تثير الدعوات إلى حوار بين رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، وحركة 20 فبراير جدلا بين صفوف الشباب. نجيب شوقي، الناشط في تنسيقية الرباط لحركة 20 فبراير وجد نفسه في وسط هذا الجدل، ويقدم في حوار مع أخبار اليوم المغربية التوضيحات التالي: حاوره: منير أبو المعالي: - تقلصت عدد المواقع التي خرج فيها نشطاء 20 فبراير للتظاهر في 11 دجنبر.. في ضوء هذه المعطيات، ما هي الاستنتاجات التي يمكن الخروج بها حول مستقبل الحراك بالمغرب؟ -- في رأيي، فإن مسيرات 11 دجنبر توحي بأن حركة 20 فبراير لا زالت مستمرة بل وصامدة بقوة. إن الأمر الوحيد الذي يجب التنبه إليه هنا هو أن 20 فبراير مازالت في الشارع كيفما كان الحال وستستمر في الوجود فيه والاحتجاج حتى تتحقق كافة المطالب. ولأن الدستور الديمقراطي وتحرير الإعلام وإطلاق سراح المعتقلين ومحاكمة المفسدين لا تزال تُراوح مكانها، فإن خروجنا للشارع لن ينتهي. وانظروا لمسيرات 11 دجنبر، لقد كانت شعاراتها توجه ضد فؤاد عالي الهمة الذي عين مستشارا للملك رغم أننا كنا نطالب برحيله. إن النظام هو من يمنحنا القوة، وربما من دون أن يدري، للاستمرار في الاحتجاج. ومع ذلك، لا يمكن أن نغفل بأن بعض الناس غادرت 20 فبراير وهنالك آخرون ممن لا يلتزمون بالمشاركة في الاحتجاجات على نحو منتظم، إلا أننا في كل الأحوال، لن ننجر وراء أي تنظيم سياسي معين. - لكن جماعة العدل والإحسان التي كانت سندا قويا لحركة 20 فبراير، بدأت تخلي عددا من مواقعها في الحراك.. -- بالنسبة لي، فإن حركة 20 فبراير يملكها الشعب ولا أحد غيره، ولطبيعتها هذه، فإن الحراك مفتوح على كل الحساسيات والتنظيمات التي تجاوبت مع خطاب الحركة وأرضيتها وسقف مطالبها. ومن يرى أن وجوده للفترة المنقضية داخل 20 فبراير قد حقق ما كان يريده على المستوى السياسي، فإننا لن نمنعه من الانسحاب. له أن ينسحب متى شاء سواء مرحليا (بصفة مؤقتة) أو استراتيجيا (بصفة نهائية). إن قرار الانسحاب من 20 فبراير لا يعود سوى إلى التنظيم السياسي المعني بالأمر وليس بيد حركة 20 فبراير أن تقرر فيه. وما يهمنا في الوقت الحاضر، أن مطالبنا لم تتحقق، بل جرى الكثير من الالتفاف حولها في سياق محاولة للهروب إلى الأمام لربح كثير من الوقت، ونحن لأننا على وعي بهذه التفاصيل، فإننا لن نتزعزع من مواقعنا قيد أنملة. كما يمكنني أن أؤكد في هذا الصدد، أن غياب أي تنظيم سياسي عن 20 فبراير كيفما كان حجمه أو قوته العددية أو قدرته على التأطير، لن يؤثر على الحركة واستمراريتها. ولدينا دليل ساطع في مسيرات 11 دجنبر، إذ بالرغم من الانسحاب المسجل لتيارات سياسية، إلا أن الشباب خرجوا بقوة للتظاهر، لأن المعادلة في هذا الموضوع محسومة سلفا: الشعب المغربي هو الوحيد الذي في قدرته أن ينهي الحراك، أما التنظيمات السياسية التي عجزت لفترة طويلة عن خلق أي حراك أو تسييره في هذه البلاد، ثم ركبت الموجة في 20 فبراير، لا يمكن لقراراتها أن تؤثر على مسار ومستقبل 20 فبراير على الإطلاق. - لكن هنالك دعوات توجه ل20 فبراير للكف عن التظاهر من أكثر من جهة.. -- تلك دعوات خارجية لا تعني شباب 20 فبراير. وكما سبق أن أكدت هذا وسأعيده مرات ومرات، إن الشعب هو من له الحق في إنهاء 20 فبراير. ثم دعني أطرح سؤالا: لماذا يريدون أن نكف عن التظاهر مع أن كل المطالب لم تتحقق؟. لقد قيل وسيقال الكثير، لكنهم يوجهون كلامهم نحو الفراغ. وأكثر ما قيل حدة أن بنكيران يريد حوارا