قال رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري الدكتور شفيق الشرايبي ٬ يوم الثلاثاء 12 يونيو بالرباط ٬ إن ما بين 600 و 800 حالة إجهاض سري تتم يوميا بالمغرب وأن العديد منها تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحة المرأة تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة . واعتبر الدكتور الشرايبي ٬ في كلمة بمناسبة انعقاد المؤتمر الثاني لهذه الجمعية ٬ الإجهاض السري بالمغرب " مأساة حقيقية " ٬ لكنه يعتبر الحل بالنسبة لمئات النساء للتخلص من حالات الحمل غير المرغوب فيها التي تترتب عنها نتائج اجتماعية خطيرة تتمثل أساسا في الانتحار والطرد من الأسرة وجرائم الشرف وتزايد عدد الأطفال المتخلى عنهم وكذا حبس الأطباء ومستخدمي قطاع الصحة. وقال إن القانون المنظم للإجهاض " غير متلائم تماما مع الحقائق الاجتماعية بالمغرب " وكذا مع التحولات الاجتماعية الكبرى التي يشهدها٬ معتبرا أنه في ظل هذه المعطيات الخطيرة " من الأفضل على الأقل بالنسبة لبعض الحالات٬ كالاغتصاب وزنا المحارم والتشوهات الخطيرة للجنين وبعض الحالات الاجتماعية القصوى ٬ القيام بعمليات الإجهاض في ظروف طبية سليمة من أجل الحد من مضاعفات الإجهاض السري". وأكد الدكتور الشرايبي ٬ وهو أيضا رئيس مصلحة الولادة بمستشفى الليمون بالرباط ٬ أن قضية الإجهاض السري " تتطلب اليوم التزاما سياسيا حازما من أجل التغيير وتجاوز كل الخلافات والنزاعات الايديولوجية بين الأحزاب ٬ لأن الأمر يتعلق بقضية مواطنة وطنية تروم إنقاذ حياة المئات من النساء من النتائج المأساوية للحمل غير المرغوب فيه". وأضاف أن المؤتمر الثاني للجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري يهدف إلى المساهمة في بلورة مقترح قانون على ضوء التحليلات والحقائق التي سيعرضها مختلف المتدخلين طيلة أشغال هذا المؤتمر٬ من أجل إنقاذ أرواح النساء ضحايا الظروف القاسية التي تدفعهن إلى المغامرة بحياتهن في سبيل التخلص من الحمل غير المرغوب فيه . وخلص إلى أن الجمعية ٬ التي أنشئت سنة 2008 بهدف تسليط الضوء على هذه القضية وفتح نقاش وطني من خلال لقاءات وندوات عبر ربوع المملكة والدعوة إلى مراجعة القانون المنظم للإجهاض ٬ " لا تشجع على الإجهاض وإنما على الوقاية لمنع حدوث الحمل غير المرغوب فيه ٬ وفي حالات الضرورة ٬ القيام بالإجهاض في ظروف صحية جيدة حتى لا تحدث مضاعفات أو حالات وفاة " . أما الدكتور عبد العالي العلوي البلغيتي مدير المستشفيات والعلاجات المتنقلة بوزارة الصحة فقد أكد أن " مشكل الإجهاض في المغرب ليس مشكلا قطاعيا ٬ أي أنه لا يهم قطاع الصحة لوحده٬ وإنما هو مشكلة مجتمعية تتداخل فيها مختلف الجهات والأطراف" ٬ مضيفا أن مسؤولية إيجاد حلول لهذه المسألة لا تقع على وزارة الصحة لوحدها٬ وإنما تتطلب تعبئة مجموع الجهات المعنية٬ كل من موقعه. وعبر عن تفاؤله ازاء النقاش العميق والجاد حول هذه القضية والتوجه نحو إصدار مشروع قانون ينظمها في ظل الظرفية الدستورية والحقوقية والسياسية الجديدة التي يعيشها المغرب٬ مذكرا بأن الصحة والعلاج أصبح حقا دستوريا (الفصل 31) وبالتالي فإن تنزيله أم واجب على الجميع. أما رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد ادريس اليزمي ٬ فقد دعا إلى ضرورة تعبئة الجهود من أجل منع استمرار ظاهرة الاجهاض السري التي تؤدي أحيانا إلى المس بحق المرأة المغربية في الحياة٬ مبرزا أن وجود نقاش حقيقي بين مجموع مكونات المجتمع يعد السبيل الأوحد لحل مشاكل الحمل غير المرغوب فيه وتفادي الانعكاسات المترتبة عن القيام بالإجهاض السري. وأكد أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ملتزم إلى جانب جميع الفاعلين والمعنيين بهذه القضية المجتمعية بالعمل من أجل حماية حقوق المرأة المغربية ٬ وحقها في الخضوع للإجهاض الآمن الذي يستجيب لجميع شروط السلامة الصحية. وبدورها ٬ اعتبرت السيدة خديجة الرويسي نائبة رئيس مجلس النواب أن القوانين المنظمة للإجهاض " مجحفة وغير ملائمة للتطور الحقوقي والسياسي والاجتماعي الذي عرفه المغرب " ٬ بدليل العدد الكبير من حالات الإجهاض السري التي تتم يوميا ٬ مضيفة أن سن قوانين ملائمة للتعاطي مع حالات الحمل غير المرغوب فيها سيمكن على الأقل من ضمان إجراء عمليات الإجهاض في ظروف جيدة تضمن شروط السلامة للنساء. وأشارت إلى أنه أمام المآسي الاجتماعية الخطيرة المترتبة عن حالات الحمل غير المرغوب فيها ٬ يتعين التعجيل بفتح نقاش مؤسساتي من داخل المؤسسة التشريعية من أجل طرح الحلول التي تحترم الكرامة الإنسانية للمرأة وتقيها من التهميش والإقصاء الناتج عن تعرضها للاغتصاب أو زنا المحارم أو إنجاب طفل خارج إطار الزواج. ومن جهتها ٬ دعت السيدة نزهة الصقلي النائبة البرلمانية ووزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن السابقة إلى ضرورة التسريع بوضع مشروع قانون جديد " يخفف مسألة الإجهاض وذلك في جو من الإجماع الوطني بهدف تجنب الكوارث الاجتماعية التي تعتبر حالات الحمل غير المرغوب فيه سببا فيها "٬ داعية إلى التحلي بشجاعة أكبر لمناقشة وإيجاد حلول لهذه المشكلة الاجتماعية. ويتضمن برنامج المؤتمر الثاني للجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري أربع جلسات تناقش مواضيع " كيفية الوقاية من حالات الحمل غير المرغوب فيها" و "الإجهاض : واقع الحال " و "جلسة مع الأحزاب السياسية" و"مناقشة مضمون مشروع أو مقترح قانون"٬ قبل الخروج بتوصيات.