اعتبر نقابيون وسياسيون، أنه لا يمكن لأي نموذج تنموي أن يستقيم في ظل الاستبداد السياسي، وفي ظل فساد لم يعد حالات معزولة، وإنما أمام منظومة اخترقت الدولة والمجتمع، مؤكدين على أن الحياة السياسية مخنوقة والاعتقالات مستمرة، مبرزين أن اللجنة النموذج التنموي غير دستورية. جاء ذلك في ندوة نظمها مساء أمس الجمعة 31 يناير 20120، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بطنجة، بتنسيق مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حول موضوع “التعليم العمومي والنموذج التنموي، أية علاقة؟”، وشاركت فيها قيادات نقابية وسياسية.
وفي هذا الصدد، قال عبد اللطيف قيلش عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، “لا يمكن لأي نموذج تنموي أن يستقيم في ظل الاستبداد السياسي، وفي ظل فساد لم يعد حالات معزولة، وإنما أمام منظومة اخترقت الدولة، واخترقت المجتمع، مشيرا إلى أن النموذج المشار إليه، لا يمكن له أن يستقيم مع خنق الحياة السياسية، وتغييب الديمقراطية في كل أبعادها، ومع الردة الحقوقية التي يشهدها المغرب. وأضاف القيادي النقابي، أنه ومع تغييب الحوار الاجتماعي ومع منع المكاتب والطرد لأسباب نقابية، لا يمكن أن يستقيم النموذج التنموي، ومع أيضا استمرار الاعتقالات من أجل الرأي من أجل تدوينة، من أجل الاحتجاج، من أجل التضامن. مرتكزات النموذج التنموي وأكد عبد اللطيف قيلش خلال هذه الندوة التي عرفت حضور رموز نقابية ويسارية بارزة، على أن للنموذج التنموي مرتكزات، حددها في الديمقراطية وحقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، مؤكدا على أن أي نموذج تنموي يجب أن يلعب فيه التعليم دورا مركزيا ومحوريا. واعتبر المتدخل، “إلى أن اللجنة التي شكلت غير دستورية، لأنه إذا كان الدستور ينص على المسؤولية والمحاسبة، مع هذه اللجنة من سنحاسب؟”، مبرزا أن ما يمارس هو تكرار لأحد الثوابت المخزنية وهي أن النظام المغربي يعيش ما بين العصري، بحيث لدينا حكومة وبرلمان ومؤسسات، وتقليدي لأن القرارات تسمع خارج هذه المؤسسات، كما خلص إلى ذلك المفكر عبد الله العروي، وهذا هو حال المغرب. مفهوم التنمية وعرج قيلش، على التطور الذي عرفه مفهوم التنمية، معتبرا إياه مفهوم شامل متعدد الأبعاد يمس كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وأضحى حق من الحقوق، متسائلا هل مفهوم التنمية كانشغال كان حاضرا لدى الدولة، مشيرا إلى أنه وقبل سنة 1999، كانت اختيارات ثلاثية خماسية، وبعد 99 انتقلنا إلى مخططات، المخطط الأزرق، المخطط الأخضر.. الخ، وفي كل هذا يؤكد المتدخل، كان الأساس أن الدولة تخلت بشكل تدريجي عن مسؤولياتها ووظائفها الاجتماعية. مسؤولية الدولة وأبرز المتحدث، أنه عندما نأتي للمحاسبة، نجد أن كل هذه الاختيارات لم تنجز النهضة الاقتصادية، ولم تحقق النمو الاقتصادي، ولم تحقق أيضا التنمية البشرية أبرزتها التقارير الدولية، كاشفا عن الترتيب المخجل الذي يحتله المغرب ليس فقط في التعليم ولكن بكل ما يتعلق بالمؤشرات البشرية. وأشار إلى أن هذا الفشل تتحمل فيه الدولة كامل المسؤولية، مضيفا أن الأمر لا يتعلق بالاعتراف والمسؤولية، لأن الاعتراف