عجت ساحة فيسبوك والصفحات الموريتانية على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم بمواقف متباينة من حادثة إطلاق النار التي اتهم فيها نجل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز واثنين من رفاقه موقوفين الآن في مفوضة الشرطة رقم 1 في مقاطعة تفرغ زينة. مواقف كثيرة ومتضاربة منها المدافع ومنها المهاجم ومنها المتسائل والساخر، طفحت بها الصحفات الموريتانية في هذا الموقع الاجتماعي الذي قارب مشتركوه داخل موريتانيا مائة ألف مشترك. المدون لمهابه ولد بلال اعتبر أنه حتى "لو ثبت أن نجل الرئيس هو من كان المتسبب في إطلاق النار على الفتاة فمحمد ولد عبد العزيز يستدعي تعاطفنا و ليس شماتتنا فهل هناك أب يريد أن يرتكب ابنه حماقة أو جريمة سيما إن كانت جريمة قتل أو شروع في القتل"، مضيفا أنه "مرة أخرى تختلط علينا الأمور فنخلط بين ما هو سياسي وما هو إنساني اجتماعي"، مؤكدا أن "القضية مؤثرة جدا، فتاة في مقتبل العمر تسقط بفعل الرصاص!! حادثة هزت أعماق مجتمعنا المسالم، وتعكس مراحل متقدمة مع الأسف من انزلاق مجتمعنا وخاصة شريحة الشباب نحو الضياع، لذا يجب أن تكون تعاليقنا و "مشاركاتنا" ترتقي إلي طبيعة "اللحظة" فليس الكريم من يشمت بل العاقل من يتعظ بغيره و يستخلص العبر". الصحفي ومستشار مدير الوكالة الموريتانية للأنباء (الوكالة الرسمية) محمد محمود ولد محمد أحمد تساءل في تدوينة بعيد الحادث قائلا: "لماذا كل هذه الضجة و الهرج و المرج الذي أصاب سكان نواكشوط بعد جريمة إطلاق النار على الفتاة "رجاء"، شفاها الله و عافاها!! فهل للسياسة علاقة بإطلاق الرصاص!!" مشيرا إلى أن على المدونين أن "يدعو الله لشفاء الضحية و يطالبوا بمحاكمة الجاني و اتركوا موريتانيا بسلام". تدوينة أخرى لمحمد محمود ذاته قالت "نقلت مصادر عن رئيس الجمهورية قوله إن ابنه سيواجه العدالة الموريتانية، وسينفذ فيه أي حكم يصدر عنها حتى ولو كان الإعدام!!"، مضيفا "هكذا يقول الكبار!! حفظ الله موريتانيا". مدون آخر يضع اسم الشيخ محمد ولد سيد يحي اختار في تعليقات عدة عن الحادثة، أن يطالبا بالتسوية بين المواطنين، وعنون مشاركته التي نشرها على أكثر من صفحة ب"تنبيه الغافلين الدولة والإعلاميين"، مضيفا "أرجو أن لا يكون اهتمام الدولة بالمواطنين حسب المكانة القبلية للجاني أو المجني عليه هذه أيضا نفس تستحق الحياة"، متحدثا عن فتاة "دهستها سيارة من نوع "ميرسيديس 190"؛ صباح اليوم الاثنين، في قرية "الحي"؛ التي تبعد 45 كيلومترا جنوب غربي مدينة لعيون بولاية الحوض الشرقي". مراسل قناة العربية في نواكشوط اعتبر في تدوينة على صفحته في فيسبوك أن "علينا أن نعترف بأن قبول الرئيس ولد عبد العزيز اعتقال نجله وخضوعه للتحقيق في قضية رجاء يشكل سابقة مهمة وجريئة". مدون آخر يدعى أيده الشيخ محمد فاضل أكد أنه يرجو "للفتاة الشفاء من الله"، منبها إلى "أن المزايدات في حادث وقع بالخطأ وجعله في ملفات ليس ضمنها أصلا هو عار وفقد للأخلاق وتزوير للمشاعر"، مضيفا أن "الكل يعلم أن المسدس أحيانا يقتل صاحبه، فهل يمكن أن نسميه