قطعت معظم القنوات التلفزيونية برامجها الاعتيادية لتورد خبرا عاجلا يفيد باختفاء طائرة ركاب بعد انقطاع الاتصال بينها و بين برج المراقبة . بعض هذه القنوات تحدثت عن تشكيل خلية أزمة لتدارس التبعات مع تشكيل فريق تحقيق لجمع المعلومات لمعرفة الظروف القائمة لحظات قبل الكارثة. الطائرة التي اختفت من نوع "إصلاح منظومة العدالة" انطلقت من مطار "ثورة الملك والشعب"بتاريخ:20غشت2009 وتقل على متنها طاقما مكونا من قائد الطائرة "مصطفى" بدرجة وزير وربابنة مساعدين بدرجة قضاة يضع غالبيتهم شارات حمراء على سواعدهم و يساعدهم في مهامهم عدد من المضيفات والمضيفين في رتبة كتاب الضبط.ومن ضمن الركاب هناك متقاضون مسافرون في الدرجة الممتازة هم مواطنون من فئة "خمس نجوم" و في مؤخرة الطائرة يتكدس باقي أبناء الشعب. المعلومات الشحيحة التي رشحت عن كواليس فريق التحقيق تفيد بأن فرضية العطل الميكانيكي حاضرة لكون الطائرة عند انطلاقها بشهادة عتاة الخبراء في المجال لم تكن تنسجم والمعايير التي توصي بها الهيئة الدولية لسلامة هذا النوع من الرحلات. دون استبعاد فرضية العمل التخريبي والخوف كل الخوف أن تكون تعرضت للاختطاف. فماذا حصل بالضبط؟؟؟ قبل انطلاق الرحلة طبع قائد الطائرة قبلة على "مصباح" قديم وضعه على مقود الطائرة معتقدا أن تعويذة مماثلة قد توصل الطائرة إلى بر الأمان أو ربما تكون مصدر الحظ.عبر مكبرات الصوت رحب بالركاب على متن طائرته, بعد أن عرف بنفسه, ثم دعا السياح الأجانب ممن ينوون أن يعصوا الله , النزول للركوب على متن طائرة أخرى مذكرا الجميع أن ثمن المشروبات الروحية قد زاد عن المعتاد . فجأة ومع تشغيل المحركات علم من مقصورة القيادة أن ربانا "طيبا" قد فارق الحياة بعد أزمة قلبية مفاجئة جعلت الربان الرئيس يبلل سرواله, وهو العارف بأن كل من قاد تلك الطائرة لا يعمر طويلا لأن وفاة من هذا النوع لم تكن الأولى و ربما لن تكون الأخيرة لأن "زوبعة" مثل هذه مرت بالطاقم. و ربما أن الطائرة يطاردها شؤم مخيف. الطائرة في السماء و الربان غاضبون من عنجهية قائد الطائرة ومزاجيته. يؤاخذونه على تدخله في شؤونهم . حتى وصل بهم الأمر حد التهديد بالإضراب , وهو ما أضحك قائد الطائرة الذي شبههم بعمال البلدية (كما لو أن هؤلاء أقل شرفا من أولئك). مطب هوائي كبير اهتز له جسم الطائرة واهتزت معه ثقة كثير من الركاب حول سلامة هذه الرحلة. لكن, ليس كل الركاب ;فأولئك الذين يقبعون في المقاعد الفخمة بدوا غير مبالين ومن بينهم شخصيات من عالم المال والأعمال و حتى الفن , فن الممكن طبعا و قد بدوا مسلحين بخطة احتياطية,وهم يضعون بالقرب منهم مضلات نجاة سيلجأون إليها عندما تسوء الأحوال,أما الباقون فهم معلقون بين السماء و البصر يعضون على أطراف أصابعهم خوفا من أن تكون تلك لحظاتهم الأخيرة قبل الكارثة. مع تقدم مجريات التحقيق أكتشف أن الطائرة عندما كانت جاثمة على أرضية المطار قبل إقلاعها أرسل الربابنة الغاضبون طلب ضخ كمية معقولة من الكيروزين في خزان الطائرة مبررين ذلك بكون المشوار طويل نحو المطار وجهة الطائرة.