منذ 22 فبراير الأخير والشعب الجزائري في الشارع.. يناضل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية.. وما ميز حراك الشعب الجزائري هو: – القوة الجماهيرية التي بلورها والتي عمت كل أنحاء البلاد ضد النظام السياسي القائم.. – التحام فئات البرجوازية المتوسطة بحراك الجماهير الشعبية دون الركوب على نضالها.. وهكذا خرج صحافيو وصحافيات التلفزة الوطنية ضد التعتيم الإعلامي والتحقوا بالحراك.. والتحم بالحراك مثقفون وفنانون وفنانات.. تبعهم المحامون ببذلاتهم السوداء وكذلك القضاة ببذلاتهم و أعلنوا أنهم لن يحكموا على أي معتقل من الحراك.. التحق كذلك الأطباء والممرضات والممرضين.. وأساتذة الجامعات والتعليم.. وأقام طلاب الجامعات اعتصامات وتظاهروا مع الشعب.. والتحق بالحراك عمال سوناتراك بإعلانهم دعم الحراك.. وبالتالي ثورة الجزائر يمكن تشبيهها في قوتها بثورة الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي من 1 نوفمبر 1954 إلى انتصار ثورة الاستقلال سنة 1962.. والفرق فقط في الشكل ثورة جماهيرية اليوم سلمية تطالب بنظام جديد ديمقراطي وثورة 1 نوفمبر 1954 طالبت بالاستقلال ومارست حرب تحرير شعبية.. – في 8 من مارس نظمت نساء الحراك مثقفات وأطر ونساء شعبيات مظاهرة ضخمة شاركت فيها المكافحة جميلة بوحيرد للمطالبة برحيل النظام السياسي رافعة شعار "ارحل" .. ومطالبة بنظام سياسي جديد يحقق المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية للنساء وللشعب.. – إنها ثورة سلمية.. كان وعي وممارسة شباب الحراك بسلميته عميقين رفضوا وواجهوا كل المحاولات والخطابات التي تظهر في قلب الحراك و التي تهدف أو تدعو لجر الحراك للعنف.. لأن جماهير الشعب الجزائري لعشر سنوات عانت من ويلات و جرائم إرهاب الإسلام السياسي المتمثل في "جبهة الإنقاذ الإسلامي " ومن تنظيمات "الإسلام الجهادي" ومن قمع البوليس والجيش وتحكمه في السياسة والنظام السياسي.. – رفضت جماهير ونشطاء الحراك ونخب سياسية ونقابية ومدنية التحقت بالحراك الشعبي أي تدخل أو تعامل مع الخارج كفرنسا أو أمريكا أو غيرهما.. واستطاع الحراك أن يحصن نضاله من أي تأثير يتسلل من الرجعية العربية التي تحالفت مع الإمبريالية الأمريكية والأروبية لضرب ثورات الشعوب المغاربية و العربية وصرفت مليارات الدولارات لدعم الإخوان المسلمين وداعش في سوريا ومصر وليبيا وتونس.. – تشكل وعي جماهير الحراك الشعبي ضد تدخل الجيش في الصراع السياسي.. لأن الشعب يعرف أن الجيش منذ الاستقلال ظل يستعمل النظام السياسي "المدني" كواجهة للتحكم في السياسة وفي المصالح الإقتصادية والمالية وفي العلاقات مع الخارج.. وبالتالي رفض تهديد الجنرال قايد صالح للجماهير في بداية الحراك كما استطاع نشطاء الحراك فرض يتراجع الجنرال قايد صالح عن تهديده وأصبح يردد "الجيش في خدمة الشعب".. وكان التحام قوات الأمن بالجماهير تعبير عن رفضها لقمع الشعب.. كما أن موقف المناضلة المكافحة جميلة بوحيرد مساندتها لجماهير الشعب الثائرة ومناهضتها لنظام بوتفليقة أعطى شحنة نضالية قوية للحراك الثوري الجماهيري .. – رفضت جماهير الحراك المخارج الدستورية التي يقترحها قائد الجيش أو بعض برلمانيي الأحزاب السياسيين وشخصيات جزائرية والمحللين الجزائريين الذين يطرحون احترام دستور بوتفليقة.. وطالبوا برحيل النظام السياسي وكل أقطابه وشخصيات ودستوره وطالبوا بمؤسسة تأسيسية منتخبة ولا تضم أقطاب النظام القديم ورفضوا تدخل الأخضر الإبراهيمي وغيره من رموز النظام السياسي والمتعاونين معه.. وطالبوا بمحاكمة أقطاب النظام الفاسدين وعلى رأسهم أخو الرئيس المستقيل ع.بوتفليقة.. إن ثورة الشعب الجزائري ثورة ديمقراطية استوعبت دروس ثورات شعوب مغاربية وعربية وتجاوزت لحد الآن أخطاءها وفرضت على القوى السياسية والنقابية المعارضة توحيد صفوفها حول رحيل النظام رغم خلافاتها.. وبلور نشطاء ونشيطات هدف الحراك بوضوح وهو رحيل النظام السياسي القديم وكل أزلامه وقاداته وأطره العليا الحاكمة.. ورفض الحراك أي تدخل للجيش في الشأن السياسي (رفض ما جرى في مصر حيث استولى الجيش على السلطة وعلى ثورة الشعب) .. ومع كل ذلك، لازال خطران يتربصان بثورة الشعب الجزائري ونشطائه وهما : 1- الخطر الأول: استمرار قيادة الجيش في التحكم في مؤسسات الدولة و في اختيار رئيس الدولة كما في السابق، رغم أن حراك الشعب الجزائري وقوته أجبرها على احترام مطالبه.. استقالة بوتفليقة.. إعلان الحرب على عصابة الفساد الحاكمة.. لكن لم تظهر بوضوح نوايا وخطة الجيش.. ولم يستجب لمطالب رحيل جميع رموز النظام البوتفليقي.. وعدم تحكم الجيش في المصير السياسي للجزائر وعدم الاستجابة لمطالب جمعية تأسيسية منتخبة… 2- الخطر الثاني : تنظيمات الإسلام السياسي والجهادي التي بدأت رؤوسها تظهر بعد استقالة بوتفليقة.. وبدأت تجمعاتها تنزل للشارع وتزايد على الحراك الديمقراطي بشعارات دينية للركوب على نضال وكفاح الحراك الشعبي الديمقراطي.. وما نتمناه هو أن تستمر جماهير الشعب في حركاها الشعبي الجماهيري إلى أن تستعيد جماهير الشعب فعلا سلطة اختيارها الديمقراطي لمن يحكم الجزائر ويحترم إرادة الشعب والديمقراطية…