ندوة حزب الاستقلال بفاس: قراءة سياسية واستشراف لمستقبل مدونة الأسرة    موظفو وزارة العدل يتهمون مسؤولين إداريين بممارسة التهديد والتخويف ضد المضربين    المغرب يقرر الاستعانة بممرضات مصريات للعمل في مستشفيات المملكة    موخاريق يتهم الحكومة بتزييف أرقام المشاركة في الإضراب العام وعدم احترام الأعراف النقابية    عبد الكريم.. قصة شاب توفي بالسرطان بسبب الإهمال في مستشفى مليلية تشعل غضب مسلمي الثغر المحتل    مجموعة أكديطال تعلن أنها لم تبرم أي اتفاقية مع أي جهة أجنبية لاستقطاب ممرضين من خارج الوطن    لبنان.. تشكيل "حكومة الإصلاح والإنقاذ" بدون منتمين لأحزاب سياسية    مولاي رشيد يترأس حفل تسليم جوائز الحسن الثاني وكأس للا مريم للغولف    البطولة الاحترافية .. النادي المكناسي يفوز على مضيفه المغرب الفاسي    الزمالك يتعاقد رسميا مع المغربي صلاح الدين مصدق    رجاء بني ملال يستعيد صدارة القسم الثاني بانتصار ثمين على أولمبيك الدشيرة    مطاردة ثلاثة أشخاص أطلقوا النار لتسهيل فرارهم من الشرطة وتوقيفهم وبحوزتهم كيلوغرام من الحشيش وثلاثة أسلحة بيضاء بأحد المنازل في الرباط    انعقادالجلسة الأولى من دورة فبراير لمجلس جماعة العرائش    أطباق شهية في السينما والمسرح والأدب والموسيقى والإقامة الفنية ومحترفات الرقص والسيرك    الحاج الصالحي يضطلع بخطة عمل دعم حُسن تموقع حزب الاستقلال في الانتخابات المقبلة    أسبوع إيجابي في بورصة البيضاء    المغرب والعراق يؤكدان رفض مخطط تهجير الفلسطينيين وتجديد دعم وحدة المملكة    العثور على جثة شابة مقيدة في مجرى مائي في ليلستاد الهولندية    أكادير: تدشين وحدات الدراجات الهوائية لتعزيز الأمن السياحي وتأمين الشريط الساحلي    ميناء طنجة المتوسط ينفي تعثر الأداء المرفقي خلال تنفيذ "الإضراب العام"    أفراح ترافق تحرر معتقلين فلسطينيين    قناة "إم بي سي 5" تميط اللثام عن خريطة برامج متنوعة خلال رمضان    مزاد علني ينجح في بيع كمان نادر ب11,3 ملايين دولار    العشابي يستبدل "فاصل ونواصل"    السفير الصيني في زيارة إلى تارودانت وأكادير.. لتعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي بين الصين والمغرب    مظاهرات بألمانيا ضد أحزاب اليمين    "فحوص بوحمرون" تسجل إصابات مؤكدة في 11 مؤسسة تعليمية بطنجة    حجز ببغاوات نادرة في شفشاون : تطبيق قانون حماية الأنواع المهددة بالانقراض    القوات المسلحة الملكية تشارك في معرض أليوتيس 2025 تعزيزًا للابتكار والاستدامة في قطاع الصيد    مدينة طنجة تسجل أعلى مقاييس التساقطات المطرية    العراق تشيد بجهود الملك محمد السادس في دعم القضية الفلسطينية    فرنسا ترحل المهاجرين المغاربة غير الشرعيين    دي بروين ينقذ مانشستر سيتي من "مفاجأة كبيرة"    مبادرة تشريعية تروم اعتماد أسماء الأدوية العلمية بدل التجارية لإنهاء أزمة انقطاعها    خبراء يحذرون من مخاطر سوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    باريس سان جيرمان يمدد عقده مدربه إنريكي إلى غاية 2027    الإنفلونزا الشتوية تودي بحياة 13 ألف شخص وتغلق المدارس بأمريكا    أزيد من 55 ألف منصب شغل مرتقب في جهة سوس باستثمار يبلغ 44 مليار درهم    فاس: لحسن السعدي يزور عددا من المشاريع المنجزة في مجال الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني    انتشال ثاني جثة بسبتة خلال فبراير الجاري والسابعة منذ مطلع سنة 2025    تصفيات المونديال..الفيفا يلغي مباراة الأسود ضد الكونغو برازافيل    أتلتيكو مدريد يوجه رسالة للحكام قبل الديربي    الصين: انطلاق دورة الألعاب الآسيوية الشتوية بهاربين    دونالد ترامب يعين نفسه رئيسا لمجلس أمناء مركز كينيدي الثقافي    أحلام ترامب بنقل سكان غزة إلى المغرب    أطروحة ترصد تواصل الحكومة بالأزمات    لقاء بالبيضاء يتناول كفاح آيت إيدر    موريتانيا تمنح للسائقين المغاربة تأشيرة دخول متعددة صالحة لثلاثة أشهر    قمة عربية أو عربية إسلامية عاجلة!    انتفاضة الثقافة    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكبر حزب بالمغرب؟
نشر في لكم يوم 09 - 03 - 2012


" سيأتي يوم تصبح فيه الخيانة مجرد وجهة نظر"
غسان كنفاني
من هو أكبر حزب في المغرب؟
ربما هو العدالة والتنمية المكتسح، وربما هو حزب الاستقلال العريق، لا بل هو الاتحاد الاشتراكي العتيد، بل ولربما ربما هو حزب الأصالة والمعاصرة المعجزة... وربما.. وربما...
