اعتبر العداء والبطل الأولمبي السابق هشام الكروج أن ألعاب القوى فقدت التواصل مع جمهورها، وأن تراجع الحضور لا يقتصر على بطولة العالم الحالية التي تختتم الأحد في الدوحة. ودعا الكروج المتوج بألقاب عدة في مسيرته تتقدمها ذهبيتا سباقي 1500 م و5 آلاف م في دورة الألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004، الى بذل مجهود أكبر من رياضة “أم الألعاب” لتعزيز الحضور الجماهيري الذي بدا محدودا في الأيام الأولى لنسخة 2019 من البطولة العالمية. في ما يأتي نص حوار أجرته وكالة فرانس برس مع البطل المغربي على هامش بطولة العالم التي تختتم مساء الأحد في العاصمة القطرية: ما كانت أهمية الجمهور في أدائك؟ لطالما أدى الجمهور دورا هاما في مسيرتي، كان المحرك وصاحب الفضل في عروضي. للأسف في بعض الأحيان، لا تكون الملاعب مليئة عن آخرها كما حصل لدى تحطيمي الرقم القياسي العالمي في سباق الميل (روما 1999) وسباق 2000 م (في برلين 1999). عندما تكون المدرجات ممتلئة، يشكل ذلك دافعا للركض بسرعة أكبر كما حصل في سيدنيوأثينا (أولمبيادا 2000 و2004)، وبطولة العالم في باريس (2003). هذا أمر طبيعي، فنحن بشر نتدرب طوال العام بمفردنا، في الغابة، دون حضور أحد، أما في الملعب فيتواجد مدربنا فقط. كيف تفسرون غياب الجمهور في الدوحة؟ هذه مشكلة موجودة دائما في بطولات عدة، والأمر لا يقتصر على الدوحة. اذا تحدثنا عن إشبيلية الاسبانية عام 1999، كان الملعب فارغا في الأيام الخمسة الأولى، والأمر ذاته ينطبق على ادمونتون الكندية عام 2001. صحيح ثمة مشاكل في الدوحة، لكنها مشكلة أشمل في رياضة ألعاب القوى لاننا فقدنا التواصل مع جمهورنا. يتعين بذل جهود أكبر لجذب الناس. نزاول رياضة استثنائية، الرياضة الأولى الممارَسة من قبل البشر، أكثر من كرة القدم. لكنا في المقابل نفتقد الأدوات لجذب الجمهور الى الملاعب. ألا تعتقد بأن ظروف إقامة الماراتون في الدوحة كانت خطرة؟ لا أعتقد ذلك، الأمر صعب وشاق لكن يمكن تحمله. سبق لي أن ركضت في ظروف معقدة كما في إشبيلية عام 1999. يجب رؤية الأمور من نظرة شاملة. لا يمكن أن تصبح هذه الرياضة عالمية اذا لم نذهب الى دول مثل قطر. يقام نهائي سباق 1500 م الأحد في الدوحة، كيف تفسر بأن رقمك القياسي (3:26.00 دقيقة) لا زال صامدا حتى الآن؟ عندما حطمت الرقم القياسي (يحمل أيضا الرقم القياسي في كل من سباقي الميل و2000 م)، لم أكن أعتقد انه سيصمد لهذه الفترة الطويلة. بالنسبة الي، وجِدَت الأرقام القياسية لكي تُحطَّم يوما ما، وبالتالي أنا سعيد وفخور لأن رقمي صمد طويلا، لكن حزين أيضا لان أحدا لم يقترب منه على مدى نحو 22 عاما. صحيح أنه من الصعب تحطيم أرقامي، فقد عانيت كثيرا لتحقيقها لا سيما الميل كان صعبا للغاية. كيف سار ذلك السباق (لدى تحطيمه الرقم القياسي في روما)؟ حدث ذلك في 14 يوليو 1998 بعد يومين من تتويج فرنسا لقب كأس العالم (في كرة القدم). أذكر أنه في صبيحة ذلك اليوم وخلال قيامي بتدريباتي، صادفت هايله جبريسيلاسي (الإثيوبي المتوج بالذهب الأولمبي وبطولة العالم)، وقال لي بالحرف الواحد (هشام، اليوم ستحطم الرقم القياسي) وهذا ما حصل. كنت قويا جدا من الناحيتين البدنية والذهنية. كان في امكاني أن أركض بأقل من 3:25 دقائق، كنت قادرا على ذلك. كان هدفي تسجيل زمن أقل من 3:24 د. اختبرت أوقاتا صعبة في الألعاب الاولمبية بعد سقوطك الشهير في أتلانتا ثم الاكتفاء بالفضية في سيدني قبل الانجاز بإحراز الثنائية (1500 م و5 آلاف م) في أثينا، هل يمكن ان تحدثنا عن هذه التجربة؟ ما أعطى سحرا لمسيرتي الرياضية هي القصة الأولمبية. سقوطي وخسارتي في الأمتار ال50 الأخيرة في أتلانتا، ثم المشاكل مع الربو في سيدني جعلتني أشكك في نفسي. الفوز في السباق الأول في أثينا (1500 م) وخوض الثاني الى جانب وحشين مثل (الإثيوبي كينينيسا) بيكيلي و(الكيني ايليود) كيبشوغي، أعتقد انها قصة رائعة. نعم حطمت أرقاما قياسية عدة في مسيرتي لكن قصتي الأولمبية جعلتني أبحث عن حدودي الذاتية. انها قصة ملهمة تعطي الأمل. كنت رياضيا رصينا لا أعيش الا من أجل السباقات، كنت أستلهم من عذاباتي وأسعى الى تطوير نفسي كل يوم، كل هذا من أجل تدوين اسمي في السجلات الأولمبية. هل يمكن لبيكيلي أو كيبشوغي تحطيم الرقم القياسي العالمي في سباق الماراتون؟ هما عداءان استثنائيان طبَعا تاريخ ألعاب القوى لمسافتي 5 آلاف و10 آلاف م. لا يزالان ينافسان ويتخطيان الذات، يقومان بأمور لا تصدق. كلاهما لديه القدرة على النزول تحت حاجز الساعتين في سباق الماراتون. يملكان قدرة التحمل، القوة البدنية والذهنية. يركضان بسهولة تامة. آمل في رؤية كيبشوكي ينزل تحت حاجز الساعتين في الماراتون.