توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تلاميذ مغاربة يتألقون في الرياضيات    المجلس الاقتصادي: متوسط كلفة مريض في القطاع الخاص تفوف نظيره بالقطاع العام خمس مرات    صحة المغاربة في الميزان بعد اكتشاف مادة خطيرة في معلبات التونة    حوادث تخلف 36 قتيلا في مدن المغرب    طنجة: حريق في ليلة ماطرة في أحد مصانع النسيج    "الهجرة السرية" تستنفر درك الجديدة    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    بعد ‬أن ‬وصل ‬بالملف ‬إلى ‬المنغلق ‬و‬حرض ‬على ‬الإرهاب.. دي ‬ميستورا ‬أصبح ‬جزء ا‬من ‬المشكلة ‬ولا ‬بديل ‬عن ‬الرحيل    أزروال يواصل تحفيز ودعم لاعبي المغرب التطواني للعودة من ديربي الشمال بانتصار    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية        الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مجموعة "العدالة والتنمية" تطلب رأي مجلس المنافسة في مدى احترام الفاعلين في قطاع الدواجن للمنافسة الشريفة    محاميان مغربيان يطالبان بإعتقال ومحاكمة نتنياهو بتهمة الإبادة الجماعية في غزة    فرح الفاسي تكشف ل"القناة" تفاصيل إدمانها القمار في "آخر اختيار"    ملكة الأردن رانيا ترد بطرافة على طلب طالب جامعي    ابتدائية الجديدة تدين المالكي بالحبس والغرامة    وسط إنزال أمني مشدد.. المجلس الجماعي للقنيطرة ينتخب مكتبه الجديد    8.5 مليون من المغاربة لا يستفيدون من الحماية الصحية ونسبة تحمل المصاريف لا تتجاوز 50% (الشامي)    السفارة المغربية ببلجيكا والقنصلية العامة بأنفيرس تنظمان حفل استقبال بمناسبة عيد الاستقلال    مجلس المستشارين يشرع في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2025    سيدات الجيش الملكي تبلغن نهائي أبطال إفريقيا على حساب "مسار" المصري        المنتخب الوطني لمواليد 2000 فما فوق يتعادل مع المنتخب الإيفواري في بنجيرفيل    الذهب يواصل الارتفاع مع تراجع الدولار    الطريق السريع تزنيت–الداخلة.. شريان تنمية جديد للصحراء المغربية أبهر العالم    زيلينسكي يحذر من أن بلاده "ستُهزم" إذا قطعت عنها واشنطن المساعدات العسكرية    إغلاق مئات المدارس بسبب التساقطات الثلجية القوية بالمملكة المتحدة    وقفة احتجاجية بالرباط للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز يدعو لإنهاء تواطؤ بلاده في الإبادة الإسرائيلية بغزة    كيوسك الأربعاء | المغرب يسير بثبات نحو تأسيس صناعة دفاعية متطورة    نائبة أميركية ترفض "متحولة جنسيا" في مراحيض النساء    أستراليا تواجه جذب منصات التواصل الاجتماعي للأطفال    بسبب "فضيحة" عقد 62 مليون سنوياً مع فندق.. حماة المال العام يطالبون النيابة العامة بالتحقيق مع الميراوي    نقابة تعليمية تطالب بإسقاط الأحكام القضائية ضد أساتذة    المغرب يصدر سنويا 700 ألف سيارة لأكثر من 70 دولة    رغم الانتصار على الغابون وليسوتو... المنتخب المغربي يتراجع بمركز في الترتيب العالمي    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    أوكرانيا تستخدم صواريخ "أتاكمس" الأمريكية في ضرب الأراضي الروسية..    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    وجبات "السيبيا" ترسل أزيد من عشرة أفراد للمستعجلات في اشتوكة    الصحافة الإسبانية تشيد بإبراهيم دياز بعد تسجيله هاتريك مع أسود الأطلس        ليدي غاغا سحبت قبالة واحدة من أفضل عروض الوقت الحقيقي من أي وقت مضى    "اليونسكو" تدرس إدراج الحناء في قائمة التراث الثقافي غير المادي    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    في تأبين السينوغرافيا    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيدون القضية
نشر في لكم يوم 31 - 01 - 2012

الذين عايشوا عبد الوهاب زيدون - رحمه الله- في حياته ربما لن يفارقهم صوته الندي وابتسامته الدائمة، ونشاطه المشتعل والمتجدد، زيدون ليس بائس، وليس يائس، وليس بالانهزامي، وليس بالمنغلق، وليس بالانتحاري، وهو الذي كان يعارض اضراب زملائه عن الطعام، وينهاهم حتى عن التفكير في احراق الذات، فكيف له ان يقوم هو بإ حراق ذاته.