قاتل النفس"، مخاطبا متصحفي فيسبوك بقوله "اتقوا الله فيما تقولون وما تفعلون ولا يوصلكم الشيطان إلى درجة التشفي بمصائب أخوتكم، فلستم في مأمن أن تجدوا أنفسكم يوما في نفس الموقف". مواقف أكثر حدة مواقف أخرى كانت أكثر حدة، من عدد من المدونين والكتاب الموريتانيين، على رأسهم المدون والناشط الشبابي باب ولد الدي والذي كان من أكثرهم اهتماما بالموضوع وتدوينا حوله، حيث كتب: "لنفرض جدلا أن ابن الرئيس بدر لا علاقة له بالموضوع !! إذن فما سر هذا الاهتمام المفاجئ من ولد عبد العزيز شخصيا بالحالة الصحية لفتاة مصابة بطلق ناري مجهول المصدر؟؟ لماذا أرسل مستشاريه وأعضاء حكومته وسخر وسائل الدولة واستأجر طائرة طبية خاصة من المغرب لهذه الفتاة ؟ وكم من المرضي الذي يحتاجون للنقل للخارج يموتون علي أسرة المستشفي من دون أن يلتفت لهم أحد ؟ أم أنه تسخير لوسائل الدولة في حل مشاكل النظام الأسرية في حين يهمل عشرات المرضي، الذي بسبب آلامهم وفقرهم يتمنون أن تصيبهم رصاصة من رصاصات العرق المقدس كي يحصلوا علي كل هذا الاعتناء". المدون والكاتب الصحفي حبيب الله ولد أحمد قال في تدوينه حول الموضوع "ذبنا جميعا في رصاصة مسدس طائش لفتى طائش اخترقت جسد فتاة طائشة... الفتى ليس مذنبا والفتاة ليست ضحية... المذنب هو مجتمع تخلى عن قيمه السمحة وأسلم أبناءه وبناته للمخدرات والمسكرات والليالى الحمراء وجنون العظمة والعزة بالإثم... الضحية هي أخلاق الموريتانيين وشيمهم وتقاليدهم وتربيتهم وفطرتهم السليمة". وأضاف: "لا يمكن إلصاق التهمة بفتى دون آخر فذلك متروك للقضاء الذي يجب أن يكون فوق الجميع وأن يتساوى أمامه ابن الرئيس مع ابن بائعة الخبز المحمر... أما الرصاصة فهي تكفى قطعا لقتل "رجائنا" الدائم المتجدد بأن ننقذ مجتمعنا من المسلكيات الوافدة والأطوار الغريبة عليه". المدون سيدي الطيب ولد الجتبى استعاد قضية مريض مصاب بالسيدا والسل وسبق أن رمي خارج المستشفى الوطني قائلا: "أيكم يذكر قضية المسكين المصاب بالسيدا والسل الرئوي والذي تم رميه خارج المستشفى لأنه عاجز عن دفع ثمن السرير في غرفة الحجز .. ومع ذلك لم يعلق أحد على الأمر .. ولم يتدخل فيه أي مستشار رئاسي ولا مسؤول رسمي، بينما اليوم تدفع الدولة الموريتانية أزيد من 40 مليون أوقية لاستئجار طائرة خاصة تسعف رجاء منت الطالب"، مؤكدا أنه يريد أن يفهم "مالفرق بين رجاء وذلك المواطن..؟ ما سر هذا الاهتمام الخاص..؟؟". مواقف ساخرة "ولم تخل مواقف المدونين الموريتانيين من مسحة طرافة وسخرية، المدون والكاتب محمد الأمين ولد سيدي مولود كتب على صفحته تدوينة تحت عنوان "مسدسات شعب الله المختار"، جاء فيها "من كان ميتا فليمت بمسدس "من سلالة" المسدسات المنقذة، من كان مريضا فليصب برصاصة من مسدس "مهم" ليحصل على العلاج العاجل.. والاهتمام من أعلى المستويات، استخدام مسدساتنا يكسبكم مناعة ضد القضاء وتحقيقات الشرطة.. ويكسب ضحاياكم أهمية لم ينلها غيرهم...". مدون آخر يسمى المختار ولد محمد سالم اعتبر أنه "على الدولة أن تنشأ شركة طيران للإسعاف الطبي تسميها "بدر