اسمحوا لي أن أقول لكم جميعا أحبائي بأن الجواب خطأ..!
فأكبر حزب بالمغرب هو "حزب الفساد"، لأنه أخطبوط ليس كمثله أخطبوط، وله جذور تعدت عروق أكبر أشجار المغرب، وله أتباع وأزلام ولوبيات تعدت جماهير أي حزب آخر بالمغرب. حزب تجد أعضائه أينما حللت وارتحلت، حيث أنك حيثما وليت وجهك في المغرب فثمة وجه الفساد.
يثير انتباهك وأنت تقرأ الجرائد اليومية، الكم الهائل من العناوين الصحفية التي تؤرخ لزخم الفساد بهذا الوطن وتبين هذه العناوين بعضا من الكم الهائل من المتآمرين من المسؤولين والرياضيين والفنانين والصحافيين... كلهم يدا واحدة من أجل تخريب هذا الوطن. إنه الوفاء ونعم الوفاء لسماء وتراب هذه الأرض بالسرقة والنهب والتآمر مع سبق الإصرار والإفساد.
يتعجب المواطن البسيط، من هول ما يسمعه باستمرار ودون توقف عن حكايات نهب المال العام التي تضاهي حكايات "ألف ليلة وليلة" في تشعبها وتعقد المتدخلين والمساهمين في نسج خيوطها، ويتعجب من عدد الموظفين الأشباح في الإدارات، ويذهل من هول ما يقرأ عن مؤسسات عمومية تحولت إلى شركات خاصة يتحكم فيها ويملكها مديرون وكتاب عامون ومسؤولون كبار أصبحت مانيفاكتورات عائلية وأوراش حكرا على المعارف والمقربين.
ويسمع المواطن المغربي في شبه دراما هندية يوميا حكايات "علي بابا والأربعين حرامي"، وعن الملايير المنهوبة هنا وهناك، المكتب الوطني للمطارات، السياش، صندوق التوفير الوطني والضمان الاجتماعي، فضائح في وزارة الشبيبة والرياضة ودور العجزة والأيتام، اختلاسات في المشروع الفلاني، وملفات فساد في النقل والتجهيز، وتعيينات مشبوهة في الوزراة الفلانية، وشهادات مزورة في وزارة الصحة، ومعادلة دبلومات في التعليم العالي لا أساس لها من الصحة والحقيقة، وملفات فساد في الطاقة والمعادن...
"هاد الشي بزاف"..! هذا ما ينطق به لسان حال المواطنين في المقاهي المغربية الممتدة من طنجة إلى الكويرة. هذا المواطن البسيط الذي يرى أن بلده تحطم أرقام "غينيتس" القياسية في مجال الفساد. وأن الفساد أصبح "صناعة مخزنية" بامتياز يضاهي بها أعتى الدكتاتوريات العالمية.
عناوين على سبيل المثال قرأتها "مؤخرا" على صفحات الجرائد الورقية والرقمية تؤرخ لهول الفساد في هذا البلد:
مصير 800 مليار المرصودة للمخطط الاستعجالي.
غيريتس وكلبه، يحصلان على ما يزيد عن 300 مليون.
مضايقات بالجملة للصحافيين الوطنيين بالإذاعة والتلفزة المغربية.
-أرقام صادمة عن موظفين اشباح في مجلس مدينة الرباط.
