بلا أدنى شك هو صفقة الميركاتو الشتوي بامتياز لأسود العالم، بعدما فاجأ الكل بصفقة العمر والانتقال من الصغير ليغانيس إلى العملاق إشبيلية، بقيمة مالية بلغت 20 مليون أورو ولمدة 5 سنوات ونصف. النصيري وجد نفسه في ظرف سنوات قليلة من طفل حالم بين دروب العاصمة العلمية فاس إلى نجم يتلألأ بين صوامع إشبيلية، حيث يدخل قلعة الأندلس كحاكم جديد بتاج الطموح والحماس والمؤهلات العالية. من فاس إلى الأكاديمية وهو لا يتجاوز العاشرة من العمر غادر يوسف النصيري بيت العائلة الدافئ بحي بن دباب الشعبي بفاس، إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم ضواحي سلا، حيث تم اختياره بعد انتقاء وطني في مختلف مدن المملكة ليدخل مركز التكوين، في فوج ضم أيضا حمزة منديل ورضا التكناوتي ونايف أكرد وآخرين.. يوسف قضى 7 سنوات كاملة بالأكاديمية منغمسا في تعلم الحروف الهجائية للعبة برعاية المدير ناصر لارغيت والأستاذ الفرنسي طوما، وأظهر في المراحل الأخيرة للتكوين مستوى رائعا وتطورا عجيبا مكنه من الحصول على شهادة التخرج بميزة مشرف جدا، لينال تأشيرة العبور إلى الضفة الأوروبية من أجل الخضوع إلى سلسلة من الاختبارات مع أكثر من فريق. مالقا في الإستقبال من أكاديمية محمد السادس طار النصيري في أول رحلة إلى عاصمة الضباب لندن ليحل ضيفا على العملاق تشيلسي، لاجتياز فترة اختبار لمدة أسبوع مع شبان البلوز، وقد نجح وتفوق لكن مشاكل رخصة العمل وقانون القاصرين منعه من الالتحاق بالفريق الإنجليزي، ليعرج بعدها جنوبا صوب إسبانيا، وتحديدا أكاديمية مالقا التي فتحت له أبوابها دون تردد إثر توقيع اتفاقية بينها وبين أكاديمية محمد السادس. وبالفعل انضم النصيري إلى الفريق الثاني لمالقا في صفقة لم تتجاوز 150 ألف أورو، واستطاع أن يفرض ذاته بسرعة ليقرر مدرب فئة الكبار خواندي راموس إشراكه يوم 20 شتنبر 2016 ضد إيبار بالليغا، وهو التاريخ الذي قص فيه شريط الإحتراف بأفضل عنوان، مسجلا هدفه الأول بعد 5 دقائق من دخوله كبديل. إرتفاع الأسهم في نفس الوقت الذي كان يشق فيه خطواته الأولى مع مالقا، نادى الناخب السابق هيرفي رونار على النصيري لأول مباراة مع الفريق الوطني بعد توصية من ناصر لارغيت، ليعطيه شارة الدولية ويمنحه فرصة الظهور الافتتاحي في اللقاء الودي ضد ألبانيا حيث لعب 90 دقيقة وأعطى إشارات جيدة كقناص متحرك. ومنذئذ واللاعب يمسك بالرسمية مع الثعلب الفرنسي الذي كان يوليه عناية خاصة، فيؤطره ويثق به ويصطحبه معه إلى أكبر التظاهرات القارية والعالمية، فرمى به كورقة رابحة في كأس أمم إفريقيا بالغابون 2017 حينما سجل أول أهدافه الدولية في مرمى طوغو، ليتواصل الإبحار ويمتد إلى غاية كاليننغراد الروسية، هناك حيث قهر الماتادور الإسباني في المونديال وأسقط أفضل مدافعين في العالم راموس وبيكي، ليهز شباك العملاق دي خيا بهدف تاريخي رفع من أسهمه إلى قمة القمم. ليغانيس قنطرة معبدة بعد أيام قليلة من نهاية كأس العالم 2018 أعلن ليغانيس توقيعه مع يوسف قادما من مالقا في صفقة مركبة بقيمة مالية تجاوزت 6 ملايين أورو، مع بنوذ تتعلق بإمكانية رجوعه إلى النادي الأندلسي مقابل 16 مليون أورو في حال الصعود، إضافة إلى تحويل جزء من مبلغ الانتقال إلى أكاديمية محمد السادس. ورغم تواضع ليغانيس ومحدوديته في المراتب الأخيرة لليغا، إلا أن إبن فاس وقع على مستويات لافتة ولدغ كبار الإسبان، ودخل تاريخ النادي كأول لاعب يسجل هاتريك بالبطولة، وتفنن في توقيع أهداف ساحرة بالقدم كما بالرأس، أشهرها هدفه العجيب في مرمى الألماني تير شتيغن ذهاب هذا الموسم، ليثير إعجاب كل المحللين ويحصل على تنويه خاص من أشهر الصحف، مع تحرك أندية إنجليزية في الظل لانتدابه. إشبيلية مكافأة الاجتهاد تشبث يوسف النصيري بالبقاء والاستمرار في مدريد لمساعدة ليغانيس على التخلص من وحل قعر الترتيب وخطر النزول، وأعلن وفاءه للقنطرة التي عبدت له طريق الشهرة والنجومية وخطف الأضواء، لكنه لم يكن يعلم أن العملاق الأندلسي إشبيلية يخطط في صمت لخطفه هذا الشتاء، دون شد وجذب ودون الدخول في مفاوضات تنتهي أو قد لا تنتهي، بعدما قرر منذ الوهلة الأولى دفع الشرط الجزائي في عقده والذي لم يتجاوز 20 ملايين أورو. وبسرعة البرق حزم صاحب 22 سنة حقائبه وغادر مدريد في اتجاه إشبيلية، ليجتاز الفحص الطبي ويوقع العقد وينضم إلى زملاء بونو في التداريب، حيث سيكون رأس حربة جديد وجوكر هجومي في يد المدرب لوبتيغي، وخير بديل للمهاجم المكسيكي تشيتشاريتو الملتحق بالبطولة الأمريكية. وسيجد هداف الأسود نفسه في عالم آخر أكثر احترافية وقوة وندية، داخل أسوار قلعة أندلسية تاريخية تدمن منصات التتويج والمشاركات الخارجية، وقد تفتح أمامه أبواب الانتقال لاحقا إلى عملاق أوروبي.