غير أن هذا المبرر لم يقنع "مول الشكارة" صاحب "البركة" مبررا ذلك بأن ثمن الوقود قد زاد فضلا عن أن "موازين" أخرى قد تختل وهي الأولى و إن " إصلاح منظومة العدالة" ليست ضمن الأولويات . أصر القبطان "مصطفى" على الإقلاع و هو يملي إحداثيات الإقلاع والتحليق على مراقبي حركة المرور الجوي , فيما يجوب المضيفات والمضيفون الممرات بين صفوف مقاعد المسافرين يلبون طلباتهم ويتفقدون الطاقم من حين لآخر ككل ملائكة الخير المحلقة في السماء.و يخفون تذمرهم من كونهم يضطرون للبقاء وقوفا طوال الرحلات الطويلة يتحملون غضب بعض المسافرين"المتقاضين" المتذمرين من الخدمات المقدمة حتى ولو لم يكن ذلك من مسؤوليتهم.هذا مع الاحتفاظ الدائم بالبسمة التي تخفي آلاما وآمالا كثيرة معا على وجوههم . والحقيقة أن الاسترخاء ليس وضعا معمما .حيث أن أصحاب الدرجة الاقتصادية بعيدون كل البعد عن حالة "الرخاء" التي يسبح فيها أصحاب الدرجة الشرفية. فالمقاعد غير المقاعد والرفقة غير الرفقة إذ التفاوت واضح في المقامات و"المقالات" بحيث أن الدرجتان بينهما برزخ لا تبغيان لا يجمعهما سوى حالة"الصراع الطبقي"القائمة. الرحلة على أية حال مصيرية للجميع خصوصا أصحاب الدرجة الخلفية لأن تفاصيل حياتهم ستأخذ مسارا مختلفا بعدها, والأمر نفسه ينطبق على المضيفات والمضيفين وبقية الربابنة فهؤلاء ستتحسن أوضاعهم وظروف عملهم بعدها. غير أن هناك على متن الطائرة من تضمر نفسه شيئا آخر غير الخير لهذه الرحلة. في المقعد الأمامي كان يجلس المهرج الملتحي صاحب الأغنية الشهيرة : "أنا شخصيا اخونجي,واللي ما يحب الإخوان,الله يبعث لو علة !!".و بدا و كأنه يعاني من حساسية "الربيع الديموقراطي" و تغزوه بقع حمراء و هو يحك كل جسمه في توتر و هستيريا واضحين.. يتفوه بعبارات غير مفهومة و يصرخ في الجميع إن كانوا يفهمونه !! و السبب ربما يرجع إلى أعراض "الارتفاع" المفاجئ غير المحسوب الذي أحس به . نظام السلامة يحضر سفر مثل هذا الشخص –غير الطبيعي- دون مرافق. كونه يهدد سلامة الرحلة و المسافرين. عودة إلى الأرض حيث تلقت خلية الأزمة اتصالا من قمر صناعي يؤكد رصد الطائرة المختفية على مسافة بعيدة من المطار الذي يفترض أن تحط فيه"إصلاح منظومة العدالة". الجميع قلق لهذا النبأ علما بأن الطائرة غير مزودة بما يكفي من الوقود, فضلا عن طاقم غاضب على متنها. ما ينذر بكارثة وشيكة ما لم يتم الإمداد بالوقود عبر الجو . لا أحد حتى الآن يستطيع أن يتكهن بما حصل لهذه الرحلة ولا بمصيرها, لكن أسرا بكاملها تنتظر في المطار الوجهة وصول ذويهم و أقربائهم , و العالم بأسره يراقب و ينتظر نبأ سارا تجود به السماء. كل رحلة و انتم سالمون.