قال النقيب عبد الرحيم الجامعي إنه كان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، يوم تدخلت قوات الأمن لتعنيف المتظاهرين أمام البرلمان، أن يأمر زميله وزير العدل والحريات وباسم القانون وقيم الحقوق والأخلاق، باعتقال المعتدين والمخططين والمدبرين وعلى رأسهم وزير الداخلية وعناصر الأمن وأجهزته المشاركة في ارتكاب الجريمة، خاصة وأن حالة التلبس قائمة ومشهورة بعد أن تدخلت قوات الأمن يوم 22 غشت لقمع الوقع الاحتجاجية التي كان نشطاء يعتزمون تنظيمها أمام مقر البرلمان في الرباط تحت شعار "الولاء للحرية والكرامة". وتسائل النقيب الجامعي، في رسالة مفتوحة وجهها إلى رئيس الحكومة، قائلا: " هل أنتم المسؤول الفعلي كرئيس لحكومة حقيقية، مسؤول عن سياستها وعن مؤسساتها و أجهزتها الإدارية والأمنية، وهل فعلا تتحملون عبء سيرها وأدائها وأخطائها وإفلاسها وفسادها وعجزها... أم أنكم صورة معلقة في مشهد مغشوش كله تدليس على الوطن وعلى المواطنين؟". وفيما يلي نص الرسالة التي حصل موقع "لكم. كوم" على نسخة منها من النقيب الجامعي: رسالة لرئيس الحكومة الأمن و القمع يتحداكم والمواطنة ثكلى في عهدكم أنتم بمقتضى الدستور، رئيس الحكومة ورئيس السلطة التنفيذية وتحت نفوذكم تتخذ القرارات الكبرى في السياسات العامة وقضايا حقوق الانسان والسياسات القطاعية، ووزراؤكم ينفذون المهام التي تكلفونهم بها، ووزراؤكم مسؤولون جنائيا أمام المحاكم العادية عن الجنايات والجنح التي يرتكبونها اثناء ممارستهم لمهامهم، هكذا يتحدث الدستور وبنوذه إن كنتم تتذكرون، فلا تقولوا للمغاربة بأنكم على غير علم بالتحضير وتنفيذ العملية الامنية القمعية التي تعرضت لها مجموعة من الشباب وعدد من الصحفيين قبل أيام لما وقفوا للتعبير السلمي عن رفض استمرار إهانة قيم المواطنة والكرامة، والاحتجاج على مظاهر وطقوس الولاء المخزني، التي تحكي عنها العقليات المحافظة وتجتهد للبحث لها عن مبررات استمرارها تارة بالتأويل الديني وتارة بالتأويل الأسطوري وتارة بالخصوصية المغربية و... فإن كانت حكومتكم وأنتم على رأسها، تؤمن بمسؤولياتها وبصلاحياتها وبالعهد الذي تعاقدتم عليه مع المغاربة، لكان عليكم يوم الهجمة الأمنية والحكومية العلنية ضد حرية التوقف والإحتجتج السلمي لمواطنين ومواطنات عزل، أن تعلنوا غضبكم باسم الشعب المغربي على استمرار الاعتداءات البوليسية، وأن تعلنوا الاحتجاج باسم الضحايا على إراقة دمائهم وضربهم والمس بشرفهم، وأن تأمروا زميلكم وزير العدل والحريات وباسم القانون وقيم الحقوق والأخلاق، أن تأمروه وحالة التلبس قائمة ومشهورة، باعتقال المعتدين والمخططين والمدبرين وعلى رأسهم وزير الداخلية وعناصر الأمن وأجهزته المشاركة في ارتكاب الجريمة، وألا تنسوا أن الدستور ربط المسؤولية بالمحاسبة وألغى في الشكل على الأقل الامتياز الجنائي والقانوني الذي كان يمنع مساءلة الوزراء عن الجرائم التي يرتكبونها بمناسبة مباشرة مهامهم. كان عليكم طبقا للدستور، ألا تلتزموا الصمت وأن تطلبوا عقد دورة استثنائية لمجلس النواب لمطالبته بالتصويت على استمرار تحملكم للمسؤولية وقبول سياستكم العمومية والأمنية، ولمطالبته بتزكيتكم لتصبحوا صاحب السلطة الحقيقية على الوزراء وعلى مهامهم، بل لكي تطلبوا من البرلمانيين وتسألوهم هل هم متفقون معكم على ان تكونوا رئيسا للحكومة دون حقيبة اي مجرد منسق للقاءاتها بدون صلاحيات، وان تطلبوا منهم موافقتهم ان تتسامحوا مع المس بالسلامة البدنية والجسدية للمواطنين وان تتسامحوا رسميا بان