، فقد اعتبر أن المجلس الجماعي لطنجة هاجم كل الأجهزة التنفسية للمدينة، بإجهازه على الحدائق والمناطق الخضراء، مشيرا إلى أنه وضع الكمامة بالصمت والتنازل عن كل حقوقه وما يمنحه له القانون والدستور، مسلما كل مهامه واختصاصاته إلى الولاية وإلى الوالي منها ملف أسواق القرب، رغم السلطة الجماهيرية التي يتوفر عليها. واعتبر العسري خلال مداخلته، أنه تم الاهتمام بالحجر وتم نسيان الاهتمام بالبشر، بل حتى الحجر لم يتم المحافظة فيه على فن المعماري المغربي والطنجاوي على الخصوص. وشدد المتحدث، أنه وفي ظل المجلس الحالي أصبحت شركات مستثمرة في طنجة بمثابة الغول والمتحكم في كل شرايين المدينة وأصبح بقدرة هذه الشركة أن تخلق العشرات من المشاريع من دون الإعلان عنها ضاربة عرض الحائط كل القوانين المنظمة. وأبرز العسري أنه وعكس الشعار الذي رفعه حزب العدالة والتنمية الذي يدبر شؤون طنجة بالأغلبية المطلقة، خلال الحملة الانتخابية والمتعلق بمحاربة الفساد والاستبداد فإنه عقد تحالفا مع سلطة الاستبداد وسلطة الفساد، معتبرا أن الهيئات المنتخبة بممارساتها وتنازلاتها تمارس الإهانة في حق نفسها، وبرفع صبغة المصداقية عن هذه المؤسسات المنتخبة. وختم مخاطبا أمحجور، ليس مطلوبا منكم المواجهة فقط حافظوا على اختصاصاتكم ومارسوها، متسائلا أنه لا يفهم كيف يصمت المجلس الجماعي عن مجموعة من الخروقات منها ما يعرفه ملف الصابو. علاقة الجماعة بالولاية مبنية على التعاون محمد أمحجور النائب الأول لعمدة طنجة وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، كان أكثر وضوحا وهو يتحدث عن علاقة الجماعة بالسلطات الولائية، حيث أكد على أن خلفية هذه العلاقة غير مبنية على الصراع الطبقي، وأن المنهج يقوم على التعاون وعلى أن نكون إيجابيين في إطار القانون وفي إطار الاختصاصات، أننا نحاول أن نرى مصلحة المجتمع ونحاول تطويرها . وأبرز أمحجور على أن من المعطيات التي يجب أن يضبطها المراقب بخصوص هذا المشروع عليه أن يستوعب المحيط الذي يتحرك فيه، كما أن البنية التحتية القانونية والدستورية يجب أن تكون واضحة، مؤكدا على أننا نشتغل في إطار سياسي معلوم والمغرب يعيش في إطار انتقال ديمقراطي يمكن طال هذا الانتقال يمكن لا زالت ديمقراطية منقوصة، ولكن بلغة العلم والمؤشرات المضبوطة أننا لسنا بلدا ديمقراطيا راسخا وفق المعايير المتعارف عليها، كما أننا لسنا بلدا استبداديا مغلقا وفق المعايير المتفق عليها. فنحن بلد هجين والهجانة بين وضعين بين الديمقراطية وبين الاستبداد. وشدد عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن الدستور المغربي الذي أقره المغاربة سنة 2011 هندسته المؤسساتية واضحة وفاقعة، نحن دولة اختارت بين شرعية المنتخب وبين ما يسميه البعض بالمخزن، فرغم الإصلاحات الكبيرة ومنها توسيع صلاحيات السلطة المنتخبة إلا أن الأمر ليست كما هو منشور، مضيفا أن الكثير من الارتدادات الديمقراطية تعكس واقعا مجتمعيا معينا تضبطه خلفيات مجتمعية وثقافية وتوازنات القوى فيه وتفاعلات النسق السياسي وتفاعلات الفاعلين الخ. المستوى الثالث الذي أكد عليه أمحجور، يتعلق بالقوانين التنظيمية التي تعطي سلطة التنسيق والإشراف على المشاريع الجهوية للوالي، مضيفا، انا لا أحاول أن أبرر ولكن بمنطق التفكيك ومحاولة الفهم، قد لا نتفق حولها لكن المهم أن نستوعبها. وأشار المتدخل، أنه وفي هذا الواقع هناك أمران الجوانب القانونية التي نحتكم إليها، والجوانب الثقافية التي تحتاج إلى دينامية مجتمعية لنتقدم إلى الأمام، معتبرا أنه وفي إطار هذه المنظومة يجب أن ننزل مسألة التدبير المحلي حتى نعطيه حجمه الحقيقي، وهذه هي المنظومة التي يجب أن نقيم فيها الشأن المحلي.