مع حركة 20 فبراير. كلا. ولكي أقولها لمرة واحدة حتى تكون الفيصل، فإنه لا حوار مع حكومة لا تمتلك أي صلاحيات، وإذا كان بنكيران يريد أن يتحاور مع الشباب، فإن عمله يجب أن يكون حول مطالبها. فليبادر لتحقيق ما نريد، وبعدها لنفتح حوارا عموميا يشارك فيه الجميع وتكون فيه حركة 20 فبراير جزءاً فحسب. إن ما يجب على بنكيران أن يفهمه هو أن المبدأ الذي نتحرك من أجله هو: لا تنازل عن المطالب ولا تجزيء لها. عليه أن يعمل من أجل تحقيق كل شيء أولا. أما الآن، فإن كل دعوة للحوار مردودة على صاحبها. لا حوار مع من لا سلطة له. وهنا أود أيضا أن أوضح شيئا مهما: إن 20 فبراير حركة ضغط واحتجاج وليس حزبا سياسيا.. لا نملك أدوات للتفاوض أو للهدنة أو أي شيء من هذا القاموس، هذه وظيفة الأحزاب، وكل ما نعمل من أجله ونفهمه على قدر كبير هو أننا نريد دولة جديدة تقطع مع كل أشكال الفساد. ولهذا سأعيدها مرة أخرى: لا حوار ولا تفاوض ولا هدنة مع بنكيران. - لكن بنكيران أعلن أن نشطاء معروفين بحركة 20 فبراير هنؤوه على فوز حزبه ووعدوه بإيقاف التظاهر.. -- بالنسبة لي، فإني أرى أن الكثيرين يتعاملون بمنطق خاطئ مع حركة 20 فبراير. هذه ليست حركة أفراد وأشخاص أو تنظيمات. إنها حركة بأرضية واضحة وبمطالب محددة. لقد وقع الالتفاف على كل شيء ولم يتعامل أحد معها بشكل جدي. إن 20 فبراير صحوة سياسية وفكرية من أجل الحرية والكرامة المنشودتين. أما حديث بنكيران عن تهنئة شباب من 20 فبراير لحزبه بعد فوزه بالانتخابات، فإننا نعتقد أن تلك التهاني فارغة. ليس لدينا سبب مغر يدفعنا لتهنئة حكومة غير شرعية. هل يمكن لنا أن نهنئ رجلا صنعته صناديق مغشوشة في لعبة غير نزيهة وغير ديمقراطية. إن ما يجري بعد 25 نونبر تحفيز كبير لنا للمضي قدما. أما من قرر من نفسه أن يذهب لتهنئة بنكيران، فإنه لا يمثل إلا نفسه ولا يعكس قرارات حركة 20 فبراير. - أثير جدل كبير حول ما قيل إنه موقف صدر عنك تحبذ فيه الشروع في حوار مع بنكيران.. -- نعم، لقد وقع جدل كبير بسبب سوء فهمي. وعلى كل حال، فإن حركة 20 فبراير أسست لقيم الاختلاف والوضوح في الخطاب السياسي والوضوح أيضا في لغة المطلب السياسي بعيدا عن لغة الأحزاب المتهرئة وغير الواضحة. ولكي أغلق تلك النافذة الصغيرة التي تسرب منها ذلك اللغط. فإني أقول بصريح العبارة إنني لم أدع يوما إلى حوار مع بنكيران، كلا لم يصدر عني تصريح كهذا، بل وقع تحريف كبير لبعض تصريحاتي ووجهت نحو مسار مختلف لهدف ما. - ولماذا في نظرك، يتم تحرف تصريحاتك على نطاق واسع هكذا؟ -- العملية كما أراها أن أياد تحاول أن تضفي صبغة الشرعية على هذه الحكومة. وبتحريفاتهم هذه وبمناوراتهم التي نعرف تفاصيلها، يعملون من أجل دفع النشطاء الشباب إلى مغادرة الشوارع والكف عن الاحتجاج، ويطلقون هذه المزاعم بموازاة تصريحات كثيفة لقياديين بالحزب الأول بشأن فتح حوار مزعوم مع 20 فبراير. وسأكرر من جديد بأني غير معني بأي تصريحات تنزع من سياقها أو تحرف بشكل غادر، إننا لن نتحاور مع بنكيران ولا غيره سواء كان فوقه أو تحته. إن الحوار بشكله التقليدي كما يحاول بنكيران أن يوهمنا به، عمل نرفضه ولن نطرحه البتة في أجندة 20 فبراير، لأن عنصرا رئيسيا لا يتوفر في هذه الحكومة؛ إنها بعيدة كل البعد عن مفهوم الحكومة التنفيذية، ولا ينفع بنكيران استعماله لأي لغة مع الشباب، لأن الثقة في النظام باتت مفقودة. ---- المصدر: يومية أخبار اليوم المغربية - عدد الثلاثاء 13 دجنبر 2011