يتعامل الامن معاملات قاسية ومهينة وحاطة من الكرامة اتجاههم وان تتفقوا معهم لما يمارسوا التعذيب المشهور والعلني عليهم بالضرب وما يدخل في حكمه، وان تتفقوا معهم من أجل أن يدوسوا حرياتهم دون قانون، وأخيرا أن تطلبوا من البرلمان أن يَسْتَسلم لكم ويُسَلمَكم رِقَاب المغاربة لكي تعلنوا حالة استثناء حكومية لتطلقوا في زمنكم أيادي الأمن والقمع تفعل بالمغرب وبالمغاربة ما تشتهيه عقليات السلطة وما يحلوا لها أن تأتيه بالليل وبالنهار، فليس لكم أن تقولوا ما قاله الفنان الساخر كوليشColuche: on ne m'enlèvera pas de l'idée que la connerie est une forme d'intelligence اليوم وأمام القمع وآلياته التي تمارس التحدي للقانون وللحريات وللدستور وللذوق العام، وللرأي المحلي والدولي، وأمام صمتكم الرهيب اتجاهها والذي يثير الدهشة والقلق والتخوف، ويربك العقل ويشكك في صحة خطاباتكم وحقيقة وجدية ممارسة وظيفتكم كما أعطاها لكم الدستور سياسيا وقانونيا وإداريا، يتساءل هذا الوطن بلسان مواطنيه هل أنتم المسؤول الفعلي كرئيس لحكومة حقيقية، مسؤول عن سياستها وعن مؤسساتها و أجهزتها الإدارية والأمنية، وهل فعلا تتحملون عبء سيرها وأدائها وأخطائها وإفلاسها وفسادها وعجزها... أم أنكم صورة معلقة في مشهد مغشوش كله تدليس على الوطن وعلى المواطنين؟ فإن كنتم شخصية خيالية (figurant) فإن المغرب في عهدكم اليوم يعيش لحظات الموت السياسي والحقوقي والقضائي وستنتهي مَشَاهِدُه ومؤسساته كما انتهت مسرحيات الطغاة بن علي ومبارك وصالح والقذافي وبشار، وستنتهي خطاباتكم وشعاراتكم وسترجعون بالبلد وبالعباد إلى عهد الرصاص والنار والعصي الغليظة والنفاق والتدليس، والتي لم تعد بعد الثورات العربية وبعد الاحتجاجات المغربية بقيادة حركة العشرين من فبراير، جرعة مسكنة تقبض الأنفاس وتقطع الأصوات. وإن كنتم رئيسا حقيقيا لحكومة المغرب، وصاحب السياسة والسلطة والقرار والكلمة والرأي والتوجيه في الصغيرة والكبيرة ونحن هكذا نريدكم، فلماذا تركتم الحبل على الغارب ودفعتم بالسيل ليبلغ الزبى، ولماذا سمحتم لوزيركم في الداخلية أن يتصرف مع كرامة الناس مثلما تصرف بن على مع الشهيد البوعزيزي، وليطلق الأوامر للأمن ولعناصره بالاعتداء على مواطنات وموطنين واقفين سلميا وهم يعبرون عن رأيهم اتجاه طقوس الولاء وما يصحبها من ركوع أمام الفرس الملكي، ولماذا أهانوهم أمام الملأ نهار جهارا بالضرب والرفس والجر والسرقة وكسر العظام وإسالة الدماء. إنكم بحيادكم تتركون المغرب للمجهول، أي تسمحون بان يصبح المغرب ساحة للإفلات من القانون ومن العقاب، وساحة للضرب والعنف والاعتقال ومرتعا لعناصر مسلحة وميلشيات يقال أنها من رجال الأمن في حين أن كلمة الأمن تتنافى مع الاعتداء على أمن الناس وحرياتهم، وليجرد الصحفيون كما كتبها قلم مدير نشر جريدة أخبار اليوم أمس الأمس الجمعة من مواطنتهم ومعهم كل المواطنين. إنكم تسمحون بعصيان الدستور وبانتهاك القانون، ولما يأتي عصيان القانون ممن هم مكلفون بِنَفَاذِه، فإنكم تطلبون من المواطنين أن يعلنوا العصيان المدني، ضد العصيان الأمني لحكومتكم، و لما تبيحوا ضرب المواطن وإهانته، واعتقال المواطن ودوس حريته، وسجن المواطن والوطء على قرينة براءته، فكل ذلك يعني شئتم أم أبيتم، فتح باب الإستبداد والشطط، فما عليكم إلا أن تحملوا تبعات سياستكم،. وتذكروا ما قاله القائد الفيتنامي هوشي منه: Le prix de l'homme baisse quand il n'a plus l'usage d sa liberté النقيب عبد الرحيم الجامعي الرباط 27 غشت 2012