منهم من سماه بوعزيزي المغرب، ومنهم من سماه بالمنتحر، وبعضهم قال فيه شهيد الخبز والدواء، لكن زيدون لم ينصف بعد وفاته كما لم ينصف في حياته.
زيدون اطار عالي معطل، كباقي الاطر العليا المعطلة التي جدت واجتهدت لكي تحصل على دبلوم عالي ماستر، دكتوراه، مهندس دولة ،التحق بمجموعة الأطر العليا المعطلة بعد ان سمع ان الحكومة سوف تقوم بإدماج جميع حاملي الشهادات العليا في اسلاك الوظيفة العمومية طبقا للمرسوم2.11.100 ، وبعد ان تم ادامج الدفعة الأولى من الاطر العليا المعطلة4304 اطار في فاتح مارس2011 كان حظ زيدون وزملائه انتظار الدفعة الثانية، التي بعد حوارات طويلة، تم توقيع محضر مع جزء منها في 20يوليوز2011، حينها تم اقصاء زيدون للمرة الثانية من المحضر بعد اقصاءه من الدفعة الأولى .
بعد ذلك أسس زيدون رفقة باقي الأطر المقصية من محضر 20يوليوز2011 مجموعة جديدة، حاولت تنبيه الحكومة الى ما وقع بغية استدراكه، لكن الابواب كانت موصدة، الى ان بلغ السيل الزبى، وقامت الوزارة الأولى بتوظيفات مشبوهة لمجموعة من الأطر من بينها أطر حاملة لدبلوم الماستر في سنة 2011، هذه الخطوة التي اعتبره جميع الاطر استفزازية، رد عليها رفاق زيدون بإقتحام ملحقة وزارة التربية الوطنية لعله يلتفت الى مطلبهم وملفهم، حينها جاء السيد رئيس الحكومة المعين عبد الاله ابن كيران رفقه بعض رجال السلطة، فحاور الأطر وطلب منهم الخروج مشيرا انه لايزال لم ينصب كرئيس للحكومة وان شغله الشاغل هو تكوين الحكومة والبرنامج الحكومي، وبما ان الأطر قلت استنفد صبرها، وقلت ثقتها بالوعود الشفاهية، رفضوا الخروج، فتفهم رئيس الحكومة ذلك ووعدهم بلقاء لاحق لم يتحقق الى اليوم.
مرت الايام تلو الايام والاطر المعتصمة من رفاق زيدون ممنوع عنهم الماء والغذاء والدواء الا الندر القليل الذي يدخله اليهم رفاقهم خلسة، وبعد ان اشتد الجوع والمرض بالأطر، وبعد مرور أكثر من عشرة أيام من الاعتصام، قام مجموعة من الاطر العليا غير المعتصمة بوقفة تضامنية مع رفاق زيدون، قصد فك الحصار عنهم ومدهم بالغداء والدواء، لكن حالت السلطات العمومية دون ذالك. وفي محاولة يائسة من الأطر المعتصمة بمقر الملحقة للضغط على الأمن كي يسمحوا لهم بإدخال الطعام و الدواء، قام زيدون مع بعض رفاقه بصب البنزين على أجسادهم ثم قفز زيدون من الحائط متوجها نحو فتات الخبز الذي يلقيه رفاقه، فانهالت عليه عصي الأمن بالضرب، وهو يفر من هروات الأمن شاهد زيدون أحد زملائه يشتعل نارا ، فهب مسرعا لإطفاء النار عن صديقه ناسيا انه كذلك مبلل بالنزين، فإذا به يتعرض للاحتراق بغير قصد ، حينها تدخل باقي الأطر لإخماد النار التي كانت تغطي كامل جسده على مرأى ومسمع الجميع، أخمدت الأطر النار عن زيدون بعد ان فعلت النار في جسمه ما فعلت، فظل يكرر لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، إلى أن جاءت سيارة الإسعاف التي نقلته الى المستشفى في حالة جد حرجة.
