هناك فساد في الهواء، فساد مريع، كلنا نشعر بالوجع، الحصار يزداد يوما بعد يوم ومعه نتعلم كيف نحمي الوطن، نتنازل عن كل شيء من أجل أن يكون الوطن كبيرا، لكن من يريد أن يحجب شمس الله أن تدخل من نوافذ منازلنا الصغيرة، من هؤلاء التجار الذين يريدون أن يشتروا فرحتنا في ليلة مظلمة ؟ ألم يحن الوقت ليقرأوا قصتنا كيف بدأت؟ ألم يعلموا أننا ولدنا أحرارا ذات ربيع في هذا الكون الفسيح ؟ ألهذه الدرجة يريدون استعمالنا كمعلبات فاسدة ورميها في آخر الليل في إحدى القمامات الكريهة ؟ نحن أبناء هذا الوطن ، بالإسم والنسب، وكل الأمكنة تعرفنا، ونعرفها بجدرانها وأحياءها وألوانها، وأسماء السجون والشهداء واحدا واحدا، وكل الغيورين والمناضلين لازالوا مسجلين وموشومين بالذاكرة. بالله عليكم ماذا تريدون أكثر مما فعلتم بنا كل هذه السنين ؟ هانحن اليوم كلنا أوفياء لقرارات السيادة، نضع يدنا بيد رجال المروءة، بيد من يخاف فعلا على بكارة الوطن، وأنتم، أنتم أيها القراصنة، لم تتعلموا سوى القبح، وها أنتم بكل وقاحة تريدون افتضاض بكارة هذا الوطن الجريح، ليس لديكم أية شعرة خوف على هذا الوطن، كل مايخيفكم هو صوت الحقيقة، وكل مايزعجكم هو صوت الشعب. لكم وطنكم الذي لاتملكون فيه سوى أوراق الإقامة المؤقتة، ولنا وطننا الذي نزور مقابره في كل مناسبة ترحما على أمواتنا، أحبابنا الذين دفناهم بأيدينا، نحن أصحاب الأرض، ونحن من غرسنا الأشجار المثمرة، وهاأنتم تأكلون كل شيء بل تسرقون كل شيء زرعناه بأيدينا، لقد سرقتم جهودنا، وعرقنا، ووجوهنا، وحتى أعمارنا ذابت كالملح في تزيين حدائقكم الشاسعة، لم تنتبهوا يوما إلى الشيب يعلو رؤوسنا، كل ماقمتم به هو استبدالنا بفلذات أكبادنا الذين ودعوا المدرسة باكرا من أجل أن يظلوا رهن إشارتكم عندما نصاب بالإنهاك يوم ما. اليوم، في هذا التاريخ الذي لن ينسى وسيبقى مسجلا في ذاكرة كل الأجيال القادمة، أنكم أنتم من قام بإحراق كل السفن التي تنقلنا إلى أرض السلام، تسعون إلى إغراق الجميع، لتقتسموا الغنيمة باسم الحجر السياسي، طز في السياسة التي جعلتكم أسيادا بالنيابة علينا، طز في السياسة التي أدخلتكم كرها إلى مؤسسات الشعب الكبير وأنتم أفقر الفقراء علما وتجربة وأخلاقا. بالله عليكم من أنتم ؟ مند زمان وأنتم تحاولون تقسيم الوطن إلى شطرين، الوطن رقم 1 لكم، أنتم ( الأليغارشية) " الصفوة " تريدون أن تتحكموا في كل شيء لكم ولأحفاد أحفادكم، والوطن رقم 2 لنا نحن الأغلبية، الذين عليهم أن يتعلموا قواعد الصمت والسخرة ويتخلون عن كل مايربطهم بشيء إسمه الكرامة والحرية. أيها الأسياد، أسياد السوق المتعفن، إننا أحرار، أحرارا في اختيار ما نريد هكذا تعلمنا منذ أن بدأنا نمشي على هذه الأرض، أو هكذا وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع الطبيعة، لم نتعلق يوما برقم من الأرقام الصناعية الوهمية، لم نقبل يوما سوى التراب ربما لأنه من فصيلتنا ، من جلدتنا، أو ربما لأنه يشبهنا، ومهما حاولتم في تغيير ملامحنا، أو تشويه تقاليدنا أو مسح ذاكرتنا، فإننا باقون، شامخون كشجرة العوسج، كل شيء فينا يتحرك، الجسد والروح، القلب والقلم، وسنردد جميعا أغنية الرفض، نحن الشعب، نحن أصحاب الدار، نحن الأحياء القديمة، نحن كل أصحاب المهن الشريفة، نحن الأصوات المخيفة، نحن الساهرون ليلا على سلامة الوطن، بل نحن الوطن وكل الوطن دون أرقام زائفة.