وزارة الصحة والكشف عن تلاعبات وتجاوزات في عهد ياسمينة بادو.
تقرير أسود حول ملفات الفساد في وزارة الطاقة والمعادن في عهد بنخضرة.
حملة تطهير يقودها الرباح بوزارة التجهيز والنقل والحديث عن امتيازات يستفيد منها كبار مسؤولي الوزارة.
إحراق وإتلاف وثائق المندوبية السامية للتخطيط لا تتماشى مع المخطط الحكومي واتهام الحليمي بتزوير النتائج.
مكلف بمهمة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لايؤدي أية مهمة يكلف الخزينة 50 ألف درهم شهريا.
موظفتين بمستشفى ابن رشد بمدينة الدار البيضاء يختلسون 150 مليون من جيوب المرضى.
نسمع عن وكيل الملك الذي حاول دهس شرطي مرور طلب منه احترام قانون السير وعدم السير في الاتجاه الممنوع.
نقرأ عن فضيحة مالية من العيار الثقيل، بطلها مدير جهوي لبنك المغرب بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، اختلس حوالي 5 ملايير.
- نسمع عن انتفاظة تازة واحتجاجات مراكش مؤخرا بسب غلاء فاتورة الماء والكهرباء. واحتجاج ساكنة إيميضر حول الأوضاع المأساوية والتهميش والمطالبة بنصيبهم في "منجم الفضة" الموجود على أرض المنطقة.
كما "تفاجئنا" مؤخرا بالضجة الهائلة التي هزت المغرب بسبب لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل، والتي وقف لها المستفيدون ولم يقعدوا، بعضهم وصف نشر اللائحة بالعمل "الغوغائي"! مثل فقيه "نكاح الموتى"، وأنها حلال مبارك!
ألم يتحدث الدستور الجديد عن الشفافية والمراقبة والمحاسبة فلما يرتعد هؤلاء المستفيدون الذين كانوا ينعمون بثروات ونعيم الكريمات التي نزلت عليهم من السماء في صمت، بل وقد تجدهم من كبار من يتحدث عن الإصلاحات والتقدم والتنمية ومحاربة الفساد... هيا حاربوا الفساد وتخلوا عن تلك الكريمات لملايين الفقراء المغاربة فأنتم في غنى عنها أيها الانتهازيون. من جهتي أقترح على الدولة إن كانت جادة في الإصلاح إيقاف اقتصاد "السعاية" و"الهبة"، وأقترح قطع دابره من الأساس بالمغرب فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار... ولا أظن الكريمات إلا ضلالة وبدعة فقد أدت إلى إنشاء أكبر التكتلات واللوبيات انتهازية في المغرب... كم أنتم حقيرون يا من تصمتون عن الحق وتبيعون الوطن ب"لاكريمة" أو اثنتين أو أكثر. ستذهبون أنتم وأموالكم وسيظل الوطن أيها الأغنياء الأغبياء. وسيذكركم التاريخ ك"مصاصي الدماء"، دماء الشعب المغربي.
ثم كيف لهؤلاء أن يتحدثوا عن الوطن وعن الديمقراطية وعن الإصلاح والتغيير وهم باعوا نصيبهم في الوطن منذ زمن... كيف كانوا يطلعون علينا أو يمكنهم ان يطلعوا علينا في البرلمان وشاشات التلفاز وهم من المنعمين باقتصاد الريع ويقفون إلى جانب المخزن ومشاريعه. هل ينتظر من هؤلاء جميعا الوقوف إلى جانب الشعب! لا أظن بل لا اعتقد...
الأدهى من هذا كله أن خرجاتهم الإعلامية خرجت لتبرير ما حصلوا عليه، ولم يتقدم "ولا شي ولد ولا بنت المرا فيهم جميعا بالتخلي عن البزولة" بزولة لاكريمة لحد الآن من بين آلاف الأغنياء الذين يمتلكونها بالوحدات والأخماس والعشرات... كم هو راسخ هذا المخلوق في هذا البلد مخلوق عجيب إسمه "سيدي الفساد" يقدسه معظم المغاربة فقراء وأغنياء، يدافعون عنه باستماتة و يشرحون لنا أنه "حلال مبارك"..!
