الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية يشيدان بدينامية التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة    الحكومة تقر بتراجع القطيع الوطني إلى مستويات قياسية    مأزق استراتيجي جديد لقصر المرادية بسوريا    كوريا الشمالية: "اقتراح ترامب السيطرة على غزة سخيف والعالم يغلي الآن مثل قدر العصيدة يسببه"    هل تعوض "بطاقة المشجع" تأشيرة شينغن في مونديال 2030 .. دراسة تسهيل تنقل الجماهير بين المغرب وإسبانيا والبرتغال    وزارة الداخلية تُعلن عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد سائقي تطبيقات النقل الذكية    "دوزيم" الأكثر مشاهدة خلال 2024 وسهرة رأس السنة تسجل أعلى نسبة    تراجع أسعار الذهب بعد ارتفاعها إلى أعلى مستوى على الإطلاق    أكادير تحتضن الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ست نقابات صحية تطالب بتصحيح منهجية العمل وتسريع تنفيذ اتفاق يوليوز 2024    أساتذة اللغة الأمازيغية ينددون بإقصائهم من التكوينات ومنحة الريادة    جامعة الدول العربية ترفض التهجير    بعد الانتصار المثير علي السيتي... أنشيلوتي يعتذر لنجم ريال مدريد البديل الذهبي … !    الاتحاد الدولي للملاكمة يتجه لمقاضاة اللجنة الأولمبية على خلفية مشاركة الجزائرية إيمان خليف في باريس 2024    لافتة "ساخرة" تحفز فينيسيوس في فوز ريال مدريد على سيتي    بدء المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي    مؤشر "مازي" يرتفع ببورصة البيضاء    تلوث الهواء يؤدي إلى وفاة 7 ملايين شخص بشكل مبكر سنويا    قيادة جنونية لسائق شاحنة مغربي في إسبانيا تودي به إلى السجن والغرامة    27 قتيلا و2873 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    نوفل لحلو: التوفر على صناعة طبية مرنة شرط أساسي لتحقيق السيادة الصحية الوطنية    الرباط: مجلس المستشارين يختتم أشغال الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024-2025    سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة: النظام الجزائري يحاول التقارب مع تل أبيب من خلال وساطة أفريقية والقيادة الاسرائيلية ترفض    إبراهيم دياز يعلق لأول مرة بعد الفوز على مانشستر سيتي    الاتحاد الدولي لألعاب القوى يلزم العداءات ب "مسحة الخد" لإثبات أنَّهنَّ إناث    ظهور مفاجئ لسمكة "الشيطان الأسود" في الأعماق يثير الدهشة    القاتل الصامت بنهي حياة شابة بتزنيت    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا الأمريكية بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    إسرائيل تتوعد حماس ب"معارك عنيفة" وإنهاء اتفاق الهدنة في حال عدم إفراجها عن الرهائن بحلول السبت    إقالة المفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية بعد انتقاده لترامب    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    ‬"أونكتاد" تتفحص اقتصاد المغرب    الصين تعرب عن استعدادها لتعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي مع الدول الأخرى    حوار قطاعي بين وزارة العدل والنقابة الوطنية للعدل.. توافق حول ملفات الترقية والتعويضات والخصاص    المصالحة تتعثر في أولمبيك آسفي    سوريا ترفض الإفراج عن جنود وضباط جزائريين وعناصر من بوليساريو.. دليل إدانة ضد الجزائر وبوليساريو لمشاركتهما في تقتيل الشعب السوري    كيف تحمي نفسك من الاحتيال عبر الإنترنت في 2024: دليل شامل لحماية بياناتك وأموالك    مشاريع مبرمجة في مقاطعات البيضاء تشحن الأجواء بين "البام والأحرار"    زيارة رئيس الاتحاد العربي للتايكوندو السيد إدريس الهلالي لمقر نادي كلباء الرياضي الثقافي بالإمارات العربيةالمتحدة    مداولات البورصة تتشح ب"الأحمر"    أيقونة مجموعة "إزنزارن" مصطفى الشاطر في ذمة الله    منتج فيلم "روتيني" يلجأ إلى القضاء    حاسوب خارق يمنح برشلونة الأمل للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا ويصدم ريال مدريد    7 مغاربة يتوّجون بجائزة "ابن بطوطة"    باحثون يطورون اختبارا جديدا يتنبأ بمرض الزهايمر قبل ظهور الأعراض    منظمة الصحة العالمية تطلق برنامجا جديدا للعلاج المجاني لسرطان الأطفال    تتويج الشاعر المغربي عبد الوهاب الرامي بجائزة "بول إيلوار 2024"    وزيرة الثقافة الفرنسية تزور مدن الصحراء المغربية لتعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا    بسمة بوسيل تحت الأضواء مجددا بعد تصريحاتها الجريئة حول طلاقها من تامر حسني    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    سعيد الناصري يختار درب السلطان لتصوير فيلمه السينمائي "الشلاهبية"    مناهضو التمييز يحذرون من وصم الأطفال بسبب "بوحمرون" ويدعون إلى إجراءات شاملة    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصيد وازدواجية الخطاب
نشر في لكم يوم 18 - 09 - 2012

إن المتابع لتصريحات ومقالات السيد أحمد عصيد، سيتوقف مليا أمام استعمال الرجل لخطاب مزدَوَج حد التناقض، بين ما يزعمه من الدفاع عن "قيم الحداثة"، وتهجمه واتهاماته المتكررة لخصومه بدون حجة أو دليل، ففي كل مرة يُدلي فيها بتصريح للصحافة أو يحرر مقالا، إلا ويلجأ إلى قاموسه اللغوي المشحون بألفاظ قدحية، ونعوت تجريحية، تعبر عن عدم قبوله بالفكر المخالف، فلا يكفّ لسانه وقلمه عن شيطنة المخالفين له في الفكر والعقيدة.
