بدا المصريون الجمعة فخورين بتمكنهم اخيرا من الاقتراع بحرية في الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية وان كان بعضهم يشعر بالقلق من احتمال نشوب صراعات عنيفة في الجولة الثانية نتيجة المواجهة بين مرشح اخواني واخر من النظام السابق. فقد اشارت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الى ان النتائج الاولية تظهر تصدر مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي السباق الرئاسي يليه احمد شفيق، اخر رئيس وزراء في عهد مبارك. أما المفاجاة فكانت احتلال المرشح الناصري حمدين صباحي المركز الثالث. ونشرت صحيفة المصري اليوم المستقلة على موقعها على شبكة الانترنت نتائج "شبه نهائية" استنادا الى الارقام التي اعلنها القضاة في مراكز الاقتراع في جميع محافظات مصر ال 27. واكدت الصحيفة ان "21,856,708 ناخبا شاركوا في الانتخابات من اجمالي عدد الناخبين البالغ 50,524,993 ناخبا اي بنسبة 43,3%". واضافت الصحيفة ان مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي فاز باعلى الاصوات بحصوله على 5,446,460 صوتا بنسبة 24,9%". وجاء في المركز الثاني احمد شفيق الذي حصل على "5,338,285 صوتا بنسبة 24,5%"، وفقا للصحيفة. بينما احتل صباحي المرتبة الثالثة اذ حصد "4,616,937 صوتا بنسبة 21,1%"، وجاء القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين، الاسلامي المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح في المركز الرابع بحصوله على "3,889,195 صوتا بنسبة 17,8%"، اما الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى فجاء في المركز الخامس مع "2,471,559 صوتا بنسبة 11,3%". واصدر ابو الفتوح مساء الجمعة بيانا دعا فيه بشكل ضمني الى التصويت لمرشح الاخوان في جولة الاعادة. واكد ابو الفتوح في بيان انه "سيبدأ من الان اتصالات واجتماعات وحوارات بكل القوى الوطنية وذلك لتجميع الجهود والاصوات لمواجهة النظام الفاسد" في اشارة الى خوض مرشح الاخوان جولة الاعادة امام احد مسؤولي نظام مبارك. وقال "ادرك جيدا ان الأمانة تقتضي أن تواصل الملايين الأربعة عشر التي إختارتنا (وهو مجموع الاصوات التي حصل عليها مرسي وابو الفتوح والمرشح الناصري حمدين صباحي في الجولة الاولى للانتخابات وفق النتائج الاولية) السير في نفس الطريق بجولة الإنتخابات الثانية يومي 17 و18 يونيو القادم، طريق إستكمال مطالب وأهداف الثورة". واضاف ابو الفتوح الذي انشق عن الجماعة العام الماضي بعد ان رفضت ترشحه للرئاسة "سنسمو فوق خلافاتنا السياسية والحزبية وسنعلي فقط المصلحة الوطنية وسنبني توافقا وطنيا ثوريا حول كل القضايا السياسية الراهنة كما سنقف صفا واحدا ضد رموز الفساد والظلم والاستبداد وسوف تنتصر ثورتنا وستكون مصر قوية باذن الله". ويعتبر الشباب الذين اطلقوا الثورة ضد حسني مبارك وقطاع كبير من المصريين ان احمد شفيق جزء من النظام السابق ويتهمونه بالتورط في ما يعرف ب"موقعة الجمل" وهو الهجوم الذي استخدمت فيه الجمال والاسلحة البيضاء ضد المتظاهرين في ميدان التحرير في الرابع من شباط/فبراير 2011 قبل ايام من اسقاط مبارك. ومن المفترض ان تعلن اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية الاحد. وابدى بعض المصريين فرحتهم بالانتخابات بينما اعرب اخرون عن قلقهم من انحصار المواجهة بين مرشحين احدهما اسلامي والاخر كان مسؤولا في النظام السابق. وقال عبد الله رزق (25 عاما) لدى خروجه من المسجد بعد اداء صلاة الجمعة "ليس لدي اي اعتراض على احد طالما كانت الانتخابات نزيهة. لا شك في ان هناك مرشحين افضل من غيرهم لكنني ساقبل بالفائز ايا كان". عبد الله اعطى صوته لصباحي. لكن المصريين "سيتقبلون اي نتيجة" تاتي بها الصناديق كما يؤكد. على مقربة منه يبدي حسن محمد يوسف المدرس في كلية الحقوق جامعة القاهرة الذي يؤيد الاخوان المسلمين سعادته بتصدر مرسي لكنه غير راض عن ان يكون منافسه في الجولة الثانية احمد شفيق الذي يجسد في نظره النظام السابق. ويقول حسن اسفا "المشكلة هي ان شفيق لديه الكثير من الاصوات وهذا يظهر ان الشعب المصري ما زال شعبا جاهلا". لكن بعض المتجمعين حوله ابدوا استنكارهم الشديد لهذا الراي وانبرى احدهم قائلا "كيف تقول ان الشعب المصري جاهل. الجاهل هو انت". ويرد عليه حسن بجفاء "لدي الحق في ان اقول ما اعتقد. اين هو التغيير في عقلية الناس؟ النظام السابق حكمنا ثلاثين عاما والان انظروا الى اين اوصلنا ذلك". واضاف حسن "الخيار اصبح واضحا الان: اما ان نعود الى عهد السرقة والفساد والجهل ام نفتح الطريق الى الكرامة والحرية والعدالة". وفي ميدان التحرير، رمز الثورة التي اطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011، كانت حركة المرور الجمعة، يوم العطلة الرسمية، انسيابية الى حد ما ولا يعرقلها قليلا سوى بضعة متظاهرين معارضين لشفيق. ويرى البعض ان وجود شفيق في الجولة الثانية دليل على حدوث شراء للاصوات، فيما يندد اخرون بدعم خفي من الجيش لهذا العسكري السابق الذي كان قائدا للقوات الجوية. الا ان بيتر عادل وهو محاسب قبطي في الثالثة والثلاثين لا يخفي تاييده لرئيس حكومة مبارك الاسبق معتبرا انه افضل شخص يمكن ان يمنع الاسلاميين من بسط سيطرتهم على جميع سلطات الدولة بعد ان هيمنوا بالفعل على البرلمان. ويقول عادل "اكره الاخوان المسلمين، انهم يريدون تقسيمنا، ولم يفعلوا اي شيء لمصر. ما يريدونه هو دولة اسلامية لا مكان فيها للمسيحيين".