ينبغي أن يكون مدخلا لإعادة تصحيح البرامج التنموية لإعادة تصحيح الاختيارات، مشيرا إلى ما جاء تقرير هيئة الانصاف والمصالحة، وايضا تقرير الخمسينية على هذا المستوى. واعتبر المتحدث، أن التعليم العمومي حورب بشتى الوسائل، والوقائع التاريخية كثيرة وكثيرة، وأن الدولة كانت سياستها ترمي إلى التدجين، لأن في ذلك ضمانة لتأبيد الاستبداد السياسي، ليتضح أن مخطط الدولة كان هو تدمير التعليم العمومي. وخلص النقابي، إلى أن الدولة ليس لديها الاقتناع بنجاعة الاصلاح، ضاربا المثال بدولة كوريا الجنوبية، فمنذ 60 سنة كان 80 في المائة غير متعلمين، اليوم كوريا الجنوبية تخصص 20 في المائة من ميزانيتها لفائدة التعليم، وأن السر في النهضة التي تعرفها مجموعة من الدول الأسيوية أنها استثمرت في الثروة البشرية وفي الرأس مال البشري، تحققت التنمية عندما اقتنعت الدولة بأن سبيل التقدم هو التعليم، وهو الشيء الغير حاصل عندنا في المغرب. إقرار بفشل النموذج التنموي من جانبه، اعتبر عبد الغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أن الجديد هو إقرار السلطات على أعلى مستوى بفشل النموذج التنموي، أما بالنسبة إلينا كيسار فنحن نعرف أن النموذج فشل، مشيرا إلى أن فشل التعليم أيضا حاز على اعتراف رسمي ودولي، مضيفا، يكفي الإشارة إلى التقارير الوطنية والدولية التي تقر بفشل قطاع التعليم. وقال الراقي، إن المدرسة العمومية تعرف تراجع أمام زحف المدرسة الخصوصية، وبالأرقام يؤكد المتحدث، أنه وفي ظرف 15 سنة الأخيرة انتقلت المدرسة الخصوصية من 4 في المائة، إلى 16 في المائة، وبهذا الإيقاع عمليا الدولة ماضية في القضاء على المدرسة العمومية، والضرب على مجانية التعليم. وأبرز القيادي النقابي، أن التعليم يعرف زحف الهشاشة بشكل مثير، ففي ظرف 5 سنوات الأخيرة انتقلنا من 0 أستاذ في وضع هش، أو أستاذ في وضعية التعاقد، إلى 70 ألف، والموسم المقبل سيصل الرقم إلى 85 ألف، كنسبة ستكون الموسم المقبل 33 في المائة من عدد المدرسين. وأكد على أن هذا التراجع الذي تعرفه المدرسة العمومية، هو نتيجة تحصيل حاصل للاختيارات الكبرى للدولة المغربية، وذلك بتخليها التدريجي عن المرفق العمومي، بتماه تام مع التوجهات اللبرالية العالمية، وفي انصياع كلي لإملاءات المؤسسات الدولية المانحة للقروض، بدعوى تخفيض كتلة الأجور من الميزانية العامة للدولة، والسياسة الحكومية هي ترجمة لهذه التوجهات. وخلص المتحدث، إلى أنه بهذا التعليم الذي وصفه بالمتخلف، لا يمكن للمجتمع المغربي أن ينهض والمرور نحو التنمية، خاصة وأن التعليم هو رافعة، هامسا للمسؤولين بأنه لا يمكن تصور نموذج تنموي ناجح لا يرتكز على النهوض بالتعليم، ودون اعتبار التعليم أولوية الأولويات. وأشار القيادي النقابي، إلى تصور “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” الذي قدمته أمام لجنة بنموسى، من أهم ركائزه التعليم، معتبرة أن الإصلاح الحقيقي لمنظومة التربية والتكوين المدخل الأساسي لبناء النموذج التنموي، يخرج المغرب من دائرة التخلف ويسمح بولوج مجتمع المعرفة. وأبرز أن نقابته قدمت مقترحات على هذا المستوى، منها أنه لا بد من أن تكون المدرسة موحدة وموحدة، لأن الدولة ماضية في ضرب تماسك المجتمع، إشراك كل الفاعلين والأطراف المعنية، ضمان مسؤولية الدولة ومجانية التعليم، الدور التربوي التنويري للمدرسة، القطع مع الهشاشة، تشجيع البحث العلمي. استرجاع المدرسة العمومية المحجوب حبيبي وهو عضو بالكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، فقد دعا إلى استرجاع المدرسة العمومية، متسائلا هل يمكن أم غير ممكن؟ المهم لا بد من المبادرة، مضيفا، بعدها لنسترجع المؤسسات والإنسان لنصل إلى التنمية، مؤكدا أن المسار أصبح طويلا، وهو مطروح وبإلحاح على الشعب المغربي. وأشار القيادي بالحزب اليساري، إلى أن ما يسير إليه المغرب لا يمكن أن يخرجنا من المأزق، لأننا وصلنا إلى نهاية الجدار، معتبرا أن المغرب تعرض إلى مخطط إيقاف الدينامية الاجتماعية عن سبق إصرار وترصد، هدفه منع الناس من أن يتكلموا. إطلاق سراح المعتقلين وكان حسن الحداد، قد اعتبر باسم فرع حزب الطليعة بطنجة، في بداية الندوة، أنه لا تنمية حقيقية في ظل الفساد والاستبداد، وأن المشاورات الجارية حول النموذج التنموي تستوجب انفراج سياسي وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين وفي مقدمتهم معتقلي حراك الريف وجرادة، وإطلاق اصلاحات سياسية ودستورية كمدخل أساسي لتحقيق التنمية الحقيقية الشاملة. وأشاد المتحدث بأهمية تأسيس الجبهة الاجتماعية التي تأسست مؤخرا، ودورها في إعادة بناء مقومات البناء الديمقراطي المشترك من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مؤكدا على أن من شأن تأسيس هذه الجبهة توحيد قوى اليسار المناضل وتدشين دينامية نضالية جديدة كفيلة بتعديل ميزان القوى لصالح قوى التحرر والديمقراطية والتقدم في أفق التغيير الديمقراطي المنشود. جاهزية حزب الطليعة بطنجة للإندماج في خطوة لافتة، أعلن حسن الحداد عن جاهزية فرع حزب الطليعة بطنجة، وإرادته في اختيار الاندماج مع مكونات فدرالية اليسار الديمقراطي، معتبرا إياه خيار استراتيجي ومصيري لا رجعة فيه، لضمان استمرارية اليسار المناضل بمشروعه المجتمعي التقدمي وبرنامجه السياسي في المؤسسات وداخل المجتمع بتنظيم قوي وفاعل. من جهة أخرى، سجل القيادي اليساري، ما يعيشه المغرب من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة تستهدف القوت اليومي للمغاربة عامة والجماهير الشعبية الكادحة، معتبرا الأمر نتاج للسياسات الاشعبية، ونتيجة حتمية ومنطقية لتلازم الفساد والاستبداد، والتبعية للمراكز المالية العالمية، وما تعرفه بلادنا من تصاعد لحملة القمع الممنهج ومصادرة الحقوق والحريات وشن حملة للاعتقالات في انتهاك صارخ لحق الأفراد والجماعات في التعبير والرأي والتجمع والتنظيم، مما يؤكد اصرار التحالف الطبقي السائر على نهج المقاربة الأمنية. وأكد الحداد على أن حزب الطليعة بطنجة يقف على التضييق الذي يشمل الانخراط النقابي والأطر والمكاتب النقابية والتسريح الجماعي والاجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة وهو الأمر الذي يطال كل المؤسسات العمالية بطنجة أصيلة، وشجب المتدخل بقوة وشدة هاته القرارات، مشيرا ما يتعرض إليه عمال ونقابة شركة “أمانور” بطنجة.