إيرلاينز"، تكون مهمتها الوحيدة هي نقل ضحايا بلطجية وإجرام نجل الدكتاتور المدلل للعلاج في الدول المجاورة، وأن تنشئ صندوقا ماليا مخصصا لدفع ديات القتلى الذين يتسلى بقنصهم بمسدسه الشخصي"، مقترحا "على البرلمان المنتهية صلاحيته أن يصادق على إدخال بند بخصوص ذلك في ميزانية الدولة، يسمى ميزانية ضحايا بدر ولد عبد العزيز، لكي يكون العمل به أكثر سلاسة مما هو حاصل الآن، ولكي نحسن ترتيبنا في إحصائيات منظمة الشفافية العالمية بشكل ملحوظ". المدون والكاتب محمد ناجي ولد أحمد كتب "الرجاء" تدخل بدر وزيني في "كصو".. قالوا إن المحروس بكى.. الرجال لا يبكون.. ويتحملون تبعات أفعالهم.. صحبة في غير الله آخرها إنا لله.. يا ترى أين الفتاة الثانية التي تحمل الاسم الحركي "جرودو".. والتي قالوا إنها تسكن "ملح".. هو عناق على ما يبدو عناق القمة والقاعدة.. والمعارضة والأغلبية..". المدون والناشط الشبابي أحمد ولد جدو سجل احتجاجاه على إخلاء مفوض الشرطة في مفوضية تفرغ زينة 1 لمكتبه من أجل تأثيثه لاعتقال نجل الرئيس فيه، وكبت "أنا احتج "مفوض المفوضية الرابعة يخلي مكتبه ليتم تأثيثه ليكون إقامة بدر ولد عبد العزيز" أنا لم يفعلو هذا من أجلي عند احتجازي". المحامي محمد المامي ولد مولاي اعلي اعتبر أنه "عندما يطلق سراح ابن الرئيس ستقول المعارضة حماه والده المستبد من يد العدالة، وستقول الموالاة بريء تريد المعارضة استغلال قضيته وتسييسها... وعندما يسجن ويعاقب ستقول الموالاة رئيس عادل حتى في أبنائه، وستقول المعارضة كيف لرئيس لا يستطيع ترشيد أبنائه أن يقود أمة.. أما أنا ففي كل الأحوال سأكتب على صفحتي بالخط العريض: ويحكم وهل يكب الناس على وجوههم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم". واختار آخرون التعبير من خلال الصور وبتعليقات قصيرة عليها، أحدهم تصور قناة الجزيرة، وهي تجري اتصالا مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للتعليق على حادثة إطلاق ابنه للرصاص، وأفراد جانبا من شاشة القناة لنقل مظاهرات تطالب بمحاكمة ابنه، طالبا من القراء والمدونين التنبؤ بإجابة الرئيس، قائلا: "ما الذي يمكن أن يقوله الرئيس في مثل هذا الاتصال يا ترى". كما نشر أحدهم صورة حملت شعارا يقول: "بلادي عاجزة عن استخراج رصاصة"، وقد أثارت الصورة سيلا من التعليقات من رواد فيسبوك، كما حضرت صورة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وهو يحمل مسدسا ويطلق منه النار في افتتاح مسابقة الرماية، واعتبر بعض المعلقين أن الابن تعلم من والده حمل السلاح واستعماله. "كلنا رجاء" تحت هذا العنوان أنشأ عدد من النشطاء مجموعة على فيسبوك متضامنة مع الفتاة التي أصيبت بالرصاص، وقد كتبت عدة تدوينات من بينها: "قد يكون السجن أكثر أمنا و سلامة لنجل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز المدلل بعدما هتك عرض فتاة موريتانية و أطلق عليها الرصاص بدم بارد"، كما علقت المجموعة على خبر إخلاء مكتب المفوض وتأثيثه لنجل الرئيس بقولها: "أكبر دليل علي أن نجل ولد عبد العزيز مدلل حتى في السجن!".