في مقالة له عبارة عن رسالة موجهة إلى السلفيين المغاربة كتب السيد عصيد ما يلي: " كنت أتجنب دائما النقاش مع السلفيين لما ينجم عن ذلك من أذى بسبب تفضيلهم التعنيف الوعظي الخشن والتنفير من الدين، على التبشير العقلاني الهادئ والموضوعي، وكذا بسبب جنوحهم إلى الشطط في الإتهام والتحريض والمحاكمة ونشر الكراهية عوض مناقشة الأفكار بالحجج المنطقية والواقعية...".
من يقرأ هذه الفقرة سيظن أن كاتبها ينتمي إلى نخبة مثقفة تشبعت بآداب الحوار والجدال بالتي هي أحسن، لكن الحقيقة أن السيد عصيد أبعد ما يكون عن ذلك، لأن كل مقالاته وتصريحاته تنهل من قاموس التحريض والعنف اللفظي والرمزي، فلا تمرّ مناسبة دون أن يسلط لسانه وقلمه للنيل من الإسلاميين ووصفهم بأقبح النعوت وأقذع الصفات، لا لشيء إلا لأنهم يدافعون عن مشروع مجتمعي يخالف مشروعه، ويحْمِلون فكرا وعقيدة تختلف عن فكره وعقيدته، ويحْلُمُون بمستقبل موصول بالماضي المشرق للأمة.
في كل مقالة يكتبها أو تصريح يطلقه، لا يبرح السيد عصيد قاموسه العنيف، الطافح بلغة التشويه والتسفيه في خصومه، وهو في ذلك لا يميّز بين الإسلاميين المعتدلين والمُغالين، فهما عنده سواء، لأنهما يريدان للدين أن يستعيد دوره التاريخي في تحرير المجتمع من أغلال التبعية للغرب.
يقدّم عصيد نفسه في وسائل الإعلام كمدافع عن "قيم الحداثة"، ويحشر نفسه ضمن معسكر "الديمقراطيين"، حيث لا يملّ أو يكلّ عن المطالبة بالحريات الفردية وحقوق الأقليات وحرية المعتقد... وفي نفس الوقت يكيل لمخالفيه كثير من الشتائم والاتهامات المجانية، فلا يتورع عن وصفهم بالمتطرفين والمتشددين... وهو ما ينسف كل شعاراته "الحداثية" من أساسها.
ففي ندوة ثقافية هاجم عصيد حزب العدالة والتنمية ووصف أعضاءه بالتطرف: " المتطرفون سيزرعون قيم الطاعة والتراث الفقهي في المناهج التربوية وسيقتل ذلك الحداثة".
كما لم يعد خافيا ما يضمره عصيد من تحامل وازدراء بالثقافة العربية الإسلامية، رغم أفضالها عليه، فلولا استعماله اللغة العربية في التواصل مع الرأي العام، سواء عبر التعبير الشفوي أو الكتابي، لبقي "المناضل الأمازيغي" مجهول الهوية.
إن استعمال عصيد للغة قدحية في مواجهة من يخالفونه الرأي والفكر، يجعلنا نشك في إيمانه بحرية الاختلاف والرأي، أما مطالباته المتكررة بقيم الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية، فلا يمكن أن يمكنها أن تبعد عنه تهمة "النزعة الاستئصالية" في مواجهة خصومه.
لا بد من أن نسجل في هذا السياق، أن الإسلاميين طوروا فكرهم وخطابهم، بحيث أصبحوا أكثر "حداثة" و"تقدما" من بعض أدعياء الحداثة أنفسهم، فلا تكاد تجد أحدا ينتمي إلى الحركة الإسلامية المغربية، يعارض أو يرفض القيم الغربية جملة وتفصيلا، بل هناك تعاطي عقلاني معها، وكثير منهم يعتبرون أنها ليست خيرا مطلقا ولا شرا مطلقا، وإنما هي قيم أنتجها العقل البشري، وساهمت فيها عدة حضارات إنسانية بما فيها الحضارة الإسلامية، وبالتالي فهم يعتبرون أن أفضل طريقة للاستفادة منها، هي اختيار ما ينسجم مع قيمنا وثقافتنا وترك ما يعارضها، وإلا أصبحنا مجتمعا بدون رصيد تاريخي وثقافي.
في حين نجد غلاة العلمانية منغلقون، ويرفضون رفضا مطلقا الحديث عن دور القيم الإسلامية في المجتمع، ويضربون عرض الحائط قرون طويلة من سيادة هذه القيم داخل المجتمع المغربي، إلى درجة أن أحدهم صرّح مؤخرا - في خضم النقاش المحتدم حول طقوس البيعة- بأنه يرفض استخدام كلمة "ركوع" لوصف حالة الانحناء لأنها تحمل دلالة دينية، هكذا؟؟!! لكن فاته أن يعترض على مصطلح البيعة أيضا لأنه مصطلح ديني!!
إن إطلاق أوصاف من قبيل التطرف والتشدد على المخالفين، هو إغلاق لباب الحوار والتواصل، وهذا من شأنه يفتح الباب مشرعا على الغلو والتشدد في صفوف العلمانيين والإسلاميين على حد سواء، لأن التشدد والتطرف الفكري والسلوكي، يولد عندما يصبح صاحب عقيدة أو فكر معين يتصور أنه مالك الحقيقة.01/09/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.