تعاني البطولة المغربية لكرة القدم، من أزمة حراس داخل الأندية المحلية، لذلك تعالت الأصوات في المغرب، بفسح المجال من جديد أمام الحراس الأجانب للعودة من جديد، لخلق المزيد من التنافس مع المحليين. وأصبح حارس المرمى الجيد في البطولة المغربية لكرة القدم عملة نادرة، وتراجع مستوى أصحاب القفازات بشكل لافت للانتباه، ولم يعد المنتخب المغربي قادرا على ضمان حارس متميز لفترة طويلة من أبناء البطولة المحلية، في وقت كانت الأندية تعج بالأسماء اللامعة من الحراس في بداية السبعينات والثمانينات، وحتى نهاية التسعينات.
ويجمع المتتبعون، على أنه منذ اعتزال بادو الزاكي، بداية التسعينات، افتقدت الساحة المغربية، حراس مرمى كبار، ب”كاريزما” خاصة، يدافعون عن ألوان الأندية المغربية. ورغم بزوغ بعض الأسماء بين الفينة الأخرى، في مركز حراسة المرمى، شكل على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة، محور نقاش، الفاعلين والمتداخلين في اللعبة، وكان نقطة ضعف التي عانتها الأندية خصوصا في منافساتها القارية، وكذلك المنتخبات الوطنية في التظاهرات العالمية، مع بعض الاستثناءات معدودة على رؤوس الأصابع، في مقدمتها مصطفى الشاذلي، الحارس السابق للرجاء ، والذي حقق رفقته ألقابا محلية، وأخرى قارية، وبلغ معه العالمية، حينما دافع عن عرينه في أول نسخة لمونديال الأندية، بالبرازيل سنة 2000. ومع انطلاق منافسات البطولة الموسم الجاري، تعالت أصوات، مطالبة بعودة الحراس الأجانب ، للضغط على المحليين من أجل بذل المزيد من الجهد، وإضفاء التنافسية على مركز شكل لغزا في السنوات الأخيرة، بينما ترى فئة أخرى أن فتح الأبواب من جديد من وجه الحراس الأجانب، بمثابة إقبار للمواهب المحلية، وحكم بالإعدام على حراس شباب قادرين على الدفاع عن ألوان المنتخبات المغربية مستقبلا. القوة الضاربة أسماء كبيرة تناوبت على الدفاع عن عرين الأسود لا يسع المجال لذكرها، وشكلت نقطة قوة داخل المنتخب المغربي الأول، بل وكانت وراء تحقيق إنجازات تاريخية، كما هو الشأن بالنسبة إلى بادو الزاكي، في مونديال مكسيكو 86، وقبله المرحوم علال بنقسو في مونديال مكسيكو 70، وبينهما حميد الهزاز، الحائز على أمم إفريقيا الوحيدة في تاريخ المغرب، سنة 1976، بأديس أبابا الإثيوبية. وظهرت أسماء لتختفي بسرعة البرق، لأسباب مختلفة، في مقدمتها خليل عزمي، حارس مرمى الوداد ، والذي شكل مونديال أمريكا 94، نقطة تحول في مساره، بعد الخطأ الذي ارتكبه أمام السعودية، وحسن رفاهية الذي دافع عن ألوان المغرب الفاسي والكوكب المراكشي، والمرحوم عبدالقادر البرازي، الذي دافع بكل بسالة عن عرين الجيش الملكي والمنتخب المغربي، لسنوات، ومن قبله صلاح الدين احميد، ، مرورا بإدريس بن زكري، الذي أخلف الميعاد في مونديال فرنسا 98، ورافقه في مهامه حينها سعيد الدغاي، المتألق رفقة جمعية الحليب في البطولات العربية، وأخيرا مصطفى الشاذلي، الذي لم ينل فرصته كاملة رفقة المنتخبات المغربية، بالمقابل صنع لنفسه تاريخا رفقة الرجاء. ومن الأسماء التي تركت بصمات واضحة رفقة المنتخب، نجد خالد فوهامي، المشرف السابق على تدريب الحراس المنتخبات المغربية من الصغار لغاية الأولمبي، والذي لعب نهائي أمم إفريقيا تونس 2004، ونادر لمياغري، حارس مرمى الوداد ، آخر الحراس، الذي شارك في أربع نسخ للمنافسة ذاتها، قبل أن يقرر اعتزال اللعبة، والتفرغ إلى مجال تدريب حراس المرمى. يعتبر العديد من المتتبعين، تراجع مستوى الحراس في الدوري المغربي، تحصيل حاصل، لمنظومة كروية ضعيفة، لا تفرز مهاجمين أقوياء، يختبرون قدرات حراس المرمى على امتداد تسعين دقيقة، وبالتالي يعرضونهم إلى قلة التنافسية، في