وتسمع وتقرأ أيها المواطن البسيط بشكل شبه دائم عناوين من قبيل: إبنة مسؤول كبير تصفع شرطيا. تسمع عن ابن خالد الناصري يفتح دماغ مواطن أمام باب مبنى البرلمان. تسمع عن مقرب من القصر قام باغتصاب ملك أو الاعتداء على مواطن أو التهديد بالسلاح أو قتل أحدهم. والحكم معروف مسبقا، فإما يخرج من الجريمة مثل الشعرة من العجين أو يثبت التقرير الشرعي انه مختل عقليا أو بريء..!
نعم..! إنه أكبر حزب وأقوى حزب دون منازع. الدولة هي راعية هذا الفساد في جانب كبير منه، ليس هناك تطبيق للقانون. ليس هناك عدل وعدالة. ليس هناك مساواة أمام القضاء. ليس هناك عقاب لكل من خالف القانون بغض النظر عن وظيفته ورتبته في المجتمع والدولة، ليس هناك محاسبة ومراقبة، ليس هناك دولة مؤسسات بل دولة أشخاص وأمزجة رغم أننا نتباهى بأننا دولة مؤسسات.
في المغرب يفرض الفساد "صحة، وبالطاي طاي، وعيني عينيك"... يعملون على حمايته واستدامته أما الحق فله مناصرون أقل وأضعف. فساد في التعليم والصحة والنقل والعقار ومقالع الرمال والمال العام والفساد الإداري...
فمتى سنبدأ بتفعيل كلمتين فقط من الدستور المغربي "المراقبة" و"المحاسبة" والذي نضمن بهما فقط إن طبقا وفعلا في الواقع قفزات عظمى إلى الأمام. أوليس في القصاص حياة أخرى يا أولي الألباب، فمتى يبدأ زمن القصاص لتحيا الأمة في سلام ويربو الخير وينمو الاقتصاد وينتعش الفقراء الموجودون في الحظيظ...
إنه الفساد.. نعم الفساد.. الطاعون القاتل بالمغرب، لا يبقي ولا يدر، يأتي على البلاد والعباد. مثله مثل السياسة لا يظهر منه إلا ذلك الجزء الصغير فوق سطح الماء، وما خفي منه كان أعظم. الأمر الذي عرت عليه "الحكومة الملتحية" مؤخرا حين إعلانها على جزء صغير جدا من "كعكة الفساد العظمى".
أود التأكيد في النهاية أن على الدولة أو من يريد الإصلاح فعلا أن يعاقب المسؤولين الكبار والسياسيين المرموقين ومديري الشركات والمؤسسات العمومية الكبرى بالمغرب بأضعاف ما يحكم به على المواطن البسيط... لأنه بسبب "جرة قلم" واحدة من طرف أولئك الكبار تضيع مصالح وحقوق وكرامة آلالف من المغاربة وبسرقة ملايير من المال العام من طرف أولئك المسؤولين الكبار تضيع على الشعب والمواطنين المغاربة آلاف من فرص الشغل... بينما سارق خبزة أو بزناس صغير أو موظف مرتشي أو مجرم صغير فلا يعدو إيذائه للمجتمع جزء من المائة مما يسببه الكبار لهذا الوطن، ولأنه أيضا بسبب فساد وطغيان وإجرام الكبار يقع الكثير من البسطاء و"الحازقين" تحت الضغط والعوز والفاقة الذين يرميهم واقع العيش على ما تبقى من الفتات وظروف الحكرة، إلى أبشع الموبقات...
وبينما ينعم الناس باقتصاد محترم، ننمي نحن ونطور "إمبراطورية الريع العظمى" ونزكي "إقتصاد الريح"! اقتصاد من الضباب والخيال العلمي، حيث المواطن البسيط يعيش في أجواء "برق ما تقشع"...
لكن رحلة الحرب على الفساد طويلة وشاقة ومليئة بالمطبات والسراديب، وبينما هي صعبة جدا فإنها في الوقت ذاته ليست مستحيلة... فقط "الاستمرارية" هي التي ستضمن إزالة أزبال وأوساخ وفساد الحقب الماضية وتفكيكها خطوة خطوة، مدينة مدينة، قرية قرية، عتبة عتبة... وفي ذلك فليتنافس الشرفاء والأحرار...
لقد ملت عيوننا قراءة معظم "المانشيطات" الرئيسية للصحافة المغربية عن الفساد، وعن الجرائم، وعن اختلاسات المسؤولين الكبار للمال العام... كما ملت أيدينا الكتابة عن الفساد وتمنت أن تكتب عن مغرب نظيف حديث ديمقراطي...
فمتى سنكتب عن المغرب الجديد..؟
باحث في الفكر الإصلاحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.