وبعد أيام قليلة مات زيدون في صمت متأثرا بالحريق، وعوض أن يفتح تحقيق في القضية، أو على الأقل نقاش حقوقي موضوعي، جعل البعض من أنفسهم زبانية جهنم ، وقرروا أن زيدون منتحر وأن جهنم هي متواه، ونصب البعض الأخر أنفسهم كمدع عام، وقالوا أن زيدون مذنب هو ورفاقه فيجب معاقبتهم جميعا، وطرف أخر انتصبوا خبراء في الاقتصاد والمالية والتدبير المؤسساتي وقالوا يجب على الاطر العليا المعطلة أن يعملوا في المقاهي و"الموقف" متناسين أن فئات كثيرة لم يسبق لها الدراسة ستتضرر من عمل الأطر في المقاهي وعمال البناء..، وبين هؤلاء وهؤلاء انتصب طرف أخر ليجهر أمام الجميع أن الاطر العليا المعطلة جهال وعملاء ويريدون زعزعة استقرار الوطن، لذلك يجب تركهم في الشوارع وتأذيبهم بالعصي والهراوات، حتى يدخل نصفهم الى المستشفيات والنصف الآخر إلى السجون.
ولعل هذه الأساليب التي تجنح عن الموضوعية، والتي تريد التملق إلى المؤسسات على حساب الجهات المستضعفة هي التي تكرس التخلف والجهل والرجعية في هذا البلد والتحريض على الكراهية، فعوض البحث بموضوعية في الملف وتحليل الظاهر ونقدها نقدا ايجابيا، واعطاء مقترحات نجدهم امتهنوا دور قساوسة محاكم التفتيش ليمنحوا صكوك الغفران والمواطنة والكفاءة لمن أرادوا .
ولولا بعض النزهاء في هذا البلد وتفهم أغلب المواطنين للملف، لضاعت القضية كما ضاع زيدون، فهؤلاء الذين كدوا واجتهدوا وخرجوا من مكاتبهم الفاخرة للبحث عن الحقيقة حتى يوصلوها للمتلقي، للمواطن البسيط، هؤلاء هم عمدة الديمقراطية وحرية التعبير في هذا البلد.
لقد تأكد هؤلاء النزهاء ان زيدون ورفقاؤه لم يأتوا للرباط من طواعية انفسهم، بل لبوا نداء الحكومة التي أعلنت في جميع وسائل الاعلام العمومية والخاصة أنها ستقوم بتوظيف حملة الماستر والدكتوراه مباشرة وبدون مباراة طبقا للمرسوم عدد2.11.100.
لذلك فالمسألة مرتبطة بالحكومة لكي تفي بالتزاماتها التي قطعتها عل نفسها أمام الشعب، دون تسويف ولا تماطل، وتلحق هؤلاء الأطر بمناصبهم التي التزمت الحكومة السابقة بتقريرها في قانون المالية لسنة2012 ، حتى يتم سد الخصاص المهول الذي تعانيه الادارة العمومية، التي في أحشائها أكثر من 80 الف موظف شبح، وحتى يتسنى تحقيق الحكامة الجيدة ومحاربة الرشوة والفساد.
وكفى من التجني على الأطر العليا المعطة بنعتهم بعدم الكفاءة، وانهم عاطلون وفاشلون، ومؤسسات الدولة ليست في حاجة الى أمثالهم، وذلك لأن مثل هذه الاتهامات والادعاءات التي تصدر إما عن جهل قائلها أو حقد مدعيها، لا تقف عند اتهام الأطر، بل تتجاوزهم الى رسم صورة سوداوية عن المغرب ومستقبله، وكأنه دولة جاهلة عديمة الكفاءات والمؤسسات التعليمية العليا، تنتظر دولة اخرى لتزودها بالأطر.
فالأطر العليا المعطلة لا تطلب رحمتكم، ولا تريد عطفكم، ولا صكوك غفرانكم، فإذا كنتم محسنين فامنحوا صدقاتكم للمتسولين والفقراء.
الأطر العليا كفاءات وطنية عالية معطلة من أبناءكم وبناتكم واخوانكم وجيرانكم وأهليكم. أبناء وطنكم يحتاجون الى حكمتكم وموضوعيتكم وطنيتكم وانصافكم، حتى ينالوا حقوقهم المقررة في القانون. الأطر العليا قادرة على الدفع بالتنمية الوطنية، وتحقيق الحكامة وأشياء كثيرة ايجابية لهذا الوطن، فمناصبهم الشاغرة في حاجة اليهم، لخدمتكم وخدمة المواطن والوطن ان كنتم لدولة الحق والقانون تنشدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.