تتواصل المظاهرات في لبنان لليوم الثاني عشر على التوالي، كما يستمر المتظاهرون في سد الطرق عبر تعزيز الحواجز وركن السيارات وسط طرق رئيسية في البلاد، احتجاجا على الوضع المعيشي والفساد المستشري مطالبين برحيل الطبقة السياسية. ورغم النداءات التي وجهها مسؤولون سياسيون لفتح الطرق، إلا أن المحتجّين يعمدون إلى إبقائها مقطوعة، ولا سيما الطريق السريع الرئيسي الذي يربط الشمال بالجنوب، وذلك لممارسة أقصى ضغط ممكن على السلطة السياسية.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأحد منشور يدعو المواطنين إلى اعتماد أسلوب جديد لقطع الطرق وهو ركن السيارات في وسط الطرقات، تحت شعار “اثنين السيارات”. وصباح الاثنين، كانت طرق رئيسية مقطوعة جراء توقف مئات السيارات أو جلوس مجموعات من المحتجين على الأرض. وكان من المتوقع أن تحاول قوات الأمن اللبنانية مرة أخرى فتح الطرق في وقت تشهد البلاد شللا كاملا، يشمل إغلاق المدارس والجامعات والمصارف، منذ أكثر من عشرة أيام. وحاولت قوات الجيش وقوات الأمن في الأيام الأخيرة فتح عدد من الطرق المغلقة في مناطق مختلفة في البلاد، غير أن المتظاهرين قاوموا كل الجهود. وشكل عشرات آلاف اللبنانيين الأحد سلسلة بشرية تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها على مسافة تبلغ 170 كيلومترا، في خطوة ترمز إلى الوحدة الوطنية التي تكرست خلال التظاهرات العابرة للطوائف والمناطق. وكانت شرارة الاحتجاجات الاجتماعية غير المسبوقة اندلعت منذ سنوات في 17 أكتوبر، بعد إقرار الحكومة ضريبة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت. ورغم سحب الحكومة قرارها على وقع غضب الشارع، لم تتوقف حركة الاحتجاجات ضد كافة مكونات الطبقة السياسية التي يعتبر المحتجون أنها تنعدم فيها الكفاءة وفاسدة في بلد لم تتمكن فيه الدولة من تلبية الحاجات الأساسية على غرار الماء والكهرباء والصحة بعد 30 عاما من نهاية الحرب الأهلية (1975-1990). وتتألف الطبقة الحاكمة في لبنان بمعظمها من زعماء كانوا جزءا من الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد، ولا زال أغلبهم موجودا في الحكم منذ نحو ثلاثة عقود. ويمثّل هؤلاء الزعماء عموما طبقة طائفية أو منطقة معينة.