وأنا أتصفح صحيح البخاري، وجدت بعض الأحاديث الغريبة، فقلت مع نفسي: هل فعلا قال رسول الله صلى عليه وسلم ذلك أم أن البخاري أخطأ وروى عنه تلك الأحاديث؟ أم أن الذين أخذ عنهم البخاري ذلك كذبوا على الرسول؟ فان تجد حديث يتهم المرأة بكونها مصدر شؤم، وآخر يظهر فيه النبي وكأنه لاتهمه مسألة ممارسة الجنس مع الطفل إلا فيما يخص كون أمه تحرم على مغتصبه أم لا، وحديث يدعي من رواه عن النبي أنه يوصي أصحابه بالبنت البكر أو الجارية عندما يجد احدهم قد تزوج الثيب. فقلت مع نفسي، لكي أريح ضميري، لا يمكن للرسول أن يقول ذلك ولكن صناع الحديث كذبوا عليه، حيث أني لم أجد حلا آخر غير اتهام الرواة بالكذب. خاصة أن الرسول نهى عن كتابة الحديث عندما قال : لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني غيره فليمحه. و حتى لا أتهم بالتجني والكذب على صحيح البخاري، أترك للقارئ التمعن في هذه النماذج من الأحديث التي نسبت زورا وبهتانا للنبي صلى الله عليه وسلم: باب: ما يتقى من شؤم المرأة. وقول تعالى: {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم} /التغابن: 14/. 4805/4806 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الشؤم في المرأة، والدار، والفرس) (4806) - حدثنا محمد بن منهال: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا عمر بن محمد العسقلاني، عن أبيه، عن ابن عمر قال: ذكروا الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن كان الشؤم في شيء ففي الدار، والمرأة، والفرس). [1993] 4807 - حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أن كان في شيء ففي الفرس والمرأة والمسكن). [2704] باب: ما يحل من النساء وما يحرم. وقوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخوتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت - إلى أخر الآيتين إلى قوله - أن الله كان عليما حكيما}. /النساء: 23، 24/ وقال أنس: {والمحصنات من النساء} ذوات الأزواج الحرائر حرام {إلا ما ملكت أيمانكم} لا يرى بأسا أن ينتزع الرجل جاريته من عبده. وقال: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}. /البقرة: 221/. وقال ابن عباس: ما زاد على أربع فهو حرام كأمه وابنته وأخته. وقال لنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان: حدثني حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع. ثم قرأ: {حرمت عليكم أمهاتكم}. الأية. وجمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي، وقال: ابن سيرين لا بأس به، وكرهه الحسن مرة، ثم قال: لا بأس به وقال عكرمة، عن ابن عباس: إذا زنى بأخت امرأته لم تحرم عليه امرأته. ويروى عن يحيى الكندي، عن الشعبي وأبي جعفر: فيمن يلعب بالصبي: أن أدخله فيه فلا يتزوجن أمه، ويحيى هذا غير معروف ولم يتابع عليه. قال عكرمة، عن ابن عباس: إذا زنى بها لم تحرم عليه امرأته، ويذكر عن أبي نصر: أن ابن عباس حرمه، وأبوه نصر هذا لم يعرف بسماعه من ابن عباس. وقال أبو هريرة: لا تحرم حتى يلزق بالأرض، يعني يجامع. وجوزه ابن المسيب وعروة والزهري، وقال الزهري: قال علي: لا تحرم، وهذا مرسل. باب: تزويج الثيبات. 4791/4792 - حدثنا أبو النعمان: حدثنا هشيم: حدثنا سيار، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: قفلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة فتعجلت على بعير لي قطوف، فلحقني راكب من خلفي، فنخس بعيري بعنزة كانت معه، فانطلق بعيري كأجود ما أنت راء من الإبل، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما يعجلك). قلت: كنت حديث عهد بعرس، قال: (أبكرا أم ثيبا). قلت: ثيبا، قال: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك). قال: فلما ذهبنا لندخل، قال: (امهلوا، حتى تدخلوا ليلا - أي عشاء - لكي تمشط الشعثة وتستحد المغيبة). (4792) - حدثنا أدم: حدثنا شعبة: حدثنا محارب قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: تزوجت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تزوجت). فقلت: تزوجت ثيبا، فقال: (ما لك وللعذارى ولعابها) فذكرت ذلك لعمرو بن دينار، فقال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلا جارية تلاعبها وتلاعبك). من خلال ما سبق نود القول بأن الفقه الاسلامي مدعو إلى تجاوز تحديث نفسه وتنقية مراجعه والحسم مع الطابوهات المتمثلة في الصحاح أو غيرها، فليس كل ما ورد في الصحاح هي بالفعل صحيح، وليس كل من ينتقد قول فلان أو علان يعتدي على الاسلام ويحاربه، إذ أتعجب، هذه الايام، من بعض المسلمين، عندما يتعرضون للنقد أو التصويب، تجدهم يرددون أسطوانتهم المشروخة : إنكم تهاجمون الإسلام وانتم أبناء الغرب وووو....... ولذلك نقول لكم يا سادة: نحن ننتقدكم أنتم، ننتقد تأويلاتكم للدين ، ننتقد فهوماتكم للدين، ليس لدينا مشكل مع الدين الإسلامي، ولا نعترض على مقولة "الاسلام دين ودنيا" بل نعترض على مقولة" الإسلام دين و دولة"، وهو تحريف بدأ مع "المودودي" ولم يقل به أحد من قبل، نعترف بان الإسلام فاعل في المجتمع، لكن نعترض على تسيس الدين من طرف حزب سياسي أو جماعة سياسية ، ولي أعناق الآيات والنصوص حتى تنطق أصواتا انتخابية. فالدين للجميع ولا مجال لاختزاله في تأويلات معينة، ونختم بهذا السؤال الموجه للذين يربطون انتقادهم بالهجوم على الإسلام : هل أنتم الإسلام والإسلام أنتم؟