قبل ثلاث سنوات، لم يكن بوحجر محمد، وهو صياد تقليدي، بميناء رأس كبدانة التابع لمحافظة الناظور ، يدرك كيف سيواجه متطلبات الحياة، بسبب تراجع نشاط الصيد وشح الأسماك في السواحل التي إعتاد الصيد فيها، مع المئات من زملائه. لكن نظرته اليوم نحو المستقبل تغيرت تماما، بعدما استثمر في مشروع الجديد في عرض البحر. وتمكن بوحجر بمعية 34 صيادا آخرا، من إنشاء مزرعة خاصة ببح البحر (أحد أنواع المحار) التي تعيش بالقرب من السواحل. ويتوقع أن يشرع في التسويق في غضون أشهر قليلة، بعد جهد دام أكثر من سنتين. مزرعة نموذجية على بعد نصف ساعة من الإبحار غرب ميناء “كبدانة”، تقع مزرعة بلح البحر التي تشرف عليها “تعاونية الأمل” للصيد التقليدي. تمتد المزرعة اليوم على مساحة 5 هكتارات بحرية (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، في أفق أن تصبح 15 هكتارا، في السنوات القليلة المقبلة. والمزرعة، تعتبر ثمرة شراكة بين التعاونية، وعدد من الهيئات الحكومية، وهي الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية، ومندوبية الصيد البحري والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. ويعتقد بوحجر الذي يشغل مهمة أمين مال التعاونية، في حديث مع الأناضول، أنه أمام شح الأسماك بسبب غياب الشعب المرجانية الكفيلة بتكاثرها على طول عشرات الأميال البحرية. في نفس السياق، قال مصطفى أمزوغ، رئيس قسم الاستثمار والترويج والدراسات بالوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية (رسمية)، للأناضول، إن مزرعة البلح هذه تعتبر نموذجية. وأضاف أن المشروع سيساهم في توفير عدد من مناصب العمل المدرة للدخل، التي لها علاقة بقطاع الصيد البحري. ولفت إلى أن “الدعم المقدم، لا يقتصر فقط على خلق المزرعة، وإنما أيضا التتبع التقني والإداري، وتسليم المعدات التي تمكن المستفيدين من الزراعة في عرض البحر”. زراعة البحر وتهدف الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية، إلى تحويل الساحل المغربي مجالا لتربية الأحياء البحرية. وقالت الوكالة في تقرير لها، إن “المناطق المحددة على السواحل المتوسطية، والملائمة لممارسة نشاط تربية الأحياء البحرية، تبلغ مساحتها 2285 هكتارا، مخصصة لتربية كل من الصدفيات و الأسماك والطحالب”. ومن بين هذه المناطق أيضا، هناك 1895 هكتارا موضوعة رهن إشارة المستثمرين من أجل إحداث مناطق لتربية الأحياء البحرية. وقسمت الوكالة وحدات الإنتاج على طول هذه المناطق، إلى 81 وحدة إنتاج. وبخصوص الأصناف المدرجة في القائمة المعنية بتربيتها في المزارع، فالأمر يخص الأصداف البحرية، من “أذن البحر”، و”الميعة”، وبلح البحر، والمحار، أما الأسماك تتضمن القائمة كل من “سريولة” و”الريقة” و”الدرعي” و”القرب”. وتستخدم في عملية التربية هذه، مجموعة من التقنيات حسب كل نوع، فبخصوص الأسماك، يتم تنصيب الأقفاص العائمة، أما الصدفيات فتستعمل تقنيات الأحبال العائمة، والمعلقة. وقال بوحجر محمد، إن “هذه المزرعة ستشكل بديلا اقتصاديا للعشرات من الصيادين، بعد تراجع وفرة الأسماك”، إذ متوقع إنتاج 320 طنا من بلح البحر في السنة.