فترات كثيرة من المباراة، يفتقدون معها ردود الأفعال، والقدرة على التصدي في كل الأوقات. ويرى مصطفى الحداوي، الدولي المغربي السابق، أن وضع حارس المرمى تحت الضغط، واختباره بين الفينة والأخرى، سواء بتسديدات قوية، أو تمريرات عرضية، يجعله يقظا بين الخشبات الثلاث، السبيل الوحيد لتطوير إمكانياته الفنية داخل المباراة، لأن التمارين لوحدها حسب الحداوي، لا تكفي لتكوين حراس مرمى في المستوى، بل من الضروري اختباره في المباريات، ووضعه أمام حالات تستدعي الفعل ورد الفعل في الآن ذاته، حتى يظل يقظا طيلة أشواط المواجهة. ويعترف الحداوي، أن أساليب تدريب حراس المرمى، تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وباتت تعتمد أساليب فينة جديدة أكثر منها بدنية، لكنها لا تكفي لوحدها لإعداد حارس في المستوى، حسب الحداوي. غياب التكوين أرجع بادو زاكي الحارس الدولي السابق في حديثه لموقع” لكم”، سبب تراجع مستوى حراس المرمى في الدوري المغربي إلى غياب سياسة التكوين في الأندية، إذ أصبح رؤساء الأندية، لا يبالون بتكوين الفئات العمرية ، رغم بروز حراس ذوي كفاءات في الفئات الصغرى، لكن سرعان ما يتم إهمالهم، ويتسابقون من أجل انتداب لاعبين من مختلف الجهات، ما يعرض هؤلاء الحراس للنسيان والتهميش. وقال زاكي، إن مشكل حراس المرمى ظهر في نهاية التسعينات من القرن الماضي، بعد اعتزاله، إذ منذ تلك الفترة أصبح المنتخب المغربي يفتقر لحارس مرمى كبير. ودعا الحارس السابق القائمين على كرة القدم المغربية، إلى الاهتمام بتكوين الحراس، وتجنيد مدربين يتمتعون بكفاءات عالية في تدريبهم. ويعتقد الحارس ذاته، أنه يجب على الأندية إعطاء الفرصة الكاملة للحراس من خلال ضمها أربعة أو خمسة من ذوي الكفاءات، ليستفيدوا من التكوين، ويتمكنوا من إبراز قدراتهم التقنية والبدنية. ويعد مصطفى الشاذلي، حارس مرمى الرجاء سابقا، أكثر الحراس تتويجا في البطولة المغربية محليا وقاريا،وتوج بعصبة أفريقيا رفقة الفريق الأخضر في 1997 و1999، وخاض نهائي 2002، وخسره أمام الزمالك المصري. كما فاز الشاذلي بكأس الكونفدرالية الأفريقية سنة 2003، أمام كانون ياوندي الكامروني،وتحدث بدوره لموقع” لكم” مؤكدا بأن أعضاء مكتب مسير أي فريق في البطولة المغربية، لا يهتمون بالحراس صغار السن، بل يتهافتون من أجل ضم الحراس الجاهزين على قلتهم، وهو ما يقبر موهبة العديد من المواهب التي تعجز عن الصعود للفريق الأول، بعدما يطالها التهميش والإهمال. ولم يخف خالد فوهامي، مدرب حراس مرمى المنتخبات المغربية في حديثه لموقع” لكم”، وجود خصاص في مركز حراسة المرمى على مستوى الأندية. وأرجع فوهامي، أصل الداء إلى غياب التكوين في المجال، وقال:” لا يمكن تكوين حارس مرمى في المستوى بالاعتماد على الأساليب التقليدية، بل يجب اتباع طرق حديثة، مبنية على قواعد علمية سليمة، لا مجال فيها للخطأ”. وكشف فوهامي، أن الإدارة التقنية داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وضعت برنامجا علميا دقيقا لتكوين مدربي حراس الأندية، وتابع:” أعتقد أننا على السكة الصحيحة، وهذا بشهادة المتتبعين، وموفدين من فيفا، في القريب العاجل، سنتغلب على هذا الإشكال”. إلى ذلك، طمأن فوهامي الجمهور على مستقبل حراس مرمى ضمن المنتخب المغربي، وزاد قائلا" لا يمكن أن يعاني المنتخب هذا المشكل، نتوفر على حراس كبار، نتابع عطاءاتهم داخل الأندية بأدق التفاصيل، في مقدمتهم رضا التكناوتي حارس الوداد، وكذلك، المهدي بنعبيد حارس الفتح الرباطي”. ودعا فوهامي حراس المرمى السابقين إلى الخضوع إلى دورات تكوينية أكاديمية، للحصول على معلومات تفيدهم في تلقين المهمة داخل أنديتهم.